نحو تعزيز التنافسية في صناعة الألبسة - الفصل الأول - العوامل المتصلة بالقوى العاملة
 
 


الفصل الأول العوامل المتصلة بالقوى العاملة
 
لا يشك ذو خبرة في الدور الكبير الذي تلعبه القوى العاملة في تعزيز الإنتاجية في الصناعة، وخصوصاً في صناعة الألبسة، التي تعتمد كثيراً على الدور البشري في عملها labour intensive .  في هذا الفصل نستعرض كيف يمكن لدور القوى العاملة أن يتعاظم ويكبر، لكي يرتقي الأداء العام للمؤسسة الصناعية، ويكون دور القوى العاملة أكثر فعالية.
 
العامل النموذج
قد تبدو محاولة رسم صورة نموذجية للعامل الذي نود ان نرى ونعمل مع،  في مصانعنا، محاولة عقيمة ولا جدوى لها من ناحية،  ولاإنسانية من ناحيةٍ أخرى.
فمن ناحية الجدوى، لا شك أن محاولة رسم الصورة النموذجية لا تعني، في أي حال، أن عدم الحصول على هذه الصورة يعني إخفاقاً، وإنما يشكل هذا النموذج مقياساً bench mark   للمقارنة، كما يُعطي إتجاهاً عاماً لبرامج التوعية والتوجيه التي ينبغي لمصانعنا ومؤسساتنا الداعمة تبنيها.  كما أن هذه المحاولة لا تهدف الى بناء نموذج روبوطي يسهل إستغلاله.  وإنما بناء نموذج  قوي  وواعي وشريك في العملية الإنتاجية.
وفيما يلي إستعراض لعددٍ من السمات التي ينبغي أن تتوفر في القوى العاملة لتحقيق اداءٍ أفضل :
 
أولاً: الحضور والغياب
من أجل أن يكون العامل منتجاً يجب أن يكون- على الأقل -  موجوداً. أي حاضراً في مكان عمله في الوقت المناسب، بكامل قواه الجسمانية والعقلية. كما ان حضوره في اليوم التالي يجب ان يكون امراً عالي التوقع والإحتمال. 
ان تأثير الغياب على الإنتاج والأداء بشكلٍ عام سلبي في جميع الأحوال.  إلا أن تأثيره يكون أكبر اذا ما كان غير منسق مسبقاً، أي بدون إذنٍ سابق، كما أن التأثير يتراوح من صناعة الى أخرى ومن موقعٍ الى آخرفي نفس الصناعة. 
والتغيب امرٌ طبيعي اذا ما بقي ضمن مستوى معين.  وهذا المستوى هو الذي يفصل بين ما هو مقبول وغير مقبول.  ويتم تحديده بدراسة إحصائيات سابقة خاصة بنفس المؤسسة والمقارنة مع مؤسسات مشابهه تعمل بنفس الظروف.  وكذلك بتحديد ما هو مقبول او غير مقبول بالنسبة للمؤسسة أيضاً،  وبالتالي قرع الطبول عند تخطي هذه النسبة في يومٍ من الأيام، والبحث في الأسباب التي أدت الى إرتفاع نسبة الغياب لهذا اليوم والعمل على إزالتها.  وكالعادة عند حدوث تغيرٍهام  في القراءات يتوجب التأكد ما إذا كان طارءاً أم يعبر عن إتجاه جديد. 
وفي كل الأحوال هناك نسبة غير بسيطة من حالات الغياب بإمكان العامل تجاوزها، وهو ما يسمى بعذر غير مقبول من وجهة نظر الإدارة، وكثيراً ما تكون عبثية.  وهذه الفئة التي قد تتعدى 70% من حالات الغياب عموماً في بعض المؤسسات، التي ينبغي دراستها والعمل على تقليصها الى الحد الأدنى.
 
اسباب إرتفاع نسبة الغياب المتعلقة بالعمل:
1.    الإرهاق الجسماني الناجم عن العمل المتواصل : يحدث في كثير من المصانع ان تضطر الإدارة الى العمل ايام الجمع، دون إعطاء العمال فرصة للراحة، الأمر الذي ينجم عنه إرتفاع في عدد حالات الغياب ونسبتها.  كما ينجم الغياب ايضاً في هذه الحالة عن حاجة العامل للتفرغ لإتمام عمل خاص به، ولا يجد حتى يوم العطلة الأسبوعي لذلك.  لقد لوحظ في هذه المصانع أن نسبة الغياب عادت الى الإنخفاض بعد العودة الى العمل لستة إيام.
2.    الإرهاق النفسي الناجم عن الإخفاقات المتكررة :  يلاحظ التغيب الزائد في خطوط الإنتاج المتعثرة، حيث يتسبب التعثر الناجم عن عدد من الأسباب في حالة من العصبية والإحباط في اوساط العاملين، مما يؤدي الى علاقات متوترة وغير مريحة في خط الإنتاج .  الأمر الذي يدفع بعض العاملين الى "الهروب" تحت أي عذر يمكن تمريره.  وينجم التعثر عادةً عن مشاكل في الجودة او تدني في الكفاءة او تأخير في طلبية.  وقد يكون شاملاً الخط بكامله او قد يكون فردياً. 
3.    ضعف الدافعية :  يحتاج العاملون الى شحنة من الدافعية لينخرطوا بالعمل على أفضل وجه.  وتخلق الدافعية رغبة شديدة لدى العامل في إتمام المطلوب منه. وفي حال فقدانها او عدم تكونها اصلاً، فإن هذه الرغبة تصبح أضعف وقد تختفي تماماً، وبالتالي عند ظهور أي سبب، مهما كان تافهاً، تُصبح إمكانية التغيب أعلى.
4.    إنعدام الحس بإلإنتماء :  إن الحس بالإنتماء لدى العامل يجعله يتفانى من رفع سوية الأداء في المصنع.  وبالتالي التواجد دائما ما إستطاع لأداء المهام المناطة به.  وعكس ذلك صحيح، فانعدام الإنتماء يجعل العامل يتغيب لأبسط الأسباب، مثل عدم الرغبة في النهوض من الفراش صباحاً.
5.    غياب المحاسبة : ينجم عن بعض الحالات من الترهل الإداري وغياب الحزم ضعف ملحوظ في محاسبة المخالف، ومن بين ذلك الذين يتغيبون بدون إذن مسبق، مما يؤدي الى إرتفاع نسبة الغياب لإنعدام الردع.
6.    صعوبة العمل : قد تتسبب الصعوبة الطارئة في العمل في خلق حالة من الضيق الغير محتمل لدى بعض العاملين.  الأمر الذي قد يدفعهم الى التهرب من الموقف بالغياب وحتى بترك العمل.  ويحدث هذا للعمال الجدد بشكل خاص.
7.    تحول في بيئة العمل : كثيراً ما يحصل تراجع في البيئة المعتادة للعمل، مثل عطل التدفئة شتاءاً او التكييف صيفاً، فيؤثر ذلك، ربما بالتفاعل مع أسباب أخرى، على حضور العاملين إلى أماكن عملهم.
8.    سوء المعاملة : في المصانع التي تسودها المعاملة السيئة بين المشرف (وبقية الإداريين) من جهة وبين العاملين من جهة أُخرى، تصبح هذه المعاملة السيئة سبباً يضاف الى أسبابٍ أخرى، تدفع العامل بإتجاه الغياب عن العمل (وكذلك الإستقالة).  وعلى عكس ذلك تماماً فإن الجو الأسري والمفعم بالصداقة والمحبة بين العاملين والمسئولين يحد من مشكلة الغياب الى حدٍ بعيد.
9.    الخوف من العقاب :  كثيراً ما تتغيب عاملة نتيجةً لخوفها من العقاب على خطأ إرتكبته في اليوم السابق.  ويحصل هذا في المؤسسات التي يسودها نوعٌ من العقاب المبالغ فيه.
ومن بين هذه الأسباب يبرز الإرهاق الجسماني والنفسي وسوء المعاملة، من بين أهم ألأسباب المؤدية الى كثرة وتكرار الغياب، كما أن غياب نظام محاسبة يؤدي الى نتائج اكثر سلبية.
كما يضاف الى ذلك أسباب أخرى تتعلق بالبيت والأسرة والوضع الصحي والطقس.  وفي إستطلاع للرأي تم سؤال 100 عاملة عن الأسباب التي تدفعهم الى الغياب، تم إدراج 18 سبب، من بينها 9 اسباب ذات طابع إجتماعي وصحي ، و8 ذات طابع نفسي يتعلق بالوضع في الخط.
 
أثر الأسرة والمجتمع على ظاهرة الغياب
في المناطق التي لم تعرف الصناعة من قبل، حيث لا تتوفر ثقافة عمل، وبالتالي لا يعي كثيرون من أفراد المجتمع أهمية الإلتزام في العمل في الصناعة وخصوصاً في صناعة الألبسة، حيث يعمل العاملون في فريق يعتمد على بعضه البعض، ونتيجة لغياب ثقافة مؤاتية يُصبح تأثير الأهل على العامل سلبياً فيما يتعلق بالحضور والغياب.  فيطلبوا منهم البقاء في المنزل، وخاصةً العاملات الإناث، لأي مناسبة إجتماعية في البيت او في المحيط.  وقد سُجلت حالات تغيب من هذا النوع كان بالإمكان تفاديها، حدثت تحت التأثير المباشر او الغير المباشر للأهل.
وكما هو مبينٌ أعلاه فإن الغياب " الغير مبرر " ينتج عن عدة أسباب مجتمعة، بعض منها مفتعل والآخر مبالغٌ  فيه.  بينما "الغياب المبرر" سواءاً  كان مأذوناً او غير ذلك، فغالباً ما ينشأ عن سببٍ واحدٍ واضحٍ وقوي.
 
