تعزيز تنافسية الصناعة - الفصل الرابع - دور النظم والقوانين في تعزيز الإنتاجية
 
 


الفصل الرابع

أثر النظم  والقوانين على الإنتاجية

 

إن مجموعة النظم والقوانين والتعليمات في أي مؤسسة، تشبه الوعاء الذي يتم فيه النشاط المهني للمؤسسة.  ويختلف هذا الوعاء في الشكل والحجم ليناسب طبيعة المؤسسة؛ نشاطها وحجمها.

و فيما يلي نستعرض مجموعات النظم الأكثر شيوعاً في صناعة الألبسة، وأثر كلٍ منها على الإنتاجية، وكيفية جعلها قوةً دافعة لأداءٍ أفضل.

 

الهرم الوظيفي

ونبدأ بالهرم الوظيفي الذي يلخص التركيبة الإدارية والتنظيمية للمؤسسة، ويؤثر بأبعاده الأفقية والعمودية، على الأداء العام للمؤسسة.  وبكل تأكيد على الإنتاجية .

تعتمد على  شكل الهرم التنظيمي للمؤسسة، آلية صنع القرار وسرعة التحرك ومرونة منظمة المؤسسة، وقدرتها على التعامل مع المتغيرات، والتصرف السريع مع كل ما يمكن أن يكون سبباً لتراجع الأداء.  وبالتالي يجب أن لا يكون – الهرم الوظيفي -  عائقا او مبطئاً للتعامل مع المتغيرات،  وإنما يشكل الآلية التي تجعل من التنظيم الإداري للمؤسسة،  يمتاز بالمرونة والرشاقة والقوة.  إن إختيار شكلاً تنظيمياً غير مناسباً (ولا أقول خاطئاً) يكلف المؤسسة جزءاً مهماً من عمرها، وقد يكلفها عمرها كله.

فيما يلي سنعمل على بناء هرماً تنظيمياً لمؤسسةٍ كبيرةٍ تعمل في مجال إنتاج الألبسة، وقبل البدء بتصميم الهرم التنظيمي ينبغي تثبيت عدداً من الأمور:

 

·        شكل وحجم خطوط الإنتاج : يبنى الخط لإنتاج منتجٍ معين او مجموعةٍ من المنتجات التي تُنتج على نفس النوع من الماكينات.  وكثيراً ما يسمى مسؤول الخط مشرفاً.  وقد يكون هناك مساعداً للمشرف او قد يكون هناك شخص لمتابعة الجودة أثناء عملية الإنتاج ويسمى مراقب الجودة، او مدقق الجودة والإسم الأكثر شيوعاً "فاحص داخل الخط".  ولذلك ينبغي على إدارة المؤسسة الصناعية تقرير ما يلي:

 

1.    حجم خط الإنتاج.  في كثيرٍ من المصانع يحدد حجم الخط بناءاً على حجم الطلبية وتاريخ تسليمها.  وهذا ينطبق على المصانع التي تتعامل مع عدد كبير من المنتجات والتي تأتي بأحجام صغيرة.  أما المصانع التي تعمل بعددٍ قليلٍ من المنتجات وبكمياتٍ كبيرة، فبإمكانها أن تختار حجم الخط الذي تجده أفضل إنتاجية وتتبناه كنمطٍ متكرر.  ومن بين العوامل التي تساعد في الإختيار؛ طبيعة المنتج وحجم القطعة ومدى مهارة وخبرة المسؤولين عن الخطوط، ونسبة الغياب المتوقعة  في المصنع (فالنسبة العالية مدمرة للخطوط الصغيرة) وكذلك حجم المتابعة المتوقع والذي يتناسب مع حجم المشاكل المتوقعة.

2.    المسمى الوظيفي للمسؤول عن الإنتاج  في الخط.  وغالباً ما يسمى مشرف او مشرفة.

3.    هل يوجد مساعد للمسؤول؟.  عند اللجوء الى خيار خطوط  الإنتاج الكبيرة، قد يُعين مساعد اوأكثر لمسؤول الخط، وقد يعني هذا تقسيم الخط الى خطوط صغيرة – حلقات – او عدم تقسيمها.

4.     المسمى الوظيفي لمساعد المسؤول.  وغالباً ما يسمى مساعد مشرف.

5.    هل يوجد مسؤول عن الجودة في الخط.؟  عند اللجوء الى خيار الخطوط الصغيرة، فقد يتولى المشرف متابعة الجودة في داخل الخط وإعداد التقارير الخاصة بذلك.  أما إذا ما كان الخط أكبر فقد تلجأ الإدارة الى الفصل بين الوظيفتين، وخصوصاً عندما تكون متطلبات وحجم متابعة الجودة كبيرين.

6.    المسمى الوظيفي للمسؤول عن الجودة في الخط.  من الأسماء الدارجة مدقق جودة quality auditor   ومراقب جودة quality monitor  كما يستخدم تعبير " فاحص داخل الخط " بكثرة.

7.    العلاقة بين مسؤول الجودة في الخط  وبين مسؤول الإنتاج في الخط.  وهذه نقطة تتعلق بإستقلالية العاملين في الجودة.  والخيارين التاحين هما أن يتبع لمسؤول الخط او أن يتبع لشخص آخر في إدارة قسم الجودة مثل مشرف الجودة في المصنع .   والقرار هنا ليس عشوائياً.  فقد تعتمد عليه نتائج كثيرة.  والمطلوب إيجاد علاقات متوازنة.

8.    هل يعتبر فحص الجودة في نهاية الخط جزءاً منه.؟ والجواب إما أن يكون نعم، فيكون جزءاً من الخط .  وإما أن ترى الإدارة أن يكون هناك قسماً مركزياً لفحص الجودة.

