كتاب " نحن واوربا " - الجزء الثالث - الفصل الخامس - نهاية الدولة العباسية
 
 



نهاية الدولة العباسية

 

عندما إستلم بنو العباس الخلافة ، كانت دولتهم تشمل البقاع ذاتها التي كانت ضمن الدولة الأموية .  ثم إنفصل عبدالرحمن الداخل بالأندلس بعد سنين قليلة ، وقد إستمر الداخل بالدعاء للسفاح لمدة عام .  ثم لحق به من أهل بيته من شجعه على إيقاف ذكر العباسيين في الصلاة والخطب .  وبذلك إنقطعت صلة الأندلس العملية والشكلية بالخلافة العباسية . 

ثم بدأ إدريس بن عبد الله بن الحسن المثنى دعوته في المغرب الأقصى بين البربر ، ولاقى تقبلاً .  فإنفصل المغرب عن الدولة العباسية ونشأت فيه دولة خاصة بهم .

ثم سيطر قادة الجند على الخلافة بعد مقتل المتوكل ، فشجع ذلك العلويين على إظهار دعوتهم .  وهم الذين تعلموا من أبناء عمهم العباسيين ، التخطيط بعيد المدى والكتمان وحسن التوقيت .  حيث كانت حركاتهم السابقة تعاني من سوء التوقيت وعدم القدرة على الحفاظ على سرية الحركة وعدم وجود خطة. فتم الدعوة علناً لعبيد الله المهدي بن محمد بن جعفر بن محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق.  فأسس وأتباعه دولة العبيديين أو الدولة الفاطمية التي إمتد سلطانها من المغرب الأقصى إلى مصر ثم سيطرت على الشام وأصبحت تنافس بغداد فيما حولها من الأقاليم .  وقد إمتدت مائتين وسبعين عاماً.

ثم ظهر بطبرستان سنة مائتين وخمسين  من العلوية الحسن بن زيد بن محمد بن إسماعيل بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن ابي طالب .  وأسس دولة في طبرستان والديلم .  كما قامت في تلك النواحي دولة الأطروش ، ولكنها إنتهت في سنة ثلاثمائة ، وكان الأطروش من العلويين.

وظهر باليمن الرئيس، وهو أيضاً من العلويين، وأطلق دعوة زيدية وأسس دولة إمتدت لقرون طويلة. 

وقامت ثورة الزنج في جنوب العراق ، وقد إدعى صاحبها الإنتساب إلى البيت العلوي ، وطعن كثيرون في هذا النسب .  وقد حقق الزنج نجاحاً عسكرياً وسياسياً إذ إستطاعوا تأسيس دولة لهم بالقرب من عاصمة الخلافة لمدة ليست يسيرة من الزمن .

ثم ظهر القرامطة في البحرين وقد أصبحوا قوة عظيمة غطى نشاطها العراق والشام بالإضافة إلى الجزيرة العربية .  وقد إنتسب قائد الحركة إلى إسماعيل بن جعفر الصادق . 

وقامت دولة بني سامان فيما وراء النهر في منتصف القرن الثالث ، وقد إمتدت إلى نهاية القرن الرابع الهجري . 

وظهرت للأغالبة دولة في إفريقيا ، وقد كانوا بدايةً ولاة للدولة العباسية ثم إستبدوا تدريجياً بالحكم وأصبح وراثياً فيهم .  وكذلك فعل إبن طولون والإخشيد في مصر . 

ثم قامت دولة بني بويه في الديلم ، الذين زحفوا إلى بغداد وسيطروا على الخلافة ، حتى ظهرت دولة السلاجقة الذين سيطروا على الخلافة بدورهم . 

وفي معظم هذه الأوقات كانت سلطة الدولة العباسية الفعلية تنحصر في بغداد وأرض السواد وبعض الأقاليم القريبة .  ولكن التبعية الإسمية للدولة كانت تغطي بقاع واسعة.  فقد كان يُخطب للخليفة العباسي في المغرب والهند واليمن ، بل في مدينة باري في إيطاليا وعلى ضفاف الفولغا وفي قرطبة، وهذه جميعاً كان يحكمها ملوك وسلاطين وأمراء تسلموا تقليداً من خلفاء بني العباس .

وفي مرحلة لاحقة ظهرت دول في أقاليم قريبة مثل الموصل ، حيث أسس الزنكيون دولتهم ، وظهرت قبلها دولة بني حمدان في حلب ، والأراتقة وسلاجقة الروم وغيرهم الذين كان لهم دوراً كبيراً في الوقوف أمام زحف الروم في هذه المرحلة .  وكانوا يقرون بالتبعية للخلافة العباسية. 

كما أن مراحل الضعف لم تكن عهداً مظلماً ، فقد إستمر إهتمام الخلفاء ووزرائهم بالعلم والعلماء ، ففي عهد المقتدر بالله ( 908- 932م ) عاش علماء عظام من أمثال إسحق بن حنين المترجم وإبن فضلان الجغرافي والرحالة والطبري المؤرخ والرازي الفيلسوف والطبيب والفارابي الفيلسوف والموسيقي وأبو نصر منصور الرياضي وإبن الهيثم الفيزيائي والبيروني الرياضي والفلكي وعمر الخيام الشاعر والفلكي ، وكان المقتدر من أضعف خلفاء العباسيين.  وفي زمن القادر بالله قام وزيره أبو نصر سابور بشراء داراً بالكرخ وعمرها وسماها " دار العلم " ووقفها على العلماء ، ووقف بها كتباً كثيرة [1] .

 

البويهيين

كثيراً ما تنشأ دول في رحم دول أخرى .  فالبويهيون الذين أسسوا الدولة البويهية كانوا ثلاثة إخوة ؛ علي وحسن وأحمد أبناء أبو شجاع بويه ، وهم من الديلم .  وقد رد نسبهم البعض إلى الساسانيين ، آخر أُسرة حاكمة للفرس ، ولكن البعض شكك في ذلك .   وكان الديلم قد أسلموا مؤخراً على يد الأطروش العلوي ، الذي أسس دولةً له في الديلم ، وأسلم على يديه خلقٌ كثير .  وقد كان بنو بويه من قادة الصف الثاني لهذه الدولة ، فقد إعتمد الأطروش على عدد من القادة من بينهم " ماكان بن كالي " حيث كان البويهيون من رجاله .  كما كان " مرداويج " قائداً آخر من قادة الأطروش .  وعندما توفي الأطروش وقع الخلاف بين قادته ومن بينهم ماكان ومرداويج ، فتغلب مرداويج ، فإنضم البيوهيون إلى مرداويج الذي ولى أكبرهم علي بن بويه على الكرج ، حيث تمكن من فتح بعض القلاع وإستقام أمره ، مما جعل مرداويج يندم على تعيينه والياً [2] .  وفي هذه الفترة كثرت الجماعات الطامحة إلى تأسيس كيان سياسي ، وأدرك بنو بويه عدم ثقة مرداويج بهم وأنه يحاول التخلص منهم .  وقد أظهروا ميلاً للخلافة ، وعلى ما يبدو أن إشارات صدرت عن الخليفة القاهر عقب إنتصارٍ حققه البويهيون شجعتهم على ذلك .  فالخلفاء العباسيين الذين كانوا واقعين رهائن في قصورهم كانوا يأملون أن يخلصوا من أوضاعهم المزرية .

