ثقافة الجودة الشاملة - الفصل الرابع - أهمية التدريب
 
 


الفصل الرابع

 

أهمية التدريب

 

إن التدريب هو الذي يخلق القدرة والمهارة المهنية، القدرة على ممارسة النشاط الأساسي للمؤسسة، ممثلةً بمهارات مهنية وفنية وإدارية.  أن التدريب هو الذي يصنع الجودة.  إن القدرة إذا ما إقترنت مع الرغبة ( الدافعية ) وتوفرت الوسائل والنظم فلا شئ يقف أمام الجودة من أن تصبح واقعاً معتاداً في المؤسسة الصناعية.

 

التوظيف

وهو خلق وسائل الجذب في المؤسسة الصناعية لجعل طالبي العمل يقبلون على العمل في المؤسسة عند توفر شواغر بها.  بحيث يلبي ذلك طموحاتهم بحياة مهنية مقنعة وتكون بالنسبة لهم مصدراً للرضى إن لم يكن للفخر أيضاً.  وتكمن أهمية ذلك في جعل هؤلاء الأفراد تتوفر لديهم النية في البقاء في المؤسسة لفترة طويلة، فلا يضيع الجهد المبذول عليهم هباء عند تركهم العمل في مراحل مبكرة بعد إتمام تدريبهم.  كما يسهل ذلك تنمية حالة الإنتماء لديهم وتعميقها. كما أن هناك جهد ينبغي أن يبذل قبل عملية التوظيف يتمثل في عرض المؤسسة على المجتمع كمؤسسة تولي الجودة أهمية كبرى، ويأتي هذا من خلال نشاطها في المجتمع المحلي وتفاعلها معه.  فيأتي المتقدم لوظيفة للعمل مع إستعداد مبدأي لديه للإهتمام بالجودة وإيلائها الأهمية التي تستحق. 

 

التدريب التقني الأساسي

وهو التدرب على إتمام العملية الإنتاجية، سواء كانت تتضمن التدرب على تشغيل ماكنة او اكثر، او تتضمن عمل يدوي. 

ويتم هذا من خلال عدة طرق تختار المؤسسات الصناعية ما يناسبها:

1.     تأسيس مركز تدريب دائم يعمل فيه مدربين متفرغين يشرفون على عملية التدريب. وهذا الخيار ينفع في المؤسسات الصناعية الكبيرة التي تبقى بحاجة مستمرة الى عمال جدد، سواء لتعويض النقص الناجم عن الإستقالات وإنهاء الخدمات الخ..او للتوسعات. إن وجود مركز دائم للتدريب يعطي المؤسسة الفرصة لمأسسة التدريب وتنظيمه، كما تزود المؤسسة بأداة منظمة للتدريب وإعادة التدريب ورفع المهارات وعقد الدورات الخ..

2.     الإستعانة يمؤسسات خارجية لتنظيم دورات.  بحيث تعقد دورات تؤهل المتدربين في مراكز تابعة لهذه المؤسسات او في المصنع نفسه.

3.     التدريب في خطوط الإنتاج حيث يتولى مشرفو الإنتاج التدريب. يفيد هذا الأسلوب في حال كون التدريب يقتصر على إعداد عمال جدد ليحلوا محل عمال تركوا العمل، وتركوا فراغاً ورائهم، وهنا يتوجب ملء هذا الفراغ للحفاظ على موازنة الخط.

وهنا يقوم المشرف بتدريب هذا العامل، وتعتمد نتائج التدريب على قدرات المشرف على التدريب ( كنشاط مهني بحت ) وعلى التعامل الإنساني مع شخص غالباً ما كان يخوض هذه التجربة للمرة الأولى في حياته، وبحاجة الى رعايةٍ أبوية، بقدر ما هو بحاجة الى تدريب مهني.