9.    هل يعتبر التغليف جزءاً من الخط.؟  وينطبق هنا ما ذُكر في النقطة السابقة.  إلا أنه ينبغي الإضافة أنه أكثر شيوعاً أن يكون هناك قسم تغليف مركزي، من قسم فحص مركزي، فهو غير شائع.

10.                       هل يوجد مهنيين مثل فنيي الصيانة ومنسقي التخطيط الخ.. يعملون في الخط دون سواه.؟  وإذا كان الجواب بالإيجاب فما علاقتهم بمسؤؤل الخط.  هل يتبعون مسؤول الخط أم مسؤولاً في القسم الذي يعملون فيه ؟. 

 

·        عدد العاملين  في كل مصنع (او وحدة إنتاج) – أي تحديد حجم المصنع.  وكما هو شائع،  تتكون المؤسسات الصناعية الكبيرة من وحدات صناعية او مصانع،  وذلك من أجل سيطرة أفضل، او بحكم وجود خطوط الإنتاج في مباني مختلفة او أماكن متباعدة .  بحيث يتكون كل مصنع من عددٍ من خطوط الإنتاج.  وهذا العدد تحدده الإدارة.  وفي العموم يُفضل كثيرون أن يكون عدد العاملين ما بين 120 و200 .  وهذا أيضاً يعتمد على حجم خط الإنتاج وطبيعة المنتج وقدرة إدارة المصنع  وحجم المتابعة (المشاكل) المطلوب.

·        تحديد مسمى الوحدة الإنتاجية:  هل تسمى مصنعاً أم تسمى قسماً او فرعاً؟.  وبالرغم من أن هذا الجانب يبدو شكلياً، إلا أنه يجب أن يولى عنايةً كافية.

·        تحديد مدى إستقلالية كل مصنع وتحديد الخدمات المشتركة:  وذلك من خلال تحديد صلاحيات القائمين على المصنع، والوصف الوظيفي لكلٍ منهم.

·        إمكانية تشكيل تنظيمي آخر يتكون من عدد من المصانع :  إن وجود عدداً كبيراً من المصانع تتطلب ضمن مؤسسة صناعية واحدة، قد يتطلب  تجميعها في مجموعاتٍ على أساس طبيعة الإنتاج او التوزيع الجغرافي او أقدمية التأسيس.  بحيث تسمى كل مجموعة قسماً او قطاعاً او إقليماً.  ويدار من قبل مدير قسم او قطاع او إقليم، يساعده فريق متكامل. 

·        الأقسام المساندة مثل قسم الجودة وقسم التخطيط وقسم الصيانة وعلاقتها بقسم الإنتاج:  وهنا أيضاً يوجد ثلاث خيارات؛ الأول أن يتبع مشرف الجودة في أحد المصانع، على سبيل المثال، إما مدير الجودة في المؤسسة او مديرالإنتاج في المصنع.  او أن يتبع  خياراً اكثر تعقيداً ؛ وهو أن يتبع مدير الإنتاج إدارياً ومدير الجودة فنياً، وهذا خيار يحتاج الى تعاون وتفاهم ووعي.

إن النقاط المذكورة آنفاً، والتي تتضمن أسئلة وخيارات يجب أن يتم التعاطي معها قبل الشروع في بناء الهرم الوظيفي.  يعتقد البعض أن الهرم الوظيفي قضية شكلية، او ربما لها بعض الدلالات.  وفي الواقع يعبر الهرم الوظيفي عن ثقافة وفلسفة المؤسسة.

وفي كل الأحوال لا يستحسن أن تتكون الخريطة التنظيمية او الهرم الوظيفي من عدد كبير من "الطبقات" layers .  دون ان يكون ممتداًً أفقياً بشكلٍ مبالغاً فيه.  إن "هرماً" متوازناً قليل الطبقات هو خير ما يمكن إعتماده لتركيبة المؤسسة الوظيفية. 

مثال :

لنأخذ مثالاً لثلاث شركات ألبسة يعمل بكلٍ منها ما يقارب 1000 عامل وموظف، ولكلٍ منها ظروفها الخاصة بها. ومن أجل التوصل الى التركيبة التنظيميةالأفضل  لكل شركة علينا المضي خطوة خطوة لوضع إجابات على الأسئلة المطروحة في الصفحة السابقة من أجل التوصل للصيغة الأفضل لكل شركة:

أولاً:  التركيبة الأولى - خطوط الإنتاج:

الخيار الأول :  عدد العمال في الخط 15، من أجل منافسة أقوى بين خطوط الإنتاج وسيطرة أفضل على المواد وحركتها.  يدار الخط من قبل مشرف.  وهو إيضاً مسؤول عن الجودة.  الفحص في نهاية الخط يقع ضمن مسؤولية الخط.

الخيار الثاني :  عدد العمال في الخط 40، من أجل التقليل من أثر مشكلة الغياب.   يدار الخط من قبل مشرف ويساعدة فاحص جودة.  الفحص في نهاية الخط يقع ضمن الخط.  المشرفين يملكون خبرات جيدة.

الخيار الثالث : عدد العمال في الخط 100، بسبب طبيعة المنتجات التي تحتوي على عدد كبير من المراحل.  ويدار من قبل مدير إنتاج، يساعده مشرفان تشرف كل منها على نصف مراحل الإنتاج، بما في ذلك التغليف. كما يوجد مشرفة جودة لمتابعة جودة الإنتاج أثناء العمل.

ثانياً: التركيبة الثانية – المصنع او الفرع الخ..

الخيار الأول :  يوضع كل ثمانية خطوط في قاعة إنتاج ويديرها مدير إنتاج ويسمى مصنعاً.  يوجد خط تغليف تحت إدارة  مشرف.  كما يوجد في المصنع مشرف جودة يتبع مدير الإنتاج إدارياً.

