| |
أوراق من دفتر أيار (13) - شهداء وحرامية
|
|
| |
شهداء وحرامية
على الجانب الإنساني تحضرني قصة حدثت أثناء حرب النكبة، وأنا متأكد من حدوثها لأنها حدثت في قريتنا، وهي من الغرابة أن التاريخ خلد قصة مشابهة لها حدثت إبان حروب الردة؛ فعندما كان خالد بن الوليد يقاتل بني حنيفة في اليمامة، وعقب إحدى الإشتباكات التي أستشهد فيها بعض جنود جيش خالد، جاءه أحدهم في المنام وأخبره أن سلاحه وعدته سرقت، وأن خيمة الذي سرقها في طرف المعسكر ، وطلب من خالد أن يفتش عنها ويبيعها ويسدد بثمنها دين عليه بالمدينة ويعطي الباقي لأهله. وكان سلاح الرجل في ذلك الزمان غالباً ما يشكل جل ثروته. وفعلاً ذهب خالد إلى طرف المعسكر، وبعد قليلٍ من البحث وجد متعلقات الشهيد، وقام خالد بإنفاذ وصية الشهيد. ذكر هذه الرواية إبن هشام في السيرة النبوية وأضاف أن هذا الرجل كان أول من أوصى بعد موته.
تكررت نفس القصة في العام 1948، فقد وصل خبر إلى القرية أن إثنين من أبنائها أستشهدا في القدس، فتم تكليف سائق شاحنة للذهاب إلى القدس لإحضار الجثمانين.
وبعد إحضارهما ودفنهما، جاء أحدهما لأمه في المنام، فبادرته قائلة: " الحمد لله أن زوجتك حامل وسيعوضنا الله بولد يترك لك ذكراً ". وكان الشهيد متزوج حديثاً وزوجته حامل. فرد عليها قائلاً أن زوجته ستلد بنتاً، ثم أضاف أنه كان يحمل نقوداً ورقية عند إستشهاده، وأن فلاناً سرقها، وطلب أن يذهبوا إليه ويفتشوه، حيث سيجدوا لديه نقود مثقوبة من أثر الرصاصة التي إخترقت الجيب الذي كانت به النقود. وأوصى بأمور أخرى.
وفعلاً وجدوا النقود لدى السارق، كما ولدت زوجته بنتاً كما قال.
من المفارقات في تاريخ البشرية أن الحروب تفرز قصصاً ممتعة ومسلية، ولكنها ليست مسلية بنفس القدر لأبطالها، كما أن الحروب يخوضها جنود وتجار، مخلصين وإنتهازيين، شهداء ولصوص.. هذا حصل ويحصل في فلسطين وفي دولة أبي بكر الصديق وفي كل العالم.
نديم أسـعد
لقراءة باقي سلسلة مقالات أوراق من دفتر أيار:
|
|
| |
|
|
|