 

4.     تجارب مبتكرة: هذا مثال لتجربة عُمل بها في الشركة التي أعمل فيها، وهي إبتكار محلي تماماً. في هذه الشركة حيث جميع العاملات من الإناث، توكل العاملة الجديدة إلى عاملة قديمة تمتلك الخبرة والمقومات لتقوم بالتدريب والتوجيه. وتسمى" الأخت " ويتوقع منها تأهيل المتدربة ومساعدتها في الإنخراط في مجتمع المصنع الغريب عليها تماماً.  وهذا يتطلب تقديم الدعم المعنوي لها وتعريفها بالمكان والنظم والناس من حولها.

تقوم " الأخت "، التي غالباً ما تكون تعمل بالقرب من المتدربة، بتعليمها كيفية تشغيل الماكينة ومناولة المواد وإتمام العملية المناطة بها.  ثم تركز على قضيتين أساسيتين؛ وهما رفع الكفاءة وإتقان الجودة، من خلال التوجيه والتشجيع. حتى تصبح العاملة الجديدة تنجز العملية المناطة بها بكفائة  وجودة عاليتين.  وتنتهي عملية التدريب خلال أربعة اسابيع بحيث تبلغ كفائة العاملة المتدربة 70% وجودة متسقة مع الوضع العام.

وتستخدم لهذه الغاية تقرير يتابع من خلاله الإنتاج والكفاءة وأخطاء الجودة يومياً.

في نهاية الأربعة أسابيع تُكافئ " الأخت " والمتدربة بمكافئة مالية.

 

التدريب التقني المساعد

ونقصد هنا التدرب على جوانب إضافية تساعد في تحسين أداء العامل، مثل صيانة الماكينة التي يعمل عليها.  وطبعاً لا يهدف ذلك الى إلغاء دور فنيي الصيانة او الإستغناء عنهم.  وإنما القيام بعمليات صيانة بسيطة توفر وقت إستدعاء فني الصيانة وربما الإنتظار لبعض الوقت، مما يخفف الضغط عن فنيي الصيانة ويوفر الوقت لحالات صيانة أحوج للتركيز والحلول الجذرية، ويخدم كذلك غاية وقائية.

 

التوعية المهنية

ينبغي للمجهود التوعوي أن يكون مدروساً بحيث يخلق قناعات راسخة وعادات مهنية بناءة لدى المتلقي، تخدم أغراض المؤسسة على المدى القريب والبعيد.  مثل الإقتناع بأهمية الجودة بالنسبة للمؤسسة الصناعية، لبقاءها وتقدمها وبحبوحتها.  يجب أن يفهم الفريق بكاملة أن المصنع قام لغاية إنتاج سلع ذات جودة عالية، وإذا تعذر ذلك فالأفضل أن يتوقف المصنع عن الإنتاج.. إلى أن يتم إزالة الأسباب التي تحول دون ذلك.  إن الجودة هي من بين أهم العناصر التي جاءت بالزبائن، وهي التي تعطي المؤسسة شخصيتها وما يميزها عن غيرها من المؤسسات المنافسة . إن رضى الزبون غايةٌ يجب أن يحرص عليها جميع العاملين والعمال من بينهم، ويجب أن يعوا ما يسيئ الى هذا الرضى.

كما يجب أن تهدف برامج التوعية الى ترسيخ عادات مهنية مفيدة، والتي يُفترض أنها غير موجودة نظراً لطبيعة المجتمع في المنطقة المحيطة ومدى تطوره إجتماعياً وإقتصادياً، وذلك مثل:

·        الإنخراط في التشكيلة الإدارية للمؤسسة والإقرار بالمرجعية الإدارية وتقبل الأوامر والإنصياع لها والتقيد بالتعليمات، المهنية والغير مهنية.

·        تقبل النقد.

·        الإقرار بالخطأ وعدم الخجل من إشهاره والتحدث عنه.

·        التراجع عن الخطأ عند إدراكه.

·        عدم الخجل من طلب المساعدة عند الحاجة إليها.

·        نبذ ثقافة اللوم.

·        البعد عن المزاجية.

·        تبني أساليب هادئة عند المطالبة بأمرٍ ما، مع عدم التنازل عن الحقوق.

·        تعود الإنتماء إلى فريق والإنخراط فيه والعمل من خلاله.

·        إحترام الوقت والتعامل معه بإيجابية.