الخيار الثاني :  يوضع خمسة خطوط إنتاج في قاعة او قاعتين متجاورتين وتدار من قبل مدير مصنع ذو خبرة جيدة. كما يوجد مشرف تغليف ومشرف جودة. 

الخيار الثالث :  يوضع كل ثلاث خطوط في ثلاث قاعات إنتاج متجاورة، إن أمكن، وتدار جميعاً من قبل مدير مصنع  وتسمى مصنعاً.  يوجد مشرف جودة يتبع مدير المصنع.  

 

ثالثا: التركيبة الثالثة – القطاع او المنطقة الخ..

الخيار الأول :  يتم تجميع كل أربع مصانع في تشكيل يُسمى قطاعاً، ويديره مدير قطاع.  كما يوجد مدير جودة يعمل معه.

الخيار الثاني :  يتم تجميع كل مصنعين في تشكيل قسماً ويُدار من قبل مدير قسم ويعمل معه مدراء  جودة وتخطيط وصيانة ومستودعات.

الخيار الثالث : لا يوجد تشكيل يسمى قطاعاً او إقليماً او قسماً.

 

رابعاً: التركيبة الرابعة – الشركة او المؤسسة الخ..

ينضم الجميع في الخيارات الثلاث تحت مظلة الشركة التي يديرها مدير عام.  ويبع له مدراء القطاعات او المناطق بالإضافة الى مدراء الدوائر المساندة مثل مدير المستودع و القص و المبيعات والمشتريات، وكذلك مدراء الجودة والتخطيط والصيانة والمحاسبة والشؤون الإدارية وغير ذلك من الإدارات المركزية. 

تشكل ما سميناها بالتكيبة الرابعة الطبقة الأولى في الهرم، وذلك لأننا سلسلنا البناء من أسفل الى أعلى، ويمكن عمل العكس.  إحتوت هذه الطبقة على خيار واحد، والصحيح يمكن أن يكون هناك خيار آخر؛ فلو تم تسجيل كل قطاع  كشركة وتم إعتباره كمركز ربحي منفصل فإن خياراً آخر يظهر وهو رئيس مجلس إدارة.

وكذلك يمكن أن توجد خيارات أخرى عديدة جداً، وخاصة بعد أن نأخذ بعين الإعتبار الوظائف المساندة كالصيانة والتخطيط والمخازن الخ.. والتي يمكن أن تكون مركزية ويمكن أن تكون مستقلة في كل مصنع.

 

وفيما يلي ثلاثة أشكال يظهر فيها ثلاثة أهرام تنظيمية، حسب الخيارات الثلاث المفصلة أعلاه:

 


الخيار الأول


الخيار الثاني


الخيار الثالث


و يعتمد الإختيار بين هرم وظيفي عريض وآخر عميق على عدد من العوامل مثل:

·        حجم المؤسسة.

·        طبيعة المنتج.

·        طبيعة نشاط المؤسسة.

·        تواجدها في مكانٍ واحد او أكثر.

·        مدى خبرات أعضاء الإدارة العليا ( نواب المدير العام وغيرهم ) وأعضاء الإدارة الوسطى.

 

وفي الخيارات الثلاث التي تظهر في الصفحات السابقة، تم اللجوء الى كل واحدةٍ  منها بناءاً على العوامل المذكورة هنا.   فتقسم الشركة الى قطاعات وإلى أقسام وإلى مصانع في الخيار الأول والثاني والثالث على التوالي، وهذه قد تكون مجرد تسميات، وقد تحمل دلالات، ولكن المتعارف عليه أن القطاع أكبر من القسم وأن القسم في مؤسسة صناعية يعتبر أكبر من المصنع.  وهذا ينعكس على مدى إستقلالية كلٍ من هذه التشكيلات.  ففي القطاع يوجد مديراً للصيانة، كما هو ظاهرٌ في الخيار الأول، ولا يوجد إدارة مركزية للصيانة تتبع المدير العام، الأمر الذي يعني، ضمن أشياء أخرى،  حتمية وجود مستودعين لقطع الغيار.  مما  ينجم عنه إستثمار ما لا يقل عن100,000 دينار إضافية نتيجةً لهذا الخيار.  لهذا يتوجب دراسة الخيارات دراسة مستوفية، آخذين بعين الإعتبار كافة الأبعاد.  فخيار وجود إدارتين للصيانة قد يكون سليماً، ويبرر إستثماراً عالياً كهذا.  ويكون فعلاً مبرر إذا ما كان القطاعان موجودان في مكانين متباعدين، او إذا ما كانا مختصين بنوعين من الألبسة مختلفين.

في الخيار الأول يتكون الخط من 15 عامل، حيث يعمل 12 منهم كمشغلي ماكينات والباقي كفاحصي جودة.  من الواضح أن المنتج يحتاج الى مراحل إنتاج عددها صغير.  كما أن نسبة التغيب عن العمل ليست مرتفعة، الأمر الذي سمح بخطوطٍ  صغيرة.  كما أن الخطوط مستقرة وتسود في أوساطها درجة عالية من المهنية وإنتاجها متكرر لدرجة تم الإكتفاء بمشرف جودة للمصنع وليس مدير جودة.  كما أن طبيعة المنتجات متشابهة ضمن القطاع بررت وجود إدارة جودة وإدارة صيانة مشتركة،  بينما بقي هناك مستودع مركزي يخدم القطاعين ومرتبطٌ  بوجود غرفة قص واحدة،  وطبعاً ممكن فصل هذين المرفقين لوجود بعض المبررات مثل حجم العمل، فلو كان القطاع أكبر مما هو وارد في المثال موضع النقاش.

