مهارات للقيادة والحياة - الفصل الرابع - مهارة إدارة الوقت
 
 


بسم الله الرحمن الرحيم

مهارات للقيادة والحياة

***

مهارة إدارة الوقت

لقد إحتار العلماء والفلاسفة في فهم الوقت وتعريفه وشرحه للناس.  وفي أبسط الأحوال يمكن فهمه على أنه " المدة التي يستغرقها حدث أو حركة ".  ومن وجهة نظر فلسفية يمكن القول أن الوقت " مادة الحياة " !!.  وهذا صحيح على الرغم من أنه لا يفسر الكثير.

حقيقة فئة قليلة من الناس يستوعبون ماهية الوقت ويفهمون آلية عمله ويدركون أهميته ويتحسسون إيقاعه.  وعلى العكس تماماً فإن الكثيرين لا يعبهون لمروره ولا يميلون إلى استخدامه بنجاعة.  فهل يفهم الإنسان الوقت حقيقةً ؟..     

قبل الإجابة على هذا السؤال لا بد من الإقرار أن من يمكن تسميتهم بالأشخاص الناجحين، سواء كانوا إداريين في مؤسسات تجارية أو قادة سياسيين أو رجال دولة، جميعهم ثبت من خلال دراسة سيرهم أنهم كانوا متصالحين مع الوقت ويتعاملون معه بإيجابية ويستثمرونه على أفضل وجه.

هناك حديث شريف يقول ” أيها الإنسان إنك قطعة من الوقت، فإذا ذهب يوم، ذهب بعضك. ” فهل يشكل ذلك مدخلاً مناسباً لتفهم الوقت والتعامل بإيجابية أكثر معه.  فالحياة، حياة الإنسان على الأرض، قطعة من الوقت، قطعة تتكون من قطع أصغر وقطع أصغر، سنين وأشهر وأيام وساعات ودقائق.  فلا ينبغي أن تضيع هذه القطع ( المكونات ) دون فائدة، دون إضافة قيمة.  علماً بأنها تتناقص..تذهب..تمضي بالإيقاع نفسه، لا تنتظر، لا تتباطأ وقطعاً لا تتوقف.  فعمر الإنسان محدود ومتناقص، فلا بد من استثمار كل قطعة من الوقت يتكون منها عمر الإنسان، كل يوم، كل ساعة وكل دقيقة لعمل ما يضيف قيمة.  يضيف قيمة إلى ماذا؟. هذا موضوع آخر له إجابات عديدة.  فقد قال هارون الرشيد موصياً معلم أحد أبناءه " لا تمرن ساعة، إلا وتعلم بها شيئاً "، فقد تكون القيمة المضافة علماً أو مالاً أو خدمة مجتمع أو مساهمة لصالح قضية.

يمكن أن نتصالح مع الوقت فيصبح صديقاً وحليفاً، ولكنه يمكن أن يصبح سيفاً معلقاً فوق الرقاب، ويمكن أن يتحول إلى مصدر رعب.  وفي جميع الأحوال ليس الوقت عدواً ينبغي التخلص منه وقتله.  حالة ” قتل الوقت ” killing time من أسوأ ما يمكن أن ينحط إليه الإنسان، فهو ليس عدواً ولا ينبغي السعي لقتله، وإنما استثماره بما هو مفيد ويضيف قيمة.

نتعامل مع الوقت في العادة على إعتبار أن:

o     أن الوقت مورد، وهو مورد يتراوح مقدار توفره مع معدلات الإنجاز ومع كيفية تقديره في المقام الأول.  فإذا مٌنحت كمية من الوقت – مدة – لتنفيذ عملٍ ما، فقد تكون المدة الممنوحة قليلة بالمقارنة مع المعايير الدارجة، عند ذلك يكون مورد الوقت شحيحاً، وهذا يتطلب إجراءات خاصة لرفع معدلات الإنجاز، وهذا قد يتطلب زيادة موارد أخرى كالموارد البشرية أو أدوات الإنتاج أو كليهما، أو قد يتطلب زيادة الإستفادة من أحد هذين الموردين أو كليهما برفع الكفاءة  efficiency أو زيادة نسبة التشغيل utilisation .  كما يصبح مورد الوقت شحيحاً إذا ما أسيء استخدامه في بداية مدة التنفيذ فيصبح شحيحاً في أخرها، وهذا يتطلب إجراءات مشابهة للمذكورة آنفاً.    

o     أن الوقت إطار عام للعمل، فهو الوعاء الذي تصنع فيه المنتجات والأحداث وتتكون فيه الأفكار وتٌكتسب فيه المعارف.  فمحاضرة في جامعة تٌعقد في أحد مدرجات الجامعة، وهذا وعاء مكاني، وتعقد ما بين الساعة الثامنة والساعة العاشرة، على سبيل المثال، وهذا وعاء وقتي. 

o     أن الوقت مقياس أداء، عند حدوث إنجاز، قد يقال على سبيل المثال، قطعنا ثلاثين كيلومتراً، أو حفرنا خمسين متراً.  هذه العبارات لا تعبر عن أداء يمكن قياسه أو مقارنته أو حتى تقديره ومكافئته.  فما لم يٌحدد بكم من الوقت تم إنجاز ذلك تبقى العبارة منقوصة، بل وفارغة. 

ولكن ما هي إدارة الوقت؟؟

يمكن القول، للإجابة على هذا السؤال بأن إدارة الوقت هي الإستفادة المثلى من الوقت المتاح. 

ولكن هذا خطأ شائع فلا أحد يستطيع إدارة الوقت ولا يستطيع أحد ضبط الوقت والتحكم بإيقاعه ولا أحد يستطيع إيقاف الوقت ولا إعادته، فكيف ندير الوقت؟.

نحن لا ندير الوقت، ولكن ما نستطيع إدارته هو أنفسنا، نستطيع إدارة سلوكنا وإدارة أدائنا.  نستطيع إدارة أعضاء الفريق وإدارة كفاءته والتزامه.  نستطيع إدارة عمليات الإنتاج والعمل على تسريعها، نستطيع إدارة وقت إنتاج منتج والعمل على تقليله، ونستطيع، كذلك، إدارة مشروع والعمل على إختصار مدة تنفيذه.  

ولكن عن أي وقت نحن نتكلم، عن أي وقت نتكلم في سعينا لـ ... إدارة الوقت؟!. الجواب ببساطة هو وقت الإنسان ووقت المؤسسة.  

الإنسان هو أنا وأنت وهو وهي، الزميل والرئيس والمرؤوس، في العمل وخارج العمل..

أما المؤسسة فهي الشركة والعائلة والنادي والحزب والوزارة والدولة والكتيبة وخط الإنتاج..

العرب والتعامل مع الوقت :

لا شك أن أهم مظاهر تخلفنا كأمة هو تعاملنا السلبي مع الوقت.  فنحن، في الغالب، لا نقدر أهمية الوقت كمورد وكإطار قياس وتقييم لأعمالنا، كما أننا لا نبدي تفهماً علمياً لماهية الوقت ولا نبدي إحتراما له.  هذا هو واقعنا السيء ..

إن الذي يتأمل فيما كان عليه العرب من تفهم وتقدير للوقت وفيما قاموا به من أبحاث وإكتشافات لفهم الوقت وقياسه يستغرب أكثر مما هم عليه، فمساهمات العرب في تطوير وسائل قياس الوقت جليلة ووحدات قياسه جميعاً نتاجاً شرقياً ( سامياً، إن لم يكن عربياً )، فمنذ عهد البابليين بدأ الإنسان بتقسيم السنة والشهر والأسبوع واليوم والساعة، وأضاف العرب إلى ذلك تقسيم الدقيقة والثانية، كما أوجدوا قياسات أدق، كما يظهر من المراصد الفلكية ومعداتها المذهلة التي تركتها الحضارات الإسلامية من الهند إلى إسبانيا.  ولا يسع المرء إلا أن يتوقف عند حقيقة أن وحدات قياس الوقت تنتمي إلى نظام واحد متفق عليه ويعود إلى أصول عربية، بينما تختلف الأمم على قياس الوزن والطول ودرجة الحرارة وغير ذلك.  أي أن العرب وسابقيهم البابليين وضعوا هذه الوحدات وهذا النظام دون أن يكون هناك محاولات أخرى بالتوازي.

كما أن العرب كان لديهم مواقف إيجابية من الوقت قديماً، تظهر على شكل أمثال وأشعار وممارسات.  " الوقت كالسيف، إن لم تقطعه قطعك "، و " لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد ".  كما أن العبادات في الإسلام قائمة على " مواقيت " محددة ودقيقة، فوصفت بالقرآن على أنها " كتاباً موقوتا ً"، وهذا تطلب تطور آليات احتساب الوقت وقياسه، كما نجم عن ذلك نشوء ثقافة تقدر الوقت وتتحسس إيقاعه.

كان هذا في العصور الذهبية، حيث ازدهرت التجارة والصناعة والبحث العلمي، أما في زمن التخلف، بما في ذلك زمن التقدم الزائف الذي نعيش، فإن التناقض كبير.

الواقع السلبي الحالي مشين.