·        الإفتخار بالعمل والمؤسسة والمهنة. 

·        التعامل الموضوعي والبعد عن المزاجية.

رفع الكفاءة

بعد إتمام عملية التدريب الأساسي، يتوجب البدء بالتركيز على رفع كفاءة العامل المتدرب دون تأخير.  إن العامل الجديد الذي أكمل تدريبه للتو ويعمل بكفاءةٍ متدنية، لا يشكل طاقة مهدورة فحسب، ولكنه يتسبب في عدم موازنة خط الإنتاج، وبالتالي يتسبب في خسران طاقة إضافية اكبر. 

ورفع الكفاءة يمكن أن يتم من خلال أساليب وأدوات عديدة؛ مثل متابعة إنتاج العامل المستهدف كل ساعة وتدوينه في جدول خاص، مع تحفيز العامل على إنتاج رقم أعلى وأعلى حتى يصل الى الإنتاج الذي يعطي كفاءةً مقبولة، وطوال هذه المدة التي يعمل المشرف او مهندس صناعي او تقني إنتاج على رفع الكفاءة بإستخدام أساليب مختلفة، يتم إتخاذ بعض الخطوات لضمان الحفاظ على الجودة ضمن الحد المقبول، من خلال تعاون مراقب الجودة.  من الضروري جداً أن يعتاد العامل المتدرب أن يعمل بسرعة ( بكفاءة عالية ) دون التضحية بالجودة.

إن مفهوم العمل بسرعة، مفهوم يجب إستبداله بمفهوم العمل بكفاءة عالية.  والفارق بين العمل بسرعة والعمل بكفاءة، يتعلق بالتعامل مع الجزء الفعال من متوسط إنتاج القطعة او التعامل مع هذا المتوسط.

كمثال على هذه المقارنة نسرد الواقعة التالية:  شهدت منذ سنوات عملية تحميل بضاعة معبأة في كراتين موجودة في الطابق الثالث لبناية.  وكان العمال يحمل بعضهم ثلاثة او أربع كراتين تزن الواحدة منها 18 كغم ويهرولون على الدرج بحماس شديد لا يخلو من متعة ظاهرة. ولكن سرعان ما كانوا يتوقفون ليأخذوا إستراحة لم تكن قصيرة، رغم الإحتجاج الشديد لصاحب العمل.  لقد كان هذا الفريق يعمل بسرعة ( حين كان يعمل ) ولكنه لم يكن، بالمحصلة، يعمل بكفاءة عالية.

إن الوقت الفعلي المستخدم في إتمام عملية إنتاجية ما، لا يشكل إلا جزءاً بسيطاً من متوسط وقت إنتاج القطعة ( المحتسب بتقسيم الزمن المتاح ليوم إنتاج على كمية الإنتاج الفعلي في هذا اليوم ) أما الباقي، وهو ما يسمى من قبل كايزن بالوقت الغير فعال، فإنه يتكون من عدة أجزاء مثل المناولة ( مناولة المواد ) و الإنتظار waiting ( وهو الوقت الذي يهدر نتيجةً لتقصير مرحلة الإنتاج السابقة عن تزويد المرحلة التي تليها بالعمل ) وكذلك الوقت الضائع في صيانة الماكينات، والوقت الذي يمضيه العمال في الذهاب الى دورات المياه او الصلاة او التدخين او الحديث مع بعضهم البعض او العناية بالمظهر الخ..  

ولرفع الكفاءة ينبغي دراسة حجم الوقت المهدور، ونسبته إلى الوقت الكلي ( أي دوام الثماني ساعات )، والتعامل مع كل مكونٍ، من مكونات الوقت المهدور، على حدة، إما بالتقليص او بالإلغاء كليةً.  دون إغفال الجزء الفعال، وهو الذي يستخدم في الإنتاج الفعلي، الذي يجب أن يصبح أسرع من خلال تدريب أفضل ومناولة أكفأ.  وفي المحصلة تصبح العملية الإنتاجية اكثر كفاءة.

