|
أوراق من دفتر أيار (12) - الكونوس
|
|
|
الكونوس
ربما يعتقد البعض أن القوات الصهيونية لم تبذل الكثير من الجهد للسيطرة على القدس القديمة في حرب 1948، وهذا خطأ. فقد كان هناك عدة محاولات نجحت في أحداها قوة من الإرغون بإقتحام إحدى بوابات القدس، إلا أن مجموعات أخرى مكلفة بإقتحام بوابات أخرى فشلت تماماً، مما إضطر القيادة المركزية إلى إيقاف الهجوم وسحب القوات إلى نقاط إنطلاقها.
ويعود هذا الصمود إلى الجهود والنجاحات التي حققها تنظيم الجهاد المقدس بقيادة المرحوم عبد القادر الحسيني الذي نجح في إطباق حصار على القدس الغربية، مما نجم عنه إبعاد الجبهة عن القدس الشرقية وعدم إستهدافها حتى مرحلة لاحقة ( لما بعد 15 أيار ).
كما يعود صمود المدينة إلى دور الجيش العربي ( جيش الأردن ) بإستبسال جنوده وضباطه العرب. وقد كان للوحدة التي كان يقودها الملازم ( حينها ) محمود الروسان دوراً حاسماً في الحفاظ على قطاع اللطرون حتى فرضت الهدنة الثانية وإنتهت الحرب، وبقي كذلك حتى العام 1967. وتشكل منطقة اللطرون موقعاً محورياً للدفاع عن القدس. وقد إستطاع المرحوم محمود الروسان وقواته صد ثلاثة هجمات مركزة وإيقاع خسائر فادحة بالقوات المهاجمة.
أما داخل الأسوار فقد كان ضباط آخرون يقودون وحدات من الجيش العربي موزعة على أسوار القدس يتعاون معها مقاتلون من جميع أنحاء فلسطين ومن جميع الدول العربية القريبة، مثل عبد الله التل وآخرين.
ومع ذلك إستمر القصف وتوالت الهجمات. وفي إحدى هذه الهجمات إستخدمت القوات الصهيونية سلاحاً مبتكراً سموه " كونوس "، وهي كلمة شرق أوربية تسربت إلى العبرية وتعني – مخروط.
وهو وعاء على شكل مخروط مملوء بالمتفجرات يسير على عجلات، بحيث يُدفع بإتجاه السور فينفجر بالإرتطام ويهدم السور، فتدخل القوات الصهيونية من الفتحة وتحتل المدينة.
ولم يجهز هذا السلاح الفتاك إلا في اليوم الأخير قبل الهدنة. وفعلا قاموا بنقله وتجهيزه إلى موقع الهجوم، وإستعد الجنود للحاق به بعد هدم جزء من السور.
تم دفع المخروط وإرتطم بالسور وأحدث صوتاً عظيماً سُمع من مسافات بعيدة، كما أحدث ضوءاً عظيماً وأطلق كماً هائلاً من الدخان. وبعد دقائق هدأ كل شيء، وظهر السور كما عهدناه منذ سليمان القانوني، سالماً لم ينقص حجر.
نديم أسـعد لقراءة باقي سلسلة مقالات أوراق من دفتر أيار:
|
|
|
|
|
|