أوراق من دفتر أيار (8) - الهجرة
 
 


الهجرة 
كثيراً ما نسأل أنفسنا:  لماذا حدثت الهجرة في العام 1948، وبهذا الحجم؟
للجواب على ذلك لنتخيل أن هجرة لم تحدث.  قامت قوات الهاجناه والبالماخ بالسيطرة على ما سيطرت عليه من أراضي بقراها ومدنها، ولكن سكانها بقوا في أماكنهم.  ماذا كان ذلك ليعني؟..
بكل بساطة، كان سيعني فشل المشروع الصهيوني، كان جهد 70 سنة من الإستيطان وجهد 30 سنة من الإنتداب البريطاني كرست لغاية إنشاء دولة يهودية، كلها قد ضاعت هباءاً.
سيبقى اليهود أقلية كما كانوا عام 1918 ( 6% )، وكما كانوا في العام 1948 ( 33% )، وهذا سيجعل صناع القرار في الحركة الصهيونية أمام أحد خيارين، إما يتخلون عن فكرة إقامة دولة يهودية أو يتخلون عن فكرة إقامة دولة ديمقراطية، وهذا ما لا يريدوه – فقد وعدوا الأوربيين أن يكونوا واحة الديمقراطية في الشرق، وحراس الحضارة الغربية تجاه الشرق المتخلف.
لقد إرتكبت العصابات الصهيونية مذابح، مذابح حقيقية، بهدف إخافة الناس على أرواحهم وأعراضهم.  كان هناك توزيع أدوار، ولكن الجميع متورط، فمذبحة دير ياسين لم تنفذها الهاجناه، ولكنها علمت بها وسهلت حدوثها، وهذا مثال.  لو لم تحدث الهجرة لفعلت القيادة الصهيونية كل ما في وسعها لحدوثها، بما في ذلك إرتكاب مذابح على نطاق واسع.
لا يزال العرب أكثرية في الجليل (  51% )، بعد 64 سنة من السيطرة الإسرائيلية على الجليل، وبعد جلب مليون روسي، وهذا يشكل أكبر كوابيس قادة أسرائيل.
لقد حصلت الهجرة تحت وقع الخوف من المذابح وفي غياب الوعي والدور السلبي الذي لعبه الإعلام الفلسطيني والعربي بتضخيم المذابح، وأيضاً تحت تأثير الإعتقاد أن الجيوش العربية قادمة وستتولى الأمر " فلا بأس من المغادرة لعدة أيام ريثما تنتهي الجيوش العربية من مهمتها "، عملياً كان هناك تشجيع رسمي عربي للهجرة، بنوايا متباينة...

                                                                                         نديم أسـعد

 
 

 


تعليقات

لا يوجد تعليقات

الإسم 
البريد الإليكتروني (ليس للنشر)
التعليق
هل توافق على الانضمام لمجموعتنا البريدية؟
  أرسل

 

Counter