هذا الواقع ينبغي نبذه من أجل تجنب الخسائر والإحراجات والفرص الضائعة والتعاسات الناجمة عن سوء التعامل مع الوقت،  ينبغي فعل ذلك من قبل الأفراد والجماعات. الأفراد، كل فرد على حدة، يعمل بمفرده بمبادرة ذاتية أو مدفوعاً بقوى مساعدة خارجية.  الجماعات، كالشركات والأحزاب والمجتمعات، ينبغي أن تعمل بطريقة جماعية للتحول إلى فرق تحترم الوقت وتستغله الاستغلال الأمثل.

كيف نتغير؟..

التغيير يتطلب بناء التفهم والرغبة والقدرة لدى الفرد.  تشكل هذه الثلاثية قاعدة ذهبية للتحول نحو تعامل أفضل مع الوقت أو إدارة أفضل للوقت، كما هو دارج.    

أولاً: تفهم الوقت: أي تفهم ماهية مورد الوقت وإدراك أهمية الوقت وتفهم مضار الاستهتار بالوقت وأهمية التحول على الفرد والمجتمع وعلى النقلة الحضارية التي يعنيها تحول المجتمع بأكثرية عديده وشرائحه إلى مجتمع متصالح مع الوقت. 

كما ينبغي تنمية حس بمرور الوقت، فيدرك كم مضى من وقت منذ بدأ عمل الشيء الفلاني، أو منذ أخذ إستراحته، يتبغي العمل على تنمية ما يسمى بالساعة البيولوجية المفترض وجودها بالداخل، بحيث يشعر المرء بمرور وقت كثير أو قليل دون الحاجة إلى منبه أو ساعة.

والغاية من ذلك ليس إبطال دور الساعة والإستغناء عنها، ولكن لتنمية مهارة تقدير الوقت، فالإنسان لا ينظر إلى الساعة إلا بعد أن ينبهه منبه داخلي أن كثير من الوقت قد مر.

وينبغي، كذلك تنمية القدرة على تقدير "كمية" الوقت –المدة- المطلوبة لإنجاز عملٍ ما.  وهذه مهارة يمكن التمرس عليها بإستخدام بعض الأدوات، كما سنرى بعد قليل.

ثانياً: الرغبة في التحول:  الرغبة في تعامل أفضل مع عنصر الوقت المبنية على قناعة عميقة بأن الوضع الراهن سيء وينبغي التحول عنه والتغير.  وقد تنشأ الرغبة نتيجة لتجارب شخصية تؤدي إلى إقتناع بضرورة التحول.

وتنمى الرغبة بالتوعية بأهمية التغيير وضرورة التغيير وببناء الدافعية بوسائلها المختلفة التي تدفع باتجاه تقدير الوقت واحترامه والتشجيع على ذلك وبالمتابعة الحثيثة من قبل الإدارة، التي ينبغي أن تلعب دور القدوة في هذا السياق.

       ثالثاً: القدرة على التحول والممارسة السليمة: وتتطلب تنمية القدرة على التحول وما يتضمنه الأمر من كبح للذات ومواجهة الميل للدعة والسهولة والممارسات غير المنضبطة.  والقدرة على تنظيم الذات والالتزام بالمحطات الزمنية في تنفيذ المهام، بدءها والإنتهاء منها، والقدرة على تطوير المهارات المرتبطة بالتعامل مع الوقت وامتلاك الأدوات واستخدامها، وتبني عادات حميدة وأساليب مفيدة.

وكذلك تنمية ملكة تفهم الوقت، وهذه ملكة هامة تقرع جرس في الوقت المناسب، معلنة أن وقت الاجتماع قد إنتهى، أو أن موعد المقابلة التالية قد أزف، أو أن هذه المهمة لن تنتهي بالوقت المحدد وينبغي إتخاذ إجراء، أو التنبيه بأن العمل الذي تقوم به استغرق وقتاً أكثر مما يستحق. 

تنمى هذه القدرة بقدرات ذاتية من خلال الملاحظة و الدراسة والمقارنة والتدرب والاستنباط.

   كما تنمى القدرة بمساعدة خارجية بالتدريب على المهارات والرقابة والمتابعة الذاتية والتوجيه والتوعية.  ويتم هذا ضمن برامج تتبناها بعض المؤسسات التي تهتم بتطوير مهارات وتوجهات ومسلكيات موظفيها.

المهارات والأدوات

من أهم طرق إدارة الوقت هو التمكن من بعض المهارات والتمرس على بعض الأدوات، وهي مكملة لبعضها في كثير من الحالات، فلامتلاك مهارة تحتاج أن تتقن أداة أو أكثر لوضعها موضع التطبيق.  وهذه المهارات والأدوات يمكن تعلمها بالتدريب، وخصوصاً الأدوات، أما المهارات فإنها بحاجة إلى تدريب وممارسة.

هناك العديد من الأدوات والعديد من المهارات، فيما يلي نستعرض بعض المهارات وبعض الأدوات:

المهارات :

1.    مهارة تحديد الأولويات:

وهي مهارة مهمة جداً تخدم أغراض عديد من بينها تحسين التعامل مع مورد الوقت، ومن بينها أيضاً تحسين القدرة على صنع القرارات. وتكمن أهمية تحديد الأولويات من وجهة نظر إدارة الوقت في تحديد تراتبية تنفيذ عدد من المهام المعروضة على فرد أو فريق،  مطلوب تنفيذها ضمن إطار زمني محدد، أو أن تنفذ من قبل من، أو أن تنفذ أو لا تنفذ.

وتحديد الأولويات مهارة، كما هو مشار إليه أعلاه، ينبغي إمتلاك ناصيتها بالتعلم والتمرس والتدرب على الأدوات.

بداية، ينبغي تفهم البعد النسبي للأولوية، فما هو ذو أولوية عالية لشخصٍ ما ليس بالضرورة أن يكون كذلك بالنسبة لشخص آخر. والأمر ينطبق على المؤسسات والأقسام في المؤسسات.

يتم تحديد الأولويات بناء على معايير، هذه المعايير لها علاقة بالأهداف، البعيدة المدى والقريبة المدى.  كما لها علاقة بالقدرة على تمييز مايضيف قيمة للجهد المبذول لتحقيق هذه الأهداف، وهذه بحد ذاتها مهارة مبنية على ملكة يمكن تنميتها.

مثال:

عقد دورة تدريبية للإدارة الوسطى حول بناء الدافعية؛ التدريب يساعد على تعزيز مهارة أعضاء الإدارة الوسطى على تحفيز مرؤوسيهم،  ينجم عن ذلك دافعية أفضل وانتماء أعمق، الأمر الذي يرفع الإنتاجية ويحسن جودة المخرجات ويخفض الكلف، وهذا قطعاً يتماها مع أهداف المؤسسة مهما كان شكلها.

قرار عقد دورة تدريبية للإدارة الوسطى يجب أن يُعطى أولوية عالية، بالموافقة عليه ( صنع قرار ) وعدم تأجيله ( إدارة وقت ) ومنحه مساحة زمنية أكبر بالدراسة والمتابعة ( تخصيص الموارد ) لضمان مخرجات أفضل. 

 

– أداة مصفوفة المهم والمستعجل،

 

 

مهم

قليل الأهمية

مستعجل

أعلى أولوية

ثاني أولوية

غير مستعجل

ثالث أولوية

رابع أولوية

مصفوفة المهم والمستعجل

لكي نتمكن من استخدام هذه الأداة بنجاح ينبغي أن نعي تماماً معنى " المهم " و" المستعجل ".  المهام والأعمال المهمة، هي الأعمال التي تخدم أهداف المؤسسة، أهدافنا.  أي تصب في صالح المؤسسة.  أما المهام والأعمال المستعجلة فهي ناجمة عن خطأ أو تقصير في الأداء، وهي مهام مرتبطة بالماضي، أي يُفترض أن تكون قد نفذت. وبما أنها لم تنفذ فقد عادت لتفرض نفسها بقوة ومسلحة بإطار زمني غير قابل للتفاوض.  تعد المهام المستعجلة مهام مهمة بالنسبة لطرف آخر، زبون مثلاً.

في إدارة الأداء عموماً ينبغي أن نتجنب أن يكون لدينا مهام مستعجلة، فهي مربكة وتفرض علينا تقديمها على مهام عزيزة علينا ونستمتع بتنفيذها.

طريقة استخدام هذه الأداة – المصفوفة – تتم باستعراض المهام المطلوب منا تنفيذها، بحيث نسأل " هل هذه المهمة مهمة ؟"، " هل هذه المهمة مستعجلة ؟ "، ثم نقوم بتوزيع المهام على المربعات الأربعة.   فنعرف كل مجموعة من المهام أي أولوية تستحق، فنبدأ بالأولى ثم الثانية فالثالثة، وقد نؤجل الرابعة أو نكلف بها أحد أعضاء الفريق.

تخدم هذه الأداة عدة أغراض؛ أولها غرض عام وهو معرفة طبيعة المهمة، وماذا تخدم، وهذا يجعلنا نعتاد أن نفكر فيما نقدم على عمله من مهام وأعمال، مما ينجم عنه تفهم أعمق لعملنا، بحيث لا نضيع وقت على شيء لا يستحق.