وللحد من الغياب:
·        وجود نظام ضبط وقياس دقيق: في المصانع الكبيرة كثير ما لا يولى موضوع التغيب عناية الإدارة الكافية نتيجةً لعدم وجود منظومة تقارير ناجعة تضمن المسائلة المناسبة والإجراءات المعتادة مثل تنزيل رصيد الإجازات او إجراء الخصومات القانونية او توجيه لفت نظر الخ..
·       العمل على تحليل أسباب الغياب بشكلٍ يوميٍ وشهري، ومقارنتها مع فترات اخرى مثل الشهر نفسه من العام الفائت: وذلك من أجل ملاحظة إتجاهات النسب المئوية للغياب، والأسباب المؤدية الى ذلك. مما يساعدعلى إقرار سياسات، وإتخاذ خطوات تحد من إستفحال المشكلة.
·       عدم العمل لإيام طويلة متواصلة بدون راحة: كثيراً ما ينجم الغياب عن حاجة حقيقية للراحة الجسمانية نتيجةً للعمل المتواصل دون راحة اسبوعية.  وكثيراً ما يلاحظ في المصانع التي تعمل في يوم العطلة الأسبوعية، زيادة نسبة الغياب في أيام الأسبوع التالي. 
·       نشر وعي بأضرار الغياب:  إن وجود الوعي بالأضرار الناجمة عن الغياب يخفف من أعداد حالات الغياب. وخصوصاً في المشاريع الصناعية، وخصوصاً في صناعة الألبسة، حيث يتم العمل في خطوط إنتاج تتكون من مراحل ومحطات، فأن الضرر الناجم قد يكون أضعاف النسبة الفعلية للغياب، بمعنى قد تكون نسبة الغياب في خط الإنتاج 10% ويكون تراجع الإنتاج بنسبة 30% او اكثر.
ومن أفضل طرق التوعية هي تحويل الساعات الضائعة، نتيجةً للغياب، الى طاقة إنتاجية مهدورة أي إنتاج ضائع وبالتالي إحتساب هذا الفاقد لمدة شهر مثلاً وأثر ذلك على المصنع بشكلٍ عام وعلى العاملين كأفراد وعلى دخلهم – حوافزهم او مكافئاتهم الخ..
·       خلق الحس بالإنتماء: إن وجود إحساس بالإنتماء للمؤسسة لدى العاملين يقلل من حالات التغيب الغير مبررة.  ويحول كثير من حالات الغياب الى غياب جزئي أي لعدة ساعات فقط.
·       وجود نظام حوافز مرتبط بالإنتاج وربط خفض الإنتاج بالغياب: أي تحويل ساعات وأيام الغياب وكذلك التأخير والوقت المهدور اثناء العمل الى كميات إنتاج ضائع وتأثير ذلك على حوافز كل فرد.
·       إيجاد دافعية : عادةً ما نتكلم عن الدافعية لإنتاج أعلى او جودة افضل، وبإلإمكان خلق دافعية للعامل على مداومة الحضور على العمل دون إنقطاع.  وهذا يتم بالتوعية ومن أجل الحصول على شئ او عدم فقد شئ.  مثل الحصول على مكافئة خاصة لعدم الغياب او الحصول على حوافز مادية معينة مرتبطة بالدوام بالإضافة الى امور اخرى.. او الحرمان من هذه المكافئات او الحوافز ضمن ضوابط ونظم واضحة ومعروفة للجميع.
·       وجود نظام محاسبة فعال ويطبق على الجميع: يعطي قانون العمل الحق للإدارة الحق بإيقاع نوعاً من العقوبة في حق المتغيب ضمن أسس وضوابط معينة.  وفي الشركة يجب أن يكون هناك نظام داخلي معتمد رسمياً، يشرح بالتفصيل هذا القانون، آخذاً بعين الإعتبار خصوصيات الشركة.  
·       ربط الحضور والغياب بنظام تحفيز مادي - إما بمكافئة الذين لا يتغيبون خلال فترة معينة او بحرمان الذين يتغيبون من حوافزتعطى على الأداء العام.
·       تحسين بيئة العمل :   لا شك أن بيئة العمل المؤاتية تشجع الإقبال على العمل والمداومة عليه.  بينما تسبب البيئة السيئة نفوراً ورغبة اقل في الذهاب الى العمل كل صباح.  وعناصر البيئة كما هو معروف أهمها النظافة والتهوية ونقاء الهواء – إنعدام الروائح والغبار-  والتدفئة او التكييف والإنارة والهدوء – أي مستوى ضجيج مقبول.  إضافة الى توفر المرافق العامة بشكلٍ كافٍ ومريح وصحي. 
·       حسن المعاملة وخلق جو أُسري في خطوط الإنتاج: وهذا عادةً ما ينجم عنه حالة توق للقدوم الى العمل كل صباح تتضائل أمامها كثيرٌ من أسباب التغيب. 
·       القضاء على الرتابة في العمل:  قلما يدرك القائمون على خطوط الإنتاج أثر حالة الملل الناجم عن رتابة العمل.  فالعمل يوماً تلو آخر يبدو طبيعياً، ولكنه يترك أثراً سلبياً على إندفاع العاملين وتحمسهم له، كما يؤثر سلباً على روح الإبتكار والتجديد.  كما يؤثر كذلك على إقبال العاملين على العمل يوماً بعد يوم بشكلٍ سلبي.  وللحد من آثار وضع كهذا، كثيراً  ما يلجأ بعض الإداريون الذين يدركون أهمية الجوانب النفسية ويهتمون بها، الى بعض الإجراءات والنشاطات التي "تكسر" روتين العمل اليومي وتضيف "لوناً" الى رتابة العمل.  مثل الإحتفال بشئٍ ما او إجراء مسابقة او نوع من المنافسة بين الخطوط او الأشخاص او الإعلان عن نتائج معينة او خبر سعيد الخ..
·       تغييب نظم العقاب النفسي وغيرها:  بما في ذلك -طبعاً– العقاب الجسماني إن وجد، فالخوف من العقاب المحتمل نتيجةً لسببٍ ما،  قد يجعل العامل يتهرب من العمل، او على الأقل تزيد من إحتمالية تغيبه (وذلك، ربما، بإضافة سببٍ الى سبب).
 
الحد من تأثير الغياب على الأداء العام
في كل صباح يواجه القائمون على خطوط الإنتاج إحدى أهم الحقائق اليومية في واقع الإنتاج وهو غياب بعض العاملين.  وسواءاً  كان هذا الغياب منسقاً مسبقاً أم لا،  فهو واقع سلبي غير مرغوب فيه ويترك آثاراً سلبية بحاجةٍ الى علاج.    
لقدإعتاد كثبرٌ من القائمين على خطوط الإنتاج إعتبار الغياب (غياب العاملين)  من اهم مبررات تدني الإنتاج، وقد ثبت عملياً أنه بالإمكان الإلتفاف حول هذه المشكلة وتقليل أضرارها الى ما يقارب الصفر.  من خلال :
·        العمل على التقليل من الغياب المفاجئ وذلك من خلال التوعية بأضراره.  وكذلك جسر الهوة بين مانح الإجازة وطالبها بحيث تُعزز المصداقية بينهما، الأمر الذي ينجم عنه عدم حرمان العامل من إجازةٍ مبررة، الأمر الذي ينجم عنه غياب غير مجاز. وفي حال نجح المسؤول في جعل معظم حالات الغياب منسقة مسبقاً، أي بإجازات معتمدة. فيصبح بإمكانه إعادة ترتيب أوضاعه من اليوم السابق، أي بدون خسارة وقتٍ ثمين في صبيحة اليوم نفسه.
·        إعادة موازنة خطوط الإنتاج في الدقائق الأولى من يوم العمل:  والمعروف أن الغياب يسبب خللاً في موازنة خط الإنتاج، الأمر الذي يتطلب إعادة موازنة الخط بحيث يستعيد كفائته.  ومن اجل تقليل الضرر الناجم عن الغياب يتوجب إجراء إعادة الموازنة أبكر ما يمكن وبأفضل طريقة ممكنة.
·        تعويض الإنتاج المفقود في محطة الإنتاج التي تشهد غياب عاملين بالعمل ساعات أطول، وبِحث العاملين بنفس المحطة على تعويض الإنتاج المفقود، جزئياً او كلياً، بالعمل بكفاءةٍ أعلى. كما يمكن التعويض ولو جزئياً بزيادة الإنتاج في هذه المحطة بالذات، في اليوم السابق، بخلق تراكم.
·        خلق مرونة عالية لدى العاملين تمكنهم من الإحلال محل بعضهم البعض في حال الغياب، وهذا يتطلب خلق الوعي والدافعية لعمل ذلك بكفائةٍ عالية.  وكذلك تدريب العاملين وإعدادهم لهذه الغاية.
·        دمج خطوط إنتاج كإجراء مؤقت.  وذلك للتعويض عن النقص الناجم عن الغياب في أحد الخطوط، من الخط الآخر.
·        اللجوء الى بناء خطوط إنتاج كبيرة لمواجهة نسبة غياب عالية مستفحلة : في حال إستفحال نسبة غياب عالية نتيجةً لظرف إجتماعي معين او لسبب موسمي او لتركيبة خط الإنتاج (كأن يتكون معظمه من عاملات متزوجات مثلاً) فينصح اللجوء الى بناء خطوط إنتاج كبيرة.  فعند غياب أحد العاملين في إحدى مراحل الإنتاج، التي غالباً ما يكون يعمل بها على التوازي ثلاثة الى اربعة عاملين آخرين، فبالإمكان تعويض الإنتاج المفقود نتيجةً للغياب بحث بقية العاملين في هذه المرحلة على إنتاج أعلى.
 

المصنع الأول

4.5 %

المصنع الثاني

9.5 %

المصنع الثالث

3.5 %

المصنع الرابع

4.5 %

المصنع الخامس

3 %

جدول مقارن  يظهر عليه نسب الغياب في خمس مصانع في فترة أسبوع
 من شهر 9 / 2004
 

المصنع

 كانون ثاني، شباط، آذار

حزيران، تموز، آب

المصنع الأول

3%

3%

المصنع الثاني

3%

3%

المصنع الثالث

5%

4%

جدول مقارن لنسبة الغياب بين أشهر الصيف وأشهر الشتاء
 

الشهر

نسبة الغياب

ايار

3%

آب

3,2%

جدول تظهر فيه نسبة الغياب في نفس المصنع في شهرين، الأول (أيار) حيث لم  يكن هناك صعوبة  في الإنتاج،  والثاني  شهر (آب) ح يث كان هناك موديلات عالية الصعوبة   في الخطوط.
 
واضح أن إدارة المصنع إستطاعت أن تسيطرعلى نسبة الغياب الى حد بعيد .