يتم اللجوء الى خطوط إنتاج أكبر، كما هو واردٌ في الخيار الثاني، في حال وجود نسبة غياب عالية وفي حال وجود منتج يتضمن مراحل إنتاج عددها أكبر،  وكذلك في حال وجود مشرفين أكفاء.  وعلى عكس الخيار الأول فإن إدارة الجودة بقيت مشتركة بين الأقسام، وكذلك غرفة القص والمستودعات، لتشابه الإنتاج بين الأقسام.

في الخيار الثالث تم تقسيم الشركة الى مصانع، بحيث يتكون كل مصنع من ثلاث خطوط إنتاج كبيرة  في ثلاث قاعات إنتاج، ويدير كل واحدةٍ منها  مدير إنتاج، ويساعده مشرفان تتوزع المهام عليهما أفقياً، أي أن كل منهما مسؤول عن عددٍ من مراحل الإنتاج.  ويتكون خط الإنتاج من 100 عامل، وتم اللجوء الى هذا الخيار إما لوجود منتجات تتضمن مراحل إنتاج كثيرة،  او لوجود مجموعةٍ كبيرةٍ من الموديلات المتشابهة والمتوفرة بطلبيات صغيرة لا تسمح بإنشاء خطوط مستقلة.

إن البناء التنظيمي للمؤسسة الصناعية يستحق عنايةً كبيرةً عند التأسيس.  فلا بأس من الإستعانة بأصحاب الخبرة وزيارة مصانع مشابهة ودراسة خيارات متعددة من خلال محاكمات موضوعية مبنية على الموارد والمعطيات المتاحة.    

          

أثر شكل الهرم الوظيفي على الأداء:

للهرم الوظيفي أثرٌ كبيرٌ على الأداء العام، فقد يكون سلبياً إذا ما تم إختيار التنظيم الخطأ، وخصوصاً في ظل ثقافةٍ سلبيةٍ قائمةٍ على العمل البيروقراطي، الذي  يمنع أي تجاوز مهما كان صحياً وضرورياً.  ولهذا يجب إيلاء هذا الموضوع أهميةً كبيرة، عند التأسيس، فالقرار الخاطئ قد يحتاج الى سنوات لتصحيحه.

ويؤثر شكل الهرم وحجمه على رحلة المعلومات في الإتجاهين.  وبالتالي على مدى سرعة وصولها،  وكذلك على مدى دقتها عند وصولها.

كما يؤثر على رحلة التعليمات من مصدرها الى المنفذين، فقد يتسبب إرتفاع الهرم بتأخير تنفيذ بعض التعليمات بشكل متكرر. 

وهناك تأثير واضح على ثقافة المؤسسة وإمكانية بناء ثقافة متجانسة فيها.  ففي بعض المؤسسات تنشأ ثقافات متباينة في أقسامها المختلفة، نتيجةً للعزل وضعف التواصل الناجم بين الأقسام.  

 

قنوات الإتصال:

كثيراً ما تتدنى الإنتاجية في المصانع نتيجةً لخطأ او تأخير في إتصال لطلب مواد او معلومات ضرورية للإنتاج،  يؤدي الى توقف وهدر في وقتٍ يصعب تعويضه.  ومن أجل تجنب ذلك  ينبغي تحديد قنوات الإتصال بتحديد قطبي الإتصال وخصوصاً في المؤسسات الكبيرة.  والمقصود بقطبي الإتصال هو الشخصين (او الفريقين) الذين ينفذان الإتصال.  وبالتالي فهناك عنصران للإتصال هما موضوع الإتصال وقطبي الإتصال، ولكن في بعض الحالات قد يضاف عنصر ثالث وهو عنصر الوقت وذلك بأن يحدد زمن الإتصال.  كما يتوجب أحياناً تحديد وسيلة الإتصال وأحياناًأخرى ينبغي الإتفاق على لغة الإتصال.

يهدف هذا جميعاً الى تحسين نوعية الإتصال ورفع كفاءة الإتصال.  وتقاس نوعية وكفاءة الإتصال بمدى نجاح الإتصال او بنجاح القائمين على الإتصال على إيصال موضوع الإتصال ( وهو الرسالة المراد تبليغها) الى جميع أطراف الإتصال بأعلى درجةٍ ممكنةٍ  من الوضوح وبالوقت المطلوب دون تأخير.

وتعتمد النتيجة النهائية للإتصال، الى حدٍ بعيد، على حسن إختيار وسيلة الإتصال.  سواء كان بالتخاطب الشفوي او بواسطة مذكرة مكتوبة تُسلم باليد او بالبريد او تلفونياً او بالبريد الإلكتروني، او أي وسيلة أخرى مثل لغة إشارات خاصة متفق عليها داخل المؤسسة – مثل نور أحمر كتعبير عن عطل في الماكينة ودعوة لحضور فني الصيانة.    

وفي جميع الأحوال، مهما كانت الوسيلة، لا يُنصح بإطالة ألإتصال لأنه قد يؤثر على التركيز وبالتالي يؤثر سلباً على نوعية الإتصال.

 


عناصر الإتصال

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 


من أجل أداء أفضل ينبغي أن تحدد قنوات إتصال واضحة ومعروفة،  وكذلك تحديد أطراف الإتصال لكل جانب من جوانب الإتصال – مثلاً على ذلك طلب مادة معينة لخط إنتاج.  من أجل ضمان أفضل النتائج،  ينبغي تحديد الشخص الذي يطلب المواد وكذلك تحديد موظف المستودع الذي يصرفها،  وكذلك وسيلة الإتصال (الطلب) كأن تكون كتابة،  من خلال نموذج معد خصيصاً لهذه الغاية او شفاهةً او تلفونياً الخ.. كما يمكن أن يحدد توقيت هذا الإتصال بساعةٍ معينة.

كما ينبغي ومن أجل رفع   سوية الأداء العام وتعزيز الإنتاجية، تمرس العاملين على أساليب الإتصال وترسيخ عادات وتقاليد إيجابية تؤدي الى تحسين نوعية الإتصال.  كذلك رفع القدرة على الإختيار الصحيح بين وسائل الإتصال ومتابعة الإتصال عند اللزوم وإعادة الإتصال للتذكير.   

