الفصل السادس - إدامة الجودة - كتاب ثقافة الجودة الشاملة
 
 


 

 

إدامة الجودة

 

 

الإستمرارية :إدامةالجودة ( منع التراجع ):

في المصانع القائمة والمستقرة، حيث تطبق نظم وتعليمات راسخة، وقطعت شوطاً كبيراً في التدريب، وتوفرت كافة العوامل الأخرى التي تساعد على نتائج جيدة فيما يتعلق بالجودة والأداء العام، تصبح المهمة الملقاة على عاتق الإدارة هي إدامة الجودة بنتائجها الجيدة والمقبولة. أي منع حدوث تراجعات.

وفيما يلي أهم وسائل إدامة الجودة :

 

o       تطبيق النظم والتعليمات

من أهم عوامل إدامة الجودة التقيد بالنظم والتعليمات.  فالنظم والتعليمات وجدت من أجل معايرة العمل في خطوط الإنتاج standardization . ومن أجل تنظيم عمليات الإنتاج، وتحييد الاجتهادات الشخصية التي قد يكون بعضها مزاجي، أو ينقصه الخبرة، طبعاً مع وجود هامش حرية معقول لإعطاء المجال للمبادرة والإبداع لأن يلعبا دوراً باستمرار ، ولكن لكلٍ قواعده.  إن النظم والتعليمات، وإن كانت تبدو معيقة وتقيد حركة العاملين، إلا أنها خلاصة تجربة طويلة ( أو هكذا يُفترض دائماً) وغنية ولذا يتوجب أن تُحترم وتُتبع أو.. تعدل.  ومن أجل تعزيز هذا الاحترام يتوجب إشراك الجميع في ورش عمل مخصصة لمراجعة النظم والقوانين والتعليمات بحيث يكون صوت الجميع مسموعاً، ويأخذ النقاش حقه.  

 

o       تجنب التصميمات المعقدة:

يُعتبر تبني تصميمات صعبة ومعقدة حقل ألغام ينبغي، في العموم ، تجنبه.  وهذه ليست دعوة للبعد عن التصاميم التي تنضوي على تحدي وتزيد من تنافسية المؤسسة الصناعية.  ولكن عندما يتوفر الخيار يتوجب اللجوء الى التصاميم السهلة التي لا تؤثر سلباً على المستوى العام للجودة وعلى كفاءة خطوط الإنتاج، يتوجب التذكر دائماً أن إستمرارية المؤسسة الصناعية يعتمد على نجاحها بتحقيق أرباح.

 

o       تجنب عمليات الانتاج المعقدة:

كما هو معروف إن إنتاج قطعة ما يتطلب عدد من العمليات الإنتاجية processes  ، وهذه العمليات تختلف في بساطتها وتعقيدها عن بعضها البعض، حتى لو أدت الغرض نفسه.  ولذلك يتوجب اختيار العمليات السلسة، التي يسهل على العاملين استيعابها وبسرعة، بحيث تقصر فترة التعليم وتتضائل فرص إنتاج قطع تحتوي على عيوب في الإنتاج.  هناك عمليات إنتاج غير قابلة للتحقيق، كما أن هناك أخرى يمكن أن تتحقق، ولكنها تترك حالة من الإحباط في أوساط العاملين في خط الإنتاج ينتج عن ذلك إرتفاع نسبة أخطاء الجودة. 

ولتجنب التصاميم والعمليات غير العملية يجب أن تكون حالة التواصل بين قسمي التصميم والإنتاج قوية، بحيث يسهل تمرير المعلومات في الاتجاهين بحيث يتفهم القائمين على قسم  التصميم إمكانات الإنتاج وكذلك يتفهم القائمين على قسم الإنتاج متطلبات التصميم، الذي قد يلجأ أحياناً، تحت وقع غايات تسويقية لاعتماد تصاميم غير معتادة، وقد تكون معقدة. 

 

o       التقارير

إن وجود منظومة تقارير شفافة أمرٌ أساسيٌ لأداءٍ جيدٍ في المؤسسة الصناعية.  ولكي تؤدي دورها، كأداة ( أو مجموعة أدوات ) ينبغي أن تكون مصممةً جيداً لخدمة غرضٍ محدد، وأن تُدخل فيها بياناتٍ دقيقة، وأن تكون جاهزة في الوقت المناسب والأهم أن تُقرأ وأن تُستنبط منها النتائج والاتجاهات trends والتحولات والتراجعات والتحسنات الخ.. 