الشهر

نسبة الغياب

أيار

2%

آب

6%

جدول يظهر أثر عدم إنتظام العمل على الغياب، حيث  كان منتظما ً في  الشهر الأول (أيار)  وكان عكس ذلك في الشهر الثاني ( آب ).
نسبة التدوير:
يرتبط بموضوع التغيب عن العمل، موضوع ترك العمل، وهو من الناحية الفنية تغيب مستدام.  وهذا موضوع في غاية الأهمية ويستحق دراسة عميقة.  وسواء كان ترك العمل بالإستقالة او بالإقالة، فإن النتيجة نسبة تدوير أعلى؛ وهي نسبة الذين يتركون العمل الى نسبة العاملين كل شهر.  وهي نسبة عالية في صناعة الألبسة، وقد وصلت الى 30% في بعض دول العالم. وقد تنخفض الى2% 
ويسبب إرتفاعها إرهاقاً للقائمين على المصنع،  إرهاقاً مالياً وجسدياً وذهنياً.  ولذلك فهم يحرصون دائماً على إنخفاض هذه النسبة.  فهذه النسبة تُعتبر أحد أوجه قياس أداء إدارة المصنع .  ويعتمد على إذا ما إستخدموا الأساليب المناسبة أم لا، لتحسين نتائج عملهم.  وأسباب ترك العمل لا تختلف كثيراً عن أسباب الغياب، ولكن يضاف إليها الزواج (للعاملات) والتعليم وإنتقال الأهل للعيش في مكان بعيد.  وكذلك الحصول على عملٍ في مصنعٍ يعتبرونه أفضل.  ولذلك يجب دراسة أسباب الإستقالات والتعامل معها سبباً سبباً.
 
تحسين وسائل الجذب للعمل في المصنع:
تُشكل ظاهرة ضعف الإقبال على العمل في مصانع الألبسة التحدي الأكبر الذي يواجه إدارات  كثيرٍ من هذه المصانع.  وهذا العزوف له، عادةً، أسبابٌ عامة وأسبابٌ خاصة تتعلق ببعض المصانع دون أخرى، فسبب العزوف لأحد الأشخاص عن العمل في أحد المصانع يمكن أن يكون سبب للإقبال على العمل في ذات المصنع لشخصٍ آخر. 
وأسباب العزوف لا يعرفها أكثر من العازفين أنفسهم.  كما أن وسائل وأسباب الجذب لا يعرفها أحد أكثر من الذين أقبلوا على العمل (الذين جُذبوا الى العمل).  ولهذا نستعرض فيما يلي الأسباب التي أعطتها عينة من خمسين عاملة في أحد المصانع :
1.          الحفاظ على العاملات.
2.          عدم وجود إختلاط.
3.          معاملة حسنة.
4.          سمعة المصنع الحسنة.
5.          وجود ميزات مثل التأمين الصحي والضمان الإجتماعي والمواصلات الجيدة ونظام حوافز.
6.          وجود جو نفسي مريح.
7.          الإنتظام في توزيع الرواتب.
8.          دخل  جيد ومناسب.
9.          الجو الأسري السائد.
10.     تفهم الإدارة لمتطلبات العاملات.
وفي مصنع آخر يعمل خمسة أيام في الأسبوع، وُجد أن عطلة اليومين (الجمعة والسبت) تُعتبر وسيلة جذبٍ كبيرةٍ لكثيرين.  وفي مصنع مقام في منطقة سكنية بعيداً عن المناطق الصناعية، تبين أن عامل قرب المسافة من مكان السكن، شكل وسيلة جذب قوية.  وفي مصنع يُدار من قبل مديرة، وُجد أن هذا الأمر كان وراء إقبال كثيرٍ من العاملات على العمل في هذا المصنع.
وعودة الى الحالة الأولى حيث أُستطلع خمسون عاملة،  فقد تم توجيه سؤال آخر لهن حول إذا ما وجدن المصنع كما سمعن عنه قبل العمل فيه.  فكانت إجابة 70%  أن ما وجدوه كان أفضل، و22% وجدوه مطابقاً، و8% وجدوا أن الوضع كان أسوأ مما سمعوا عنه قبل إنضمامهم إليه.  وهذا يُعطي فكرة عن مدى تأثير سمعة المصنع على الإقبال غليه.  وقد أعطوا الأسباب التالية، التي تعطي فكرة عن أسباب العزوف:
1.     ساعات عمل طويلة.
2.     الوضع غير مطابق لما سمعوه.
3.     كثرة التنقل بين الأقسام والخطوط.
4.     العمل المرهق نتيجةً لتغير الموديلات.
 
ثانياً: اللياقة الصحية
يتطلب الإنتاج الصناعي، وخصوصاً إنتاج الألبسة، الى البقاء في وضع الجلوس لفترةٍ طويلة، مع حركات مستمرة ومتتابعة في اليدين والقدمين.  وهذا يتطلب  قدراً معيناً من اللياقة البدنية يُمَكِن العامل او العاملة من البقاء في هذا الوضع لساعاتٍ طويلةٍ دون أن يصاب بإرهاق وبالتالي  يتدنى عطاءه.  وأكثر ما يظهر الإرهاق في الظهر، وتحديداً في العمود الفقري، ولذلك سيكون من المناسب جداً إجراء فحص طبي مسبق، للتأكد من قابلية الشخص للعمل.  وهذا يجب أن لا يعني، إطلاقاً، إستثناء أصحاب الإعاقات الجسدية من العمل  في قطاع الألبسة كمشغلي ماكينات خياطة.
 
ثالثاً: التعليم
يفضل معظم القائمون على صناعة الألبسة درجةً معقولةً من التعليم المدرسي، او ما بعد المدرسي في العاملين الذين يتم إختيارهم للعمل لديهم.  وهم محقون في ذلك.  فصناعة اليوم لا تحتاج الى مجرد مشغل ماكينة بسيطة.  فمعظم ماكينات الخياطة الحديثة أصبحت محوسبة،  ولا يمكن لمشغلها أن يكون امياً او شبه أُمي.  إنما يحتاج الى درجةٍ من التعليم، وكذلك تعليمات الخياطة وجداول القياسات وبعض التقارير.  إن العامل المتعلم يسهل توعيته وتوجيهه.
كثيرٌ من الإداريين ينظرون الى العامل عند مقابلته على أنه مشرف محتمل، وهو تفكير حكيم خصوصاً في المؤسسات الآخذه في النمو.  وبالتالي عند الحاجة الى من يدير خطاً جديداً تكون الخيارات متاحة داخلياً بإختيار أحد العاملين في المصنع ممن يملكون الخبرة والقيادة وقدراً معقولاً من التحصيل العلمي الضروري لهذا الموقع.
إن العامل المتعلم والواعي يقدم مساهمة أفضل في المصانع التي تسود في أوساطها ثقافة المشاركة، حيث يُعطى الجميع إداريين وعمال الفرصة من خلال آلية معينة لمناقشة والعمل على تحسين أوضاع المصنع او خط الإنتاج.
إن المشرف الكيس يعتمد في إدارة خطه على عدد من العاملين في الخط الذين يساعدون ويدعمون ويشجعون دائماً زملائهم.  وهنا يشكل العمال الذين يملكون قدراً معقولاً من التعليم حالات نموذجية لتشكيل عموداً فقارياً للخط.  كما بإمكان أحد هؤلاء القيام بإدارة الخط في حال تغيب المشرف او المشرفة. 
 
رابعاً: التدريب
وعادةً ما يقصد بالتدريب في الصناعة هو التعلم على إستخدام وسائل الإنتاج لغاية تحقيق غايات الإنتاج.  وفي صناعة الألبسة يعني التدريب عادةً تعلم إستخدام إحدى ماكينات الخياطة لإنجاز إحدى مراحل الإنتاج، كحد أدنى.  وهذا أمرٌ ليس بالعسير، من الناحية الفنية البحتة على الأقل، ولا يمكن أن يسمى المتدرب بعد إنتهاء التدريب "خياطاً".  فالخياط يستطيع إنتاج قطعة ملابس كاملة، بل يقص القماش بعد أن يكون قد أخذ القياسات ثم أعد  البترونات الخ..
إن ما تحتاجه خطوط الإنتاج هو عامل يتقن مرحلة الإنتاج المناطة به، وبالتالي تم تدريبه خصيصاً لهذه الغاية على الماكينة المحددة لإتمام هذه المرحلة، وهذا لا يستغرق عادةً أكثر من ساعات قليلة.  أما إذا ما كان يتقن العمل على عدد آخر من الماكينات فقد لا يعني شئ للقائم على الخط، على الرغم من تأثير ذلك إيجاباً على مرونة الخط.  إن كل ما تحتاجه خطوط الإنتاج، بالإضافة الى إتقان مرحلة واحدة هو "رفع الكفاءة" على هذه المرحلة، الأمر الذي يستغرق وقتاً أطول بكثير من التدريب.  إنه تمرس على إتمام مرحلة إنتاج معينة، في قطعة ملابس، بكفاءةٍ عالية بمستوى مقبول من الجودة.
أما أن يتحول التدريب الى تعليم المتَدربين على أمورٍ كثيرةٍ جداً؛ على عددٍ كبيرٍ من الماكينات والمنتجات ومراحل الإنتاج، الأمر الذي ينجم عنه مئات المراحل لكي يعمل، في نهاية الأمر، على واحدة منها.
وهنا يكمن خلافاً حاداً بين "مدرستين" في التدريب المهني؛ فبينما يصر البعض على عقد دورات طويلة تمتد لأشهر يتدرب فيها المتدربون، كما ذكرنا سابقاً، على عدد كبير من الماكينات، ويحاكوا إنتاج عدد كبير من المنتجات .
 يعتقد البعض الآخر بضرورة إرتباط "التدريب" بعملية الإنتاج الفعلية المراد رفدها بعاملين جدد، بصورةٍ برجماتية وبسيطة.  وبالتالي إما أن يكون في خطوط الإنتاج الفعلية،  في حال كون الغرض من التدريب هو ملء شاغر في خط إنتاجٍ قائمٍ، او توسيع هذا الخط.  او أن يتم فيما يحاكي خط الإنتاج الفعلي في حال تأسيس خط إنتاج جديد بكامله.  وفي كلا الحالتين يجب أن يتم التدريب على منتجاتٍ فعليةٍ،  او أشبه ما يكون بالمنتجات الفعلية.  ربما كان الفارق بنوعية القماش او بدرجة تناغم الألوان، لا أكثر.  إن هذا يضمن نتائج أسرع، ويكسر حاجز الخوف لدى المتدربين.  الخوف من الماكينة والخوف من السرعة والخوف من إتلاف المنتج والخوف من عدم تحقيق الجودة المطلوبة الخ..
لا شك أن معرفة العامل لعددٍ أكبر من المراحل يساعد على زيادة مرونة الخط ويقلل من مخاطر الغياب ويعتبر عموماًًً مصدر قوةٍ للمصنع، ولكن هذا، على أهميته،  يأتي فيما بعد وبالتدريج وعندما تحين الفرصة.
والتدريب لا يقتصر على الجوانب التقنية، أي تشغيل الماكينة، والمهنية، أي إنجاز مرحلة الإنتاج، والنفسية، أي تجاوز حواجز الخوف المختلفة والإنخراط بسرعة في عملية الإنتاج الفعلي، بل يتجاوز ذلك الى بناء ثقافة مبنية على العمل بسرعة عالية وبأقل ما يكون من الأخطاء. وكذلك الى جوانب أخرى توعوية وتثقيفية، لا تقل أهمية.
وتهدف برامج التوعية والتثقيف الى تعريف العامل بحقوقه وواجباته.  وكذلك خلق درجةٍ معينةٍ من ثقافة العمل والعمل الجماعي بالذات.  وكذلك التوعية بأهمية الحضور المنتظم الى مكان العمل كل يوم وتاثير خلاف ذلك على أداء خط الإنتاج.  وكذلك أهمية حضور العامل الى مكان العمل بكامل قواه الذهنية والجسمانية.
ومن الجوانب التي ينبغي التركيز عليها هو مناولة المواد اثناء عملية الإنتاج، الأمر الذي يساعد على رفع الكفاءه.
كما يجب ان يوجَه المتدربون الى أهمية " الإقتصاد " في الحركة، أي بتحريك أقل عدد ممكن من عضلات الجسم، من خلال التمرس على ذلك  بترتيب أفضل للمواد الداخلة في الإنتاج، وموقع المكان الموضوعة فيه،  وكذلك طريقة الجلوس  وموقع  وإرتفاع المقعد والماكينة والصندوق الخ..
يقاس جهد التدريب بطول فترة التدريب، أي بسرعة التدريب.  ويتم هذا بجعل المنحنى التعليمي learning curve يأخذ شكلاً أقرب الى القائم، كما هو مبين بالأمثلة التالية: 
 
