كتاب إدارة بلا تعليمات - الفصل الختامي
 
 


فصل الختام

أيها المدير: تخلص من المخاوف

 

 

أيها المدير اقتل غيلانك

في ذهنية الكثير من المدراء مخاوف كامنة في أعماقهم، نشأت نتيجةً لترسبات ومفاهيم اعتادوا التعامل معها على أنها حقائق أزلية.  فهناك الكثير من المفاهيم الموروثة والدارجة التي خلقت وراكمت أفكاراً ومواقف جامدة تجاه بعض القضايا.  وهذه تظهر -بشكلٍ خاص- في أمثال وحكايات شعبية، نُسجت في عهود نتمنى أن نتخلص من آثارها، لا أن نصطحبها معنا إلى القرن الحادي والعشرين، كما نشأت نتيجةً لمؤثرات خارجية. وقد وصفت هذه المخاوف بالغيلان، والغول كائنٌ خرافيٌ موجودٌ في حكايانا الشعبية ويوصف بأنه مرعب وفتاك، تماماً مثل هذه المخاوف التي يتمسك بها بعضنا عن وعي وعن غير وعي، ولكنها في المحصلة مرعبة وفتاكة ومدمرة. وفيما يلي نذكر أمثلة منها:

 

§       الخوف من المجازفة : هناك الكثير من الموروثات السلبية في ثقافتنا، موجودة على شكل أمثال شعبية ومفاهيم عالقة بذهنية الكثيرين منا تدعو إلى عدم المجازفة وبالتالي القيام بالأعمال الآمنة والمضمونة، ويستشهدون بهذه الأمثال الشعبية من أجل تدعيم هذا التوجه. ومن هذه الأمثال  "لا تنام بين القبور ولا تشوف منامات وحشة"، و "امشي الحيط الحيط.. "، وهي تدعو إلى ما يمكن أن نسميه " برنامج الحد الأدنى ".  وهذا البرنامج لا يلبي طموح مؤسسة واعدة أو مدير طموح، من الناحية الكمية.  كما أن قدرات المؤسسة تأخذ الإيقاع نفسه، فينجم لدينا تنظيم كسول عاجز عن التعامل مع الأوضاع التي تخرج عن الإيقاع المعتاد.  وفي عالم اليوم لا يستطيع الصناعي أو المقاول أو مقدم الخدمات أن يختار الأعمال التي يريد أن يمارسها، بل يفعل ما يطلبه زبائنه.  وبالتالي فإن مؤسسة اعتاد قادتها على عمل الحد الأدنى ستجد نفسها خارج السوق خلال فترة بسيطة، لانعدام المرونة وتكاسل آليات العمل فيها وقواه.

 

§       النهي عن الضحك والتبسم : هناك مثل يقول " لا تضحك للي جاي، ولا تضحك للي رايح" أي أنه يشجع على دوام العبوس. وهذا لا يفيد أحداً، سواء في داخل المؤسسات بين الزملاء، أو بين العاملين في المؤسسة والجمهور بما في ذلك الزبائن.  فمهما كانت المعاملة حسنة ولطيفة، إذا لم تُغلف بابتسامة فلا معنى لها، ولا يريدها أحد.

 

§       موقف سلبي من العمل الجماعي : يشجع المثل القائل " إلعب لوحدك تصبح راضي " على العمل الفردي، وهو نهج سلبي للغاية، فالعمل الجماعي القائم على المشاركة المخلصة له مزايا عظيمة جداً. وهو يناقض امثالاً أخرى في تراثنا، مثل "الموت مع الجماعة رحمة". كما يناقض مفاهيم دينية تتضمن رسائل قوية وواضحة تحث على العمل الجماعي.

 

§       الحض على عدم الانفراد بقول الحق ، أو الاعتراض على ظلم، أو نقد وضع غير سوي. وهذا يتمثل في المثل الشعبي الذي يقول: "حط راسك بين الروس، وقول يا قطاع الروس".  هذا المثل يدعو إلى الاستكانة والقبول بالأمر الواقع حتى لو كان سيئاً.  وإذا ما سحبنا هذا المفهوم السلبي على مؤسساتنا الإقتصادية، فإنها تشكل دعوة للسكوت عن الأخطاء التي ترتكبها الإدارة، التي، ربما، تتمنى أن تسمع نقداً، وغض النظر عن الإدارات الفاسدة.