نجح البويهيون في بسط نفوذهم على بلاد واسعة وأصبحوا على حدود العراق ، فكتبوا إلى الخليفة الراضي ( 322 – 329 ) ووزيره بالطاعة بحيث يدفع للخلافة ألف ألف درهم ، فأجيب إلى ذلك وبعث إليه باللواء والخلع ، مما رفع من شأنه في فارس [3] .

وفي سنة 334 وصلت رسائل إلى معز الدولة بن بويه تشجعه على القدوم إلى بغداد ، من قبل بعض رجالات بغداد ، فقد شاعت الفوضى في المدينة وكثر النهب ، وقد كان معز الدولة في الأهواز عندما وصلته الرسائل ، فتوجه إلى بغداد .  دخل البويهيون بغداد دون مقاومة .  وهرب الأتراك المهيمنون على الخلافة ، وإختفى الخليفة ، ولكنه ظهر ورحب بمعز الدولة وإخوته ، وأمر أن تضرب ألقابهم على الدنانير.

إستمر عصر السيطرة البويهية من عام 334 إلى عام 446 هـ ( 945 – 1055 م ) .  وقد حكم خلالها أربعة خلفاء هم المطيع لله والطائع لله والقادر بالله والقائم بأمر الله .  وهذا يدل عل إستقرار نسبي للحكم ولعلاقة ، لم تكن بأي حال عبثية بين البويهيين والخلفاء ، كما كان دارجاً زمن سيطرة الأتراك .  ينظر كثير من المؤرخين المعاصرين إلى البويهيين نظرة سلبية ، فيعتبروهم مغتصبي سلطة .  وهذا يعود إلى أنهم ليسوا عرب ، وأنهم شيعة .  وفي الحقيقة يجب أن يُنسب إليهم فضل الحفاظ على الخلافة ، حتى لو كانت سلطاتها شكلية .  والحقيقة أن السلطة الشكلية أصبحت في العصر الحديث دارجة جداً في الملكيات الدستورية دون أن تكون مؤشر ضعف .

على أن البويهيين بدأوا حكمهم لبغداد بخلع المستكفي وسمل عينيه .  ولذلك قصة بطلتها إمرأة إسمها علما ، نوردها بشيءٍ من التفصيل لإلقاء الضوء على أحوال تلك الحقبة .

 

إمرأة إسمها علما

ذكر إبن الأثير أنه في زمن الخليفة المتقيلله ( 329 – 333 ) كان توزون هو الذي يحكم فعلياً في بغداد .  وقد روى أحد أعوانه أنه دعي من قبل صديقٍ له إلى مقابلة إمرأة من أقرباءه تسمى علما ، التي طرحت عليه رأياً أن المتقي لا يثق بهم وهم لا يثقون به ، وعرضت عليهم شخصاً قالت أنه من أبناء الخلفاء ، من ولد المكتفي صاحب عقل ودين " تنصبونه الخلافة فيكون صنيعتكم وغرسكم " وتستريحون من الخوف والحراسة .  فطلب لقاء الرجل ، فخرج عليهم في زي إمرأة ، فوجده مقنعاً .  فعرض الأمر على توزون .  فلقيه في اليوم التالي في بيت علما ، فبايعه .  فأرسل إلى المتقي من إعتقله وسمل عينيه .  وهكذا إستخلف المستكفي بالله ، وأصبحت علما قهرمانة الخليفة لها نفوذها وسلطتها .

وبعد سيطرة البويهيين وإستقرار الأوضاع دعت علما كبار قادة الديلم والترك إلى وليمة كبيرة ، أعطت إنطباع لمعز الدولة جعله يعتقد أن هناك محاولة للتخلص منه ، فقام بعزل المستكفي وسمل عينية وحبسه .  أما علما فقد قُطع لسانها . 

 

الحمدانيين

تعود أصول الحمدانيين الذين حكموا في الموصل وحلب إلى قبيلة بني تغلب العربية .  وقد نبغ من بينهم أكثر من واحد ممن خدموا الدولة العباسية في وظائف عسكرية وأدارية .  وكانوا يتنقلون بين الموصل وبغداد ، الموصل بصفتها مسقط رأسهم ، وبغداد كمركز لصنع القرار . 

وكان بنو تغلب أيام الفتح الإسلامي تمسكوا بمسيحيتهم ، وعوملوا معاملة خاصة من قبل عمر بن الخطاب ، فلم يفرض عليهم الجزية ، وقد كانوا يسكنون غرب العراق .  وخلال القرون القليلة التالية إنتقلوا إلى الشمال وأسلم بعض بطونهم ، من بينهم الحمدانيين .

وقد نبغ بشكل خاص من بينهم أبو الهيجاء ، عبد الله بن حمدان ، الذي تولى ولاية الموصل عدة مرات .  ثم وليها بعده إبنه الحسن ، ولكن الأمر لم يستقر له إلا بعد حين ، بسبب ثورات الخوارج وغيرهم ، ولم يستتب الأمر له تماماً إلا في عام 323 هـ ، حيث تلقب بإسم ناصر الدولة .  وتعد هذه السنة بداية دولة بني حمدان [4] .  وقد كان ذلك في عهد الراضي بالله ( 322 – 329 ) ، حيث إستقل معظم الولاة في الدولة العباسية وسيطر رجال البلاط على الحكم ، وقد أُبتدع لقباً جديداً في هذه الفترة، وهو أمير الأمراء ، قلما تولاه عربي ، ولكن ناصر الدولة بقدراته وحنكته تمكن من تولي هذا المنصب بالإضافة إلى ولاية الموصل .

ولكم دولة الموصل لم تعمر بسبب الخلافات المبكرة التي ظهرت بين أهل البيت ، إذ إختلف أبناء ناصر الدولة فيما بينهم .  وهوجموا من قبل الروم ومن قبل البويهيين ، حتى إنتهى الأمر بإحتلال الموصل من قبل عضد الدولة البويهي .

وكان من الممكن أن لا يكون للحمدانيين ذكر ، لولا ظهور دولة أخرى لهم في حلب أسسها سيف الدولة الحمداني. 

وسيف الدولة ( 334 – 356 ) ( 945 – 967 ) هو علي بن حمدان ، وأبوه أبو الهيجاء ، وأخوه ناصر الدولة.  وقد نشأ جندياً في جيش أخيه ، حيث حارب الروم عام 326 وواجه جيشاً كبيراً ، وحقق بعض المكاسب .   كما تمرس في حروب أخرى مع خصومهم الكثر .  وغزا الروم وتوغل في بلادهم في العام 328 ، وقدم خدمات جليلة للخلافة .  ولكنه لجأ إلى نصيبين ، ولم يجد بين يديه ما يلبي طموحه ، فطلب من أخيه ناصر الدولة أن يوليه أحد الأقاليم .  فقال له عليك بالشام . وكان يحكمها والٍ آخر مستفرد بالحكم دون الخلافة .  فتوجه بجيشٍ إلى الشام حيث إستطاع هزيمة جيش الإخشيد ، ويضم معظم الأراضي الشامية ، من الحدود الشمالية حتى مدينة دمشق [5] .  حيث أسس له قاعدة في حلب ، لعبت دوراً مهماً في مقاومة وصد هجمات الروم ، في وقت ضعفت فيه الخلافة .

وقد عاصر سيف الدولة برداس فوكاس و أخيه نقفور فوكاس ، وكان الثاني من أعظم قادة الروم العسكريين ، قبل إعتلاءه العرش .  وهو عسكري محترف ، يملك من الصفات الخلقية ما جعله أسطورة بين جنوده .  كما تعاملت جيوش الحمدانيين مع قادة عسكريين غيرهم .