نماذج للمنحنى التعليمي لعدد من خطوط الإنتاج
 
  تم بناء المنحنيات الثلاثة على أساس الإنتاج بالقطعة باليوم.  من الممكن أن يتم بناء المنحنى على اساس الكفاءة العامة لخط الإنتاج.  وفي الأمثلة الواردة أعلاه تبلغ كفاءة الخط عند بلوغ المطلوب ما بين 70 % و80%. 
وبتتبع مسار تقدم الإنتاج يوماً بيوم، نلاحظ حالات التعثر التي تصيب "مسيرة" الخط نحو تحقيق هدفه.  وهي تظهر على شكل خطوط أفقيه او حتى خطوط تسير بإلإتجاه المعاكس، مثلما هو واضحٌ في المنحنى الثاني.  وينجم هذا عن أسباب لا تختلف عن الأسباب النمطية التي تؤدي الى إنخفاض الإنتاج في خط قائم؛ ولكن في حالة الخط " التعليمي " فيبرز عدد من الأسباب التي لها تأثير كبير ومن الصعب تجاوزها، مثل الإنقطاع في تدفق المواد ومشاكل الجودة الحادة (إتقان عمليات الإنتاج) وتراجع حماس القائمين على الخط وإحباط العاملين.
المحنيات الثلاث الواردة أعلاه تعكس حالات بناء كفاءة في ظروف مختلفة.  فالأول لخط جديد تماماً، يتكون من عاملات جدد، ولهذا إستغرق 40 يوم لكي يحقق الإنتاج والكفاءة المطلوبين.  أما الخطين الآخرين فهما قديمين وتم تحويلهما لإنتاج منتج مختلف عن ما إعتاد الخط إنتاجه.  فالأول منهما إحتاج الى 24 يوم لبلوغ المطلوب، بينما إحتاج الثاني الى 14 يوم .  والفارق يُعزى لإسباب من بينها مدى إختلاف المنتج الجديد عن المنتج القديم الذي إعتاد الخط إنتاجه.
من المفروض أن تدرس حالات التحويل هذه دراسة تحليلية عميقة، للسعي لإيجاد الوسائل والطرق لتقصير المدة المستغرقة في تدريب خط جديد او تدريب خط على منتج جديد، وهي ما يسمى "بمدة التعليم" learning time . 
وفي جميع الأحوال فأن " مدة التعليم " تعتبر مقياساً هاماً لأداء المصنع، وذلك في عالمٍ متغير ومتنافس.
 
خامساً: المهارة الفنية
على الرغم مما ذكرناه في الحديث عن التدريب، فإن كثيرٌ من العمال يراكمون خبرات ويطورون مهارات خلال فترة من الزمن تعتمد على قدراتهم الذاتية، وظروف العمل وطبيعته، بدرجاتٍ متفاوتة.  وهذه المهارة تصبح ذات فائدة وأهمية اكبر عند بدء العمل بمنتجٍٍ جديد، الأمر الذي يتطلب تكيفاً أسرع مع تقنيات إنتاج،  قد تكون جديدة تخص المنتج الجديد.  وكذلك عند إنتاج منتجاً لا تتوفر له كامل الماكينات المناسبة وملحقاتها  (الكفافات)، بحيث يتعاظم دور العمل اليدوي من أجل الحصول على القياسات والشكل المطلوبين.  وهذه حالة تتطلب مهارات عالية فعلاً.
كما أن المهارة والخبرة تفيدان  في تقييم التصاميم.  وبالتالي إمكانية تعديل هذه التصاميم،  ليس لفائدة الشكل النهائي للمنتج فحسب،  ولكن ايضاً لتبسيط أساليب الإنتاج.  الأمر الذي يجعل المنتج أفضل تجارياً – تكلفة أقل وتوريد أسرع.  وتأتي هذه التعديلات من خلال تنفيذ طلبية صغيرة تسمى أحياناً pilot .
إن العمال المهرة ذوي الخبرة يستطيعون كشف الأخطاء الواقعة في صرف مواد خطأ لخط الإنتاج ( ليبل خطأ مثلاً ).  وأنواع أخرى من الأخطاء، كما يستطيعون كشف مشاكل الجودة الناجمة من الخط قبل غيرهم،  فيجنبون خطهم و مصنعهم وضعاً غير مريح . 
 
سادساً: الدافعية
الدافعية هي الشحنة الدافعة وراء القيام بعملٍ ما.  وعادةً ما يملك او يتمتع الجميع بقدرٍ معينٍ  من الدافعية، فالدافعية نسبية،  ولكن الحديث دائماً عن دافعية إضافية.
وتخلق الدافعية بالتحفيز.  كثيرٌ من الناس يخطئون الفرق بين الدافعية والتحفيز.  فالتحفيز هو السبب والدافعية النتيجة.
 
والتحفيز أنواع عدة تختلف بالإسلوب والنتيجة عن بعضها البعض:
·        التحفيز الادبي (المعنوي ): وهو ما يسمى بالتشجيع وهو مهم جداً، وضروري.  ويهدف الى أمرين الأول إقناع المتلقي بإمكانية إتمام العمل بالشكل والزمن المطلوبين، أي بإزالة أسباب التحبيط.  والثاني هو إزالة الكسل والتراخي المهيمنين  على جو بعض  خطوط الإنتاج نتيجةً للملل وطول ساعات العمل او البيئة الغير مشجعة. و التشجيع مهمة ملقاة على كاهل جميع الإداريين، وتُصبح أكثر تأثيراً عندما تصدر عن الإدارة العليا.
 
  ·        التحفيز المادي :  وهو منح العاملين مكافئة مالية مقابل القيام بعملٍ نسبياً أفضل من المعتاد. وذلك عادةً ضمن نظام معلن ومعروف وبسيط  لدى جميع أطراف العملية الإنتاجية.  وقد يكون غير نظامي في المؤسسات الصغيرة. 
·        التحفيز التوعوي : وهو خلق حالة من الوعي لدى العمال الذي ينجم عنه تحصين ضد أي سبب او طارئ يتسبب في تراجع الدافعية،  من خلال برامج تثقيف وتوعية مع توفر أسباب أُخرى مثل التواصل (بين العمال والإدارة)  والمصداقية (من قبل إدارة الشركة).  ومن أهم  وسائل التوعية هو اللقاءات المنتظمة مع العمال،  مع إشراكهم فيما يواجه المصنع من تحديات.  كما أن أساليب أُخرى متبعة كذلك مثل مجلة حائط او صحيفة شهرية او حتى إذاعة داخلية.  إن العامل الواعي قد يبدو مزعجاًً للبعض، ولكنه على المدى البعيد وفي ظروف صحية تسودها علاقة متوازنة، يعتبر ذُخراً  للمصنع الذي يعمل به.
·       التحفيز السلبي :  جميع أنواع  التحفيزالأربعة المدرجة أعلاه،  تعد الفرد او الجماعات بنوعٍ  من المكافئة مقابل أداءٍ معين، بينما التحفيز السلبي "يهدد" بحرمان الفرد او الجماعة من شئٍ يفترض أن يأخذه في الظروف الطبيعية، في حال عدم الأداء او الأداء السئ.  وهو بالتالي مبني على قياس عدم الأداء او سوء الأداء  ليقابل بعدم العطاء او بعطاء اقل .. وهما أمران سلبيان أوحيا اليَّ بهذه التسمية التي أرجو ان أكون وُفقت بها.  هذا النوع من التحفيز يبدو "شريراً" وقد يتجنب البعض التحدث او الكتابة عنه.  ولكنه أسلوب دارج وفعال، وقد يكون الأسلوب الوحيد المتبق ي، في بعض الحالات، في يد الإدارة. 
أما عن الجانب الأخلاقي في هذا النمط من التحفيز؛ فأنا لا أرى من المناسب "محاربة الناس في ارزاقهم".  فلا يتوجب اللجوء الى الخصم من الراتب الأساسي، على سبيل المثال، إلا في الحالات الميؤوس منها، مثل الغياب المتكرر، على الرغم من أن قانون العمل الأردني يسمح بذلك.
وعموماً يمكن للتحفيز السلبي ان يأخذ شكلاً مقبولاً في حال منح كافة العاملين في خط إنتاجٍ معين، مكافئة مالية محددة مقابل انتاج 1000 قطعة في اليوم ويحرم من هذه المكافئة من سًجل عليه أكثر من خطأ جودة واحد.. وهكذا.      
 