 

§       موقف سلبي من تحدي السلطة :  ينهى المثل القائل " الكف ما بلاطع المخرز " عن رفع صوت الحق في وجه السلطة حتى لو كانت ظالمة.  وهذا نهج سلبي للغاية.  ولو عُمل به في مؤسساتنا الاقتصادية وشاع لسد الاستبداد وتكممت الأفواه.  ولشكل بيئة غاب فيها الحوار وانعدم التفاهم بين أطراف الإنتاج.

 

§       لعب دور الضحية : يلجأ كثيرٌ من الأشخاص في مجتمعنا إلى لعب دور الضحية.  وهؤلاء لا يمكن أن يكونوا قادة، كما لا يمكن أن يكون لهم تأثير أو قدرة على التأثير إذا ما كانوا مدراء لمؤسسات.  إنهم من نوع مدراء الحد الأدنى، فالضحايا لا يغيرون العالم.

 

على أن أمثلتنا الشعبية ليست جميعاً بهذه السلبية، فهناك مثلان أعتبرهما قاعدتين إداريتين أساسيتين، وكثيراً ما أشير إلى ذلك في أحاديثي؛ وهما "اللي بحضر ميلاد عنزته بتجيب توم"، والثاني "داري على شمعتك تقيد". الأول هو ما يسميه اليابانيون جيمبا Gemba في فلسفة الكايزن [1] ، والتي تتطلب التواجد في موقع الحدث، ف هل يجب أن يحمل المفهوم مسمىً أجنبياً أو شهادة منشأ أجنبية حتى يلفت انتباهنا؟. أما الثاني فيشجع على الإعداد الجيد للعمل ودراسة كافة الجوانب المتعلقة بإنجازه، لمنع وقوع الأسباب التي تؤدي، في العادة، إلى التراجع.

 

المخاوف

وفيما يلي نستعرض بعضاً من المخاوف المزمنة التي يعاني منها بعض مدرائنا وتحد من أدائهم كماً ونوعاً:

 

·       الخوف من التغيير:

إن الخوف من التغيير شائعٌ جداً، لدرجةٍ يمكن فيها القول أن الغالبية العظمى من الناس تخاف من التغيير بصورةٍ أو بأخرى، فالبعض يتخوف من التغيير ولكنه لا يبدي أي معارضة له، بينما هناك من يقاوم التغيير ويحاربه. ومقاومة التغيير لدرجة محاربته لا تنجم عن التخوف من التغيير الناجم عن الخوف من المجهول كما هو الحال في الغالب، ولكن من الخوف على المصالح المكتسبة من استمرار الوضع الراهن.  فهو غالباً ناشئ عن وعي.

 

يشكل الخوف من التغيير عقبة كبيرة في طريق التنمية والتحديث.  فكثير من المؤسسات تتبنى برامج تحسين مستمر، والتحسين المستمر يعني تغييراً مستمراً.  إن عالم اليوم متحرك وديناميكي، ويرفض السكون، ولذلك قد يكون رفض الذين يقاومون التغيير رفضاً عنيفاً.

ينبغي على المدير الذي يخاف التغيير أن يتخلص من هذا الخوف.  عليه أن يدرك أن الخوف أمرٌ طبيعي، وأكثر الناس يخافون من المجهول الذي يحضره التغيير.  وبالتالي فإن مزيداً من الثقة بالنفس ومحاولة تصور ما قد يصبح عليه الحال بعد التغيير، يساعد كثيراً على تقبل التغيير بدون خوف.

يعترض كثير من المدراء ويقاومون التغيير لجهلهم بأهمية تغيير الوضع الراهن، أو لخوفهم من عدم قدرتهم على النجاح في الوضع الجديد. [2] كما يعترض بعض المدراء على التغيير لأنهم يعتقدون أن الوضع الراهن من بنائهم، وبالتالي فإن التغيير جاء ليهدم ويلغي نتاجهم الذي جاؤوا به قبل سنوات. كما يعترض آخرون لأن الوضع الجديد يعطيهم صلاحيات أقل. 