فأما برداس فقد إلتقى بسيف الدولة بعدة معارك ولم يحرز نصراً مشرفاً واحداً ، بل خسر معظمها ، وتمثل ذلك بخسائره البشرية الكبيرة التي كثيراً ما تضمنت قواد .  وقد جرح في معركة مرعش سنة 342 هـ ( 953 م ) ووقع إبنه أسيراً في يد سيف الدولة [6] .

وقد كان لمعركة مرعش وقعاً قاسياً على بيزنطة ، إذ دخل برداس على أثرها الدير مترهباً .  وقد عيره المتنبي ، الذي كان معاصراً لسيف الدولة وفي حاشيته ، قائلاً :

                            أتسلم للخطية إبنك هارباً       ويسكن في الدنيا إليك خليل

وقد كان الإمبراطور البيزنطي رومانوس الثاني معاصراً لسيف الدولة ، فسحب قائد جيوشه المشهور نقفور فوكاس من الجبهة الغربية وأرسله لمقارعة سيف الدولة.

لقد إنشغل الحمدانيون والروم بمعارك سنوية موسمية ( الصوائف والشواتي ) وقد سجل كلٌ منهما إنتصارات على الآخر.  ولكن حدث في هذه المرحلة من الصراع إختراق غير عادي، وهو تمكن نقفور فوكاس من الإستيلاء على حلب .  وكان قد أعد جيشاً ضخماً قوامه مائتي ألف جندي بعد نقله من الجبهة الغربية سنة 350 ( 961 م ) ،  وقام بمهاجمة حلب مباشرةً .  حاول سيف الدولة أن يجعل اللقاء في مكان آخر ولكنه لم يتمكن ، فوصلت طليعة جيش الروم المكونة من ثلاثين ألف فارس ، فإلتقوا بجيش سيف الدولة خارج أسوار حلب ، وأثناء القتال إنسحب سيف الدولة ، فإنهارت جبهته .  فحاصر المدينة ثم فاوض أهلها ، فدخلوها وإستعصت عليهم القلعة .  فحرروا أسراهم الموجودين في المدينة وأخذوا أسرى من صبيان وصبايا المدينة بأعدادٍ كبيرة .  وعلى ما يبدو أنه كانت هناك مقاومة منظمة في المدينة فقد قُتل أحد أكبر قادة الروم إبن الشمشقيق Jean Tzimisces ، مما أغاظ نقفور فقتل كثيراً من الأسرى الذين كانوا بيده . 

عاد سيف الدولة إلى حلب في نفس الشهر ، وكان الروم قد إنسحبوا منها .  وقد برر سيف الدولة إنسحابه للإنضمام إلى جيشه الذي كان موغلاً ببلاد الروم . 

ثم عاد سيف الدولة إلى غزو الروم حتى وصل ملطية .  كما عاود نقفور حربه فحاصر المصيصة لمدة سبعة أيام وعاد عنها .  ولكنه عاد وإستولى على المصيصة وطرسوس وهدد بالس وقنسرين في داخل حدود الشام [7] .

لقد كانت الدولة الحمدانية صغيرة الحجم ومحدودة الموارد ، ولكنها لعبت دوراً مهماً في إبعاد الخطر البيزنطي ، وإن تلقت ضربات قوية ، فقد حققت أيضاً بعض الإنتصارات .  من الواضح أن الحمدانيون كانوا يستقبلون بعض المتطوعين الذين كانوا يقاتلون في صفوفهم ، مثل الخرسانيين الذين قاتلوا مع سيف الدولة بعد حصار المصيصة ، ولكن لم يكن هناك دعم منظم من دول إسلامية أُخرى .               

وقد نبغ في البلاط الحمداني الشاعر الكبير المتنبي ، وكذلك الشاعر الفارس أبو فراس الحمداني ، وأشتهر عنهما مساجلات طريفة .

 

السلاجقة

لم تزل مناطق واسعة في وسط آسيا مصدراً هاماً للهجرات البشرية منذ زمنٍ بعيد .  فقد عرفت أوربا موسماً لهذه الهجرات إستمر لمدة قرنين ، حيث وصلت موجات بشرية مثل الهون والآفار في القرنين الرابع والسادس وكذلك البلغار في القرن السابع ، حيث غيرت هذه الهجرات من تركيبة سكان أقاليم أوربا المختلفة .  وتنبع هذه الهجرات من نفس المجموعات العرقية ومن نفس الإقليم القاحل الذي يعيش أهله حياة بداوة ويعتمدون في تنقلهم على الخيل ويربون الماشية ويقتاتون على لحومها وألبانها ، ومثل العرب إعتادوا التنقل بحثاً عن الكلأ والماء .  وفي بعض الظروف عندما تتجاوز الطبيعة في قسوتها ما هو مألوف ، من إنحباس أمطار وجفاف ، يلجأ جزءٌ من هذه القبائل إلى الهجرة إلى خارج الإقليم .  الأمر الذي يعني أن يشقوا طريقهم بالسلاح من بلدٍ إلى بلد .  حتى يجدوا من يوظفهم ضد عدو أو من يسكنهم في منطقة معينة ليشكلوا حداً فاصلاً أو منطقة عازلة .  هذا السيناريو تكرر مع جميع هذه الشعوب ، حيث كان ينتهي بهم الأمر في الذوبان في الشعوب التي سكنوا في أوساطها . 

وقد حصلت هجرات تركية عديدة إلى المنطقة الإسلامية ، وكانت جميعاً تتكون من مجموعات كانت قد أسلمت .  كما حصلت هجرة المغول ، التي كانت على شكل حملة عسكرية ، ولم يكونوا مسلمين .

وهناك إستثنائين للهجرات التي لم تذب في غيرها وتفقد هويتها وثقافتها وإسمها ، وهما البلغار في أوربا والأتراك العثمانيين في المشرق . 

وكان السلاجقة واحدة من هذه الهجرات التي ظهرت على أطراف العالم الإسلامي في القرن الخامس.  ويعزي إبن خلدون هذه الحركة إلى ضعف دولتي تركستان وبني سامان ، الواقعتان على الأطراف الغربية للإقليم الصحراوي الذي كانوا يعيشون فيه [8] .  ويذكر إبن الأثير أن أبا سلجوق ويسمى تُقاق ، وتعني القوس الجديد ، كان مقرباً لدى ملك الترك ، ونشأ سلجوق الإبن في بلاط الملك، الذي ظهرت عليه إمارات النجابة والإقدام فقربه وقدمه [9] .  وقد بلغ سلجوق أن الملك أصبح يخافه لشعبيته وأنه عازمٌ على التخلص منه .  فقام بمغادرة دولة الترك واللحاق ببلاد الإسلام ، حيث أسلم وجماعته، وأخذ يغزو بلاد الترك الذين لم يكونوا أسلموا بعد .  ثم إستعان بهم السامانيون ضد أعدائهم ، فساعدوه بجيشٍ بقيادة إبنه أرسلان وإستعاد ما فقد من بلاده .  ثم إنتقلوا إلى منطقة بخارى، حيث لم يُرحب بهم ، فلجأوا إلى ملك تركستان فغدر بهم وقبض على طغرلبك ، أخو أرسلان ، فقامت بينهم حروب إلى أن خلصوا طغرلبك من الأسر .   فإنصرفوا إلى منطقة بخارى .