تأثير الدافعية
   لو إفترضنا وجود فريق عمل مجرد من أي دافعية للقيام بالعمل المناط  به،  فلا يوجد تشبيه لمحاولة حمله على إنجاز عمله أفضل من توقع إنتقال سائل من وعاء الى آخر متصل به وعلى نفس المستوى، دون فارق في الإرتفاع بين مستوى السائل في الوعائين.  الدافعية هي ذلك الفارق في الإرتفاع الذي يسبب الحركة أي إنتقال السائل من وعاءٍ الى آخر.  وكلما كان هذا الفارق أكبر، كانت حركة الإنتقال أسرع.  وهكذا الدافعية، في مضمونها النسبي، هي التي تدفع العاملين للقيام بعملهم بالكم والشكل المطلوبين.
كثيرٌ ما يقال عن مجموعة من العاملين بأنها لا تملك الدافعية،  وفي الإنكليزية يقال demotivated .  وربما تضمن التشخيص كثيراً من التبسيط في كثيرٍ من الحالات.
وفي الواقع انا أُشارك كثيرين الرأي أنه في في خطوط الإنتاج المستقرة،  وحيث يتوفر العمل المتواصل الخالي من المشاكل يمكن حصر الخلل في الأداء بأحد بُعدين الإدارة والدافعية.  من هنا يجب التعامل مع هذا البعد بمنتهى الجدية.  وبالتالي ضمان قياس دافعية العاملين بإستمرار.. وبما أن الدافعية لا تقاس مثل الزمن والمسافة ودرجة الحرارة فبإلإمكان تعديل الجملة السابقة بحيث تُقرأ أنه من الضروري تطوير آليات ووسائل حسية بصورةٍ او بأُخرى تمكن الإدارة من الإحساس بأي تحول في الدافعية في اوساط العاملين.  وهذا يتأتى من خلال التواصل وإبقاء قنوات الإتصال مفتوحة وسالكة بإستمرار.  وكذلك بإشاعة ثقافة المشاركة وممارستها في خطوط الإنتاج.
 
أسباب تدني الدافعية:
1.    الإحساس بالظلم : إن الإحساس بالظلم يقتل كل ما هو جميل في النفس البشرية .  يقتل الأمل والرغبة بالإنتماء والقدرة على العطاء والإبداع.  وينجم الإحساس بالظلم نتيجةً للأسباب التالية:
أ‌-  التمييز بالمعاملة بين العاملين من قبل المشرفة.
ب‌-                     عدم الحصول على الحقوق المادية كاملةً.
ت‌-                     عدم الحصول على فرص متساوية في الزيادات السنوية.
ث‌-                     عدم الحصول على فرص متساوية في الترفيع.
وفي جميع هذه الأحوال يجب العمل على إزالة الأسباب وإزالة الإحساس الناجم عنها.  وتصبح مهمة التعامل مع وضع كهذا عند حدوثه أسهل إذا ما سادت أجواء من الثقة في اوساط المصنع او خط الإنتاج.  
قد يكون العامل غير محق في إحساسه في بعض الحالات، وهذا يشكل أيضاً مشكلة للقائمين على الخط والمصنع، حيث يتوجب عليهم إزالة الفهم الخاطئ بأسرع ما يمكن.
 
2.    عدم وجود نظام تحفيز مادي : إن غياب نظام تحفيز مادي يعني عدم تقديم أجر إضافي مقابل بذل مجهود أكبر ونتائج أفضل، أي عدم مكافئة الشخص المتميز على أداءه المتميز.  وهذا يجعل البعض لا يقبلون على بذل مجهود أكثر من حد معين يعتقدونه مقبولاً.  وهذا الحد قد يأخذ بالتدني بحيث يصبح غير مقبولاً.
3.    تأخير دفع الرواتب : قال الرسول (ص): "أعط الأجير أجره قبل أن يجف عرقه".  وقد درج في العصر الحديث على دفع الأجر الشهري في نهاية الشهر وأن لا يتأخر عن بداية الشهر الذي يليه.  فلديه بكل تأكيد قائمة من الإلتزامات التي لا تنتظر.  وأي تأخير في دفع الأجر في كل الأحوال منافي للدين والخلق والمنطق وهو بكل تأكيد سبب قوي لتراجع الدافعية.
4.    غياب برامج التوعية : إن العامل الغير واعي لا يعي حقوقه وواجباته، وبالتالي من السهل أن يُسيئ فهم ما يجري حوله، بحيث يصبح شكاكاً ولا يثق بإحد. الأمر الذي يحيله الى شخصٍ فاقد للدافعية.  بينما العامل الواعي يدرك واجباته وحقوقه، ويسهل توجيهه والإعتماد عليه في أجواء تسودها الثقة بين العاملين والإدارة.
5.    عدم وجود وسائل قياس اداء : يتسبب غياب وسائل قياس الأداء في إنعدام القدرة على التمييز بين أداء الأفراد، وبالتالي عدم مكافئة الذي يستحق المكافئة.  وهذا يُفقد الكثيرين الوازع على العطاء.  وتتمثل وسائل القياس بأبسط صورها بالتقارير التي تعكس الأداء المطلوب.  وهذه التقارير يجب أن تكون دقيقة وموضوعية، وكذلك بسيطة ولا تتأخر بالظهور.
6.    عدم الإستفادة من التقارير : في كثير من الحالات تتوفر التقارير ولكن لا أحد يستفيد منها بقرائتها والتعامل مع الأفراد والجماعات (خطوط الإنتاج) على أساس ما تعكسه التقارير، الأمر الذي ينجم عنه حالة من اللامبالاة بسبب القناعة بإن المحاسبة غير موجوده.
7.    سوء المعاملة : تترك سوء المعاملة رد فعل سلبي لدى العاملين، وتزعزع الإنتماء لديهم وكذلك تُضعف الدافعية للقيام بأي عمل.  وكثيراً ما ينجم عن ذلك كراهية عميقة تجاه الإدارة والإداريين.  وقد يستمروا في العمل تحت وطء دافعية سلبية –الحاجة الماسة للعمل مثلاً– ولكن ضمن الحد الأدنى من العطاء. 
8.    بيئة العمل الغير ملائمة :  تتسبب بيئة العمل الغير ملائمة مثل البرد الشديد والحر الشديد والإنارة الغير كافية، في حالة من عدم الرضا تجعل من الدافعية في تراجعٍ مستمر.
9.    تراجع في الخدمات المقدمة للعاملين :  يعتبر العاملون الخدمات المقدمة لهم حقوقاً مكتسبة.  وبالتالي فإن أي تراجع في حجمها ونوعيتها يتسبب في حالة من الغضب تنعكس على دافعيتهم للعمل.  ومن الأمثلة التقليدية على الخدمات المواصلات والخدمات الصحية.
10.   تجريد العاملين من مكتسباتهم :  وذلك بتراجع الإدارة عن بعض قراراتها التي تمنح العاملين بعض الإمتيازات والفوائد المادية والخدمية.  وهذا يخلق حالة من الغضب وإنعدام الثقة بالإدارة، وبالتالي فقدان المصداقية.  الأمر الذي يجرد أي برنامج تحفيزي من تأثيره، مما يتسبب في النهاية بتدني الدافعية.
11.   الإحساس بالإهمال :  يحتاج كل شخص الى شئ من التشجيع للإستمرار بالعطاء المتميز.  وعلى عكس ذلك يترك الإهمال تأثيراً معاكساً تماماً.  وخصوصاً لدى بعض الفئات من العاملين.  وهذا يؤثر على دافعيتهم بشكل ملحوظ.
12.   الرتابة في العمل :  لا يولي كثيرون من الإداريين لهذا العنصر وأثره على الأداء العام.  ففي صناعة الألبسة كثيراً ما تتكرر الطلبيات بحيث يؤدي العاملون نفس الأعمال كل يوم . الأمر الذي يؤدي الى الملل.  والملل لفترة طويلة يتسبب في تدني الحماس للعمل وتناقص الدافعية. 
13.   أزدياد صعوبة العمل :  إن تغير ظروف العمل بحيث يصبح أصعب تخلق حالة من الإحباط وتراجع في الحالة المعنوية مما ينجم عنه تدني الدافعية.  وهذا يحدث اكثر مع العمال الجدد.  
14.   وجود وسائل قياس مجحفة او غير دقيقة للأداء :  إن وضعاً كهذا لا بد وأن يُبنى عليه بعض الأحكام التي يراها أصحاب العلاقة مجحفة، وقد تكون كذلك فعلاً.  وهذا يؤدي الى فقدان التوازن وتدني الدافعية.
15.   الإخفاقات المتكررة :  تتسبب الإخفاقات المتكررة للأفراد ولخطوط الإنتاج في حالة من الإحباط ومن ثم تدني الدافعية.  ومن الأمثلة على حالات الإخفاق مشاكل الجودة المتكررة.  ولتقليل أثر هذا الوضع، ينبغي عدم السماح بإنفلات الأمور عند حدوث أزمة، وتغييب ثقافة التلاوم (توجيه اللوم واللوم المتبادل) الشائعة في معظم المؤسسات الصناعية وغيرها.
 