أما الغرض الثاني فله علاقة بإدارة الوقت، حيث تقدم لنا هذه الأداة التراتبية المثلى للتعامل مع المهام المراد تنفيذها، بحيث تعطى الأولوية الأولى للمجموعة الأولى من المهام " مهم ومستعجل "، والتي تم وضعها في المربع الأيمن العلوي. وتعطى الأولوية الثانية، كما هو مبين في الشكل، للمهام المدرجة في المربع الأيسر العلوي " المستعجل والقليل الأهمية " .  وتعطى الأولوية الثالثة للمهام المدرجة في المربع الأيمن السفلي " المهم وغير المستعجل " .  أما الأولوية الرابعة والأخيرة ( وهي بالتالي ليست أولوية على الإطلاق ) فتعطى للمهام المدرجة في المربع الأخير، الأيسر السفلي.

أما الغرض الثالث فهو تقرير من ينفذ المهمة، وذلك بناء على طبيعة المهمة وقدرات أعضاء الفريق وتنوع مهاراتهم.

إن القدرة على تحديد الأولويات، سواء كانت قوية أم ضعيفة، تظهر بوضوح على أداء المدراء والقادة والساسة.  فذوي الأولويات المرتبكة تكون طروحاتهم مترنحة، غير ثابتة، فهي أشبه بحول العيون أو عرج الأرجل. وهذا ما يجعل خطابهم غير مفهوم ولا يلقى تجاوب غالبية الناس.        

2.    مهارة العمل بسرعة:

يقاس أي عمل بمقياسين أساسيين وهو مدة إنجازه ومدى مطابقته لما صنع من أجله-أي الجودة. وهذا ما يعطي أهمية خاصة لمهارة العمل بسرعة.

لذلك فإن التمرس على هذه المهارة مفيد ومريح وله جوانب اجتماعية.  هناك مثل شعبي يقول " كل مثل الجمال وقم مثل الرجال "، ففي الولائم، من المحرج للمرء أن يستمر في الأكل حتى النهاية، فينصح المرء أن يتعلم الأكل بسرعة – مثلما تأكل الجمال – لكي ينتهي بسرعة ولا يتعرض لحرج.  وإذا بقينا في مجال الأكل، فإن الفرق بين الشخص السريع والبطيء لا يقل عن نصف ساعة في وجبتين كل يوم.  أي أنه يهدر 15 ساعة في الشهر، أو 180 ساعة في السنة، أو 900 ساعة في 50 سنة.  وهي مدة زمنية ليست بالقليلة.  ويمكن أن نرى أنها أكبر من ذلك بكثير إذا ما احتسبنا الوقت المهدور يومياً في طقوس أخرى مثل قهوة الصباح والحمام وارتداء الملابس وغير ذلك.  فالعمل بسرعة .. يطيل العمر!.

إن مهارة العمل بسرعة لها أبعاد حضارية ولها دلالات عميقة فهي تنم عن تقدير الفرد  الوقت واحترامه.  وبتقديري، لا يوجد ما يسمو على هذه القيمة كمؤشر حضاري.  لذلك ينبغي علينا جميعاً أن نتمرس على العمل بسرعة سواء كان الواحد منا مديراً أو ربة منزل أو سكرتيرة أو عامل إنتاج أو مزارع .. جميعنا نتفق على أهمية الوقت، أو هكذا يفترض.

كيف نتمرس على العمل بسرعة:

العمل بسرعة حالة ذهنية بالدرجة الولى فالأمر يتطلب قراراً بعدم هدر الوقت والإنجاز السريع والتمرس على ذلك.  كما يتطلب تنمية القدرة الضرورية لذلك.

كنت أضرب مثلاً بالعمل بسرعة بالفران، الذين كان يعمل بالأفران ما قبل الآلية، كان الواحد منهم يحرك كل عضلة في جسمه لساعات طويلة، يذرف فيها كميات كبيرة من العرق، يفعل هذا على الرغم من أن العمل مرهق ومتعدد المهام، فقد كان يتضمن رق العجين ووضعه داخل بيت النار وإخراجه والتحدث مع الزبائن ومحاسبتهم. كنت أجد هذا يصلح مثلاً يحتذى به لإقناع المشاركين في الدورات التدريبية، ولكن قبل أسابيع حضر إلى منزلي كهربائي  للقيام ببعض التعديلات وبعض اعمال الصيانة.  أثار إعجابي الشديد لسرعته في الإنجاز، فتركت مشاغلي وبدأت أدرسه.  لعل ملاحظاتي التي سجلتها تشكل جواباً للسؤال المدرج أعلاه، كيف نتمرس على العمل بسرعة؟.

من الواضح أن هذا الرجل كان لديه الدافعية والأسباب والرغبة بأن ينتهي من العمل بسرعة، كما كان واضحاً أنه معتاد على العمل بسرعة لأن عمله كان ممنهجاً ولم يحاول اختصار أي عمل. 

أعتقد أن أهم أسلحته كانت معرفته الفنية العالية والتنظيم والتخطيط.  فقد كان كهربائي جيد يمتلك الخبرة والمعرفة، أنجز كل شيء قام به بشكل صحيح، فلم يضطر لإعادة أي عمل أو أي جزئية.  وكان منظماً؛ يعرف أين وضع كل قطعة عدة وأين ترك كل الأجزاء التي فكها، لم يكن يضيع جزء من الثانية في البحث عن شيء احتاجه. وكان يعمل وكأنه لديه خطه، فقد كان دائماً يعرف الخطوة التالية، فلا يتردد ولا يتساءل.  أي إنسان يمكن أن يكون مثل صاحبنا إذا:

أ‌-     تشكلت لديه الرغبة في السرعة، واقتنع بأهميتها وكان لديه أسبابه.

ب‌- امتلك القدرة على أن يسرع، التي تتطلب مهارة فنية والتمكن من الأدوات ( امتلاك الأدوات والقدرة على استخدامها ) وتوفر بعض القدرات الذاتية، مثل اللياقة البدنية.

ت‌- معرفة العمل، أي معرفة المطلوب وتسلسل خطوات إنجازه، وهذا قد يتطلب بعض التخطيط.

ث‌- معرفة مكان العمل، بما في ذلك أدوات الإنتاج، حتى لا يضيع الوقت في الإستكشاف.

ج‌-  معرفة الفريق، في حال العمل الجماعي، معرفة أعضاء الفريق وإمكانات وطباع كل واحد منهم. 

العمل بسرعة ثقافة culture of speed يمكن بثها واعتيادها.

من أهم ما يعيق العمل بسرعة كثقافة ونهج هو الأعمال الخاطئة، حيث يضطر الشخص او الفريق لإعادة العمل rework .  وهذا يتطلب التمرس على العمل بدون أخطاء من خلال التدرب على العمل الصحيح من المحاولة الأولى first time right ، وهو نهج دعى إليه بعض الباحثين و يتطلب الالتزام الكامل بجودة المخرجات بحيث لا يعاد عمل او جزء من عمل – أي لا يتم إصلاح أخطاء. 

العمل الصحيح من المرة الأولى يخفض الكلف ويحسن الجودة ويرفع معنويات العاملين.  وهذا يمكن تطبيقه بصورة نسبية من خلال التوعية والتدريب والتحفيز.

العمل بدون أخطاء والعمل الصحيح من المرة الأولى يمكن ان يصبح نهجاً شخصياً، فيصبح الشخص المتمرس على ذلك أسرع من ذي قبل في إنجاز أي عمل، كما يكسبه ذلك احترام الزملاء والرؤساء.

 

 3- مهارة حسن التوقيت:

لكل قرار يُتخذ توقيت  مناسب للتنفيذ، كثيراً ما يكون إختيار التوقيت المناسب أحد أهم عوامل نجاح مضمون القرار.  لذلك ينبغي على صانعي القرارات أن ينموا لديهم مهارة حسن التوقيت.

لقد أخفقت طروحات وفلسفات وأفكار عظيمة لأنها طُرحت قبل أوانها، أي بسبب سوء التوقيت.  كما فقدت الكثير من الطروحات والأفكار قيمتها وإنعدم أثرها بسبب أنها تأخرت لأيام أو أسابيع، أي بسبب سوء التوقيت كذلك.

لقد امتاز الكثير من القادة العظام بحسن التوقيت، بل قد يكون القدر الأكبر من عظمتهم مستمد من ممارسات أحسنوا توقيتها، تأمل في قرار الهجرة الذي اتخذه الرسول الكريم وكيف أحسن توقيته، وكيف أخَر هجرته بالذات ليختار التوقيت الأفضل.

هذه المهارة يمكن تنميتها لمن يرغب بالممارسة ودراسة المفاضلات بين التوقيتات المطروحة لمقارنة إيجابيات وسلبيات كل توقيت.  وبتحليل أثر كل توقيت على النتائج المرجوة.

وهذا يتطلب قوة تمكن صاحب القرار من عدم الرضوخ لأصحاب المصالح، ممن قد يمارسون عليه الضغط، والذين قد تكون لديهم توقيتات خاصة مغايرة.  وكذلك عدم الرضوخ لبعض الناصحين الذين اتخذوا قراراتهم تحت مؤثرات عاطفية أو مزاجية.

حسن التوقيت يعني تقديم الطرح أو تنفيذ القرار أو الإعلان عن سياسة في وقت يكون فيه الناس أكثر استعداداً للقبول، بل يكونوا كمن ينتظر هذا الطرح وهذا القرار وهذه السياسة.  حسن التوقيت ينبغي أن يحدث عندما يكون الخصوم في أضعف حالاتهم ويكون الحلفاء في أقوى حالاتهم.  وهذا كفيل بضمان النتائج.