وللإتصال بين أشخاصٍ ينتمون لثقافاتٍ مختلفة، وهذا شائعٌ في هذه الصناعة، قواعد تساعد على تحسين نوعية الإتصال، وخصوصاً عندما يستخدم الطرفان لغةً لا يتقنونها جيداً ؛ مثل الإعداد الجيد والمسبق للمحادثة والإستماع  بإنتباهٍ شديد مع التركيز وعدم المقاطعة وتسجيل ملاحظات.  وكذلك، وفي حال عدم فهم فكرةٍ معينة،  اللجوء الى إعادة صياغة الجملة المتضمنة لهذه الفكرة.  بالإضافة الى عدم اللجوء الى الجمل المعقدة الطويلة.  ولا بأس من تكرار بعض الأفكار لضمان وجود فهم مشترك لما تم الإتفاق عليه.

 

نظام التقارير

في كل مؤسسة صناعية، هناك عدداً من التقارير اليومية والأسبوعية والشهرية (وكذلك ربما ربعية وسنوية) وقد يكون بدأ إستخدامها مع تاسيس المؤسسة كحزمة متكاملة.  وقد تكون ظهرت الى الوجود واحداً بعد الآخر،  وطرأ على كلٍ منها تعديلاتٍ عديدة – أي نشأت نشاة عشوائية .. وهذا عادةً ما يحصل.

وأياًٍ كانت خلفية ظهورها الى الوجود،  فانها تهدف الى إعطاء صورةٍ عن نشاطات ونتائج وواقع المؤسسة في الفترة المغطاة.  وقد تكون مختصرةً او مفصلة،  حسب الغاية المتوخاه منها.  كما تهدف الى قياس الأداء، وذلك بالتعبير عنه رقمياً،  وبالمقارنة مع نتائج اليوم السابق، او المتوسط التراكمي للشهر، او المتوسط العام للمؤسسة.  وهذا يؤثر على الشكل النهائي للتقرير والغاية التي صُمم من أجلها.  ومن هنا نرى ان هناك خيارات مفتوحة عديدة متوفرة عند تصميم تقرير ما.  وبالتالي فإن هناك تقارير أكثر فعالية من غيرها.  وبالتالي ومن أجل أداء أفضل وإنتاجية أعلى يجب إختيار وتصميم مجموعةٍ  من التقارير بعنايةٍ كبيرة.

وتزداد فعالية التقارير كلما كانت مركزة أكثر،  لخدمة غايةٍ محددة، أو مجموعة محدودةٍ  من الغايات مثل الإنتاج اليومي مضافاً إليه الكفاءة والكميات المغلفة او المصدرة.  وتزداد فعاليتها كلما كانت أدق وأسرع بعكس الواقع.     

 

نظام شؤون الموظفين

إن وجود نظام شؤون موظفين قوي وفعال يغني المؤسسة عن إشكالات كثيرة تحدث نتيجةً للأداء السئ.  فمثلاً التسجيل الغير دقيق لحالات الغياب،  يشجع بعض العمال على الغياب المتكرر.  وبالتالي فإن الإنتاجية تصبح في وضع أفضل في حال وجود نظام شؤون موظفين.  

 

نظام تدريب العمال

لقد تطرقنا الى الحديث عن تدريب العمال في فصلٍ سابقٍ  بشيئٍ من التفصيل.  ومع هذا فإننا نؤكد على أن وجود نظام تدريب، او سياسة تدريب، أمرٌ ضروريٌ  لشركة تعمل بصورةٍ مؤسسيةٍ وتسعى الى نتائج أفضل بإستمرار.

ونظام التدريب الناجح هو الذي يعطي أفضل النتائج وأسرعها.  أي يُمَكِن المتدربين من إتقان تشغيل عددٍ من المكائن المحتمل التعامل معها، والوصول الى كفائةٍ عاليةٍ لدرجةٍ تمكن المتدرب من الإنضمام الى خط إنتاج،  دون أن تتحول مرحلته الى عنق زجاجةٍ واضحٍ  ومزمن، مما يتسبب في تدني الإنتاج.

وقد تطرقنا الى الوسائل والأساليب التي تجعل ذلك ممكنا؛ من أهمها التأكيد على التدرب على أوضاعٍ  مطابقةٍ لإوضاع الإنتاج الفعلية.

إن وجود نظام تدريب فعال،  يقلل من زمن التعليم في خطوط الإنتاج الجديدة.  ولا يجعل العمال الجدد، الذين أكملوا للتو تدريبهم عبئاً على الخطوط التي إنضموا إليها، ويمكنها من تحقيق أهدافها أسرع، وبالتالي يعزز الإنتاجية.

 

نظام تدريب الإداريين – إعداد القادة

في أي مؤسسة تولي إستمراريتها ونموها الأهمية التي تستحق، يتوجب وجود آلية "لصنع القادة". وإعتماداً على حجم المؤسسة (وعلى حجم التوسعات والتغييرات) تأخذ هذه الآلية طابعاً مستداماً ومؤسسياً، وتصبح جزءاً من ثقافة المؤسسة التي تولي أهميةً كبيرةً للتعليم المستمر،  وتنمي القدرات والمهارات القيادية،  وتساعد على تراكم الخبرات والإستفادة من دروس الغير.

يتبع الخيار الأول في المؤسسات الكبيرة الآخذة في النمو،  حيث يُتوقع أن تحتاج المؤسسة الى مزيدٍ  من الإداريين، الذين يُفضل ترفيعهم من أوساط الإدارة الوسطى.   ويتمثل بوجود قسم " موارد بشرية " قادراً على تحديد إحتياجات الفرد او مجموعة الأفراد ووضع منهاج تعليمي لتغطية هذه الإحتياجات.  وقد يكون هناك قاعة محاضرات مخصصة ومجهزة لهذه الغاية.