فتصادموا مع جميع القوى التي مروا بها ، والملفت للنظر أنهم لم يكونوا يحققوا إنتصارات ، ولكنهم كانوا يتقدمون غرباً .  فقد تم إعتقال قائدهم منصور بن سلجوق من قبل محمود بن سبكتكين ، الذي كان في خدمة بني سامان ثم أسس دولة كبيرة فيما بعد في الهند .  وكان لمحمود لقاء آخر معهم حيث تتبعهم إلى أصبهان حتى عرض عليهم الخدمة معه .  فأنزلهم بالري ، وبعد موت محمود وإنشغال أخيه مسعود بفتح الهند ثاروا ، وتملكوا خراسان سنة 426 هـ [10] .  وقد حاول السلطان مسعود أن يوجه إليهم ضربة قاصمة فتوجه إلى خراسان بجيشٍ قوامه مائة ألف مقاتل ، ومعهم الفيلة ، ولمدة ثلاث سنوات نجح السلاجقة في تجنب المواجهة ، حتى وقع الخلاف بين قادة جيش مسعود ، فهاجمهم السلاجقة وهزموهم [11] وبذلك رست قواعد مملكتهم .

وفي سنة 447 هـ ساءت الأوضاع في بغداد ، فقرر طغرلبك التوجه إليها فكتب إلى الخليفة يُبدي طاعته له ، كما كتب لوجهاء المدينة من الأتراك .  وكان بهاء الدولة ، أبو نصر بن بويه قد ضعف وعجز عن القيام بمهام الدولة .  فدخل طغرلبك بغداد بعد إستئذان الخليفة الذي رحب به ، حيث تم ذلك بإحتفال تخلله خطب .  وبعد شهور تزوج الخليفة من إبنة أخ طغرلبك [12] .

 

 

ومعاصريهم

السلاجقة

سلاطين

 

 

 

 

 

 

 

 

الفاطميين

البيزنطيين

العباسيين

السلاجقة

ميلادي

هجري

المستنصر بالله

ميخائيل السادس

القائم

طغرلبك

1055

447

 

اسحاق كومننس

 

 

1058

450

 

قنسطنطين العاشر

 

 

1061

453

 

 

 

ألب أرسلان

1064

456

 

رومانوس الرابع

 

 

1067

459

 

ميخائيل السابع

 

 

1070

462

 

 

 

ملكشاه

1073

465

 

 

المقتدي

 

1077

468

 

نقفور الثالث

 

 

1080

671

 

اليكسيوس الاول

 

 

1083

474

 

 

 

 

1087

477

 

 

 

 

1090

480

 

 

 

 

1093

483

 

 

الروم

حكم باسلالمقدوني (  867 – 886 ) ، المعروف بإسم باسل الأول بعد إزاحة ميخائيل الثالث وقتله ، وقد أسس أسرة حاكمة جديدة ، وهي الأسرة المقدونية ، التي إستطاعت أن تُرسي قواعد الإستقرار وتنظم توريث الحكم بطريقة تضمن نقلاً سلمياً للسلطة .

وفي أواسط القرن العاشر،  كان البويهيون قد سيطروا على الحكم في بغداد، وكان الحمدانيون قد إستقروا في شمال بلاد الشام ، بعد نصف قرن من تأسيس دولتهم .   ولم تعطي هذه الأسر الحاكمة إلا القليل من القوة وملء القليل من الفراغ السياسي والعسكري في المشرق الإسلامي ، مما شجع البيزنطيين على مهاجمة حدود الدولة العباسية تكراراً وتُحقق بعض النجاحات ، ووقفت هذه الدول في وجه طموحات بيزنطة، التي لا تقنع بأقل من الوصول إلى أطراف الصحاري العربية .

ففي سنة 960 م إستطاع نقفور فوكاس ، عندما كان قائداً عسكرياً ، إنتزاع جزيرة كريت .  كما إستطاع الإستيلاء على معاقل مهمة في كيليكية من الحمدانيين [13] .  ثم عاد نقفور فوكاس وهاجم كيليكيا في شتاء 964 ، وفي العام 968 هاجم الحمدانيين في حلب ، عقر دارهم وهاجم انطاكية ، كما أجبر دمشق على دفع إتاوة .  كما أرسل نكتاس لغزو قبرص سنة 965 ثم أرسله لإستعادة صقلية ، ولكنه فشل في المهمتين .

لقد تلاشى التهديد الذي تعرضت له الإمبراطورية البيزنطية في القرون الأخيرة ، منذ عهد الفتوحات الإسلامية ، الذي وصل إلى تهديد العاصمة نفسها.  فقد ضعفت الدولة الإسلامية في زمن الأسرة المقدونية،  فوقعت مهمة مواجهة البيزنطيين على عاتق الحمدانيين، الذين كانوا يحكمون دولة ذات موارد محدودة، وقد إستطاعوا الوقوف في وجه القسطنطينية وطموحهم في إستعادة سوريا بكاملها.  وقد أنجز الأباطرة المقدونيون ، في هذه الفترة ، إنجازاً من نوعٍ آخر ، وهو تدوين وتوثيق خبرات وقوانين وسياسات الدولة البيزنطية .  وقد إضطلع بهذا المشروع ليو الحكيم وقنسطنطين ، الإبن والحفيد لمؤسس الأسرة ، اللذان حكما لمدةٍ طويلة [14] .  وقد جمعت هذه الأعمال في ستين مجلد ، سُميت الباسليات Basilices ، وقد غطت مواضيع قانونية مثل الطلاق والجواري والربا وحرية التجارة .  كما يتحدث عن تنظيم الدولة والمراسيم المدنية والكنسية، ويتطرق إلى مواضيع مثل الزراعة والحرب [15] .     

وفي زمن هذه الأسرة شهدت بيزنطة نهضة علمية، حيث عادت إلى الإهتمام باللغة الإغريقية، التي أصبحت لغة الأدب والفلسفة.   وعاد الإهتمام بدراسة الكتب العلمية والفلسفية للإغريق القدماء.  وقد لمع في زمن ليو صديقه فوتيوس ،  الذي جمع الكتب وإهتم بالعلماء ، كما دخل سلك الكهنوت ولكنه شُجب وحُرم من قبل الكنيسة، وقد رأس سفارة إلى بغداد .  وكان الإمبراطور قد فتح مدرسة في القصر الإمبراطوري [16] .

إنتهى حكم الأسرة المقدونية في سنة 1057 م ، ثم مرت الإمبراطورية بفترة ضعف وإضطرابات إلى أن إستقرت إحدى الأسر بالحكم .  وكان من الممكن أن تمر الفترة الإنتقالية بسلام ، لولا ظهور السلاجقة ، الذين أصبحوا جيران الدولة الجدد والذين حلوا مكان البويهيين .

في العام 1063 م توفي طغرلبك ، وتسلم السلطنة ألبأرسلان ( 1063 – 1072 م ) إبن أخيه .  وفي زمن طغرلبك تم ضم الموصل وديار بكر وأجزاء أخرى من الجزيرة .  كما تم في زمن ألب أرسلان إستعادة حلب ومكة والمدينة ، كما مد سيطرة الدولة على فارس من خلال إخضاع الثورات فيها . 

وفي زمن الإمبراطور البيزنطي رومانوس الرابع ، حقق البيزنطيون بعض المكاسب ، ولكنهم تلقوا ضربة قاسمة في ملاذكرد سنة 1071م .