 

4.    مهارة مراعاة المواعيد punctuality

هل تذكرون رواية 80 يوماً حول العالم، هذه الرواية التي طٌبعت عشرات المرات في عشرات اللغات وعُمل منها أفلام سينمائية ومسلسلات تلفزيونية ورسوم متحركة.  في بداية الرواية يُوصف بطلها على أنه دقيق في مواعيده لدرجة أنه يمكن ضبط ساعتك على موعد خروجه من البيت، أو موعد عودته إليه.  هذه المهارة، التي تمرس عليها حتى أصبحت عادة، أفادته كثيراً في رحلته حول العالم، التي راهن على إتمامها بثمانين يوماً، وفي الحقيقة لولا هذه المهارة لخسر الرهان.  فكيف يمكن لأحدنا أن يصبح مثل بطل الرواية؟.

تتحقق هذه المهارة بتحقق الرغبة لدى الشخص المعني، الرغبة القائمة على القناعة والتفهم لأهمية أن يراعي المواعيد ويتجنب الإحراجات والخسائر وفقدان الاحترام الناجم عن عدم مراعاة المواعيد.

وتحتاج مهارة مراعاة المواعيد امتلاك المرء لمهارة الحس السليم بالوقت، وهي أن يعِ على الدوام كم مر من الوقت وكم تبقى منه، في أي ظرف وأثناء القيام بأي عمل.  كما تعني تطوير القدرة على احتساب الوقت المطلوب، أو تقديره، لأي عمل يقوم به.

وتتحقق، كذلك بضبط النفس وترويضها بالابتعاد عن التكاسل والتأجيل واللامبالاة وكافة القيم والأفكار السلبية التي تدفع بالإتجاه السلبي.  مثل بعض الأمثال الشعبية الإنهزامية التي تحتوي على موروثات سلبية، مثل " كل تأخيرة فيها خيرة " و أبغضها إلي كلمة " معلش" التي تشكل غطاءً لكثير من الممارسات السلبية ومن بينها عدم الالتزام بالمواعيد.

ومن الضروري إجراء بعض الحسابات على الورق أو بدون ورق، يمكن أن يبدأ المرء باستخدام جدول، يضع فيه كافة جزئيات الوقت المطلوب للوصول إلى مكان الموعد.  فمثلاً من أجل أن أصل إلى المطار الساعة العاشرة، ينبغي أن أتفهم وأحسب الوقت المطلوب لارتداء الملابس وأمنح وقتاً للمصعد، إذا كنت أسكن في بناية، ووقت إخراج السيارة من الكراج، إذا كنت سأذهب بسيارتي، ووقت للحصول على تكسي، إذا كنت سـأستقل تكسياً،    ووقت الرحلة إلى المطار، ووقت إيجاد موقف، إذا كنت أعيش في العالم الثالث.  إحتساب هذه الأوقات جميعاً غير كافي، فقد يكون المصعد معطلاً، وقد أجد عجل السيارة مبنشر، كما قد يكون السير معطلاً بسبب حادث إلخ.. هذه تحتاج إلى وقت إحتياط، ولكن ما هو إحتمال أن تحدث كل هذه المعطلات معاً؟. الإحتمال قليل.  لذلك يمكن احتساب إحتياطي إجمالي وإضافته إلى المجموع والتنفيذ بناء على ذلك، فلا يجوز إضافة وقت إحتياط لكل جزئية.

لنتذكر أن الوصول مبكراً أكثر مما ينبغي يشكل، كذلك، هدراً للوقت.

إن الذي يعتاد أن يحسب الوقت المستغرق للوصول إلى مكان الموعد سيترسخ لديه نهج، فلا يعود يحتاج إلى ورق لإجراء عمليات حسابية، فتصبح نهجاً فطرياً لا يحتاج إلى الكثير من الجهد.

لقد أصبح التأخير عن المواعيد جزء من واقعنا اليومي، فلو وجهت سؤالاً لعدد من الأشخاص: ما هي العبارة التي يبدأ بها مقدم أي جاهة؟.. لكان الجواب الفوري، دون تردد: الاعتذار عن التأخير.

                                                                           

5.    مهارة الحس بالوقت sense of time :

الحس بالوقت ليس من بين الحواس التي يتمتع بها الإنسان، ولكن هذه الحاسة موجودة بشكل متفاوت واختياري لدى بعض الناس، ولكنها لا ترتقي إلى مستوى الحواس الخمس الموجودة لدى غالبية الناس. 

فالإنسان لا يمكن أن يستشعر حجم الوقت ومقداره بشكل دقيق، لا يمكن أن يحل محل الساعة مثلاً أو يستغنى عنها، ولكن يمكن أن يتمرس على عدد من القدرات التي يمكن أن تشكل لديه مهارة حس كافي بالوقت تدعم مهاراته الأخرى المتعلقة بالوقت والتعامل معه، وإن صح، إدارته.

هذه القدرات يمكن أن تساعد على:

·      الإحساس بمقدار الوقت الذي مر منذ بدء عمل.

·      الإحساس بأن موعد عمل شيء معين قد أزف.

يمكن القول أن هذا ممكن بالاستعانة بساعة مثلاً، أو تعيين ميقاتي أثناء القيام بعمل، مثل اجتماع، ولكن الأمر يتعدى ذلك، فالساعة والميقاتي لا يتوفران على الدوام، كما أن تطوير هذه القدرات لدى الإنسان تعني الارتقاء بعلاقاته مع الوقت، ويعني تفهم أعمق.

تفهم أعمق لإيقاع الوقت ولمحطاته، وهذا تقدير قيمته، وقيمة الوقت لا تحمل المقدار نفسه على الدوام، ففي نهاية الوقت المخصص لإمتحان، قد يتمنى الممتحن خمسه دقائق مقابل سنة من عمره.

   

6.    مهارة تخصيص الوقت time allocation للمهام :

هذه من المهارات العملياتية للإداريين وتكتسب أهمية خاصة في إدارة المشاريع وفي إدارة العمليات الانتاجية.  وهي تتطلب القدرة على تخصيص حصة محددة من الوقت لكل مهمة أو مرحلة من مراحل مشروع أو جزء من عمل، بحيث يكون التوزيع عادل ويضمن أن كل حصة مناسبة من الناحية الفنية والإقتصادية.  أي أن الوقت المخصص يكفي لإنهاء العمل بدون إرتباك ومؤثرات سلبية على العمل والعاملين، هذا من ناحية، ومن ناحية الأخرى، أن لا يكون الوقت طويل، بحيث يتسبب بترهل. والمقياس هو الكفاءة.

وهذا يتطلب من الشخص – مدير المشروع مثلاً - الذي يريد أن ينمي هذه المهارة لديه أن يتعلم ما يلي:

·      القدرة على تقسيم أعمال المشروع إلى مهام أو نشاطات صغيرة.

·      القدرة على تقدير الوقت المعياري لكل عمل أو مهمة أو نشاط.

·      استخدام معادلة لاحتساب الوقت:

الوقت المطلوب=الوقت المعياري×الكمية×الكفاءة÷عدد العمال.

لتوضيح المعادلة نستعرض هذا المثال، فإذا افترضنا ان المراد تقدير الوقت المطلوب لتركيب 600 متر من أنبوب بقطر معين من قبل فريق من 4 عمال، فالمطلوب من مدير المشروع أن يعرف المعادلة، وأن يعرف عماله وأن يستطيع أن يقدر كفاءتهم بشكل معقول وأن يقدر الوقت المعياري للمتر الطولي.  هذا سيمكنه، بحسبة بسيطة أن يحدد الوقت المطلوب لتركيب 600 متر طولي من الأنبوب.

هذه المهارة يمكن أن تتطور بحيث لا تحتاج إلى معادلات وحسابات كل مرة، كما يمكن الاستفادة منها حيث يتعذر إستخدام المعادلات والحسابات.

7.    مهارة تحديد موعد بدء العمل:

هذه مهارة هامة تشبه إلى حد كبير مهارة الحس بالتوقيت، ولكنها لها أبعاد أخرى؛ فإن كثير من حالات التأخير تنجم عن تأخير بدء العمل وليس التأخير ( البطء ) في تنفيذه.

وينجم تأخير البدء عن أسباب كثيرة بعضها لا مبرر له، فلا يتعدى أن يكون كسل ولامبالاه وحسابات خاطئة.  والبعض الآخر قد يكون ناجم عن تأخير في الأعمال السابقة للعمل والتي يعتمد عليها ويشكل استمراراً لها وبناءً عليها.

بدء مشروع  أو مرحلة من مشروع أو تنفيذ مهمة في موعده يمنح المشروع فرصة أكبر أن ينتهي في موعده المحدد كذلك، لذلك ينبغي الإصرار على أن يحدث ذلك، وهذه قضية تتعدى توفر المهارة أو عدمها إلى أهمية أن يكون صانع القرار ( لنقل مدير المشروع ) حازماً.

  أدوات  إدارة الوقت:

استعرضنا عدد من الأدوات أثناء استعراض مهارات إدارة الوقت، وهناك أدوات أخرى نستعرضها فيما يلي:

1.     ” قائمة الأعمال ”  to-do-list ، وهي قائمة الأعمال التي ينبغي إنجازها في اليوم أو في الأسبوع أو الشهر، ولكنها في الغالب يومية.  وقد تكون صفحة في مفكرة agenda أو صفحة على الإكسل، أو لوح أبيض على الحائط ، أو ورقة لاصقة على المكتب  sticky note .