وأين الجودة من الموضوع؟.  يجب أن لا تغيب الجودة عن ذهن المدرب للحظة واحدة، وهذا سيترك أثره العميق على المتدرب.  فعند إصرار المدرب على تنفيذ حركةٍ ما بطريقةٍ ما بحيث ينجم عن ذلك كفاءة أعلى، يجب الإصرار على فعل ذلك بشرط أن لا تتراجع الجودة. فمطابقة المواصفات شرط أساسي لكل إنتاج، ولا إنتاج مخالف للمواصفات.

 

تنمية الدافعية

الدافعية هي الشحنة الدافعة التي تحرك قدرات الأفراد على إتمام عملٍ ما بدرجةٍ عالية من الحماس.  وتُخلق الدافعية من خلال التحفيز المادي والمعنوي والتعبئة التوعوية، وذلك بخلق ربط مصلحي يربط مصلحة الأفراد والجماعات مع بتحقيق الأهداف المطلوب تحقيقها.

ويجب أن تكون هذه الأهداف كفاءةٍ أعلى وجودة أفضل.  وعند تصميم نظم الحوافز، والتي تُبنى على أهداف targets محددة، ينبغي أن تكون هذه الأهداف مزيجاً من الكفائة والجودة    المترجمتين الى ارقام، او الكفاءة العالية المشروطة بالجودة. 

ينبغي أن لا تتحول هذه الأهداف ( الأرقام المطلوب تحقيقها ) إلى سيفٍ معلقٍ على رقاب العاملين في خط الإنتاج، فهناك ظروف خارجة عن أيدي العاملين، تستحيل معها تحقيق هذه الأهداف، فيجب على الإدارة تفهم ذلك والمبادرة الى تغيير هذه الأهداف مؤقتاً، اوتبني نظاماً مرناً آخر يتناسب مع الظرف والمتغيرات، او مكافئة العاملين على الرغم من حجب النظام للمكافئة عنهم. وهذا يعطي لمسة إنسانية للنظام. ويتم ذلك بصورة نظامية من خلال وجود مجال في معادلة الحوافز يسمح بمنح خط الإنتاج مكافئة خاصة.

   

قياس التدريب

يقاس التدريب بإحتساب الوقت الذي تم فيه والنتائج التي وصل إليها المتدرب – أي حجم التغيير الذي تم إحداثه في المتدربين. وطبعاً وبناءاً على طبيعة العمل يتم تحديد وقت التدريب وأهدافه، مثل: بلوغ 70% كفاءة مثلاً خلال ستة أسابيع. ويجب أن لا يقاس أداء برنامج تدريب بعدد المتدربين او عدد ساعات التدريب الخ..فهذا المقياس لا يعني شيء.

 

التدريب المستمر

التدريب المستمر جزء من التعليم المستمر، الذي هو بدوره جزءاً من التحسين المستمر الذي ينبغي للمؤسسة أن تتبنى ثقافةً يكون جزءاً منها. والتدريب المستمر يجب أن ينبع من قناعةٍ مفادها أن العامل الذي يمتلك مهارات أكثر وأعمق يعتبر رصيداً إضافياً للمؤسسة.  والتدريب المستمر يمكن أن ينظم بأكثر من طريقة؛ مثلاً عند البدء بمنتجٍ جديد يمكن أن تنظم دورة مصغرة لتدريب خط الإنتاج عليه من خلال طرح طلبية تجريبية وبإشراف فنيي الإنتاج ومشرفي الإنتاج.

كما يعمد بعض المشرفون ومدراء الإنتاج إلى تدريب العمال على عمليات لا يتقنونها عند وجود فراغ لديهم، وهذا يرفع من مرونة الخط ويقلل من الآثار السلبية للغياب.  ويتم إعادة تدريب العامل الذي تظهر في إنتاجه مشاكل جودة متكررة، فيتم توجيهه بحيث يقوم بإتمام العملية المناطة به بإتقان أكثر خالية من العيوب.