وسائل تحسين الدافعية ( التحفيز ):
1.       تحسين أواصر التواصل الداخلي:  وذلك  بين الإدارة وبين العاملين على مختلف مواقعهم،  وذلك من خلال عقد إجتماعات ولقاءات  منتظمة لبناء التواصل، وإعتياد العلاقة الغير متكلفة والغير مبتذلة، وذلك من اجل   مناقشة المواضيع التي تهم الأداء العام كما تهم العمال من ناحية حقوقهم وظروف عملهم واوضاعهم عموماً.  وهذه الإجتماعات، بحد ذاتها تضاف الى مكتسبات العاملين ويرون بتوقفها تراجع عن احد مكتسباتهم. 
كما يتحسن التواصل الداخلي من خلال  البقاء على مقربة من خطوط الإنتاج بالقيام بجولات منتظمة في قاعات الإنتاج.
تكمن اهمية التواصل بكونه يشكل حصانة ضد تراجع الدافعية، وذلك لسهولة إزالة اسباب التراجع.  كما يساعد على بناء جسور الثقة في اوساط خطوط الإنتاج بين العاملين وإدارتهم.
2.    الحرص على إشاعة الحس بالعدل والمساواة في اوساط العاملين.  وهذا ضروري لتعزيز القناعة لدى العاملين جميعاً أن تقدمهم وترفيعهم ودخولهم يعتمد على عوامل مهنية بحتة.  ولا يعتمد على أي مزاجيات او عوامل غير موضوعية او إنتماءات فئوية الخ.. وهذا جانب مهم لإسباب اخلاقية مثل ما هو مهم لأسباب مهنية.  كما أنه لا يكفي للمدير العام او للإدارة العليا ان يتبنوا سياسة تتسم بالعدل والمساواة، بل يجب أن يتصف بهذه الصفة جميع أصحاب القرار في المؤسسة على جميع مراتبهم.  كما، ايضاً، لا يكفي ان تًمارس هذه السياسة فقط وإنما يجب أن يقتنع معظم العاملين بوجود هذه السياسة القائمة على العدل، إن لم يكن كلهم.  وهذا يحصل بالتأكد من إزالة  جميع حالات الإحساس بالظلم التي قد تنشأ لدى أحد العاملين او لدى مجموعة منهم. 
3.    تحقيق حالة من الثبات في السياسات والقرارات والمقاييس وذلك بعدم التناقض وكثرة التغييرات وتغيير المقاييس.  وهذا ما يسمى بالانكليزية consistency وتعني الثبات والإتساق.  وينجم عن هذا الوضع الذي يخلو من التغييرات الكثيرة، سواء منها المزاجية او الموضوعية،  تجعل العاملين يعتادون على النظم والمقاييس ويتقبلوها حتى لو لم يقتنعوا بها تماماً.  وبالتالي فيركزون مجاهيدهم للتقدم والإرتقاء وتحسين دخولهم،  مدركين ما هو مطلوب،  وكيف يبلغونه.  وعلى عكس من ذلك يدخل العاملون في حالة ضياع إذا ما حاولوا تحقيق هدف معين ثم يتبين لهم بعد ذلك أن المطلوب رقم آخر او أن المقياس تغير.  وهذا سيجعلهم يحاولون مرة او مرتين او ربما أكثر ولكن سرعان ما يتوقفون عن المحاولة.    
4.    الحفاظ على درجة عالية من المصداقية: من أسوأ ما يمكن أن تعاني منه الصناعة عموماً وصناعة الألبسة خصوصاً على صعيد "العلاقات العمالية" هو فقدان العمال الثقة بإدارتهم.  وينجم هذا عن تآكل مصداقية هذه افدارة بنظر العاملين في المصنع.
 ويحدث هذا نتيجة لتكون قناعة لدى العمال أن الإدارة تكذب عليهم، بسبب حدوث ذلك فعلاً او نتيجةً لما يُعتقد أنه كذب ولم تأبه الإدارة لتوضيحه او لم تفلح في ذلك

كما يحدث نتيجةً لعدم الوفاء بالوعود بشكلٍ متكرر.  ويحدث عادةً هذا، إما لأن المدير الذي اعطى الوعد لم يكن أصلاً ينوي تنفيذ ما وعد، وهذا يحدث.  او لأنه لم يستطيع تنفيذ ما وعد لأنه لا يملك الصلاحيات.  وفي كلتا الحالتين لم يحصل العاملون على ما وًعدوا به.  فالنتيجة نفسها، ولا تهم النوايا.
وفي جميع الأحوال يحتاج إصلاح الوضع الناشئ عن ضياع المصداقية الى وقتٍ طويل، ومجهود كبير.  فالميل الى الشك يسيطر على الموقف، ولا يخلو الأمر من وجود بعض الأشخاص في أوساط العمال الذين يجعلوا عملية الإصلاح أصعب بالتشكيك فيما يُطرح عليهم، مذكرين بالتجارب السابقة، ولذلك على الإدارة الراغبة في إستاعدة مصداقيتها التأكد بنسبة 100% عدم الوقوع بما قد يُفهم أنه كذب او وعود لا تنفذ.
هناك من لا يؤمن بأهمية أن تكون هناك علاقات تفاهم بين رب العمل  والعمال.  وقد تراهم أحياناً يشكون من مسلكيات العمال؛ فيشكي أحدهم من "عمال هذا الزمان" ويترحم على أيام زمان، او قد يشتكي من "أبناء البلد" او غير ذلك. 
5.    تبني برنامج توعية:  تكمن أهمية توعية العامل فيما يتعلق بالدافعية،  في أنها تُضفي لمسةً نوعيةً على هذه الدافعية، فتجعلها دافعية نابعة من وعي، وليست دافعية هشة سهلة الزعزعة.  وبالتالي فهي نوعٌ من الحصانة التي تضمن الديمومة ضمن ظروف صحية- أي إذا لم يتم تراجع من قبل الإدارة ينجم عنه هضم حقوق ومصادرة مكتسبات الخ.. إن التوعية التي تحتاج الى إستثمار في الوقت والجهد تُجنى ثمارها لفتراتٍ طويلة.
6.    تبني نظام حوافز مادية:  من أهم  وسائل تحسين الدافعية،  وجود تحفيز مادي منظم ودائم . ومن أهم شروط نجاح نظام الحوافز  أن يكون  واضحاً وسهلاً وثابتاً، وذلك من أجل ضمان تحقيق الأهداف التي بُني النظام من أجل تحقيقها .  وهذا يعني إمكانية تحقيق دخل أعلى من الراتب المتفق عليه او المعتاد إستلامه كل نهاية شهر، مما  يجعل العاملين أحرص على أداءٍ أفضل لأسبابٍ عديدة بينها الرغبة بدخلٍ أعلى. وبهذا تنمو دافعيتهم.
 
الفزعة:
ينظر كثيرون الى الفزعة على أنه أسلوبٌ متخلف لإتمام عملٍ ما.  ويتناسون أنها تستند على دافعية عالية جداً لعددٍ ليس قليلاً من الناس لبعض الوقت.  وهذه ظاهرة موجودة في مجتمعنا، ولسنا بحاجةٍ الى عقد دورات لتعليمها للعاملين، ولا تحتاج كثيراً من الجهد لإطلاقها.  ولهذا يجب أن لا يُنظر إليها سلبياً، بل يجب الحفاظ عليها وتبنيها.  كما يجب تعزيزها بمنهجتها ومأسستها.  من خلال دراستها ووضع أسس لتنظيمها وتطويرها بحيث تُصبح ظاهرة قابلة للحياة والإستمرار لفتراتٍ أطول، ويصبح بالإمكان تكرارها خلال فترات أقصر.  وهذا يتم بالتوعية والتحفيز.  التوعية بدواعيها وما ينجم عنها من تجنب مواجهة مواقف حرجة مع الزبائن الأمر الذي يؤدي تكرارها الى إحتمالية فقدان جزء من السوق.  والتحفيز، وخصوصاً التحفيز المادي، الذي يكافئ العاملين الذين بذلوا حهداً إضافياً، وعملوا لساعات عمل أطول، بشكلٍ يجعلهم "يفزعون" عند الحاجة.  كما أنه يجب تطوير أخلاقيات، فلا يجب أن تتغير معاملة المدير لعماله بعد إنتهاء الفزعة.  وهذا دارجٌ جداً، فقبل وأثناء الفزعة يكون المدير قريباً جداً من العاملين، ويتعامل معهم بأريحية، وبعدها يصبح بعيداً، حيث تعود الأمور الى عهدها المعتاد.  وهذا يتطلب إحداث توازناً في التعامل قبل الفزعة وأثناء وبعد الفزعة .  
 
و هنا نود إستعراض ثلاثة أنواع من نظم التحفيز المادي:
أ‌-     وجود ربط مباشر بين الأداء المراد تحسينه وبين الدخل والذي غالباً ما يكون الإنتاج (او الكفاءة) بشكلٍ يوميٍ اوأسبوعي او شهري، بحيث يحصل العامل او مجموعة من العمال مبلغاً محدداً مقابل كل قطعة تُنتج فوق كميةٍ محددة.  وهذا يتم وفق معادلة رياضية محوسبة او غير ذلك. وبالإمكان إدخال عوامل أخرى على المعادلة بحيث تعتمد الحوافز على أكثر من جانب من جوانب الأداء، مثل الإنتاج والجودة مثلاً.  ولتحقيق الغاية التي تأسس من أجلها هذا النظام،  يجب أن تكون المعادلة معلنة وواضحة وبسيطة ليحصل الربط من قبل العاملين بين الأداء الأفضل  والدخل الإضافي الناجم عنه.
ب‌- توزيع جزء من الأرباح على العاملين.  البعض يفعل هذا للإداريين فقط.  ولكن يمكن أن يطبق هذا النظام بحيث يوزع جزءاً من الأرباح على جميع العاملين بنسب مساهماتهم بالأداء العام.  وهذا يتطاب وجود وسائل " قياس اداء " للعمال،  ووسائل "تقييم أداء" بالنسبة للإداريين وبعض الفئات المساندة مثل فنيي الصيانة.  إن وجود نظام كهذا يطبق بشكل موضوعي وممأسس يزيد من دافعية العاملين وإنتماءهم.
ت‌- دفع مكافئات شهرية او سنوية لبعض فئات من العاملين الذين يصعب قياس ادائهم او الفئات التي لو طُبق عليها النظام المطبق لا تنال شيئاً، وبالتالي تُمنح مكافئة او بونص نتيجةً لقناعة الإدارة، لإبقاءها محفزة.
ث‌- منح بعض العاملين او كلهم رواتب إضافية في نهاية العام، وهو ما يطلق عليه الراتب الثالث عشر والرابع عشر.  وهو إن لم يكن وسيلة للإلتفاف على الرواتب المتدنية الممنوحة في المؤسسة، فهو نظامٌ  مفيد وخصوصاً إذا لم يتحول الى حقوقٍ مكتسبة لا ترتبط بالأداء.
 