ويتبع الخيار الثاني في المؤسسات الأصغر،  حيث يُبذل مجهودٌ مخصصٌ لهذه الغاية.  يُصبح ضمن الإمكانيات المتاحة،  جزءاً من تقاليد المؤسسة وثقافتها.  ويظهر على شكل إهتمامٍ  متواصلٍ على تدريب وتعليم المدراء المحتملين،  في أوساط المؤسسة الذين غالباً ما يكونون أعضاء الإدارة الوسطى او مرشحين لشواغر إدارية.  ويتحقق هذا الأمر بعقد دورات بإلإدارة وغيرها،  بالتعاون مع جهات أكاديمية وإستشارية.  وبعقد ورش عمل تناقش قضايا الإنتاج وغير ذلك من المواضيع المتصلة بالإدارة.  وعدم إضاعة فرص التعلم من بعض المواقف التي تنضوي على دروس.  وكذلك بالتوجيه المباشر لموظفٍ معينٍ او مجموعةٍ من الموظفين.

إن مؤسسة تنتهج نهجاً كهذا، سواءٌ كانت كبيرةً أم صغيرة، تُحصن نفسها ضد التقلبات المفاجئة التي تحصل في حركة الموارد البشرية، إستقالات وتقاعد وإنتقال وترفيع الخ..  وتكون جاهزةً للتوسعات.  فكثيرٌ ما يكون إيجاد مديرٍ مناسبٍ لمصنعٍ جديدٍ هو العائق الأصعب  في طريق إنشاءه.  وفي جميع الأحوال،  يتحول هؤلاء المدراء المحتملين الى " عزوة " تقوى المؤسسة بهم، وتتعزز إنتاجيتها.

 

نظام تدريب الإدارة الوسطى

تعاني الصناعة في كثيرٍ من البلدان والأقاليم الغير مُصَنَّعة، من مشاكلٍ جمة،  فيما يتعلق بالإدارة الوسطى.    فكثيراً ما تكون الخبرات في مجال إدارة خطوط الإنتاج غير متوفرة في سوق العمل.  وبالتالي فعلى القائمين على المؤسسة، البحث عن حلولٍ بديلة.  قد يلجأ البعض الى جلب إداريين من مناطق أخرى،  تتوفر فيها هذه الخبرات.  ولكن في جميع الأحوال، لا بديل عن التدريب.  حتى في المناطق التي تتوفر فيها الخبرات والكفاءات،  لا بد من التدريب. 

ولذلك يتوجب على المؤسسات الكبيرة،  وتلك الآخذة بالنمو، أن يكون لديها نظام تدريب للإدارات الوسطى.  إن غياب نظامٍ كهذا،  ينجم عنه حالةً من إنعدام التجانس في المهارات المكتسبة،  وبالتالي لا يساعد كثيراً في بناء ثقافةٍ متجانسةٍ في المؤسسة.

إن وجود إدارةٍ وسطى تتكلم نفس اللغة، وتوجد بينها قواسم مشتركةٌ كثيرةٌ                                تعمل بإنسجام أكبر، الأمر الذي يؤدي الى نتائج أفضل.   

 

نظم التخزين

تزداد أهمية وجود نظام تخزينٍ (وإستلام وصرف) في المؤسسات الكبيرة،  وحيث تكثر الطلبيات الصغيرة المطلوبة خلال وقتٍ قصير.  وكلما كان النظام فعالاً أكثر بحيث يقدم أفضل خدمة لخطوط الإنتاج متمثلة بالتوقيت الجيد ودقة في صرف المواد كمياً ونوعياً،كلما كان التأثير إيجابياً على الإنتاجية.

 

 

حركة المواد

تعتمد إنتاجية أي مصنع او خط إنتاج، الى حدٍ بعيد، على حركة المواد، سواءاً  بتأمينها من المورد بالوقت المناسب، او صرفها من المستودع بالكميات الصحيحة،  وبالوقت المطلوب أو حركتها بين محطات الإنتاج،  وصولاً الى محطة الشحن. 

إن غياب السلاسة في حركة المواد  وعدم  وصولها الى كل محطة من محطات الإنتاج في الوقت المناسب،  تتسبب في ضياع وقتٍ يبدو صغيراً وغير مهم ولكن مجموعه التراكمي يجب أن لا يستهان به.  كما ان هذا التوقف القصير جداً يضعف من إندفاع العمل ويخفف من حماسة العامل.  كثيرٌ من الإداريين يتجاهلون هذا البعد.  وهم مخطئون في ذلك.

ومن أجل ضمان عدم حدوث فجوات في جريان المواد عبر "قناة" خط الإنتاج يتوجب وضع تعليمات واضحة وسهلة قابلة للتطبيق والحياة وتوعية الجميع بأهميتها، وبالأضرار الناجمة عن عدم التقيد بها.  وإقامة نظام متابعة الأداء في هذا المجال مثل قياس الوقت المهدور نتيجةً لهذا السبب.  ثم العمل على ترسيخ تقاليد وعادات تجعل من هذا امراً عادياً. 

الشحن

يلعب الشحن في عالم اليوم دوراً هاماً في التجارة العالمية، أكثر مما كان في السابق.  فبينما كان مطلوباً من شركات الشحن نقل البضائع من مكانٍ الى آخر، أصبح المطلوب الآن نقل هذه البضائع بأسرع وقتٍ ممكن.  وخصوصاً مع إدخال مفاهيم جديدة مثل just in time   وغيرها التي جعلت عامل الوقت أكثر أهمية.  وبالتالي فإن نظام الشحن القائم على خدماتٍ مقدمةٍ من شركات ذات خبرة وقدرة على إيجاد الحلول والبدائل سيدعم الجهد الإنتاجي الى حدٍ بعيد،  وذلك من خلال توفير مدخلات الإنتاج في موعدها المحدد. 