ويحتاج التدريب المستمر المشرفون وإداريو الإدارة الوسطى والعليا كذلك.  ويتم هذا عادةً بتنظيم دورات مدروسة وفق مناهج محددة بالإستعانة بإختصاصيين. وهذا يصبح ذا ضرورة خاصة عند تطبيق نظام جديد في المؤسسة. 

 

المشاركة

المشاركة participation هي تحمل المسئولية بشكل جماعي والمساهمة في صنع القرار من خلال إيجاد حلول بطريقة جماعية من خلال تنمية ثقافة تشجع على ذلك وبناء قنوات مثل اجتماعات المشاركة، التي تعقد على صعيد خط إنتاج أو على أي صعيد آخر، لمناقشة الأداء العام للخط في الفترة السابقة والفترة اللاحقة.  وتبحث فيها عوائق الإنتاج ووضع الجودة وما يساعد على الإرتقاء في أداء الخط وخاصة العوامل التي يمكن التحكم بها من قبل المشاركين.  وهذا يدفع العمال الى تشجيع ومساعدة بعضهم البعض للقيام بأداء أفضل.  وهذا غاية ما يمكن أن تتوصل إليه مؤسسة.  

إن المشاركة لا تقتصر على العمال، وإنما تمتد إلى جميع المراتب الإدارية التي يمكن أن تمارس المشاركة من خلال الإجتماعات والتي تشارك فيها الإدارة العليا، حيث يسهل إيصال وجهات النظر.  وهذا يتطلب حسن الإستماع وتقدير المشاركة وتشجيعها من قبل إدارة المؤسسة العليا.  وهذا ينمي الإبداع ويحسن من كفاءة آليات صنع القرار.

 

المعايشة

المعايشة هي الإنتقال للعمل مؤقتاً في موقع آخر.  كإن ينتقل مشرف من خط إنتاج إلى خط إنتاج آخر للعمل ليوم واحد في إدارة الخط كمشرف إنتاج.  او أن يعمل مشرف الجودة مشرفاً للإنتاج ليوم أو أكثر وهكذا.. ويهدف هذا النهج إلى توسيع الخبرات وتبادلها من جهة، وتعميق الإنفتاح المعلوماتي بين الأقسام. وهذا يغني المعارف المهنية في المؤسسة ويزيد من مرونتها. كما يؤدي إلى تفهم هموم وأولويات الآخرين.

ويأتي ضمن هذا السياق ما يسمى " ممارسة المسئولية من موقع أدنى "، وذلك من خلال إنتقال مسئول للعمل في مكان أحد مرؤوسيه لمدة أسبوع أو شهر.  وهذا يعطي المسئول الفرصة لتفهم الظروف التي يعمل من خلالها مرؤوسيهم، الأمر الذي يجسر الفجوة بينهما.

 

الاشتراك في حلقات الجودة

وحلقات الجودة quality circles أداة وممارسة معروفة عالمياً؛ وهي عبارة عن إجتماعات تهدف الى تحسين الجودة يشارك فيها كل من له تأثير عليها بما في ذلك العمال.  وبالنسبة للعمال فهي تجربة مفيدة ترفع من وعيهم ومهاراتهم وتعمق إنتماءاتهم وتجعلهم يوصلون صوتهم. وحلقات الجودة من الممارسات التي يشجعها اليابانيون ولا بد وأن كان لها دورٌ مهم، كأداة في ما حققه اليابانيون على مستوى الجودة.

 

الإشتراك في لجان التطوير :

يؤمن كثيرٌ من المدراء بتشكيل مثل هذه اللجان بينما يعتقد آخرون أنها رفاهية ولا داعي لها. وتشكل عادةً من أفراد يمارسون وظائف مختلفة ليبحثوا سبل ووسائل تطوير المنتجات وطرق الإنتاج وقضايا أخرى ذات علاقة.  ولا يشترط بالضرورة أن تكون قرارات هذه اللجنة إلزامية، وإنما تأخذ شكل التوصيات التي تساعد الإدارة العليا في إتخاذ قراراتها.  كما لا يشترط أن تكون العضوية في هذه اللجان دائمة، وإنما يعاد تشكيلها في كل مرة يُعقد فيها إجتماع. 

في المؤسسات التي تتبنى برامج تحسين مستمر تصبح لجان من هذا النوع ضرورة كبرى، فهي تزود صانع القرار بعصف ذهني وتغذية عكسية مفيد للغاية.  كما تقدم حلول متكاملة، نظراً لطبيعة المشاركين المتنوعة في إجتماعات هذه اللجان.

 

  

تكريم المبدعين

إن تبني المؤسسة نهج تكريم المبدعين من العاملين فيها بشكل منتظم ومنظم ومبني على اُسس مفهومة وبعيدة عن المزاجية والمحسوبية، يحفز العاملين على السعي نحو التميز ويعزز حسهم بالإنتماء. 

وتفيد حفلات التكريم هذه في جعل العاملين يفتخرون بعملهم أمام أقاربهم ومجتمعهم – وهذا يترك أثره على الأداء العام للمؤسسة.

 

تدريب فنيي الصيانة

يجب أن تشمل برامج التدريب رفع كفاءة فنيي الصيانة.  وهذا من شأنه أن يقلل من الوقت الضائع نتيجةً لأعطال الماكينات وفي إصلاحها. ويأتي التدريب على شكل عملية منظمة عند شراء ماكينات جديدة، او بإنتهاج أسلوب عقد ورش عمل دورية للمذاكرة. 

 

تدريب فنيي الإنتاج

كثيرٌ من المصانع لا يوجد فيها فنيي إنتاج production technologist .  ولكن في المصانع التي توجد فيها هذه الوظيفة فيجب تسليحهم بمعارف ومهارات تمكنهم من التعامل مع مشاكل الإنتاج دون إبطاء.

 

تدريب المدراء

يحتاج الإداريين في مختلف المراتب لتدريب، وخصوصاً عند إجراء تحولات في النظم والثقافة، أي عند تبني نظام جديد أو فلسفة جديدة. ولكن من يدرب المدير؟، من يعلم المعلم؟. يمكن أن يستفيد المدير من استشاري يمضي معه ساعتين أو ثلاثة، بحيث يناقش المدير معه قراراته وسياساته، التي يقيمها الاستشاري من خلال معارفه وخبراته من منظار التوجه الجديد، ويساعد المدير على استبعاد ما هو مناقض لهذه الفلسفة وتعزيز ما هو متسق معها.  إن العمل مع إستشاري ( الذي قد يكون أستاذ في جامعة ) يعطي المدير تدريباً غايةً في الأهمية ويمنحه معرفة ويعمق مهاراته الفكرية. 

 

التدريب المشترك

ونقصد هنا تنظيم دورات أو اجتماعات يتم فيها شرح  أو استعراض جانب معين من جوانب النشاط الإنتاجي يشترك فيه، كمتلقين؛ عمال ومشرفين وتقنيين من خلفيات مختلفة يشتركون بقاسمٍ مشتركٍ محدد، مثل العمل في نفس خط الإنتاج أو نفس المصنع.  وذلك من خلال عقد وتنظيم: 

أ: ورش العمل: تعقد ورش العمل، عموماً، لتعزيز المعارف المهنية والمهارات الفنية للعاملين.  ويجب أن لا تنظم كرد فعل لحالة تراجع أو نتيجةً لشكوى من زبون أو ما شابه، ولكن بناءً على سياسة ممنهجة للمؤسسة تهدف إلى الارتقاء بمهارات العاملين وتنمية روح الفريق وللتحاور بين الوظائف المختلفة، الأمر الذي يزيد من فهم احتياجات الآخرين وأولوياتهم.  وهذا يزيد أيضاً من إمكانية تعاونهم في عملهم اليومي.

 

ب: التغذية العكسية: كثيراً ما تستلم إدارة المصنع تعليقات من زبائنها على طلبيات تم إنجازها وشحنها إليهم. وهذه فرصة ترى فيها كثيرٌ من الإدارات وسيلةً لتنمية ثقافة مبنية على تفهم متطلبات الزبائن واحترامها، والعمل، بتكامل الجهود الجماعية، على تجنب ما ينفرهم ويرضيهم. ويجب أن لا تقتصر موجبات هذه الاجتماعات على انتقادات الزبائن، وإنما تمتد الى ملاحظاتهم الإيجابية مثل رسالة شكر مثلاً. لأن ذلك من حق الجميع أن يستمع إليها، ولئلا تتحول هذه الاجتماعات إلى مراسم كئيبة.