 

o       تحضير خطوط الإنتاج للمنتجات الجديدة:

عند طرح موديل جديد ينبغي إعداد خط الإنتاج لاستيعاب الموديل الجديد وفهمه والتدرب على إنتاجه، وكذلك معايرة الماكينات وتزويدها بالملحقات المناسبة. كذلك تشجيع العاملين وتحفيزهم على عدم التخوف من الموديل الجديد، وتجاوز الفترة التعليمية بأسرع ما يكون وبأقل الخسائر.  وهذا التحفيز يُستحسن أن يكون بشقيه المعنوي والمادي.

وهذا يتم من خلال الاجتماع التمهيدي pre-production meeting الذي استعرضناه في فصلٍ آخر.  وكذلك بإعطاء دور أكبر لفنيي الإنتاج لتدريب وتوجيه العاملين، وكذلك لحل المشاكل التي تواجه عمليات الإنتاج، وتبسيط الصعوبات المتضمنة في عمليات الإنتاج للمنتج الجديد حيثما وُجدت.  كما أنه قد يكون من المفيد أن يعمل خط الإنتاج بمواد تجريبية على سبيل التدرب على المنتج الجديد ليتجنب إتلاف المواد المخصصة للطلبية الأساسية، والتي قد يصعب تعويضها.

   

o       صيانة الماكينات  وجاهزيتها

إن صيانة ماكينات الإنتاج وبقاءها في حالة جاهزية دائمة، يقلل من فرص تراجع الجودة الى حدٍ بعيد.  في كثيرٍ من الصناعات تتجاوز خسارة المصنع الخسارة المعادلة لتوقف الماكينة لمدة إصلاحها، بل قد تصل إلى أضعاف ذلك، لأن خط الإنتاج يتكون من عددٍ  من الماكينات التي يعتمد بعضها على بعض.  كما يتعدى ذلك إلى تدني نوعية المنتجات نتيجةً لكون الماكينة في حالة لا تؤدي دورها بالشكل السليم، وهي أيضاً ليست في حالة عطلٍ تماماً لكي يتم إيقافها.  في هذه الحالة يبدأ بالظهور سيلٌ من المنتجات غير المطابقة للمواصفات.. ينتظر من يكتشفها ويسعى لاتخاذ إجراء بصددها. 

 

o       فحص مدخلات الإنتاج

من أهم ضمانات الخروج بمنتجات عالية الجودة هو استخدام مواد خام ومدخلات إنتاج خالية من العيوب.

إن هذه المدخلات، بحد ذاتها، هي منتجات مصنع آخر، وبالتالي غالباً ما تكون قد خضعت لنظام جودة يسمح بمرور نسبة متدنية من الأخطاء، كما أنه من الممكن أن تمر الأخطاء بنسبةٍ أعلى مما يُعتقد نتيجةً لأسباب مثل تراخي نظام الجودة المعمول به في المصنع المُنتج لهذه المدخلات.  لهذه الأسباب يتوجب إخضاع هذه المواد لعملية فحص قبل إدخالها إلى خطوط الإنتاج، وإعداد تقرير بذلك، وتوجيه تحذير لخطوط الإنتاج في حال وجود نوع معين من العيوب في المدخلات، لتوخي الانتباه ولضمان عدم نقل هذه العيوب إلى المنتج الجديد. وهذا يتطلب محطة خاصة مركزية، بالقرب من مكان تنزيل البضائع الواردة. 

كما يمكن أن يتم الفحص في بداية خطوط الإنتاج.  بل إن قيام مشرف الإنتاج بتفقد مدخلات الإنتاج قبيل البدء بالإنتاج، أمرٌ ضروريٌ جداً وعادة حميدة، ويجب مراعاة صرف المواد من المستودع إلى خط الإنتاج في وقت يسمح لاستيعاب أي مفاجئات غير سارة قد تحدث عند تفقد المشرف لهذه المواد.

 

 

o       الحفاظ على الدافعية ومحاربة الإحباط:

من أهم أسباب تراجع الجودة في خطوط الإنتاج  تدني الدافعية وتفشي حالة الإحباط في أوساط العاملين.  وتتراجع الدافعية نتيجةً لأسباب عادةً ما يسهل فهمها من قبل المشرفين المتمرسين، والذين يتبعون أساليب علمية وإنسانية في إدارة خطوطهم تجعلهم أقرب إلى عمالهم وأقدر على فهمهم.  فالإخفاقات المتكررة والإحساس بالظلم من بين أهم الأسباب التي عادةً ما تسبب تدني الدافعية بين العاملين، الأمر الذي يستدعي إزالة الأسباب أولاً ، او إزالة سوء الفهم ، إذا كان الأمر كذلك ، ثم المضي في عملية إستعادة الثقة ،  سواء الثقة بالنفس او الثقة بالإدارة.  وهذا يتطلب الحديث المباشر مع العمال ، وتذكيرهم بمنجزاتهم السابقة .   