وفي كل الأحوال، قائمة الأعمال تشكل أداة تنظيم وأداة تخطيط، كما هي أداة قياس وتقييم.  هناك قوائم جاهزة التصميم، كما يمكن تصميم قائمة خاصة يظهر فيها:

o     المهام والأعمال المطلوبة

o     وضع كل مهمة – الأولوية – الإطار الزمني

o     ملاحظات عن كل منها – أهميتها – توقيتها – كيفية تنفيذها

o     ملاحظات الإنجاز – قياس وتقييم الأداء بعد إنتهاء اليوم

o     ملاحظات بما تم عمله..

يستحسن إدراج الإعمال في القائمة بشكل مصنف إلى تصنيفات تسهل التعامل معها. يمكن تصنيف الأعمال والنشاطات على النحو التالي:

أ‌-     الأهمية

ب‌- الاستعجال

ت‌- إمكانية التكليف

ث‌- مقدار الوقت المستغرق

ج‌-  أعمال فردية أم جماعية

ح‌-  أعمال مرتبطة بموعد ثابت

خ‌-  أعمال بحاجة لإعداد خاص

د‌-    أعمال ذات وقع خاص

هذه التصنيفات تساعد على اختيار كيفية التعامل مع كل مهمة أو نشاط وعلى تراتبيتها في جدول أولويات اليوم.

هذه القائمة ينبغي إعدادها في مساء اليوم السابق، استعراضها بعناية في بداية اليوم ودراستها في آخره.  هذه الدراسة المجردة المفصلة، يوماً بعد يوم، تمكن المرء من الارتقاء بقدراته ومهاراته وعلاقاته مع الوقت إلى أسمى المراتب.

 

2.    المنبه :

يعد المنبه أداة تقليدية من أدوات إدارة الوقت، فهو يذكر بوقت المواعيد.  وقد يكون المنبه ساعة طاولة من النوع القديم، كما قد تكون ساعة إلكترونية أو خلوي أو لاب توب أو جهاز إلكتروني من نوع ما.  كما يمكن للمنبه أن يكون إنسان، مثل السكرتير.

من أجل أن يكون التعامل ناجعاً مع المنبه ينبغي الانصياع لإملآته، كما يتطلب ذلك حسن ضبطه، فهو يعمل كما يطلب منه، فإذا طلبنا منه شيئاً بطريقةٍ خاطئة، فسيملي علينا إملآت خاطئة.  

3.    جدول الأولويات- مصفوفة المهم والمستعجل urgent & important

وقد تم التطرق إليها فيما سبق من هذا الفصل.

4.    جدول الأولويات – مصفوفة الوقع والصعوبة     impact & difficulty

هذه الأداة تستخدم مصفوفة تساعد على المفاضلة بين المهام والأعمال المدرجة على جدول الأعمال اليومي ( أو غير اليومي ) لشخص أو مؤسسة من منطلق أثرها ووقعها على مسيرة المؤسسة وأهدافها العامة وصعوبة تنفيذها، فتعطى الأولوية القصوى للأعمال عالية الأثر والتي تتطلب جهداً أقل، أي قليلة الصعوبة. 

 

 

عالية الوقع

متدنية الوقع

قليلة الصعوبة

أعلى أولوية

ثاني أولوية

عالية الصعوبة

ثالث أولوية

رابع أولوية

مصفوفة الوقع والصعوبة

 

5.    جدول الأولويات–مصفوفة القيمة المضافة والتكلفة added value & cost

هذه الأداة تعمل بنفس الطريقة كسابقتها، ولكنها تفاضل بين المهام على أساس القيمة المضافة والتكلفة.  فتدرج المهام جميعها في المربعات الأربعة، فيظهر لدينا مجموعة من المهام تضيف قيمة عالية بكلفة متدنية، هذه تنفذ بأولوية عالية.  وعلى العكس من ذلك يوجد في المربع الأسفل على اليسار مجموعة من المهام المكلفة والتي لا تضيف الكثير من القيمة، هذه المهام يمكن إهمالها أو إعطاءها أولوية متدنية.

 

 

عالي القيمة المضافة

متدني القيمة المضافة

قليل التكلفة

أعلى أولوية

ثاني أولوية

عالي التكلفة

ثالث أولوية

رابع أولوية

مصفوفة القيمة المضافة والكلفة

6.    دمج المهام:

وهي أ داة تنفيذية بالدرجة الاولى تساعد على توفير الوقت من خلال دمج المهام المتشابهة وتنفيذها معاً.  وهذا يضمن أن يكون مجموع وقت تنفيذ المهام مجتمعة أقل بكثير من مجموع أوقات تنفيذ كل مهمة على حدة.

7.    تقسيم المهام:

بعض المهام يمكن توفير وقت التنفيذ إذا ما تم تقسيمها. فبعض المهام تتكون من أجزاء متباينة في طبيعتها، كإن يكون جزء منها مكالمة تلفونية والجزء الباقي يتطلب تداول مع بعض الزملاء، فيمكن إجراء المكالمة في وقت آخر، في أثناء الطريق إلى العمل مثلاً، فهذا يوفر وقت الزملاء.  

هناك بعض المهام يمكن تقسيمها إلى عدد من المهام الأصغر بحيث يتم توزيعها على عدد من أعضاء الفريق، فيتم إنجاز كل جزء بالتوازي مع الأجزاء الأخرى فيخفض الوقت الكلي للتنفيذ بشكل ملحوظ.

هذه المهارة تنمى بالممارسة.   

8.    صنع الوقت: ( اصنع الفراغ -  املأ الفراغ )

في سياق العمل اليومي يمكن للمرء أن يصنع الوقت، أي أن يصنع فراغ، ثم يقوم بملء هذا الفراغ.

هذا يتم بالعمل على ضغط الوقت المخصص لنشاطين متتابعين، بحيث يتم توفير قليل من الوقت، لنقل عشرة دقائق، ولاستغلال هذا الوقت ينبغي أن يكون لديه بعض الأعمال التي تستغرق ما يقارب من عشرة دقائق.

9.    القيام بعملين في آن واحد:

يمكن توفير الكثير من الوقت بدمج بعض الأعمال والقيام بها بذات الوقت.  مثال على ذلك الاستماع إلى نشرة أخبار أثناء حلاقة الذقن.  يمكن أن يتمرس الإنسان على مثل هذا الأسلوب، أو على مثل هذه الأداة فيوفر الكثير من الوقت.

  فوائد إدارة الوقت

جميعنا نعرف أهمية الوقت وأهمية التعامل الأنجع مع الوقت، ولكن مع ذلك سندرج فيما يلي فوائد إدارة الوقت، عسى أن تجعلنا أكثر تحفزاً للتحول نحو علاقة أفضل مع الوقت:

1)    توفير الوقت – الاضطرار للعمل لعدد ساعات أقل.

2)    تعزيز المصداقية للأفراد والمؤسسات.

3)    تعزيز التنافسية للمؤسسات.

4)    تجنب التعرض للإحراج.

5)    تحسين العلاقة  مع الآخرين.

6)    كسب احترام الزملاء والمجتمع.

 

الأبعاد الثقافية لإدارة الوقت :

أولاً: نبذ عادات مهنية سلبية مثل،

o     الكسل، الذي ينجم عنه عدم العمل أو البطء بالعمل أو تأجيل العمل.

o     الميل إلى التأجيل، كثرة التأجيل ينجم عنه هدر كبير في الوقت وانعدام إمكانية التنظيم والتخطيط.

o     التكرار، تكرار الكلام، في الاجتماعات والمكالمات التلفونية يطيلها ويضيع الكثير من الوقت.

o     كثرة الأخطاء، الأخطاء تحتاج إلى تصليح والتصليح يحتاج وقت، وهذا، في الغالب، يكون على حساب عمل آخر. وهذا يسبب ارتباك وهدر وارتفاع كلف. 

o     المقاطعة، المقاطعة في الاجتماعات والأحاديث يتسبب في الكثير من الوقت المهدور، إضافة إلى سلبيات هذه العادة السيئة الأخرى.

ثانياً: تبني عادات مهنية إيجابية، مثل،

o     الشجاعة الأدبية التي تمكن صاحبها من إنهاء مكالمة تلفونية بلباقة عندما ينشغل، ويتمكن من الطلب من ضيف، بلباقة أيضاً، أن ينصرف عندما يحين وقت عمل آخر، ويتمكن كذلك أن يعتذر لزائر مفاجئ عن مقابلته لأنه مشغول.

o     الاختصار، الاختصار في الحديث يوفر وقت المتحدث والمتلقي على حدٍ سواء، وهذا ينطبق كذلك على التقارير.

o     سرعة القراءة، سرعة القراءة توفر الكثير من الوقت، وهي مهارة يمكن اكتسابها.

o     تحسين مهارة التواصل، التواصل السيء يضيع الكثير من الوقت، ولذلك ينبغي تحسين مهارات وقنوات التواصل من أجل فوائد كثيرة، من بينها اختصار وقت التواصل، وهو وقت ليس قليل.