 

ج: إستقاء الدروس: تغتنم بعض إدارات المؤسسات بعض الفرص لتعلم الدروس والعبر، وتعميمها على قطاع أوسع من العاملين، وذلك من خلال استعراض بعض الحالات التي تستحق الدراسة case study ، والتركيز على عناصر الإبداع فيها، وإظهار التقدير للمبادرين، واستعراض حالات الإخفاق وكيف كان من الممكن تجنبها، مع دراسة الأسباب التي أدت إلى حدوثها.  وهذا يساعد على معايرة الأزمات بحيث يتم توقع حدوثها ولا يسمح بتكرارها.

تلجأ بعض المؤسسات إلى نشر هذه التجارب، وهذا مفيد للعاملين في أماكن أُخرى للإستفاده من هذه التجارب.  وهذا واجب له أبعادٌ وطنية، في بلاد بحاجة إلى مراكمة الخبرات والإستفادة منها.

 

من تجربة شركة آي بي أم

توظف شركة آي بي أم حوالي أربعمائة ألف موظف في دول عديدة في العالم.  وهي الشركة التي بنت اول حاسوب في العالم بعد الحرب العالمية الثانية، وكان قد مضى على وجودها حينذاك عدة عقود.

في مجال التدريب والتعليم أسست الشركة " معهد آي بي أم للجودة " وهو ينظم دورات تدريب منتظمة، بحيث يأخذ الإداريون، البالغ عددهم 1800، فرصهم في دورات مدتها يومين، حيث يتلقون محاضرات عن وعي الجودة وتقييم وضع الجودة في الشركة وكلفة الجودة ودور المدير في الجودة، واستعراض لبرامج الجودة المعمول بها في الشركة وأدوات الجودة.  وهذا برنامج خاص بالإدارة العليا. وهناك برامج أخرى مثل " برنامج تدريب المدربين " و " تعليم الإدارة الوسطى " و" تعليم المشرفين " و " تعليم العاملين "، كما يوجد برامج تدريب خاصة بالموردين. [1]

وهكذا نرى أن شركة آي بي أم اعتمدت التعليم والتدريب كعملية مستمرة للارتقاء بمعارف ومهارات موظفيها، فتسلحهم بثقافة متجانسة ومتسقة مع توجهات الشركة.

 

الاستثمار في المستقبل  

قلما يؤمن الإداريون التقليديون باستثمار الوقت والجهد والمال من أجل تحسين الأداء العام في مؤسساتهم، من خلال رفع قدرات ومهارات ومعارف موظفيهم .  ويتم هذا عادة بعقد دورات وورش عمل وبالاستعانة بخبراء من خارج المؤسسة أو بتوظيف مدربين ومحاضرين متفرغين، وهذه الخيارات جميعاًً تحتاج إلى مالٍ وجهد، في الإعداد لها وتنظيمها، ووقت يمضيه المشاركون بعيداً عن مواقع عملهم، حيث لا يكونوا فيه منتجين، بل يتركون وراءهم فراغاً، قد يحتاج إلى جهدٍ لملئه.  ومع هذا نجد كثيراً من الإداريين، الذين يسعون إلى الارتقاء بمؤسساتهم نحو أداءٍ أفضل، لا يمانعون من الاستثمار بالمال والوقت وبذل الجهد للحصول على أفضل النتائج من خلال برامج منظمة تشرف عليها هيئة دائمة؛ مثل قسم المو


 الإمتياز على طريقة آي بي أم، جيمس هارينجتون. [1]

 
 

 


تعليقات

لا يوجد تعليقات

الإسم 
البريد الإليكتروني (ليس للنشر)
التعليق
هل توافق على الانضمام لمجموعتنا البريدية؟
  أرسل

 

Counter