7.    مناقشة تقارير قياس الأداء: سواء اليومية منها او الأسبوعية او الشهرية، مثل تقاريرالإنتاج والجودة والكفاءات بإنتظام مع العاملين.  وهذه عادة جيدة من عادات الإنتاج التي يتبعها بعض المشرفون في خطوطهم بشكلٍ يوميٍ لعدة دقائق في بداية الدوام او في نهايته.  حيث يناقش نتائج الأداء من إنتاجٍ وجودة، مع إستعراض سريع للأسباب،  حيثما أمكن.  هذا النهج يسهل ربط العاملين بين الجهد المبذول من قبلهم وبين النتائج.
8.    تكريم العمال المتميزين:  يعتبر التكريم من أهم وسائل التحفيز المعنوي التي يستمر تأثيرها لفترة طويلة، ليس فقط على المكرمين أنفسهم إنما على العاملين بمجملهم.  والتكريم هو إعلان بأن هناك منظومة قياس أداء مفعلة.  وهو إعتراف وتقدير للعمال المتميزين ووعد ضمني للعمال عموماً بالتكريم عند التميز.  ولهذا يجب أن لا تكون حفلات التكريم متباعدة.  كما يجب أن تكون قواعد الإختيار معلنة ومعروفة.  ويجب أن يكون طابع التكريم إحتفالياً ويدعى اليه ضيف شرف يرعى الحفل ويسلم الهدايا  للمكرمين، كما تترك دعوة اهل المكرمين أثراً طيباً على المكرمين والأهل على حدٍ سواء.  كما يفضل تسليم شهادة للمكرمين وإلتقاط صور لهم.  يجب التذكر أن حفلاً من هذا النوع قد يكون "تجربة العمر" بالنسبة للعامل، فيجب إعطاءها أهمية كبيرة من قبل الإدارة.
9.    عبارات التشجيع:  يعتبر هذا الأسلوب من اكثر اساليب التحفيز تأثيراً وأقلها تكلفة.  وهو يستخدم عادةً بصورة تلقائية من قبل المشرفين والمشرفات عند إحساسهم بأن الإنتاجية في تراجع بناءً على الإحساس بذلك.  وحقيقةً يمكن لهذا الأسلوب ان يتمأسس ويوجه.  كما أن لكل مشرف او مشرفه اسلوبه الخاص والبعض يشتهر باسلوب مميز محبب له تأثير سحري.  وهنا تظهر أهمية النبرة المميزة للمشرف وحركاته الجسدية (لغة الجسد) التي نتكلم عنها بتفصيل في مكان آخر. إن عبارات التشجيع لا تلعب دوراً تحفيزياً فقط إنما "توقظ النائم" كما يقال مجازاً، ولذلك يجب تكثيف إطلاق هذه العبارات في الأوقات التي ينتشر فيها الخمول مثل فترة ما بعد إستراحة الغداء والفترة الصباحية وخاصةً صباح السبت. 
10.   حرمان العمال المقصرين جزئياً أو كلياً من المكافئات والحوافز:  وهذا ما اطلقنا علية تعبير التحفيز السلبي في مكان آخر من هذا الكتاب.  وهو عادة ليس الملجأ الأول، وإنما يُلجأ الى هذا الأسلوب بعد إستنفاذ أساليب أخرى تتعامل بطريقة إيجابية – أي بإعطاء العامل شئ مقابل أداء معين.  أما في هذه الحالة فهو يحرم من شئ كان من المفترض أن يأخذه، لأنه فعل كذا او لم يفعل كذا.  مثل حرمان العامل من الحوافز بسبب الغياب المتكرر بدون مبرر.  أو تأخير الزيادة السنوية الخاصة به نتيجةً لتدني كفائته.  وهنا قد يضيف البعض الخصم من الراتب الاساسي، وهذا النهج عادةً له إنعكاسات سلبية شديدة ولا يُفضل المس به.
وعند التفكير بإستخدام هذه الأداة كوسيلة ردع ضد تكرار الممارسات السلبية كالتغيب المتكررمثلاً ينبغي المفاضلة بين الحرمان والعطاء، بين الخصم والتقديم بصورةٍ مدروسة؛ فمثلاً يلجأ البعض الى تقديم مكافئة شهرية لكل من لا يتغيب أثناء الشهر، بينما يلجأ آخرون الى حذف إسم المتغيب من كشف الحوافز الأسبوعية او الشهرية.  فلا بد أن أحد الأسلوبين أكثر فعالية من الآخر في حالة معينة بينما العكس صحيح في حالة أخرى.
 
وسائل التوعية المهنية:
إن أكثر الناس تأثيراً على العاملين، هو مسؤولٌ يتمتع بثقتهم.  وهو أفضل من يقود وينفذ برامج التوعية المهنية. ووسائل التوعية كثيرةٌ ومتعددة، ومن بينها:
·        إجتماعات شهرية للعاملين في المصنع.
·        إجتماعات إسبوعية للعاملين في خطوط الإنتاج.
·        إعلانات وتعاميم تصدر عن الإدارة حول قضايا معينة تعلق على لوحة إعلانات ليقرأها العاملون، وما يمكن ان يتحول الى مجلة حائط.
·        الحديث مع العاملين من خلال إذاعة داخلية.
·        مجلة شهرية او ربعية تطبع وتوزع على العاملين ليقرأونها، ولتصل  كذلك الى بيوتهم وعائلاتهم.
من بين الأساليب التي ترسخ مفاهيم إيجابية بين العاملين لاحظت نهجاً يتبعه بعض المدراء في أحاديثهم؛ مثل عدم ذكر كلمة "فشل" فيغيبونها من قاموسهم تماماً، ويستعيضون عنها بكلمات مثل "عدم تحقيق المطلوب".  وكذلك عند المقارنة بين أداء العاملين، يصنفونهم الى صنفين؛ ذوي الأداء العالي وذوي الأداء المتوسط، فلا وجود للأداء الضعيف في صفوف عامليهم.
 
نظم التحفيز المادي
يعمل الناس  لدى الآخرين مقابل أجرٍ يتقاضونه على أساسٍ يومي او أسبوعيٍ أو شهري، او ربما حتى سنوي، وهذا ما يسمى بالراتب الأساسي الذي لا يجوز الإنتقاص منه في العموم، ومقابل هذا الأجر يقوم هؤلاء الأشخاص بعملٍ محدد .  وعند القيام بعملٍ مميزٍ كمياً او نوعياً، فإنهم يتوقعون شيئاً مقابل الجهد الإضافي.  فإذا لم يحصلوا على "مكافئة" فربما إمتنعوا عن بذل جهد إضافي،  وخصوصاً وأنهم غالباً ما يكونوا واعين للإنعكاسات المالية لجهدهم الإضافي.  وإذا ما حصلوا على مردودٍ ماديٍ مقابل أدائهم الإضافي،  فإنهم يودون لو تكرر العطاء والعطاء المقابل، وربما يدفع الوعي المتراكم،  طرفي المعادلة تدريجياً الى السعي الى مأسسة هذه العلاقة. ببساطة هذه هي الفلسفة الكامنة وراء نظم التحفيز المادية، مع إعتذارنا لهذا التبسيط المفرط.
وهذا يتمشى مع مقولةٍ سائدة هذه الأيام؛ وهي أن تدفع المؤسسات رواتب أفضل، وليس رواتب أعلى لموظفيها.  والفرق بين الأفضل والأعلى، هو في الديمومة، وفي شمولية الفائدة في الراتب الأفضل.  فالموظف الذي يسعى واعياً لراتبٍ أفضل، يسعى كذلك لراتبٍ أعلى ويساهم بخلق، في سعيه لذلك، بيئةً إنتاجية أفضل وعائداً مادياً أعلى لمؤسسته، الأمر الذي يضمن ديمومة المؤسسة، وتعزيز قدرتها على إعطاء مزايا إضافية للعاملين بما في ذلك راتب يتزايد بإستمرار.
 
أنواع نظم التحفيز وكيفية بناءها:
نظام الحوافز يمنح العاملين "جزءاً" من الأرباح الإضافية الناجمة عن إنتاج إضافي كمكافئة وتشجيع على ذلك.
هناك طرق ووسائل عديدة لبناء نظام حوافز.  وبالإمكان دائماً وضع نظام مبتكر يلائم وضعاً معيناً.  وما يلائم مصنعاً معيناً في ظرفٍ معين لا يلائم بالضرورة مصنعاً آخر او نفس المصنع في ظرفٍ آخر.  وعموماً يجب ان يكون النظام المتبنى مدروساً جيداً وسهل الفهم وقادراً على الصمود امام كافة المتغيرات فلا يحتاج الى تعديل من فينة الى اخرى.  كما أنه يسهل ربطه بالأداء في ذهنية العاملين.  ومقياس النجاح لأي نظام حوافز هو بمقدار هذا الربط.
وعند بناء نظام جديد يجب أن يكون هناك اولاً هدف واضح يراد تحقيقه بواسطة هذا النظام.  وهذا الهدف يجب ان لا يكون عاماً.  ولكن بكل تحديد يمكن للهدف ان يكون:
·        رفع الإنتاج
·        رفع الكفاءة الفردية للعاملين
·        رفع الكفاءة الكلية لخطوط الإنتاج
 
وفي هذه الحالات يكون مقياس النجاح واضح تماماً ويرتبط بالتقدم بالإنتاج والكفاءة الفردية والكفاءة الجماعية على التوالي.
كما يمكن أن يكون هناك اهداف موازية او مؤقتة، مثل:
·        تقليل نسبة الراجع، أي نسبة المنتجات المرفوضة الى الكمية المفحوصة.
·        تقليل الهدر بالمواد.
·        تقليل عدد الطلبيات المتأخرة عن موعدها.
 
وتزداد أهمية هذه الأبعاد حسب إستفحالها كمشاكل تواجه خط الإنتاج وينبغي إزالتها.
 كما بإلإمكان وضع أهداف مختلفة تماماً لنظم حوافز موازية مثل "الحد من تغيب العاملين" و "الحضور الى العمل بالموعد"  فيكون هناك مكافئة لكل من لا يتغيب لفترةٍ معينة،  وكذلك بالنسبة لمن ينتظم بالحضور بالموعد.  ومن الطبيعي أن نظم كهذه  تتطبق في الأماكن التي تستفحل فيها هذه المشاكل.
والخطوة الثانية هي وضع تصور من قبل الإدارة عن "حجم المكافئة". أى كم تود الإدارة منح العاملين من كل دينار إضافي يجنوه فوق حدٍ معين.
والخطوة الثالثة تحديد هذا الحد، او تحديد الأسس التي يبنى عليها هذا الحد، وكيف يمكن أن يتغير.
والخطوة الرابعة هي بناء المعادلة الرياضية.
والخطوة الخامسة إضافة مؤثرات أخرى على الحوافز مثل الجودة والحضور والغياب والكفاءة الفردية والتعاون.
والخطوة الأخيرة هي توزيع مبلغ الحوافز على الأفراد في النظم الجماعية. 
 