لصوص الوقت:

درج استخدام هذا التعبير، لصوص الوقت time culprit  لوصف الممارسات والعادات التي تتسبب في إضاعة الوقت وهدره وإرباك الخطط والبرامج، من بين هؤلاء اللصوص:

1)    التخطيط السيء، التخطيط غير الموفق يربك العمل ويضيع الكثير من الوقت بشرح الخطة وتعديلاتها وغير ذلك من الإرباكات.

2)    التعامل مع الازمات، أو الاضطرار للتعامل مع الأزمات التي تفرض نفسها على الأجندة اليومية. فالأزمة، في كثير من الحالات، تحدث فجأة، فهي غير مبرمجة ولم يخصص لها وقت مسبقاً، لذلك يتم التعامل معها على حساب أعمال أخرى. 

3)    عدم التكليف، أي إمتناع المدراء عن تكليف مساعديهم وأعضاء فريقهم ببعض الأعمال، ويفضلون قيامهم بها مهما كان ذلك مرهقاً، وهذا يزحم أجندة هذا المدير ويضيع وقته مما يضطره للعمل لساعات أطول.  ويمتنع بعض المدراء عن التكليف لأسباب كثيرة بعضها يتعلق بتخوفات على مناصبهم واعتقادهم أن المساعد المقتدر يشكل خطراً على مديره، وأن التكليف يعزز اقتداره.  التكليف نهج منطقي يريح المدير ويقوي المؤسسة.  

4)    الاجتماعات غير الضرورية، يدمن كثير من المدراء عقد الاجتماعات، ويطيلونها، وهذا هدر لعدد ليس بالقليل من إداريي المؤسسة، الأمر الذي يعني شلل المؤسسة التام أثناء استمتاع المدير بالاجتماع. ينبغي عقد اجتماعات عند الضرورة فقط، وحصرها بذوي العلاقة فقط وعدم إطالتها.

5)    الفوضى والتراكمات، يتسبب غياب التنظيم والتخطيط والتنفيذ الفوضوي بهدر الكثير من الوقت.  كذلك تفعل التراكمات، وهي الأعمال المرحلة من يومٍ إلى آخر، فهي تنفذ، في الغالب، على حساب عملٍ آخر، وهذا يسبب إرباك واضاعة وقت.

6)    الأشخاص السلبيون، والسلبيون، إن كان هذا التوصيف منصفاً ودقيقاً، لا يعبهون بالوقت، وخصوصاً عندما يكون وقت الآخرين.  فإذا كانوا زوار فيأتون بغير موعد ويمكثون طويلاً، متجاهلين جميع الإيحآت بأن.. هناك إجتماع سيعقد، أو أن مضيفه مطلوب لعمل في مكان آخر أو أن هناك مراجعين.  وإن كانوا زملاء فستعاني منهم الأمرين.  هؤلاء ينهبون الوقت، فينبغي التعامل معهم بحزم.

7)    المواقف السيئة من الجودة، بعض العاملين في المؤسسات الانتاجية والخدمية لا يؤمنون بأهمية الجودة، سواء كانت جودة منتجات أو جودة خدمات، هؤلاء يهدرون وقتهم ووقت المؤسسة بسبب تدني جودة مخرجاتهم، هذه المخرجات متدنية الجودة بحاجة إلى وقت لتصليحها وللتعامل مع استياء الزبائن.

8)    المكالمات التلفونية، قلما تأتي المكالمات التلفونية بموعد، فهي تطرق الأبواب حسب ما يناسبها من توقيت، كما أن المتحدث على الطرف الآخر لا يتفهم وضع المتكلم معه.  لذلك ينبغي التحلي مع المكالمات التلفونية بشيءٍ من الشجاعة الأدبية من أجل اختصارها أو حتى تأجيلها، إن لزم.  

 

نصائح لتحسين إدارة الوقت

هناك عدد كبير من النصائح tips أعدها بعض الباحثين وهي تتشابه كثيراً، النصائح التالية تتضمن الكثير من الاستعارات من هؤلاء الباحثين كما تتضمن نصائح لها علاقة بواقعنا الثقافي والاجتماعي والتنموي:

أولاً: تجنب إدارة الأزمات وترحيل الأولويات:

يقول الباحث الأميركي المختص بالعلوم الإدارية، بيتر دركر، أن ” إدارة الأزمات هي في الواقع النمط المفضل من قبل معظم المدراء ”، وأعتقد أن هذا صحيح، وهو أكثر صحة في عالمنا العربي، حيث يفضل معظم إداريينا، عن لا وعي في الغالب، التعامل مع الأزمات بدلاً من العمل على تفادي وقوعها.  وهذا نمط متخلف من الإدارة، فهو لا يسعى لمنع حدوث أزمة، وإنما يسعى لحلها بعد وقوعها وكأنه ينتظرها .  وهو يجعل أدنى وأبسط أنواع التخطيط غير ممكن.  وهنا يضيع الوقت في وسط الفوضى.

ثانياً: تعامل مع التلفون بنجاعة:

تجنب المكالمات الطويلة، وتعلم كيف تنهي مكالمة واختر الوقت المناسب لمكالماتك.  المكالمات التلفونية، كثيراً ما تكون من لصوص الوقت، فلدينا الكثير من الممارسات المعوجة في هذا المجال.  فمعظمها مطولة، مليئة بالتكرار والمقدمات الطويلة وكثير منها سيء التوقيت.  وعلى الجانب الآخر يصعب الحد من آثارها، فيصعب اختصارها أو إيقافها، كما يصعب عدم استلامها.  وتعود هذه الممارسات، كما يعود العجز على مواجهتها إلى أسباب ثقافية تتعلق بأساليب التربية الدارجة بمجتمعاتنا والحساسيات المرتبطة بها.

من أجل تحسين التعامل مع المكالمات التلفونية ينبغي التحلي بشيءٍ من الشجاعة الأدبية وعدم التردد من أن تقول بلباقة للمتكلم أنك مشغول، فتعتذر عن الاستمرار بالمكالمة أو، ببساطة، تطلب اختصارها.  وبذات الوقت ينبغي إختيار الوقت المناسب لمكالماتك ومكالمات الآخرين.  ومن أجل البدء بمكالمة متوقع أن تكون طويلة ينبغي التأكد من ظروف الطرف الآخر وقدرته على استقبالها، قبل البدء بها. 

المكالمات التلفونية وسيلة تواصل عظيمة أضافت إلى الحياة المهنية والاجتماعية شكلاً خاصاً ونجم عن ذلك مزايا كثيرة، من أهمها توفير الوقت.  فلنتخيل المقارنة؛ كان البديل هو القيام بزيارة الطرف الآخر شخصياً أو إرسال مراسل برسالة أو استخدام البريد أو إرسال برقية، وهذه جميعاً بدائل أكثر كلفة وأقل كفاءة، فلا يجوز أن نفسد هذه الوسيلة ببعض الممارسات السلبية.         

ثالثاً: تجنب حالة غياب الأولويات والأهداف:

طبعاً، عندما نضطر أن نتوقف ونتسائل " ماذا نفعل؟. " عند كل مفترق طرق، فإن كثير من الوقت يضيع في محاولة وضع اجابة على ذلك.  لذلك ينبغي أن يكون لدينا إجابة مسبقة، نظهرها ونستعد للتعامل وفقها قبيل الوصول إلى مفترق الطرق الافتراضي الذي نتحدث عنه.  وهذا يتطلب وضع أهداف وتحديد أولويات، والعمل على نشرها والتوعية بأهميتها على طريق تعزيز الحس بالإتجاه، وهذا كفيل بأن لا يضيع الوقت في الاختيار عندما تعرض الاختيارات.

رابعاً: لا تنتهج أسلوب ” الرغبة بعمل كل شيء ”:

هذه قضية شخصية بالدرجة الأولى، فبعض المدراء، ولأسباب مختلفة ومتفاوتة، ينزعون إلى التصدي للقيام بكثير من الأعمال أو حتى بجميع الأعمال، فلا يتركون شيئاً للآخرين، كما لا ينتهجون نهج تكليف مرؤوسيهم ببعض المهام.  وهذا يزحم جدول أعمالهم اليومي بشكل يتسبب بارهاقهم وتضطره للعمل لساعات أطول، كما ينجم عن ذلك تدني المخرجات بشكل حتمي.

يقدم بعض المدراء على هذا النهج أما لعدم ثقتهم بقدرة المساعدين وإعتقادهم أنه أسهل عليهم أن يقوموا بالعمل بأنفسهم، بدلاً من تكليف أحد أعضاء الفريق ومتابعته تكراراً، الأمر الذي يستغرق وقتاً أكثر.  كما يمتنع البعض الآخر عن التكليف لعدم إيمانهم بأهمية تنمية مهارات وقدرات هؤلاء المساعدين.  وهذا نهج ضار للمؤسسة، حاضرها ومستقبلها، وضار للشخص نفسه.

توزيع أعباء العمل وتمرير بعض الأعمال والمهام للمساعدين ( التكليف ) نهج منطقي ومفيد للمؤسسة وللأفراد، كما يجعل استغلال وإدارة الوقت أنجع.  وعلى العكس من ذلك فالإمتناع عن التكليف يؤدي إلى عدم إنجاز المهام بشكل كامل ويترك هناك ملفات مفتوحة وغير مكتملة ويعطي إحساس زائف بالإنجاز.

