مؤتمر أريحا
وحكومة عموم فلسطين
ضاعت فلسطين مثلما ضاعت الأندلس وخسر العرب فلسطين بسبب إنقساماتهم، كما خسروا الكثير من القضايا.
طوال فترة النضال المعارض لقيام دولة لليهود على أرضهم كان الفلسطينيون منقسمين على أسس عشائرية. فقد كان هناك معسكر يرأسه آل الحسيني وتحديداً الحاج أمين الحسيني مفتي القدس، ومعسكر آخر يرأسه آل النشاشيبي. بقي الإختلاف مستحكم حتى بعد أن وقعت النكبة.
كان الحاج أمين الحسيني مكروهاً من قبل الإنكليز بسبب معارضته للمشروع الصهيوني الذي رعاه الإنكليز وبسبب إتصاله بهتلر، وكان مكروهاً من قبل الملك عبد الله ودوائر عربية حاكمة أخرى. بعد توقف القتال في حرب 1948 بادر فريق الحسيني إلى إعلان " حكومة عموم فلسطين " في غزة، كرد على إعلان دولة إسرائيل وإستنكاراً لإعلانها من خلال التأكيد على وحدة فلسطين بكاملها.
وكرد على هذا الإجراء قام ممثلون عن العائلات الفلسطينية المناوءة لآل الحسيني وحزبهم بتشكيل توجه جديد يدعو للوحدة مع شرق الأردن بإعلان الملك عبد الله ملكاً على فلسطين، فعقد مؤتمر في عمان ثم تلاه مؤتمر في أريحا وتبعه مؤتمران في كل من نابلس ورام الله.
كان من بينها مؤتمر أريحا هو الأهم، حيث تم إتخاذ قرار الوحدة، والذي تم إبلاغه للملك الذي كان في قصره في الشونة الشمالية الذي رحب بالفكرة، والذي قام بالإتصال بإلياهو ساسون في القيادة الإسرائيلية طالباً منه إحترام إسرائيل لهذه الترتيبات الجديدة. وجاء الرد الإسرائيلي بالموافقة مشترطاً سحب الجيوش العربية الأخرى من الضفة الغربية والموافقة على هدنة دائمة.
وسرعان ما تم إعلان الوحدة تحت إسم المملكة الأردنية الهاشمية. وأدى ذلك إلى تهاوي المشروع الآخر – حكومة عموم فلسطين – لغياب الدعم الحقيقي من الأنظمة التي عارضت وحدة الضفتين، مثل مصر والسعودية، ولتحول الكثير من أركان حكومة عموم فلسطين إلى تأييد مشروع المملكة الأردنية الهاشمية.
كان من بين قرارات ومطالبات المؤتمرات الأربعة مطالب مثل إستمرار القتال وتسليح الشعب الفلسطيني، ذهبت جميعاً أدراج الرياح، فدخلت القضية الفلسطينية في حالة جمود مكنت إسرائيل من ترتيب بيتها الداخلي وبناء دولة قوية تمكنت من المبادرة بترتيب العدوان الثلاثي ولما تكمل عشر سنوات من عمرها.
نديم أسـعد
لقراءة باقي سلسلة مقالات أوراق من دفتر أيار: