الصهيونية البريطانية – جمعية لندن اليهودية
هناك خطأ منهجي وأساسي في دراستنا للقضية الفلسطينية وإستهداف فلسطين بغاية إقامة دولة يهودية فيها. فكثيراً ما يبدأ الباحثون بمؤتمر بال الصهيوني الذي تم تنظيمة وإنعقاده في العام 1897، أو قد يرجعون قليلاً إلى الوراء فيبدأون بالعام 1882م، وهو العام الذي بدأ فيه الإستيطان الصهيوني في فلسطين على أيدي مهاجرين من شرق أوربا بتنظيم بعض أغنياء اليهود الأوربيين.
أما الحقيقة فإن القضية الفلسطينية تعود إلى ما قبل ذلك، فهناك فصول هامة ذات علاقة مفصلية بهذا السياق؛ قد تكون حملة إبراهيم باشا على بلاد الشام أحدها، بل قد تكون سابقتها، حملة نابليون على فلسطين وإنكساره تحت أسوار عكا فصلاً آخر.. ولكن بكل تأكيد أن تأسيس جمعية في لندن تدعو إلى إعادة بناء دولة إسرائيل تشكل فصلاً أساسياً ينبغي دراسته بعمق والتوقف عنده.
تأسست جمعية لندن اليهودية
London Jews Society
في العام 1809 في لندن بهدف:
1.
تنصير اليهود
2.
بناء دولة لهم في أرض إسرائيل
Eretz Israel
وباشروا العمل في أوساط اللاجئين اليهود الفقراء الهاربين من الإضطهاد في شرق أوربا، ثم إنتقلوا للعمل في أميركا وأستراليا وفلسطين وألمانيا وهولندا ودول كثيرة. وهي من أنجح الجمعيات، إذ لا تزال موجودة، وإن غيرت إسمها عدة مرات.
ولا يبدو كثير إتساق بين الهدفين
المذكورين أعلاه، بل هناك تناقض واضح، فلو تنصر اليهود، فما حاجتهم إلى وطن خاص بهم، فهم في بريطانيا سيصبحون بريطانيين، وفي فرنسا فرنسيين وهكذا..
ولكن الهدف يتعدى الرغبة في حل " مشكلة " اليهود إلى الرغبة في تمزيق العالم العربي وإشغاله بقضية لا حل لها إلا بإزالة أسبابها من الجذور.
إن القضية الفلسطينية، أساساً، نابعة من تلاقي مصلحتين يهودية وأوربية، الأولى تريد أرضاً تجمع يهود العالم، والثانية تريد أن يبقى العرب منشغلين والعالم العربي ممزق.
لقد نجحت الجمعية في تنصير بعض اليهود، كما قدمت خدمات جليلة للصهيونية، وأثبتت لنا وللعالم أن هناك من هو أكثر صهيونية من هيرتزل ووايزمان وبن جوريون.
نديم أسـعد
لقراءة باقي سلسلة مقالات أوراق من دفتر أيار: