الأحزاب الشيوعية العربية والقضية الفلسطينية
منذ نشأة الحركة الشيوعية في أوربا لعب اليهود دوراً محورياً في تأسيسها والنضال في صفوفها، فكان كارل ماركس من أصول يهودية، كما كانت روزا لوكسمبورغ وليو تروتسكي وغيرهم يهوداً.
وقد إنتشر الفكر الشيوعي في أوساط يهود أوربا في النصف الثاني من القرن التاسع عشر كرد فعل للإضطهاد في أوربا الشرقية وبعض دول أوربا الغربية، مثل فرنسا.
كان المهاجرون اليهود الأوائل يضمون بينهم الكثيرين ممن تشبعوا بالفكر الشيوعي والإشتراكي، وبعد إستئناف الهجرة اليهودية إلى فلسطين بعد الحرب العالمية الأولى وسيطرة الإنكليز على زمام الأمور في فلسطين، وصل إلى فلسطين عدد من الشيوعيين الروس والأوربيين الشرقيين، الذين بادروا إلى تأسيس الحزب الشيوعي الفلسطيني.
تأسس الحزب الشيوعي الفلسطيني في العام 1920، ليكون أول حزب شيوعي في آسيا، أي قبل حزبي الصين والهند. يحلو لبعض الفلسطينيين أن يفخروا بهذا الإنجاز، ولكنه لم يكن حالة فلسطينية على الإطلاق، فمؤسسوه جميعهم كانوا من المهاجرين اليهود الجدد الذين وصلوا حديثاً إلى فلسطين. ولكن هذا لم يدم طويلاً، إذ سرعان ما إنضم فلسطينيون إلى الحزب وأصبحوا يتبوؤن مواقع قيادية فيه. وهذا له دلالات على مقدار النضج الإجتماعي الإقتصادي للمجتمع الفلسطيني في عشرينات القرن العشرين.
أدى هذا إلى إعتقاد قيادة الحركة الشيوعية العالمية ( الكومنترن ) في موسكو أن الإستيطان اليهودي في فلسطين سيؤدي إلى نشر الفكر الشيوعي في الشرق المتخلف، تماماً مثل ما إقتنع الأوربيون الغربيون أن إنشاء وطن قومي يهودي في فلسطين سيساعد على نشر الديمقراطية والفكر الغربي في الشرق المتخلف.
ثم بدأت الأحزاب الشيوعية في الدول العربية بالظهور، في مصر وسوريا والعراق. وكانت لا تشارك الحركات السياسية في بلدانها نظرتها السلبية أو العدائية تجاه الحركة الصهيونية.
وفي العام 1947 عندما عرضت القضية الفلسطينية على الأمم المتحدة، حيث تم إصدار قرار بتقسيم فلسطين، صوت الإتحاد السوفييتي مع قرار التقسيم، فأصبح هذا موقف الأحزاب الشيوعية العربية جميعاً. وكان أنشطها في هذا السياق الحزب الشيوعي العراقي، الذي خرج متظاهراً في شوارع بغداد يُشهر آراءه بدعم المشروع الصهيوني وقيام دولة فلسطينية.
فيما بعد قامت بعض الحركات الشيوعية بمراجعة مواقفها، وخاصة مع بداية الحرب الباردة، حيث أصبح واضحاً إنضمام إسرائيل للمعسكر الإمبريالي، الإمر الذي إنعكس فكرياً على التطبيقات الإشتراكية (!) في الكيبوتزات، فتم الحد منها حرصاً على رضى الغرب.
هذه صفحة من تاريخنا ومن تاريخ الشيوعية العالمية والشيوعيين العرب لا يحق لهم أن يفخروا بها.
نديم أسـعد
لقراءة باقي سلسلة مقالات أوراق من دفتر أيار:
|