 

ملاذكرد

تعتبر معركة ملاذكرد من المعارك الفاصلة في التاريخ ، ليس بين السلاجقة والروم ، بل بين الشرق والغرب .  فقد قاد ألب أرسلان جيشه المكون من خمسة عشر ألف مقاتل ضد رومانوس  الذي كان يقود جيشاً يتكون من مائتي ألف مقاتل .  وقد إلتقى الجيشان بالقرب من المدينة الأرمنية التي تحمل الإسم نفسه وتقع شمال بحيرة وان .  حيث إستطاع ألب أرسلان من تعطيل قدرة خيالة الروم المدرعة والإستفادة من خفة خيالته المعروفة بسرعة حركتها .  بحيث تمزق الجيش البيزنطي وجرح الإمبراطور نفسه وإيقاعه في الأسر [17] .  وكان رومانوس الرابع يهدف إلى إستعادة ملاذكرد وقلعة خلاط المجاورة لها ، قبل قدوم السلاجقة .  وقد تضمن الجيش البيزنطي قوات فرنجية ونورماندية وبلغارية وأرمنية. 

ويذكر إبن الأثير أن ألب أرسلان كان في أذربيجان عندما بلغه تحرك أرمانوس على رأس جيشه ، فأرسل زوجته ، التي كانت بصحبته ، مع وزيره نظام الملك إلى همذان ، وسار بما توفر معه من جنود وكان عددهم خمسة عشر الفاً .  " ولم يتمكن من جمع العساكر لبعدها وقرب العدو " [18] .  إشتبكت مقدمة ألب أرسلان مع قوة بيزنطية وإنتصرت عليها .  مما شجع ألب أرسلان على مفاوضة رومانوس على هدنة ، فكان رد رومانوس ، لا هدنة قبل الري .  فإنزعج ألب أرسلان ، ولكن شجعه الفقيه محمد بن عبد الملك البخاري ، الذي كان بصحبته .  وأشار عليه أن يلقاهم يوم الجمعة .  وفعلاً بادر ألب أرسلان إلى الهجوم يوم الجمعة بجيش أجمع المؤرخون أنه 1: 13 من الجيش المقابل له .  ويروي إبن الأثير أن ألب أرسلان خير جيشه بين المواجهة والإنسحاب .  كما ذكر أنه خاض المعركة لابساً أكفانه .  وقد حقق النصر بسرعة ، وقتل من الروم أعداداً كبيرة ، وقام أحد الغلمان بأسر رومانوس ، وهم بقتله ، ولكن أحد خدمه قال له " لا تقتله إنه الملك " [19] .

لقد فقدت بيزنطة بهذه الهزيمة قسماً كبيراً من ممتلكاتها في وسط وشرق الأناضول .  وبسبب العجز الكامل في الوقوف في وجه القوة السلجوقية ، تفاوض الفريقان على عقد إتفاقية صلح .  حيث إتفق الطرفان على إطلاق سراح الإمبراطور،  وإطلاق سراح الأسرى المسلمين ودفع فدية كبيرة وجزية سنوية  . 

ووصل صريخ بيزنطة إلى أوربا .  وقد كانت صيحة بيزنطة هذه ، دعوة للحروب الصليبية. الذي كان أكبر الخاسرين فيها بيزنطة نفسها ، كما تبين بعد قرنين.

عاد الإمبراطور إلى عاصمته حيث واجه حركة إنقلابية أدت إلى عزله وسمل عينيه ، فمات بعد أيام، وفي العام التالي ، 1072م ، مات ألب أرسلان أيضاً ، بعد فترة حكم قصيرة ، ولكنها طويلة بما يكفي لجعله الأكثر ذكراً بين السلاطين السلاجقة .

 

السلاجقة في الشام

تولى ملكشاه (  1072 – 1092 ) الحكم بعد وفاة أخيه .  وقد إستمر السلاجقة في غزو الروم في عهده .  حيث كانت بيزنطة قد غرقت في فترة من الفوضى دامت عشر سنوات بعد مقتل رومانوس حتى إعتلاء ألكسيوس كومنينس سدة الحكم عام 1081 م .   فقد تغلغلوا في آسيا الوسطى وبلغوا أماكن بعيدة إلى الغرب .  وعلى ما يبدو أن السلاجقة إعتبروا أنفسهم في حِلٍ من الإتفاق المبرم بين الطرفين بوفاة الإمبراطور الذي وقعها .  ولكن معاهدة أخرى تم الإتفاق عليها في العام 1074 إعترفت الإمبراطورية بموجبها بحق السلاجقة حكم المناطق التي فتحوها .  وقد مهد هذا إلى ظهور دولة سلاجقة الروم ، التي كان مركزها في قونية وإمتدت ما بين البحر الأسود والبحر المتوسط .  وقد كان للسلاجقة عموماً ، ولدولة سلاجقة الروم هذه ، دوراً كبيراً في أسلمة وتتريك آسيا الصغرى.  لقد تبنى السلاجقة ، منذ اللقاء الأول ، إسترتيجية مختلفة عما كان الأمويون والعباسيون يحاولون عمله طوال ثلاثة قرون ، فقد أدركوا أن الروم لا يمكن أن يكونوا جيران طيبين ، فهم يشنون الحروب ضد جيرانهم في الشرق إذا لم يكونوا منشغلين في الغرب ، ويصبحوا طلاب سلام عندما تكون دولتهم في خطر من عدوٍ آخر .  وقد أثبتوا أنهم فعلاً كذلك ، بشكلٍ خاص ، في فترة التحولات والفتن الداخلية .  لقد حاول الأموييين أن يصطادوا الرأس متجاوزين جسد الإمبراطورية الكبير القوي في ذلك الوقت، لقد إشترط العرب على البيزنطيين في إحدى غزواتهم لغرب الأناضول ، بعد أن إتفقا على صلح ، أن يرشدوهم إلى طريق العودة !.  لو إستطاع الأمويون فتح القسطنطينية في ذلك العام من القرن الثامن الميلادي ، لربما لم يتغير الكثير من التاريخ ، فربما إستطاعت إمبراطورية الروم الإستمرار من عاصمة أخرى .  ولذلك أصبحت الأناضول تركية ولم تصبح عربية ، وهكذا كانت في القرن الرابع عشر عندما زارها إبن بطوطة ، فوجد صعوبة في التعامل مع سكانها من الأتراك ،  فقد قابل فقيه تركي في إحدى مدن غرب الأناضول ، لم يكن يتقن العربية ، وإدعى أن معرفته للعربية تقتصر على اللغة القديمة [20] .

لقد ساعد العرب والروم على هذه النتيجة ، ففي الحرب العبثية التي خاضوها على مدى أربعة قرون ، كان الطرفان يلجآن إلى تفريغ المدن والحصون من السكان ، ونقلهم وإحضار آخرين وهكذا ، مما خلق ، في المحصلة ، فراغاً سكانياً ، وقد عمد السلاجقة إلى ملء هذا الفراغ بهجرات تركية متتابعة.

توفي ملكشاه سنة 1092 ، وقد تلى ذلك صراع على السلطة بين أبناءه ، إلا أن ذلك لم يمنع الكسيوس كومنينوس من إرسال وفداً للبابا أوربان الثاني سنة 1095 ليشرح له خطر السلاجقة على المسيحية [21] .  وخاصة أن السلاجقة مدوا سيطرتهم على بلاد الشام ، بما في ذلك بيت المقدس سنة 463هـ ( 1071 م ) [22] .  الأمر الذي أثار حفيظة بيزنطة ، وجعلوا يدعون البابا وأوربا لشن حرب ضد الشرق الإسلامي للقضاء على الخطر السلجوقي الذي يسيطر على الأراضي المقدسة ويمنع وصول الحجاج المسيحيين إليها ويعرضهم للأذى [23] ، كما أُشيع في أوربا.