 

o       ملاحظة التراجع ( الإنذار المبكر ):

من المفروض ان يُظهر المشرفون على الإنتاج ملكة القدرة على ملاحظة التراجع في مرحلةٍ مبكرةٍ جداً من بدء ظهوره.  وعلى عكس ذلك ليس من المقبول على الإطلاق أن يستمر خط الإنتاج بالعمل على إنتاج منتجات غير مطابقة للمواصفات نتيجة لظهور عيب أو اكثر في الإنتاج دون أن يلاحظ ذلك أحد. ولهذا يجب أن تكون قوة الملاحظة قوية لدى القائمين على الخط بحيث يلاحظون التراجع بمراحله الأولى. وهذا له إيجابيات  كثيرة منها تجنب الوقوع في أزمة جودة قد تكون حادة.  وكذلك تقليل الخسائر في المواد والوقت والالتزام بمواعيد التوريد الخ..

 

o       التعامل مع الأسباب النمطية للتراجع ومنع حدوثها:

تعمل معظمالمصانع بإنتاج منتجات متشابهة، وهي بالتالي تعمل بتكرار سيناريوهات إنتاج مرت بها سابقاً بظروفها كافة، مع تغييرات طفيفة.  وبالتالي ليس من الكثير أن نطلب من القائمين على خط إنتاجٍ معين ( مدير الإنتاج ومشرف الإنتاج ومشرف الجودة )، استذكار المشاكل والصعوبات التي واجهها الخط عند البدء بإنتاج منتجٍ معين، كان خط الإنتاج قد قام بإنتاجه منذ زمن، والعمل على تجنب الوقوع بهذه المشاكل قبل ظهورها.  وهذا يوفر الكثير من الجهد والوقت والمال.  إن إتباع هذا النهج في العمل واعتياده، سرعان ما يأخذ طابعاً مؤسسياً، ويصبح جزءاً من ثقافة المؤسسة وتقاليدها.

 

 

 

 

o       تجنب الرتابة في العمل:

يتصف العمل في الصناعة بأنه متكرر، على عكس العمل في قطاعات الإنشاءات والخدمات وغيرها.  ومن المعروف أن التكرار يؤدي الى الرتابة التي غالباً ما ينشأ عنها إحساس بالملل. وكما هو معروف فإن الإحساس بالملل ينجم عنه أعراض سلبية عديدة، وخصوصاً في أوساط الطاقم الإشرافي والإدارة الوسطى.  من بين هذه الأعراض الإستخفاف بالتعليمات والتراخي في تطبيقها.  وضعف ملاحظة التغيرات بما في ذلك التراجعات.  وكذلك عدم توخي الدقة في إعداد التقارير، والإستخفاف بالتقارير عموماً.

إن الرتابة تقتل الإبداع ويجب العمل على " كسرها " بشتى الطرق.  من بينها تنظيم نشاطات على شكل إحتفالات ومسابقات وغير ذلك..

إن قتل الرتابة أمرٌ يتجاهله بعض الإداريون ولا يعتبرونه موضوعاً يستحق النقاش، أو العلاج. ولكن هناك مشرفون متمرسون بوسائل قتل الرتابة، تجدهم يُبدعون في إيجاد ما يرفه عن عمالهم ويعيد إليهم نشاطهم.

 

إن الوسائل والأدوات المدرجة في هذا الفصل، وغيرها مما يستطيع المتعامل اليومي مع الإنتاج والجودة أن يبتكر، إنها جميعاً وسائل وقائية تسعى إلى الحفاظ على الوضع المستقر على استقراره من خلال منع التراجع.  فيصبح " منع التراجع " هدفاً للخطوط المستقرة، وهو هدف لا يتطلب كثيراً من الجهد لتحقيقه، بل يتطلب يقظة مستمرة ومراكمة تجارب.

 
 

 


تعليقات

لا يوجد تعليقات

الإسم 
البريد الإليكتروني (ليس للنشر)
التعليق
هل توافق على الانضمام لمجموعتنا البريدية؟
  أرسل

 

Counter