أوراق من دفتر أيار (2) - معركة الشجرة
 
 


معركة الشجرة 
تختزل معركة الشجرة قضية فلسطين برمتها,  والتي تنسب إلى قرية الشجرة، التي تقع على بعد 14 كيلومتر جنوبي غرب طبريا.  وهي تحتل موقع هام لتوسطها لمنطقتين خصبتين شهدتا إستيطاناً صهيونياً مبكراً، وهما مرج إبن عامر إلى الغرب ووادي بيسان ( الشريط الخصب الممتد من طبريا إلى بيسان ) إلى الشرق.
وقد بدأت بداية المواجهات في شهر آذار من العام 1948، أي أثناء وجود دولة عظمى إسمها بريطانيا منتدبة من قبل المجتمع الدولي ممثلاً بعصبة الأمم لإدارة البلاد حتى تصبح قادرة على إدارة نفسها !!.
في آذار من ذلك العام كان القتال محتدماً في وادي بيسان بين قوى لا عنوان لها ولا قيادة منظمة ولا غرفة عمليات، مكونة من مجاهدين نذروا أنفسهم لإعلاء كلمة الحق، يمتلكون بنادقهم التي إشتروها بمصوغات نسائهم، كانوا فلسطينيين من أهالي المنطقة ومن بقية فلسطين ومتطوعين أردنيين وسوريين وجنسيات عربية أخرى، كان القتال محتدماً بينهم وبين قوات من الهاجاناه المنظمة والمدربة والمسلحة والتي تعمل وفق تخطيط إستراتيجي يدار من غرفة عمليات واحدة يعمل بها ضباط متطوعون من جنسيات مختلفة إكتسبوا خبراتهم في الحرب العالمية الثانية.
أثناء الكر والفر تمكنت قوات الهاجناه من إحتلال قرية الشجرة ضمن حركة تضليلية إلتفافية، بعد مقاومة عنيفة من شباب القرية.  لقد كانت القوة المهاجمة قوامها 1500 مقاتل، بينما كان عدد سكان القرية لا يتجاوز الـ 900 نسمة.  ولكن القتال لم يتوقف، ففي إحدى المعارك، التي جرت لاحقاً، حقق الجانب العربي فيها إنتصاراً غنم معه بعض المعدات الحربية، وبدعم من جيش الإنقاذ تم نشر هذه المعدات وتذخيرها والإستفادة منها في هجوم مضاد تمكنوا بواسطته من تحرير أراضي واسعة من ضمنها قرية الشجرة وتهديد المسنعمرة الصهيونية الواقعة إلى الغرب منها والمسماة السجرة، والتي كانت منطلقاً لجميع الهجمات، إلا أن الهدنة الأولى حدت من ذلك.  وعندما أوشكت الهدنة على الإنتهاء، باغتت الهاجناه المدافعين عن الشجرة بهجوم واسع، حيث شنت الهجوم في اليوم الأخير من الهدنة، أي قبل نهايتها.  وهذا الهجوم كان مدعماً بالطاائرات ويتسليح جديد.  وتم إحتلال الشجرة. 
لقد إرتوت أراضي الشجرة بدماء غزيرة سالت على أرضيها، بينهم 300 شهيد من أبناء القرية، أي الغالبية العظمى من القادرين على حمل السلاح، فسكان القرية حسب إحصاء 1944 كان عددهم 744 لا أكثر.  لقد أُعذر أهل الشجرة بجدارة. 
هاجر من تبقى منهم إلى لبنان يحملون مفاتيح بيوتهم، التي هدمها الإحتلال، وذكريات عن بطولات لا تنسى، وكان من بينهم طفل تنشق حب فلسطين مع دخان البارود ورائحة ترابها المزكى بالدماء، كبر هذا الطفل ليصبح ناجي العلي.
                                                                                                               نديم أسـعد


 
 

 


تعليقات

1  
الاسمحسام  
التعليقمقال رائع شكر لك  
   

الإسم 
البريد الإليكتروني (ليس للنشر)
التعليق
هل توافق على الانضمام لمجموعتنا البريدية؟
  أرسل

 

Counter