 

العهد العباسي الأخير

إنتهت السيطرة السلجوقية عندما نهض الخليفة العباسي الحادي والثلاثين المقتفيلأمرالله ( 530 – 555 ) ( 1136 – 1160 م ) وأعد العدة وقضى عليهم وعلى أعوانهم بعد موت السلطان مسعود .  وكان قد إستلم الخلافة بعد الراشد ( 529 – 530 ) ( 1135 – 1136 ) الذي عُزل بفتوى شرعيه حيث أُتهم بالفسق ، وبعد عزله تم الإتفاق على المقتفي ، وهو أحد أعمام الراشد [24] .  وقد كان من أعاظم خلفاء بني العباس [25] ، حيث إستقل بأعمال الدولة وكان حازماً مقداماً حقق إنتصارات على خصومه .

وفي زمانه كان المسلمون يخوضون حروباً في الأندلس مع الإسبان وشمال إفريقيا مع النورمان وبلاد الشام مع الصليبيين وفي الهند مع أهلها وفي ما وراء النهر مع الترك الخطا الذين لم يكونوا قد أسلموا بعد.  بالإضافة إلى حروب داخلية عديدة ، رفعت إحداها الموحدين إلى الحكم في المغرب .  ولم يكن من حروب مع الروم ، وذلك لأن العرب والروم كانوا قد إنشغلوا بالصليبيين .

 وهو أول خليفة يمارس الحكم بنفسه منذ زمنٍ بعيد .  وبعد وفاته تسلم إبنه المستنجدبالله ( 555 – 566 ) ( 1160 – 1170 ) الخلافة .  وقد بدأ عهده بتخفيف الضرائب والرسوم الجمركية ، وكان حسن السيرة مع رعيته متواضعاً .  إنتصر على المخالفين له وحقق الأمان لرعيته .  مات مخنوقاً في الحمام . 

وبعد موته تسلم إبنه المستضيءبأمرالله ( 566 – 575 ) الخلافة .  وقد كان جواداً حليماً محباً للعفو .  وفي زمنه إنتهت الخلافة الفاطمية في مصر والشام وخُطب له في مصر والشام وبرقة واليمن .  وتولى إبنه الناصرلدينالله ( 575 – 622 ) الخلافة ، وهو من أطول الخلفاء العباسيين حكماً .  كان داهية متقلب الأطوار فكان يميل بين الجد واللهو ، وكان العامة يعتقدون أن له قدرات خارقة ، ويعود ذلك إلى قدراته في الحصول على المعلومات [26] .  وقد إستطاع أن يستعيد بعض أملاك الدولة في خوزستان وتكريت وهمدان ، وقد كان يخطب له على المنابر في المغرب وخراسان .  وفي زمانه إستعاد صلاح الدين الأيوبي بيت المقدس من الصليبيين .  وقد كان صلاح الدين يخطب للناصر على المنابر ، وقد كان لقب صلاح الدين " الناصر " أيضاً، وكان يتلقى منه الدعم بأنواعه ، فقد كان يرسل إليه بالنفط المستخدم في حصار المدن .  توفي الناصر بعد أن حكم 47 سنة وفقد إحدى عينية وضعف بصره وفلج ثلاث سنين وبلغ عمره سبعين سنة، وكان قبيح السيرة في رعيته فخرب في زمانه العراق [27] ، وحكم بعده إبنه الظاهربأمرالله (  622 – 623 ) ، قال فيه إبن الأثير ، وقد كان معاصراً له ، كان مستقيماً محباً للخير . وقد أوقف جاسوسية الحراس ، الذين كانوا يكتبون للخلفاء بما يدور بين الناس .  وكان يهتم بالمستشفيات ويكثر من زيارتها .  ثم إعتلى سدة الخلافة إبنه المستنصربالله (623 - 640 ) ، وهو باني المدرسة المستنصرية في بغداد ، التي لا تزال مبانيها قائمة .  كما أسس مستشفى في البصرة .  وفي زمنه ظهر المغول ، وإقتربت جيوشهم من بغداد ولكن تم ردهم بالقرب من تكريت .  كان معروفاً بعدله وحبه للعلم .  كما كثر البناء في زمانه ، وقمع الفتن وأعاد بناء جيش الخلافة وأعده إعداداً جيداً .  وقد أحدث إصلاحاً نقدياً بأن إعتمد أكثر على العملة الفضية [28] .

  وبعد وفاته تولى إبنه المستعصمبالله ( 640 – 656 ) ( 1242 – 1258 م ) وهو قتيل المغول وآخر خلفاء بني العباس وكان معروفاً بالضعف وحب المال ولكنه كان فاضلاً محباً للعلم، وفي زمنه بنيت مكتبة ضخمة [29] .  وقد ضعفت الخلافة في زمنه وزمن أبيه .  وفي زمنه لم تكن سلطات الخليفة تتخطى أجزاء من العراق.  وقد كثرت الفتن في بغداد ، وسرح معظم الجند لضائقة مالية [30] ، وقد إعتمد كثيراً على وزيره إبن العلقمي.

وقد مدحه أحد الشعراء بقوله :

                        لو كنت يوم السقيفة حاضراً         كنت المقدم والإمام الأورع

فقاطعه أحد الحضور قائلاً: أخطأت ، فقد كان حاضراً العباس جد أمير المؤمنين، ولم يكن المقدم إلا أبو بكر.  فأقر ذلك ونفى الشاعر [31] . 

 

 

المغول

تعرض المشرق الإسلامي لهجمات شنتها عليها جيوش المغول إبتداء من العام  615 هـ ( 1218 م ) بقيادة جنكيز خان مؤسس دولتهم.  وهم شعب قبلي موطنه في الهضبة المنغولية الواقعة بين صحراء جوبي في الجنوب وسيبيريا في الشمال . ويتكون من عدة قبائل تعيش على تربية المواشي كما يعتمدون على الخيل ويستخدموها بمهارة عالية .  من البديهي أن يلتمس المغول القوة بأنفسهم بعد أن كانوا متفرقين يحارب بعضهم بعضاً .  فأخذوا بشن الغارات على جيرانهم .  فعانت منهم شعوب شرق وجنوب شرق آسيا قبل أن يتجهوا غرباً .  فحاربوا الصين ، شماليها وجنوبها ، واليابان وفيتنام وأفغانستان والهند .  وإلى الغرب سلكوا إتجاهين ، في وقتين مختلفين ، الأول ، شمال بحر قزوين والبحر الأسود ، حيث وصلوا إلى بولندا والمجر .  وإضطروا للتوقف ليرجع قادتهم للمساهمة في إختيار خان أعظم جديد بعد وفاة أوجيداي خان .  فتراجعوا وأقاموا دولة لهم في السهوب الروسية الجنوبية ، وأسلموا لاحقاً وسُموا بالتتار أو الترتار .

أما الجيش الثاني فهاجم العالم الإسلامي مبتدئاً  بخوارزم ، وقد إستمرت الهجمة على العالم الإسلامي نحو أربعين سنة .  وقد قاد الهجمات هولاكو خان Hulagu Khan ، أخو منكو خان Mongka ، الخان الأعظم للمغول .

وقد قام جنكيز خان ، الخان الأعظم المؤسس، بتنظيم الدولة ووضع نظام بإسم " ياسا " لتوريث الحكم ، وتنظيم الحياة السياسية .