 

خامساً: تجنب التكليف غير الفعال:

والمقصود بالتكليف غير الفعال هو تكليف غير المؤهلين بالقيام ببعض الأعمال، فهذا يحتاج متابعة تستغرق وقتاً من قبل المدير الذي قام بالتكليف، قد يكون طويلاً، وقد يكون أطول بكثير مما لو قام هذا المدير الذي قام بعملية التكليف بتنفيذ العمل بنفسه.  وهنا، ومن وجهة نظر إدارة الوقت، لا يعد قرار التكليف صائباً.  ولكن من وجهة نظر تنمية الموارد البشرية وإعداد الكفاءات، فهناك وجهة نظر أخرى.  لذلك ينبغي على المدراء إعداد مساعديهم من أجل أن يكون التكليف موفر للوقت ومفيد لهم وللمؤسسة بذات الوقت، وتحمل نتائج متواضعة في هذه الأثناء.

القاعدة العامة تقول: " إذا كان أحد الأشخاص يستطيع القيام بـ 80% من العمل فكلفه بذلك العمل ". 

في المفاضلة بين أن نكلف أو لا نكلف، عندما تكون نتائج التكليف المتوقعة متواضعة، مما قد يضطر المدير لإعادتها لإجراء بعض التغييرات، الأمر الذي يحتمل حدوث تأخير،   ينبغي أن نأخذ طبيعة المهمة بعين الإعتبار، فالحالات المستعجلة لا تحتمل ذلك، وكذلك الحالات المتعلقة ببعض الزبائن المستائين، حيث لا يجوز المجازفة بتقديم خدمات متدنية الجودة أو متأخرة لهم تزيد من إستياءهم.

 

سادساً: تعامل بإيجابية وشجاعة مع الزوار المفاجئين:

الزوار المفاجئون جزء من واقعنا اليومي، فكثير من الإداريين يشكون من ذلك.  وتتعقد هذه المشكلة أكثر في عالمنا العربي حيث يتوجب معاملة الضيف معاملة خاصة وإكرامه ومنحه ما يريد من الوقت.  وكثير من الزوار الذين يأتون إلى أماكن العمل يتوقعون المعاملة ذاتها، وكأنهم ضيوف على بيت، وهذا غير ممكن، فالشخص المقصود بالزيارة موظف في شركة وله وصف وظيفي يملي عليه القيام بمهام محددة تملأ عليه يومه، وسيجد نفسه محرجاً. لقد آن الأوان أن يفهم الزائر أن هذا مكان عمل، وأن ينعتق الموظف الضحية من هذه القيود الإجتماعية ويتحلى بقدر كافي من الشجاعة الأدبية التي تمكنه من أن يقول لضيفه " آسف، لا أستطيع استقبالك، فهذا مكان عمل، وأنا مشغول ".

كثير من الأشخاص، بعضهم زملاء في نفس المؤسسة، يدخلون عليك قائلين: ” تسمح قليلاَ ”.. ويمكثون لوقت لا يمكن وصفه بالقليل.  إحذر هؤلاء وتعرف على نوعيتهم، فوقتك لا يهمهم، ولا يكترثوا لمقاطعتك، مهما كان العمل الذي تقوم به.  إن التعامل مع المقاطعات من أفضل المهارات التي يمكن إكتسابها من أجل إدارة وقت أفضل، سواء كانت بزيارة أو مكالمة تلفونية أو مقاطعة أثناء الحديث في إجتماع.

 

سابعاً: لا تؤجل:

التأجيل ممارسة سلبية لا نكاد نجد لها إيجابية واحدة، وهو اللص الأكبر للوقت.  لذلك يجب العمل على التقليل منه.  في القديم نصح العرب بعضهم بعضاً بالقول المشهور " لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد ".  فهناك أعمال مرتبطة بأطر زمنية يفترض أن تنفذ ضمن هذه الأطر. هناك أعمال مرتبطة بأيام، تم ربطها بقرار منك أو بخطة عامة، لو تم تأجيلها، ففي الأحوال العادية ستضاف إلى أعمال اليوم التالي، وهذا سيسبب إرتباك، فاليوم التالي له برامجه وأعماله، مما قد يسبب إزدحام الأعمال وغالباً ما يسبب تأجيل آخر، وهكذا. وهناك أحوال غير عادية، يتسبب فيها التأجيل بخسائر مادية، غرامات تأخير، وإحراجات وإستياء زبائن.

كما ينجم عن التأجيل، في بعض الحالات، فقدان العمل للتوقيت المناسب لتنفيذه، فيكون وقع تنفيذه باهتاً وأثره ضعيف.  كما أن كثرة التأجيل تخلق حالة من الترهل وتعزز قيم تستسهل التأجيل.

إن الإكثار من التأجيل يقلل أهمية التخطيط، فهو يعبر عن حالة عدم إحترام للمواعيد والأطر الزمنية التي يقوم عليها التخطيط وبالتقيد بها ينجح.

التأجيل ممارسة سلبية، فلنعمل اليوم ما ينبغي أن نعمل اليوم، فنحن نعرف اليوم الذي نعيش، أما الغد فهو يوم لا نعرفه، ولا نعرف ما سيأتي به.  على هذه الخلفية يمكن القول أن تأجيل عمل إلى اليوم التالي قد يعني أن لا ينفذ هذا العمل نهائياً.

     

ثامناً: كن قادراً على القول ” لا ”:

الكثيرون منا لا يستطيعون قول " لا " رداً على سؤال مثل، هل أنت مشغول؟. وهو سؤال يعني هل تملك الوقت حتى أسترسل في الحديث.  كما يعجز كثيرون منا على القول " لا  تحضر فأنا مشغول "، أو عبارات أخرى بذات المغزى.

يجد الكثيرون صعوبة في قول لا، لكيلا يغضبوا الآخرين، وحتى لا يعد ذلك فظاظة من قبلهم.  ولكن إن لم تفعل ذلك فستخسر معركة الوقت، سيضيع الوقت الذي كنت قد خصصته لمراجعة ملف محدد استعداداً لاجتماع بعد قليل.  أو سيضيع الوقت المخصص لمكالمة تلفونية كنت قد وعدت بها في ذلك الوقت.

لا بد أن نتعلم أن نكون أكثر صراحة وأن ندع ما يمكن أن يسمى نفاق إجتماعي وأن نقول لا عندما يلزم قول لا، بلباقة وإحترام.

تأكد أن ذلك لن يتسبب بخسارة لأحد، فربما إستطاع الضيف تلخيص قضيته وعرضها بثلاثين ثانية، حيث، ربما، يأتي الجواب منك بثلاثين ثانية أخرى، لدى الباب.  تفعلان ذلك بينما يدك اليسار على كتفه ويدك اليمين تحاول الامساك بيمينه مودعاً.   

 

تاسعاً: تعامل بنجاعة مع الاجتماعات:

سواء كنت مديراً لإجتماع أو مشاركاً فيه، ينبغي العمل على التقيد ببعض القواعد التي تحد من إطالة الاجتماعات، وهي إحدى أهم طرق هدر وقت الإدارة العليا في الشركات.  قبل أن نتحدث عن إطالة الاجتماعات وما يسببها، نود أن نتساءل عن مبرر عقد الإجتماع، فهل كان ضرورياً في المقام الأول؟.  الكثير من الاجتماعات يمكن تجنبها، والاستعاضة عنها بأشكال أخرى من التواصل والتداول.

تطول الإجتماعات بتأخير اكتمال عدد الحضور، وهو نهج دارج في كثير من الشركات، وغالباً ما يكون المتأخر هو المدير.

تطول الاجتماعات بسبب الخروج عن الموضوع، حيث قد ينخرط المجتمعون في الحديث في قضية شخصية أو في السياسة، فيضيع وقت ثمين.

تطول الاجتماعات بتكرار المداخلات، ويتم ذلك بطريقتين؛ إما أن يكرر الشخص نفسه مداخلته حتى يضمن إيصالها للجميع، أو أن يعيد شخص طرح وجهة نظر أو مقترح أو نقد قام أحد زملاءه بطرحه.  وهذا مضيعة للوقت في كلتا الحالتين.

يضيع الكثير من الوقت في الاجتماعات بسبب الشللية والمزاجية والمماحكات الناجمة عنهما، والتي قد تتسبب في نقاشات حادة لا تفيد القضية التي اجتمع بسببها المجتمعون بشيء، وهذا مضيعة للوقت بقدر ما هو مضيعة لماء الوجه.

يضيع الوقت في الاجتماعات التي لم يعد لها جيداً.

يضيع الوقت في الاجتماعات إذا لم تدرس قائمة المشاركين جيداً.  وهذا قد يتطلب إستدعاء فلان أو علان، وهذا يستغرق وقتاً.

يجب الحد من عدد الاجتماعات وتقصير مدتها حتى لا يضيع وقت ثمين لعدد كثير من الأشخاص من أعضاء الإدارة العليا أو الوسطى.  في بعض الشركات يتوقف العمل تماماً أثناء هذه إجتماعات وتغيب كبار الإداريين عن مواقع عملهم.