وفي العموم فإن السبب الرئيسي لمقاومة التغيير ينبع من الخوف؛ الخوف من المجهول.

في العادة لا يطرح التغيير كقرار ترفي بدون مبرر، ولكن غالباً ما يأتي نتيجةً لتردي الوضع المالي للمؤسسة بتكرار الخسائر، أو لتزايد المنافسة وتضائل السوق، أو لارتفاع كلف الإنتاج نتيجةً لتدني كفاءة العاملين أو لارتفاع نسبة الهدر في المواد والوقت.  وفي بعض الحالات تكون هذه الأوضاع قد تفاقمت لدرجة يصعب تجاهلها. ولكن هناك حالات، عندما تكون هذه المشاكل في بداياتها، ويكون من الصعب تمييزها، فتجد من يدافع عن الوضع القائم، ويعتبر ما يجري مجرد تراجع مؤقت ناجم عن خطأ في التطبيق، وهنا تظهر معارضة التغيير ومقاومته.

على المدير الذي يريدأن يرى مؤسسته تتخطى الأزمة التي تمر بها، أن يعيد النظر في مواقفه.  إن التغيير غالباً ما يشمل تغييرات تنظيمية؛ في الهيكل التنظيمي والنظم والتعليمات والوصف الوظيفي لكل موظف، بما في ذلك المدير نفسه، وكذلك الصلاحيات الممنوحة لكل وظيفة.  كما قد تشمل تغييراً قي ثقافة المؤسسة وإدخال مفاهيم جديدة مثل المشاركة وعمل الفريق إلخ..  إن هذه التغييرات جميعاً تنتقص من مكانة المدير كمختار للمؤسسة.  ولذلك إذا كان يتصرف -عن وعي أو عن غير وعي- كمختار للمؤسسة أن يكف عن ذلك.  عليه أن يتحول إلى قائد موجه ومعلم ومخطط، بدلاً من مدير يمسك الخيوط كافةً بيديه. عليه أن يدرك مزايا وفوائد التغيير، عليه أن يبحث عنها ويدرسها ويساعد نفسه على استيعابها، وإلا سيضطر إلى ذلك اضطراراً تحت وقع النتائج التي تتردى شهراً بعد شهر. فالتغيير يعني أحياناً البقاء. إن التنازلات التي يعتبر نفسه سيقدمها إنما هي تنازلات شكلية، تعزز من مكانته ولا تهزها. عليه أن يمتلك الرؤيا الكافية لتوقع ما هو آت. وأن يمتلك القدرة الجيدة على التوقيت بحيث يقتنع بالتغيير ويقوده ويكون أول من تغير.

 

·       الخوف من تولي القيادة : بعض المدراء لا يحبذون ولا يسعون إلى توسيع دائرة مسئوليتهم بحيث يتحولون إلى قادة.  فالبعض يفضل أن يبقى في الظل.  ولا يمارس دوراً يجلب له "وجع رأس"، وهذا يدل على انعدام الطموح، أو وجود الطموح وعدم الاستعداد لدفع ثمن لذلك، كما يعني في كثيرٍ من الحالات التخوف من تحمل المسئولية.  وقد يكون السبب خلف هذا التخوف هو اعتقاد الشخص أنه لا يصلح للقيادة ولا يملك مقوماتها، وهذا التخوف لا مبرر له، ويجب على من يعاني منه أن يعمل على التخلص منه. فجميع الناس يمتلكون قدرات قيادية بصورةٍ نسبية، ولكن بحاجة إلى استخراجها وشحذها. كما أن التقدم في الحياة المهنية يستحق عناء المحاولة.  وعلى عكس ذلك يوجد كثيرون ممن يسعون بشتى الوسائل، المشروعة وغير المشروعة، إلى العبور إلى دائرة القيادة.

 

·       الخوف من الفوضى :  نخاف جميعنا من الفوضى.  وهو خوفٌ مشروع.  ويعزي كثيرون بيننا بعض مشاكلنا إلى الفوضى السائدة.  وحقيقة إن فوضى التخطيط وغياب الاتساق والثبات في التنمية تشكل مشكلة حقيقية في مسيرتنا الاقتصادية.

