أوراق من دفتر أيار(20) - سفر الخروج
 
 


سفر الخروج
من الثابت أن جهات عربية رسمية أكدت للفلسطينيين أنهم سيعودون بعد أسبوعين بعد أن طلبوا منهم مغادرة بيوتهم ريثما تنتهي الحرب. بل يمكن الإثبات بشيء من البحث أن بعض القيادات العربية شجعت البعض على الخروج، لأسباب ودوافع تحتاج إلى بحث كذلك.  فخرجوا بأعداد كبيرة.
في كثير من الحالات كان الخروج ناجم عن خطر حقيقي، مثل أهل يافا، التي تعرضت لقصف مدفعي مركز من قوات الإرغون اليمينية المتطرفة لمدة أربعة أيام، فإضطر الكثيرون منهم للمغادرة بحراً.  كما غادر آخرون عقب سماعهم لأخبار المذابح والفظائع التي تم إرتكابها من قبل العصابات الصهيونية، وآخرون خرجوا بعد هدم قراهم وبيوتهم.  في جميع الأحوال لا يمكن تقييم ما حصل قبل 64 عاماً الآن بما لدينا من حقائق عما حصل أثناء الحرب وبعدها.  هذا أمر يُترك للتاريخ لتقييمه.  ولكن أكثر الفلسطينيين يقولون أنه كان من الأفضل لنا أن نموت على أرضنا من الخروج.
الأمر يتعلق بحجم الوعي، بقدر ما يتعلق بوجود قيادات ودور هذه القيادات وقدرتها على تقييم الموقف.  وقد تسنى لي دراسة بعض حالات بعض البلدات والقرى التي بقي أهلها في أماكنهم، مثل الناصرة وشفا عمرو وأبو غوش، فوجدت أن قرار البقاء كان جماعياً، وكان وراءه قيادات ذات تأثير.
إن كل شخص بقي في فلسطين خفف من حجم القضية – إن صح التعبير، فهناك تحفظ على إختزال القضية على اللجوء، وأضاف عبئاً على المحتل وجعل من مقدار تحقيق حلمة الصهيوني أقل.  فلو لم يهاجر سوى نصف العدد الذي هاجر بالفعل، لكان أول رئيس وزراء إسرائيلي عربي!.  أو لإضطرت القيادة الصهيونية لوضع قوانين خاصة تحرم جزء أو كل العرب من حقوقهم السياسية أو للجأت إلى فرض ترانسفير – طرد جماعي.  وهذه جميعاً خيارات محرجة لإسرائيل.
لقد أرحناهم من هذه الخيارات.
نديم أسعد    

لقراءة باقي سلسلة مقالات أوراق من دفتر أيار:


 
 

 


تعليقات

لا يوجد تعليقات

الإسم   
البريد الإليكتروني (ليس للنشر)    
التعليق  
هل توافق على الانضمام لمجموعتنا البريدية؟
  أرسل

 

Counter