تُستخدم نظم الحوافز المعتمدة على الإنتاج كمقياس، وكهدف للتحسين في المصانع التي تتمتع بدرجةٍ عاليةٍ من الثبات في الإنتاج، أي تنتج عدداً محدوداً  من المنتجات بشكلٍ مستمر.  وكذلك تركيب خطوط الإنتاج ثابت وقلما يخضع لتغييرات. 
تحدد كمية الإنتاج المراد تجاوزها.  وعند تحقيق هذا الرقم يكون مبلغ الحوافز صفراً، ويبدأ بالتزايد مع تخطي رقم الإنتاج هذا الحد.
يحدد مبلغاً من المال ليدفع  مقابل كل قطعة إضافية، يعتمد على قيمة القطعة ونسبة الأرباح فيها.. وكذلك .. على حجم العمل المبذول.  فكثيرٌ ما تبيع بعض المصانع بعض منتجاتها بسعر التكلفة وبالتالي بدون أرباح او نسبة أرباح متدنية جداً.  وهذا يجب أن لا يبرر تدني مبالغ الحوافز.
بإلإمكان إحتساب الحوافز على أساس شهري او إسبوعي او حتى يومي ولكلٍ ظروفه.  يحتسب المبلغ الكلي للفترة وهو حاصل ضرب عدد القطع الإضافية في المبلغ المرصود لكل قطعة.  ثم تحتسب الحوافز الفردية بالنسبة والتناسب للكفاءات الفردية أو لمعاملٍ يضعه مدير الإنتاج او المشرف ويعتمد على صعوبة مرحلة الإنتاج التي يعمل بها العامل وأي عوامل أخرى يحددها مثل مقدار التعاون والحضور الخ.. أو قد يعتمد عليهما معاً.  يضاف المبلغ الى الراتب ويدفع معه او يدفع بشكلٍ منفصل.
 
تُستخدم نظم الحوافز المعتمدة على الكفاءة الفردية في المصانع التي تنتج عدداً  كبيراً من المنتجات المتنوعة في خطوط إنتاجٍ كبيرة.
والمقصود بالكفاءة هو الكفاءة المطلقة.  ويفترض ان تحتسب بواسطة منظومة من التقارير والبرامج الحاسوبية.  وذلك بضرب عدد المنتجات خلال اليوم بالزمن القياسي للمرحلة مقسماً على وقت الدوام لليوم للعامل او لمجموعة من العاملين. 
تُحدد الكفاءة التي يبدأ بتخطيها العامل من الحصول على الحوافز.  يحدد مبلغ من المال لكل 1% يتخطى بها المستوى المحدد من الكفاءة.  تحتسب الحوافز الكلية بضرب فارق الكفاءة بالمبلغ المخصص لكل 1%.
تُستخدم النظم المعتمدة على الكفاءة الجماعية   في المصانع وخطوط الإنتاج،  حيث تتغير الموديلات والمنتجات بكثرة،  بحيث تصبح كفاءة الخط هي الوسيلة الأدق لقياس اداءه.
وتحتسب الكفاءة بضرب عدد المنتجات للفترة، التي قد تكون شهراً او إسبوعاً، بالزمن القياسي لكل موديل والقسمة على مجموع وقت الإنتاج ثم القسمة على عدد العاملين.   دون أخذ أي نوع من انواع التوقفات بالحسبان –وهذا ما يسمى الكفاءة المطلقة.
تُحدد الكفاءة "الحد" والتي يبدأ الخط بالحصول على الحوافز بتجاوزها.  وهي تختلف من حالة الى أخرى فتعتمد على الإستقرار في الخط من ناحية تغيير الموديلات  و عمر خط الإنتاج وعمر المصنع وصعوبة المنتج.  وحيث يمكن أن يكون إعتيادياً 80%، ويمكن أن ينخفض لغاية 70% ويرتفع لغاية 100%.
تطرح الكفاءة الحد من الكفاءة الفعلية للفترة. 
تقرر الإدارة مبلغاً من المال لكل 1% لكل عامل لكل يوم عمل؛وهذا ثابت لايتغير من شهر لآخر.فقد يكون من خمسة الى عشرة قروش.وقد يقل او يزيد عن ذلك، فالأمر يعتمد على إدارة المصنع وما تعتقده مناسباً كمكافئة على المجهود الإضافي المبذول.
يحدد مبلغ الحوافز الكلي بضرب المبلغ المقرر بفارق الكفاءة بعدد العمال بعدد أيام الفترة (ستة إذا كانت الفترة إسبوعاً).
يوزع المبلغ الكلي على العاملين كما في الحالة السابقة أي بالنسبة والتناسب مع كفاءاتهم ومعامل آخر يسمى معامل التعاون، وربما تجد الإدارو أنه من الحكمة توزيع المبلغ بالتساوي، فهذا صائب في بعض الحالات.  
وسائل التحفيز المعنوي:
يأتي التحفيز الأدبي على شكل كلمات تشجيع، او هدية رمزية،  او رسالة خطية، او شهادة  تتضمن إعتراف بتميز العامل وتشكره على ذلك،  وتصدر عن الإداريين جميعاً بمختلف مراتبهم.
·        قيام مشرف الخط بإعلان النتائج المتميزة على سماع جميع العاملين في الخط.  كأن يقول " كان إنتاج فلان وفلان كذا قطعة في الساعة الأولى" او "كانت اعلى خمس كفاءات يوم امس كالتالي...".
·        إعتياد مدير المصنع او الشركة القيام بجولات في خطوط الإنتاج، حيث يقوم المشرفون بلفت نظره الى تميز بعض العاملين الذي يقوم بدوره بالتحدث اليهم وتشجيعهم.
·        إقامة حفلات تكريم منتظمة: حيث تُقدم هدايا او دروع مع شهادات لعددٍ من المكرمين يتم إختيارهم وفق أُسس معينة في حفل يشهده عدد كبير من الحضور.
·        تقديم هدايا لبعض العمال المتميزين.  كثير من الشركات تتبع نهجاً منتظماً في هذا السياق بحيث يحتفظ مدير الإنتاج بإستمرار بكميةٍ من الهدايا المغلفة بإنتظار ان تُهدى لأحد العاملين المستحقين.
·        إنتهاج إسلوب إختيار " موظف الشهر " وتعليق صورته على لوحة خاصة في مكانٍ بارز، مع تبيان أُسس الإختيار.
 
التحفيز السلبي
تقوم أساليب التحفيز عادةً على تقديم شئ  للمتميزين، مثل نقود او هدايا عينية او شهادة تقدير.  ولكن في بعض الأحيان يتطلب الوضع اللجوء الى حرمان الشخص المقصر من شئ يتوقع عادةً الحصول عليه، مثل:
·        حرمان المقصرين جزئياُ او كلياً من الحوافز المادية لمدة معينة وفق نظام معروف للجميع.
·        ربط الترفيعات والزيادات السنوية على الراتب بجوانب مختلفة لأداء العامل بحيث يحرم من الفرصة في الترفيع والزيادة اذا لم يكن أداءه ضمن مستوى مقبول و محدد مسبقاً.
و قد أطلقنا هذه التسمية على الأداة الإدارية management tool لأنها قائمة على الفعل السلبي، عدم المنح.
وهذا يختلف كثيراً عن "الخصم" من الراتب، الذي هو نمطٌ  قديم من الترهيب    و..الإنتقام.  فالراتب الأساسي من غير الإنسانية المساس به، وإن أجاز ذلك قانون العمل.
 
المؤثرات الجانبية والسلبية لتطبيقات نظم التحفيز:
إن التمادي في تطبيق أساليب وأدوات التحفيز المادي،  قد ينجم عنها حالةً يصبح معها من الصعب جعل العمال يُقبلون على عمل يتضمن شئ من التحدي، إلا اذا وُعدوا بمقابل.  وهذا ينضوي على حالة مَرضية قاتلة.  فكثيراً ما تكون الرسالة المرسلة من العمال الى إدارتهم هي تباطؤ متعمد في العمل تحت أي ذريعة.  وإذا ما مر بعض الوقت قبل أن تستوعب الإدارة الرسالة وتضطر ان ترضخ لهذه"البلطجة" يكون كثيرٌ من الوقت الثمين قد مر بحيث يصعب تعويضه.
حتى الإكثار من إستخدام وسائل التحفيز الأخرى مثل اللقاءات ووسائل التكريم الخ.. قد تؤدي الى نتائج سلبية في حال توقفها نتيجةً لظرفٍ ما او لتغير الإدارة، لأنها تُعتبر مكتسبات عمالية لا يود أحدٌ منهم أن يراها تتوقف.
ومن هنا نرى أنه من الضروري إقامة علاقات متوازنة والمحافظة على التواصل مع العمال والتعامل معهم بإحترام وتكثيف برامج التوعية للعاملين جميعاً.  والإبتعاد عن عقد "الصفقات" مع خطوط الإنتاج، مثل .."إذا تم تسليم هذه الطلبية في الموعد فإنكم تحصلون على كذا.."  فهذا يخلق عادات سيئة، بحيث يفقدوا الدافعية الفعلية للعمل إذا لم  يوعدوا شيئاً كهذا.
 
سابعاً: الحالة المعنوية
 من أجل تحقيق النتائج المرجوة يجب خلق حالة عالية من  المعنويات  في أوساط العاملين.  فلا يمكن لخط إنتاج او لمصنع، أن يحقق نتائج عالية في اوساط يسودها الإحباط وتراجع في المعنويات. 
والحالة المعنوية العالية تسود في وسط مجموعة من البشر عند تَكَوُّن إعتقاد  راسخ بإمكانية بلوغ الغايات المرسومة.  وهذا ينجم عن تراكم تجارب إيجابية ناجحة عبر فترات من عمر هذه المجموعة البشرية.  وهو أمرٌ متصلٌ بالثقة بالنفس وبالقيادة.  كما ينمو بالتشجيع والتحميس ويضعف بالتحبيط والتخاذل.
كثير من القائمين على الإنتاج في بعض المصانع لا يولون أية اهمية الى الجانب المعنوي.  وهذا نهج سرعان ما يثبت خطأه.      
 
فيما مضى من صفحات إستعرضنا السمات الإيجابية المطلوب توفرها في العمال والعاملات من أجل أداءٍ أفضل لخطوط الإنتاج والمصانع.  هذه السمات تُشكل ما يمكن أن نطلق عليه " العامل النموذج ".  وهو نموذج غير مصمم لتلبية إحتياجات أرباب العمل، وليس، على العكس من ذلك، ليس دعوة لتحويل المصانع الى فرق كشفية "تقعقع ولا تطحن".  بل هو نموذجٌ  متوازن، يدفع تحقيقه بالصناعة الى الأمام، لما فيه مصلحة الجميع، عمال وأرباب عمل وإداريين  والمجتمع بأسره.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 

 


تعليقات

لا يوجد تعليقات

الإسم 
البريد الإليكتروني (ليس للنشر)
التعليق
هل توافق على الانضمام لمجموعتنا البريدية؟
  أرسل

 

Counter