ويعزو بعض المؤرخين المسلمين إلى أن المغول تم إستفزازهم للقيام بغزو البلاد الإسلامية .  ويذكرون أن خوارزم شاه ، سلطان خوارزم ، أمر بقتل تجار مغول قدموا إلى بلاده ، لإعتقاده أنهم جواسيس .  حيث كانت أخبار غزوات المغول قي شرق آسيا قد وصلت إلى أطراف العالم الإسلامي.  فهاجموا تركستان ثم بلاد ما وراء النهر ثم تقدم أحد جيوشهم خراسان فالري وهمذان حتى وصلوا الى أطراف العراق .  كما هاجم جيشٌ آخر خوارزم ثم منطقة الجزيرة ، حيث هدد إمارات الأيوبيين.  وفي سنة 618 هـ ( 1221م ) أوشكت مدينة أربيل أن تسقط بأيديهم .  وقد حدث هذا في نهاية عهد الخليفة الناصر الذي إستعد لمواجهة المغول وإلتقى جيشه مع المغول في معركتين ، خسر واحدة وإنتصر في الثانية . ووقعت الثانية إلى الشرق من تكريت بالقرب من جبال حمرين ، ونجم عنها تراجع المغول إلى مسافات بعيدة ، وتأجيل هجومهم على بغداد لعقود قادمة ، رغم بقاء التهديد طوال جيل كامل .  ولكنهم هاجموا مدناً في شمال الجزيرة في ثلاثينات القرن الثالث عشر .  وكانت هجماتهم وحشية للغاية ، فعندما كانوا يدخلون مدينة كانوا يمعنون القتل في أهلها وينهبون بيوتها ومتاجرها ويخربون دفاعاتها .  وقد بلغ عدد القتلى في هجمات العام 1221 م ستة ملايين شخص . 

وفي هذه الأثناء كان الأيوبيون يضيعون طاقاتهم ومواردهم وخبراتهم على صراعات داخلية تتكرر عندما يتوفى كل سلطان وأمير .  ولهذا فإنهم لم يفعلوا ما يستحق الذكر إستعداداً للزحف المغولي القادم .

عاود المغول الهجوم سنة 633 هـ ( 1236 م ) على الجزيرة .  وكان بدر الدين لؤلؤ ، والياً ( أتابكاً) على الموصل ، فطلب مساعدة الملك الكامل، وكان في حالة حرب مع سلاجقة الروم.  وإستعد الكامل لقتالهم ولكنهم تراجعوا بعد أن عبروا دجلة بخمسين ألف فارس .  فترك الكامل إبنه الملك الصالح على رأس جيش لمواجهتهم ، وكان قد عينه والياً على شمال الشام والجزيرة .

ومع مرور الوقت كان الأيوبيون يزدادون ضعفاً نتيجةً لتزايد خلافاتهم الداخلية ، وكذلك كانت الخلافة العباسية تفقد عافيتها التي إستعادتها مؤخراً .  وفي العام 1241 م أرسل المغول كتباً إلى أمراء الشام والجزيرة ، يطلبون منهم الدخول في طاعتهم .  وفي العام 1244م تشكل تحالف إسلامي مكون من أمراء أيوبيين وسلاجقة الروم والخوارزميين وغيرهم ، فهاجموا المغول فإنتصروا عليهم بدايةً ، ولكنهم أعادوا تنظيم قواتهم وهاجموا جيش المسلمين وهزموه . 

ثم قام بدر الدين لؤلؤ بمهادنة المغول وباشر بجباية الأموال وتقديمها إليهم.  كما بادرالناصر الأيوبي، حاكم حلب، إلى إرسال وفد إلى كراكورم، عاصمة المغول، حيث قدم هدايا إلى خان المغول.    

 

سقوط بغداد

واخيراً وصل المغول إلى بغداد بجيشٍ قوامه مائتي الف مقاتل بقيادة هولاكو.  وكانت بغداد بأسوأ أحوالها.  فقد عادت وإنتكست بتولي المستعصم للخلافة.  الذي كان متديناً متمسكاً بالسنة كأبيه وجده ولكنه لم يكن مثلهما في التيقظ والحزم [32] .  وكان الوزير والحاشية يسيطرون عليه ، بل يقال أنهم فضلوه على أخٍ له يسمى خفاجي، يزيد عليه في الشجاعة والشهامة، وكان يقول: إن ملكني الله الأمر لأعبرن بالجيوش نهر جيحون، وأنتزع البلاد من التتار وأستأصلهم. وعندما توفي الخليفة  المستنصر، لم يرى رجالات القصر توليته وفضلوا عليه المستعصم للينه وإنقياده، ليكون لهم الأمر [33] .   ثم وزر له العلقمي ، وقد كان شيعي المذهب ، ولم يكن وزيراً صالحاً، حيث إعتقد أن المغول لن يقضوا على الخلافة ، بل سيحافظوا عليها أسوةً بالبويهيين والسلاجقة .  كما تم تخفيض أعداد جيش الخلافة بناءاً على نصيحته .  وقد كانت بينه وبين المغول مراسلات ، يشير كثيرٌ من المؤرخين أنه شجعهم على المجيء إلى العراق ، وأنه أشار على الخليفة أن يصانعهم .  ولكن المصادر تروي أيضاً أنه جرى قتال خارج أسوار بغداد بين جيش الخلافة ، الذي لم يتجاوز العشرة آلاف مقاتل، وجيش المغول ، فهُزم جيش الخلافة .  فخرج الوزير لمقابلتهم ، وعاد ليقول للخليفة أن المغول ينوون الحفاظ على الخلافة ، كما حافظوا على سلطنة سلاجقة الروم .  فخرج الخليفة فأجلسوه في خيمة ، ثم أخذ وجهاء بغداد يخرجون إلى لقاء هولاكو ، حيث تم قتلهم جميعاً ، ثم قُتل الخليفة ركلاً .  كما قُتل أولاده وأهل بيته . ثم دخلوا بغداد وإستباحوها ستة أسابيع نهباً وحرقاً وقتلاً . ولكنهم لم يتعرضوا للمسيحيين واليهود، وهذا أمرٌ غير مستغرب ، فقد كان البلاط المغولي يعج بالمستشارين المسيحيين النساطرة ، وكان معظم مسيحيي بغداد والعراق عموماً نساطرة .  وكان مجموع ما قُتل من أهل بغداد ثمانين ألفاً .  وحرقت المكتبات وألقيت الكتب في دجلة .  كما كان مصير إبن العلقمي سيئاً ، فقد مات غماً بعد قليل. وقد حمله الكثير من المؤرخين المعاصرين مسؤولية ما حدث ، وهذا أمر لا يخلو من تجني .  ولكنه لا شك مقصر ، كما كان الأمراء الأيوبيون مقصرين . 

كما أن المغول لم يكونوا بحاجة إلى تحريض ، فقد كان التحريض الأوربي فعالاً ،  ففي العام 1253م زار وفد من صليبيي سوريا العاصمة المنغولية ، لدرجة إعتبر بعض المؤرخون الغربيون هجمة المغول هذه حملةً صليبية، الحملة الصفراء، وتكررت الزيارات لهذه الغاية .  ويؤيد هذا التوجه وجود مسيحيين على المذهب النسطوري في أوساط المغول ، من بينهم زوجة هولاكو وقائده كتبوقا، قائد عين جالوت وقتيلها، وحاكم دمشق [34] .  وهذا ما يبرر تركيز الهجمة على الثقافة الإسلامية. 