 

وسائل تقييم الأداء

تحدثنا في مكانٍ آخر عن التقارير على أنها وسيلة قياس للأداء العام.  وبإلإضافة إلى قياس الأداء،  تحتاج الإدارة الى أدوات تقييم أداء، تطبق بشكلٍ دوريٍ على الأفراد وعلى الجماعات سواءاً  كانوا خطوط إنتاج او مصانع بكاملها.

و هذا نهجٌ  ضروريٌ  ومفيد،  وقد يكون مدخلاً لإصلاح أوضاعٍ  كان "يُعتقد" أنها لا تحتاج إصلاح.  ولضمان نتائج أفضل ولتقليل الضرر المحتمل الذي عادةً ما يصحب عمليات التقييم يتوجب الإنتباه جيداً الى  تصميم النظام (الإستمارة الخاصة بالتقييم) الذي كثيراً ما يتضمن وسائل مبتكرةً للقياس، او التعبير عن حالة غير قابلة للقياس مثل "روح الفريق".  وكذلك الحرص على الدقة عند إدخال البيانات والتعامل مع الموضوع بسريةٍ وكياسة، والأهم من ذلك الإستفادة من هذا الجهد ببناء قرارات وإحداث تغييرات وصرف مكافئات على أساس نتائج التقييم لكل موظف وفريق عمل.

إن وجود نظام تقييم أداء دوري مفعل تفعيلاً كاملاً، يترك أثراً كبيراً على أداء الأفراد والجماعات.  كما يُعطيهم الفرصة لتعديل أساليب عملهم ورفع سوية أدائهم،  وكذلك العمل على إجراء تحول في شخصيتهم لتمكنهم من الإنخراط في الفريق بصورةٍ أفضل.  والأمر ينطبق كذلك على الجماعات مثلما ينطبق على الأفراد.  فعمليات التقييم الدورية، تساعد خطوط الإنتاج على إعادة النظر بأداءها،  ودراسة أسباب تراجع أداءها –في حال تراجعه– والعمل على تفاديها.  وبالتالي فإن هذا النهج يؤثر إيجاباً على إنتاجية المؤسسة. 

 

نظم التحفيز المادي

لقد تطرقنا الى التحفيز المادي للعمال في فصلٍ آخر بشئٍ من التفصيل.  والتحفيز، سواء كان المادي او غيره، لا يقتصر،  كجهد على العمال،  ولكنه يتعدى ذلك الى جميع الفئات.  

ففي حين يمكن ربط الحوافز المادية للعمال مباشرةً بالإنتاج من خلال معادلةٍ رياضيةٍ بسيطة، يصعب عمل ذلك للفئات الإدارية المساندة للجهد الإنتاجي، مثل التخطيط والصيانة والمستودعات.  وبالتالي يلجأ القائمون على المصانع الى صيغٍ مختلفةٍ لمكافئة المميزين من موظفيهم.  البعض يربطهم بالأداء العام بالحصول على نسبة يتم إقرارها بالتجربة والخطأ، مع إمكانية إدخال عوامل خاصة بمجال عملهم كإغلاق الطلبيات في موعدها بالنسبة لمنسقي التخطيط ونسبة الوقت المهدور نتيجة أعطال الماكينات لفنيي الصيانة الخ..

إن وجود نظام تحفيز مادي واضح ومربوط جيداً بإلإنتاج يساهم مساهمةً عاليةً في رفع الكفاءة وتحسين الإنتاجية.

 

السلامة المهنية

ينظر كثيرٌ من القائمين على المصانع،  والمنغمسون في قضايا الإنتاج، الى قضايا السلامة المهنية على أنها ثانوية.  وأنها تراعى لأنهم ملزمون قانوناً بتطبيقها أو لأنهم عانوا من عدم تطبيقها والتدرب على نظمها. 

ولكن قلة من الإداريين تنظر الى التقيد بنظم السلامة المهنية كوسيلة لتعزيز الإنتاجية مثل ما هي وسيلة للحفاظ على الأرواح  والممتلكات.

و الواقع أن التقيد بالشروط التي تعزز السلامة المهنية،  وخصوصاً تلك التي تنظم حركة الأفراد ومخارج المباني،  وكذلك تلك المتعلقة براحة العمال وصحتهم وأمور أخرى كثيرة، لا شك تنعكس على الأداء العام للعاملين.     

 

التحسين المستمر

لقد أصبح المؤمنون بالتغيير، كعقيدةٍ حياتية، في تزايدٍ مستمر في العالم أجمع.  سواءاً في الجانب الإقتصادي او الإجتماعي او السياسي.  والتغيير دائماً يسير نحو الأحسن.  وبالتالي ينصب التغيير في التحسين، او على الأقل يمكن الجزم أن هذا الإعتقاد ينطبق على النشاط الإقتصادي ؛ الصناعة والتجارة وغير ذلك.  إلا أن المؤمنين بالتغيير لا يُبدون نفس النظرة تجاه التغيير في الجانب الإجرائي.  فالبعض يمارس التغيير او يسمح به عندما يعتقد بالحاجة اليه.  بينما يؤمن آخرون بأنه عملية مستمرة لا تتوقف. ف ينظر كثيرون الى التحسين المستمر contineous improvement  كوسيلة تغييرمستمرة، بينما ينظر الآخرون الى الخيار الآخر، وهو إعادة  البناء او إعادة التصميم  للنظم  وللهياكل التنظيمية،  كوسيلة تغيير عند الحاجة، وليس عمليةً متواصلة، وهو ما يسمى بإلإنكليزية إعادة البناء او إعادة التصميم  re-design / re - engineering .  أي أن الإدارة  تختار، كنهج وفلسفة للتغيير، بين أحد الإسلوبين، وحسب ما تمليه قناعات أصحاب القرار.  فيؤمن بالأول من يؤمن بحتمية وضرورة التغيير المبني على المبدأ ولا يتبادر كرد فعل.  بينما الثاني هو حل للتحول من حالةٍ غير مقبولة الى وضعٍ أفضل، عند التوصل الى قناعةٍ بأن هذه الحالة غير مقبولة.  فالأول مستمر وتدريجي ولا يأتي، بالضرورة،  كرد فعل، وبالتالي ليس مؤلما وقليل الكلفة.  بينما النمط الثاني" ثوري" ويأتي كرد فعل وغالباً ما يكون جراحة مؤلمة ومكلفة.  ويوصف الأول بالإنكليزية على أنه evolutionary أي تطوري او إرتقائي،  بينما يوصف الثاني على أنه revolutionary أي ثوري وإنقلابي.