 

ولكن يجب أن لا يُنظر إلى الفوضى كشيء مرعب.  فإذا ما كان هناك الحد الأدنى من الوعي، وتمتع الجميع بحس عميق بالاتجاه sense of direction   وحس عميق بالهدف sense of purpose الذي يسعى الجميع لبلوغه، فيجب أن لا تشكل الفوضى مصدراً للخوف. فمن رحم الفوضى سينجم عن التذبذبات الناجمة عن الفوضى تغييراً نحو الأفضل.  ولهذا يجب عدم الخوف من الفوضى، ولكن الاستعانة بقواها كمحرك نحو التغيير.

 

·       الخوف من الإخفاق : يشكل الإخفاق حالة تراجع عن تحقيق الأهداف المحددة سلفاً، سواء كانت هذه الأهداف تتعلق بالنتائج المالية أو الجودة أو الكفاءة إلخ.. والإخفاق مفهوم نسبي، وبالتالي يمكن العمل على عكسه. 

 

وفي العموم لا يأتي أحد إلى العمل بنية التسبب في الإخفاق واستفحاله، ولكن هناك من لا يملكون الدافعية الكافية للمساهمة في النجاح، كما أن هناك من يتعاملون، في ظروفٍ معينة وفي بعض المؤسسات، بلا مبالاة نسبية.  وعندما تعلن نتائج سلبية معينة في أوساط المؤسسة، فإنها تنشر جواً واضحاً من الكآبة، فلا يوجد من يريد الحصول على نتائج كهذه.  ولكن الإخفاق يحصل، بنوعيه المؤقت والمستفحل.  وللإجابة على سؤال مثل لماذا تخفق المؤسسات ؟.  يجب أن يحدث الإخفاق ليُدرس وتُستنبط منه الدروس.  فالإخفاق فرصة.. فرصة للمراجعة ولتحسين الأوضاع ولتجنب الإخفاق.

ولذلك يجب عدم دفن الإخفاق، بل إستثماره والإستفادة منه [3] .  وهذا ما سمعته في محاضرة لمدير إحدى الشركات الأمريكية والتي تتعامل معها الشركة التي أعمل بها، حيث أضاف أن الإخفاق جوهرة (شذرة)  فلا تتركوها مدفونة، أو لا تدفنوها.  

لهذا يجب أن تتغير النظرة إلى الإخفاق، فهو ليس نهاية العالم، ويجب اعتباره فرصة للمراجعة.  ففي المناخ المزاجي والنفسي الناجم عن الإحساس بالأسف والانزعاج  وحتى الألم من النتائج المعلنة مؤخراً، يكون الاستعداد لتقبل التغيير في ذروته.  وبالتالي فإن فرص التغيير عاليه.  وكثيراً ما تعتبر بعض الإخفاقات نعمة على المدى البعيد، بدلاً من أن تعتبر نقمة تقابل بالنواح وفقدان الأمل. 

 

·       الخوف من الحشود :  هناك بعض المدراء الذين يخافون الحشود، ولا يجرؤون على مواجهتها ولا يتقنون ذلك.  وهذا إنتقاص من مهاراتهم القيادية.  فعلى المدير أن يتعلم المواجهة بأنواعها، بما في ذلك مواجهة حشود من العاملين أو غيرهم، بغض النظر عن سبب تجمعهم، سواء كان احتجاجاً على قضية معينة أم للمطالبة ببعض المطالب، أو للتعبير عن شعور بالامتنان أو لتقديم التهاني أوغير ذلك.  فعلى المدير الذي يود أن يقوم بما عليه من واجب، أن يجمع قواه ويذهب لمواجهة المتجمعين، أو دعوتهم إلى مكانٍ ملائمٍ لذلك، كقاعة إجتماعات مثلاً، والتعامل معهم باحترام متجنباً ما يمكن أن يكون استفزازياً، ثم الإستماع لهم بإصغاء شديد، طالباً من أحد مساعديه تدوين ما يقال.  ثم يتولى الإجابة على ما طُرح عليه.  الذي غالباً ما يكون مقبولاً حتى لو كان وعداً بأنه سيدرس الموضوع ويجيبهم عليه قريباً.  وعليه أن يفي بذلك.  كما عليه أن يكون واضحاً دائماً ويتجنب إعطاء وعد لا يقدر على تنفيذه.  إن الكلام المباشر والواضح يواجه بالقبول في أغلب الأحيان. 