ولكن يجدر القول أن خانات المغول، الذين حكموا في تبريز وإستقروا بها، لم يحاربوا الثقافة الإسلامية في دولتهم، بل كان طابع الدولة إسلامياً في العموم ، حتى قبل أن يعتنقوا الإسلام .  وتظهر  الشعارات الإسلامية بجلاء على دراهم فضية سكت في عهد هولاكو.  والأغرب من ذلك أن مرصد مراغة الذي بني من أجلهم تضمن كلية طب ودار حديث [35] .  

 

عين جالوت

ذكرنا في فصلٍ سابق كيف كان رد المماليك على رسل المغول ، الذين كانوا يستعدون لمهاجمة مصر ، بعد أن بدأوا بمدن سورية مثل حلب وغيرها . 

فقام المماليك بتعيين قطز سلطاناً وتبنوا برنامج مواجهة مع المغول .  فبدأوا بالإعداد .  لم تكن مصر مهيئة لحرب تواجه فيها عدو مُهاب بهذه الدرجة .  فقد خرجت للتو من حرب أهلية ، كما بدأت الإعداد بتغيير سياسي له منتقدوه .

فإستدعى قطز فقيه مصر والشام العز الدين بن عبد السلام ، وإستشاره في الأمر ، فقال له أن الشرع يجيز على الدولة جمع الأموال ( فرض ضرائب جديدة ) في حال تعرضت البلاد إلى خطر ، ولكن يُشترط البدء بالحكام ، وأن لا يبقى في بيت المال شيئاً ، وأن ينفق جميع ما يتم جمعه على المجهود الحربي .  كما قاد العز الدين حملة تعبئة واسعة في البلاد .  فنجم عن ذلك حالة نادرة من التوحد بين طبقات الشعب ، والطبقة الحاكمة نفسها .

فإنطلق أمراء المماليك كل على رأس جيش يحمل راية خاصة به بكامل عدتهم ومنظرهم المهيب ، وجميعهم تحت قيادة السلطان قطز ونائبه بيبرس .  حيث إلتقى الجيشان بالقرب من عين جالوت ، بالقرب من جنين في فلسطين .  وقد وصفهم شخصٌ كان مهرجاً في بلاط أحد أمراء الأيوبيين ، ثم وضع نفسه في خدمة المغول ، وحضر المعركة معهم ، فكان قائدهم يسأله عن كل فرقة ، عندما كانت تتقدم منحدرة إلى ميدان المعركة ، ويذكر أن القائد المغولي كان منبهراً من هيئتهم .  وكانت لقيادة قطز ولصرخته " واإسلاماه " وقعاً شديداً على معنويات المقاتلين مما عجل بحسم المعركة ، لصالح المسلمين .  فكانت هزيمة المغول ساحقة ، فلم يستطيعوا أن يحققوا تراجعاً منظماً ، فتراجعوا بمجموعات صغيرة مما طمع الأهالي بهم فأبيد معظم الجيش .  

على الرغم من أن هولاكو كان غائباً ، حيث عاد إلى منغوليا بعد علمه بموت منكو خان ، كما أن نائبه لم يكن قائد المعركة ، بل قادها شخص آخر من كبار قادة المغول وصديقاً شخصياً لهولاكو وإسمه كتبغا ، فإن المغول تلقوا رسالة واضحة .  فتوقف زحفهم المدمر إلا من غارات محدودة قليلة العدد ، وإستقرت الحدود بينهم وبين المسلمين على طول مجرى نهر الفرات .

 

العباسيين في القاهرة

بعد عودة بيبرس من عين جالوت وأصبح سلطان المماليك ، وفد عليه أحد العباسيين ، وهو أحمد بن الظاهر بأمر الله ، الخليفة العباسي الذي حكم قبل المستنصر والمستعصم .  وقد كان ، عند دخول المغول ، في السجن ، فأطلق سراحه ، فتمكن من مغادرة بغداد إلى البادية ، فخرج إلى مصر ومعه جماعة من الأعراب .  فخرج بيبرس للقاءه ، وأثبت نسبه أمام قاضي قضاة مصر ، بويع له بالخلافة ، وكان أول من بايع بيبرس نفسه ، وبهذا حصل المماليك على غطاء قانوني لحكمهم .  وإتخذ لقب أخيه المستنصر بالله . 

ثم بويع لخليفة آخر في حلب ، وتلقب بالحاكم لأمر الله .

ثم عزم المستنصر على التوجه إلى العراق وحرب المغول .  فقدم له بيبرس مالاً كثيراً وخرج معه إلى دمشق حيث إجتمع حوله من أمراء المدن التي إستولى عليها المغول عددٌ كبير ، كما إنضم إليه الخليفة الحلبي الحاكم بأمر الله ، وبايع له .  وهنا لم يدخل العباسيون في لعبة الكراسي ، فسار الخليفة يقود جيش إلى العراق ، ولم يسر معه بيبرس .  ففتح هيث ثم حديثة ، ثم إلتقى مع المغول في معركة هُزم جيش الخلافة وقُتل الخليفة . 

وبعد سنة تم مبايعة الحاكم بأمر الله خليفة في القاهرة ، حيث وصلها بعد نجاته من معركة إستعادة بغداد .

إنتهت الخلافة العباسية في بغداد ، وسقطت بغداد وكانت خسارة للبشرية جمعاء ، وليس للعرب أو المسلمين فقط .  ولأول مرة في التاريخ لم تعد بلاد ما بين النهرين مركزاً للإشعاع الحضاري.  فقد أطفئت شعلة أضائت الطريق لتقدم البشرية لقرون، ويكفي ذكر أن آخر الخلفاء، على ضعفه وقلة موارده، قام ببناء مكتبة، وبنى أبوه جامعة.   

 

 



[1]  تاريخ الخلفاء .

[2]  ابن خلدون ج3.

[3]  إبن خلدون ج 3 .

[4]  سيف الدولة الحمداني ، د مصطفى الشكعة .

[5]  إبن خلدون ج 4 .

[6]  سيف الدولة الحمداني .

[7] سيف الدولة الحمداني .

[8]  إبن خلدون ج 3 .

[9]  إبن الأثير .

[10] إبن خلدون ج3 .

[11]  إبن الأثير .

[12]  إبن الأثير .

[13]  عاشور .

[14] The Byzantine Empire, C. Oman.

[15] Roman Empire, Gibbon, VII.

[16] Roman Empire, Gibbon, VII.

[17]  عاشور ، عن مصادر عدة معظمها أوربية .

[18]  إبن الأثير .

[19]  إبن الأثير .

[20]  رحلة إبن بطوطة .

[21]  عاشور .

[22]  إبن الاثير .

[23] The Byzantine Empire, C. Oman.

[24] إبن الأثير .

[25] بغداد ، خلفاءها .

[26]  تاريخ الخلفاء .

[27]  إبن الأثير .

[28]  تاريخ الخلفاء .

[29] إبن كثير.

[30]  تاريخ إبن خلدون ج 3.

[31]  تاريخ الخلفاء وإبن كثير.

[32]  تاريخ الخلفاء .

[33]  تاريخ الخلفاء .

[34] البداية والنهاية.

[35]  البداية والنهاية.

 


 
 

 


تعليقات

لا يوجد تعليقات

الإسم 
البريد الإليكتروني (ليس للنشر)
التعليق
هل توافق على الانضمام لمجموعتنا البريدية؟
  أرسل

 

Counter