وفي الواقع إن التحسين المستمر يجب ان ينظر اليه كفلسفة تغيير للحاق بالمتغيرات في العالم  الآخذ بالتقارب والتكشف وكذلك لغاية  التأقلم مع جديده.

يتبنى كثيرٌ من إدارات المؤسسات هذا النهج إنطلاقاً من قناعة بأن هناك مجالاٍ للتحسين دائماً في هذا الجانب او ذاك.  وذلك سعياً وراء أداء ونتائج أفضل،  وأيضاً من أجل التجدد وتعزيز التنافسية .  ومن الأمور التي كثيراً ما تُستهدف في الجهد الهادف الى التحسين هو صالح العاملين، إما بمبادرة من إدارة المؤسسة او نتيجةً لمطالبة نقابية او غير ذلك.  الأمر الذي يبعكس على إنتمائهم وأدائهم.

إن تبني برنامج التحسين المستمر، كما يسمى، ويختصر بإلإنكليزية CIP ، إن تبني برنامجاً كهذا من قبل إدارةٍ ما،  يجب ان لا يجرها حماسها الى تغييرات غير مبررة وسيئة التوقيت،  وغير متباعدة.  بحيث لا يعتاد العاملون وضعاً معيناً حتى يتم تعديله بحثاً عن ما هو أحسن.  وبالتالي ومع تكرار ذلك يفقد العاملون الثقة بأي تغيير ولا يتعاملون بجدية في محاولة إستيعابه وتبنيه ولا يتحمسون له.

إن مؤسسةً تتبنى نظام تحسين عقلاني لا بد وأن ترتقي بنظمها وقيمها وثقافتها،  بحيث ينعكس ذلك على أدائها ونتائجها.

إن الدعوة لتبني برنامج تحسين نستمر لا تعني نبذ الأسلوب الآخر وتخطيئه، والصحيح أنه في بعض الحالات لا ينفع إلا أسلوب إعادة البناء او إعادة التصميم، مثل حالة إدارة جديدة حلت محل إدارة سيئة، فلا يوجد أمامها سوى الحل الجراحي المؤلم السريع.

 

مجموعة العادات والتقاليد الحسنة

وهنا نستخدم تعبير" عادة "  بدلاً من تعبير " قيمة " المُترجم حرفياً عن كلمة value   وهي مجموعة من المسلكيات المتأصلة لدى الأفراد والجماعات وقد تكون عادات مهنية او عملياتية او تكون عادات سلوكية ومعاملاتية.

وفي المؤسسات التي تسودها ثقافات إيجابية مستنيرة،  يفضل ترجيح سيادة العادات   (او القيم) الإيجابية على النظم والقوانين.  وهذه قضية خاضعة للنقاش. 

ويكمن الفرق بين العادات\القيم وبين النظم والتعليمات بأن الأولى تنبع من قناعة داخلية للموظف وتتعامل مع خط عام بهامش حرية عريض بينما القوانين والتعليمات والنظم مفروضة على الفرد والجماعة،  وقد يكونوا مقتنعين بجدواها وقد لا يكونون، كما قد  تُحول الى مجموعةٍ من القيود في بعض التطبيقات.

 

هل بإلإمكان أن تحل العادات / القيم محل القوانين والتعليمات ؟.

 قطعاً لا يمكن تخيل شركة تؤسس على عادات وقيم بدلاً من قوانين وتعليمات.  ولكن يمكن أن تحل العادات المهنية الحسنة المتشكلة نتيجةً لعملية بناء طويلة ولو جزئياً محل القوانين وتتعايش معها،  دون ان تلغيها بل تبقى مقياساً ووسيلة تصحيح.  وهذا ينعكس إيجاباً على مرونة الأداء ويخلق مجالاً أكبر للإبداع والإبتكار والتجدد، وبالتالي إرتقاء أداء المؤسسة نحو إنتاجية أفضل.

 

                                 *                *                *

إن من أكبر الأخطاء التي تُرتكب عادةً عند تأسيس شركة، هو تأجيل وضع النظم والتعليمات التي تنظم عملها ونشاطها.  بحجة أن هناك أولويات أخرى، وأن هذه القوانين والتعليمات ستظهر الى الوجود كتراكم حتمي في الأشهر او السنوات الأولى.  فهذا خطأ فادح، فالإدارة الجديدة لها أولوياتها أيضاً، وقد تأخذ العملية سنوات، وقد ينجم مجموعة من النظم الغير متجانسة.  الأمر الذي يبقى أثره القوي على شخصية character المؤسسة،  ولا أقول ثقافتها لسنين.

 


 
 

 


تعليقات

لا يوجد تعليقات

الإسم 
البريد الإليكتروني (ليس للنشر)
التعليق
هل توافق على الانضمام لمجموعتنا البريدية؟
  أرسل

 

Counter