إن الخوف من الحشود قد يعود لأسباب تتعلق بتجارب سابقة، مثل التفوه بكلمة غير لائقة من قبل أحد المشاركين، الأمر الذي يشير إلى أن مديرنا كان محقاً في تردده قبل مواجهة الحشد، ولكنه يستطيع أن يتجاوز ذلك، إما بتجاهلها أو بالرد اللطيف، فقد تتحول إلى صالحه.  وفي جميع الأحوال يجب التحلي بالهدوء والتماسك.

 

·       الخوف من البديل : كثير من المدراء يخافون من تقدم أحد نوابهم أو أحد المدراء الكبار في المؤسسة لاعتقادهم أنه يمكن أن يحل مكانه، فقد يشكل بديلاً محتملاً جاهزاً للانقضاض والحلول محلة. وهذا يدفعهم لتبني سياسات تجاه البدلاء المحتملين، بإبقائهم في الظل، وعدم السماح لهم بالظهور، وعدم الاهتمام بتطوير قدراتهم، بل يصل الأمر بالبعض إلى الغيرة من مساعديهم فيسعون إلى قمعهم وإقصائهم.  وقد عانى كثيرٌ من الشباب من الحواجز وعوامل التثبيط، إن لم نقل التآمر من قبل مدرائهم مدفوعين بالخوف من أن هؤلاء يمكن أن يشكلوا بديلاً سريعاً في حال ظهر خلاف بين المدير وإدارته.

يعمل هذا النوع من المدراء على إضعاف مؤسسته، بإضعاف الأشخاص الذين يعملون حوله، أي أنه يعمل بشكلٍ متعمد ومنظم، طوال حياته، على إضعاف إدارته، ويعتقد أنه يحمي نفسه من بديلٍ محتمل، سيظهر ذات يوم، بعد سنة أو بعد عشر سنوات، ويشكل بديلاً ملائماً له في حال حلول الساعة التي ترى الإدارة أنه يجب أن يتغير.  وفي الحقيقة أنه يخلق وضعاً هزيلاً مرهقاً بالنسبة له، لأنه يعتمد عليه بالدرجة الأولى، وهذا الوضع ذو قابلية عالية للخطأ وللأداء دون المستوى، وهذا، عملياً، يقرب هذه الساعة. 

ينطبق هذا الوضع على الزعماء السياسيين، مثلما ينطبق على مدراء المؤسسات، وفي العموم، لم يترك هؤلاء السياسيون وهؤلاء المدراء وراءهم سوى مجموعة ضعيفة من النواب والمساعدين، من خلال استبعاد المساعدين الأقوياء وذوي القابليات الجيدة، ومن خلال حرمان الآخرين فرص الارتقاء بقدراتهم وبناء مهاراتهم. أما السياسيون فقد كتب عن تركتهم التاريخ، أما المدراء فنحن نسمع عن عجز بعض المؤسسات عن الإستمرار، فتنهار.    

والمتوقع من المدير (أو الزعيم السياسي)  المؤتمن على مؤسسة، حاضرها ومستقبلها، أن يعمل بشكلٍ منظم على بناء كوادر ومدراء وقادة، ويعمل ذلك واعياً أن أحدهم سيجلس مكانه يوماً ما. فيجني، طوال حياته المهنية، فائدة أن يحيط نفسه بفريقٍ من الإداريين المقتدرين والواثقين بأنفسهم الممتنين له والذين يمكن الإعتماد عليهم.  ويذكره جميع هؤلاء بالشكر والامتنان.