 

عاشراً: تجنب العمل بدون الاستناد على معلومات كاملة :

من أجل تنفيذ عمل ما، بإقل ما يمكن من الوقت، ينبغي للفرد أو للفريق أن يعرف الخطوة التالية قبل من أن ينتهي من الخطوة الحالية، وهذا يتم بالمعلومات والإعداد الجيد، إن لم يكن تخطيطاً شاملاً ومفصلاً.

لا يجوز الإقدام على عمل دون معرفة معلومات كافية عنه وعن المطلوب وضمن أي ضوابط، العمل القائم على التخمين لايمكن أن يُنجز بكفاءة، أي بوقت قليل، فسيهدر الكثير من الوقت في كل خطوة؛ في رسم معالمها وتقرير كيف تسير وهذا يمكن توفيره في الإعداد وتوفير المعلومات.

 

حادي عشر: تجنب التوتر والعمل تحت الضغط :

العمل تحت الضغط وما ينجم عن ذلك من توتر وارتباك يضعف من قدرة الإنسان على تنظيم وقته والتعامل معه بنجاعة.  التوتر يتسبب كذلك في هدر الكثير من الوقت بسبب الإنفعالات وبسبب التردد الناجم عن تراجع قدرة الإنسان على الاختيار، الاختيار الضروري لصنع القرارات.  لذلك ينبغي للمرء أن ينظم نفسه بصورة أفضل وأن يقلل من أثر الأزمات الشخصية على عمله. 

كما ينبغي على الشخص الذي يطمح لتبوء مواقع إدارية متقدمة أن يتمرس على العمل تحت الضغط بنفس الوقت الذي يعمل فيه على تخفيض معدلات الضغط في أوساط العمل الذي يعمل فيها. 

إن التخطيط الجيد والتوزيع المنصف والمنطقي للموارد كفيل بتحييد الكثير من مسببات التوتر، التي تتسب، عادةً، بمزيد من التوتر وبهدر الكثير من الجهد والوقت.

 

ثاني عشر: تجنب التردد:

التردد قاتل، إحسم أمرك، قبل البدء بعمل.  ينبع التردد عن أسباب موضوعية وأسباب ذاتية.  فعدم توفر معلومات أو توفر معلومات متناقضة يتسبب في حالة التردد، كما أن وجود وجهات نظر متعارضة تقدم النصح لصاحب القرار تجعله يتردد.  كما يمكن أن ينشأ التردد عن طبع متأصل في صانع القرار يجعله دائم التردد.

التردد يستهلك وقت غالباً ما يكون ثمين.  ينبغي العمل على نبذ نهج التردد وتحييد الأسباب والعوامل وحتى الأشخاص الذين يتسببون في خلق حالة التردد.   القائد الجيد لا يظهر تردده، في حال وجوده، فالتردد معدي ويتسبب الإحباط في أوساط العاملين. 

 

ثالث عشر: حسن التواصل مع الآخرين:

التواصل السيء يهدر الوقت.  يضيع الوقت في نقل المعلومات،فنقل المعلومات يستغرق وقت أطول في حال ضعف قنوات الاتصال وضعف قدرات أطراف عملية الإتصال.  كما أن وقت طويل يضيع في معالجة الاخطاء الناجمة عن عمليات الاتصال الخاطئ.

ينبغي العمل على تحسين مهارات التواصل لدى العاملين في المؤسسة، كما ينبغي تعزيز قنوات التواصل فيها.  وبالنسبة للأفراد يجب أن يعمل الفرد على تعزيز قدراته ومهاراته بالتدريب وتبني عادات حسنة تحسن من التواصل مثل الانصات الجيد وعدم مقاطعة الآخرين.

التواصل مهارة حيوية بحد ذاتها لها دواعي كثيرة تحض على تعزيزها، تحسين إدارة الوقت واحداً منها.  

 

رابع عشر: خطط جيداً:

العمل القائم على خطة يسير بشكل أسلس وأسرع، مهما كان العمل ينبغي أن توضع خطوط عريضة لتنفيذه، لذلك اتفق على خطة عمل واضحة مع أعضاء الفريق وتجنب انعدام الوضوح في الاهداف والأولويات.  وضوح الاهداف يعرف العاملين بالاتجاه، فيسير الجميع بإتجاه واحد، وهذا يعني تكامل جهودهم وعدم تعارضها.

ومعرفة الأولويات تفيد الفريق في تحديد الخطوة التالية دون إضاعة الوقت في الكثير من المداولات والنقاشات.

التخطيط الجيد، وإعتياد الفريق أن يعمل وفق خطة كفريق، يختصر وقت التنفيذ بشكل كبير. يفضل بعض الإداريين إطالة مدة التخطيط ( إعداد خطط مفصلة حتى لو إستغرق ذلك وقتاً طويلاً ) من أجل تقصير مدة التنفيذ، فهم يعرفون تماماً أن العمل أو المشروع المخطط جيداً، ينفذ بوقت أقصر. 

 

اختبار مهارة إدارة الوقت:

الإختبار التالي يمكن إستخدامه لاختبار هذه المهارة لدى الآخرين، كما يمكن للمرء أن يختبر نفسه.  يتكون الاختبار من 33 سؤال تتعلق بالوقت والتعامل مع الوقت بحيث تكشف الإجابة عليها موقف الشخص موضع الاختبار من الوقت وكيفية تعامله معه.  بناء على الإجابة يمكن منح كل سؤال صفر أو علامة أو علامتين أو ثلاثة، بحيث تكون الثلاثة للحالة الأفضل.  ثم تجمع الاجابات. 

يمكن تقييم الشخص موضع الاختبار بناء على المجموع.  فتختلف التقييمات من حالةٍ إلى أخرى ومن ثقافة إلى أخرى، فلا يجوز تطبيق مقاييس مستوردة.

الاختبار يتطلب قدر من الموضوعية والتجرد للحصول على نتائح أفضل، فيما يلي أسئلة الاختبار:

1.    هل تعرف ما عليك عمله في يومك بشكل مسبق؟.

2.    هل خططت لعملك في اليوم السابق؟.

3.    هل تحتفظ بأجندة ( مفكرة ) ؟.

4.    ما مدى إلتزامك بالأجندة؟.

5.    هل تتجنب التعامل مع الأعمال المستعجلة بكثرة؟.

6.    هل تميز بين المهم والمستعجل في الأعمال التي تنجزها؟.

7.    هل تقدم المهم أم المستعجل؟.

8.    هل تميز الأعمال التي لا تحتاج إلى تركيز؟.

9.    هل تكلف ؟.

10.                   عندما تكلف هل توفر وقت فعلاً؟.

11.                   هل يزيد وقت متابعة عمل المكلف عن وقت تنفيذ العمل بنفسك؟.

12.                   هل تتجنب تأجيل أعمالك كثيراً؟.

13.                   هل تحضر إلى الإجتماعات بالموعد؟.

14.                   عندما تدير إجتماعات هل تحرص على عدم إطالتهاً؟.

15.                   هل تلتزم بالمواعيد؟.

16.                   هل تتجنب التنقل من عمل غير مكتمل إلى عمل آخر؟.

17.                   هل تتجنب أخذ عمل أكثر من إستطاعتك؟.

18.                   هل تضع لنفسك مواعيد للانتهاء من مهام تقوم بها؟.

19.                   هل تحدد للآخرين مواعيد وتتابعهم بناء على ذلك؟.

20.                   هل تنهي مقابلة عند انشغالك ؟.

21.                   هل تملك القدرة على إنهاء مكالمة تلفونية بلباقة؟.

22.                   هل تقول لأحد أن لا وقت لديك له؟. 

23.                   ما مدى إحساسك بمرور الوقت؟.

24.                   كيف قدرتك على تقدير الوقت المطلوب لتنفيذ عمل؟.

25.                   هل تتجنب بدء أعمالك متأخراً؟.

26.                   كيف ترى مهارة التخطيط لديك؟.

27.                   كيف ترى مهارة الجدولة لديك ؟.

28.                   كيف تقيم قدرتك على الإستفادة من وقت الإنتظار؟.

29.                   كيف تقيم قدرتك على تقسيم الأعمال إلى مهام أصغر؟.

30.                   هل تسلم طلبياتك ومشاريعك في موعدها؟.

31.                   كيف تتقبل تأخر الموردين في توريد طلبياتهم؟.

32.                   هل تلتزم بمواعيدك مع الآخرين؟.

33.                   هل تلتزم بدفع إلتزاماتك ( فواتير، ضرائب ) بموعدها؟.

مورد الوقت يمتاز عن الأنواع الأخرى من الموارد بأن له سمات مغايرة وخصوصيات فريدة.  فالوقت قد يكون ببعض الظروف متوفر بكثرة، وقد يعز، في بعض الظروف الأخرى،  حتى لا يُقدر عليه بأي ثمن.  وقد يكون أحياناً وفي بعض الحالات هو أساس مقياس الأداء الأهم، بينما لا يكاد يكون له ذكر في حالات أخرى.

في جميع الأحوال ينبغي التحول عن الممارسات السلبية المتعلقة بالتعامل مع الوقت كمورد إلى ممارسات إيجابية تستند على ثقافة تقدر الوقت وعلى التمرس على استخدام أدوات تيسر ذلك.

 
 

 


تعليقات

لا يوجد تعليقات

الإسم 
البريد الإليكتروني (ليس للنشر)
التعليق
هل توافق على الانضمام لمجموعتنا البريدية؟
  أرسل

 

Counter