إن هذا الخوف وما قد ينجم عنه من ممارسات سلبية، يشكل جريمة في حق المؤسسة التي يعمل بها هذا المدير المركوب بالخوف، إن المدير الناجح، الواثق من نفسه، هو الذي يوجد لنفسه بديل، ساهم بنفسه في شحذ قدراته وتهيئته لدورٍ أكبر.  إن مديراً كهذا يسعى بإستمرار ليصبح أعضاء الإدارة المحيطون به ويعملون معه أقدر وأمهر وأكبر، يصبح هو نفسه أكبر كقائد وكمدير وكمعلم.  وبالتالي فليس لديه ما يخاف عليه، فسيبقى في مكانه ويبقى المعلم.

 

·       الخوف من فقدان الدور : وهذا ما يعتقده بعض المدراء نتيجةً لإعطاء الصلاحيات لبعض مرؤوسيهم، وتمرسهم على الإدارة، الأمر الذي يجعلهم يقومون بأعمال كان المدير يقوم بها بنفسه.  وهذا قد يعطي الانطباع لهذا المدير أنه يفقد دوره تدريجياً.  وبالتالي يصبح أقل أهمية للمؤسسة الذي يدير.

وهذا يجب أن لا يكون صحيحاً.  فالفضل بأن المرؤوسين تحسنت قدراتهم نتيجةً لحصولهم على صلاحيات أوسع يعود لهذا المدير.  كما أن الفراغ الناجم عن ذلك يمكن أن يستغله بالتركيز على أعمال ذات بعد إستراتيجي، وبإجراء إصلاحات في النظم والقوانين وقيادة الجهد الداعي للتح سن .  كما يمكن لهذا المدير أن يصبح معلماً.  وأن يفرغ جزءاً مهماً من وقته للتعليم والتوجيه، ولنشر ثقافة المؤسسة والعمل على زيادة تجانسها وتعميقها. 

  

·         الخوف من التحدي : ويقصد بالتحدي قبول القيام بالأعمال والمهام التي في العادة تعتبر صعبة التنفيذ نتيجةً لأسباب كمية أو نوعية مثل نقص الخبرة والمهارة والموارد والإطار الزمني للتنفيذ.

 

ويتطلب هذا الوضع في العادة تدخل الإدارة بشكل مكثف للتعويض عن هذا النقص برفع دافعية العاملين وتشجيعهم على إظهار أقصى ما لديهم من قدرات ومهارات، والعمل لساعات أطول وبكفاءة أعلى لتعويض النقص في المهارات أو في الوقت أو في كليهما.

إن الخوف من الإقبال على قبول مهام من هذا النوع، ينجم في العادة عن الخوف من الفشل، أو عن عدم رغبة الإدارة في بذل جهد خاص مضنٍ ومكلف وتعريض المؤسسة للحرج بسبب عدم القدرة على تنفيذ الالتزام.

  إن الميل إلى قبول التحدي بتعاطي أعمال ومهام تتضمن مجازفات محسوبة يشحذ قدرات المؤسسة ويرتقي بمهارات العاملين بها ويساعد على رفع الكفاءة، كما يرتقي بمعنويات العاملين بها ويعزز من ثقتهم بفريقهم.  وتدريجياً يتحول ما هو عمل مشوب بالتحدي إلى عمل روتيني عادي، من خلال الارتقاء بقدرات فرق العمل ومن خلال كسر الحاجز النفسي الذي يُعزى إليه معظم التخوف.  لهذا يجب التخلص من الخوف من قبول التحدي، لأن ذلك يفتح آفاقاً واسعة وجديدة، ويحسن من قدرات العاملين في المؤسسة، كما أنه يمنح صاحب القرار نفسه إحساساً بالتجدد.

وكما يقول الطبيب الأمريكي من أصل لبناني روبرت إليوت أن " القليل من التحدي يخلق فيك الضجر والركود، والكثير منه يحملك الكثير ويفقدك السيطرة.  ولكن القدر المناسب منه يساعدك على تطوير مواهبك ويكسبك حساً بالقدرة على الأداء، وإحساساً بالهدف " [4] الذي تسعى إليه.

 

·       الخوف من الحوار :  يخشى كثيرٌ من المدراء محاورة مرؤوسيهم. ويعود ذلك لأنهم اعتادوا على ثقافة ومنظومة علاقات لا تسمح بالنقد وبتقبل النقد ولاتتعايش مع الاختلاف. والحوار غالباً ما يتضمن نقداً واختلافاً بالرأي. وطالما أن النقد والحوار لا يخرجان عن قواعد الأدب، فلا يوجد لدى المدير ما يخاف عليه.  فعليه أن يعتاد أن يسمع وجهات نظر الآخرين، ويتقبل نقدهم، بل ويصغي جيداً، ويتأمل ما قيل له من ملاحظات ويعمل على الإستفادة منها. وقبل أن نطلب من المدير أن يتوقف عن خشية الحوار، علينا أن نساعده على تمرس الحوار، بما ينفع المصلحة العامة للمؤسسة.  فعليه أن يتعلم الاستماع جيداً للآخرين، وذلك احتراماً لهم ولما يطرحونه، ولتفهم ما يقولوه.  والتعود على تدوين ملاحظات وتوجيه أسئلة توضيحية.  هذه الملاحظات تُعطي الطرف الثاني الإحساس بالإهتمام.  ثم ينتقل المدير للإجابة على النقاط التي سمعها، واحدةً تلو أُخرى.  ولا يضيره أن يقول أنه لا يعرف، أو لا يستطيع الإجابة الآن حتى يتأكد بعد البحث.  ولكن عليه أن يجيب في مناسبةٍ أُخرى، أو بشكلٍ فردي.  فلا يجوز أن يترك سؤالاً بدون جواب.  وطبعاً الحوار ليس سؤالاً وجواباً.  فقد يمتد بتعليق على السؤال، أو بالتشكيك بصحة معلومة، أو بسؤال آخر وهكذا.  الأمر الذي يتطلب صبراً من طرف المدير وتقبلاً.

كما قد يحصل وأن يُواجه المدير بحقائق لا يعرفها، الأمر الذي قد يعتبره بعض المدراء "مش حلوة بحقه" كما يعتبرها مدراء آخرون فرصة للتواصل، بينما يغضب الأول، يغتبط الثاني ويجد في ذلك فرصةً للتعلم. فعلى المدير الذي يريد أن يستثمر الحوار ويستفيد منه، أن يتقبل أن يثبت أحدهم أنه مخطئ وأن يتقبل مفاجآت غير سارة، ويستوعبها ويمتصها ويعرف كيف يتراجع ويعترف بالخطأ إذا لزم، وهذا لا ينتقص من قدره شيئاً.

 

·       الخوف من رفع التكليف :  هناك مدراء يفضلون أن تبقى علاقاتهم بمن يعملون معهم رسمية وجدية على الدوام.  فهم يخافون إن رفعوا التكليف أن لا يستطيعوا إستعادة الوضع السابق الرصين، وبالتالي لا يستطيعون السيطرة على الوضع.  فهم يحافظون دائماً على تلك المسافة بينهم وبين مساعديهم ومرؤوسيهم بما في ذلك أقرب المساعدين الذين عملوا ربما في نفس الغرفة لسنين. فهم يحافظون على العبوس الدائم.  ويرسمون لأنفسهم صورةً كتلك التي رسمها الحجاج لصاحب شرطته، فقد قال لحاشيته : أريد رجلاً " دائم العبوس، طويل الجلوس، سمين الأمانة، أعجف الخيانة" [5] .   فهناك، لا يزال الكثير من  مدرائنا يرسمون أنفسهم على مواصفات الحجاج  فيما يتعلق بالعبوس.

ويعتمد البعض على العبوس (الكشرة)  كآلية دفاعية تجاه الآخرين.  وهذا ينبع أصلاً من موقفهم من الآخرين.  فبينما يعتبرونها هيبة للمركز ولصاحب المركز، فإن ارتداء قناع العبوس يحافظ على مسافة عن الآخرين. والبحث عن المسافة والمحافظة عليها وإدامتها، إنما تعبر عن الخوف من الناس.  وهذا حقيقة، فهم يخافون إن رفعوا التكليف، أن لا يستطيعوا استعادته، واستعادة هيبتهم، التي اعتقدوا خطأً أنهم فقدوها.

إن إحلال الإحترام والمودة مكان الخوف في علاقة المدير ومرؤوسيه تجعلها بناءةً ومفيدةً ومريحة.  وعلى مدراء القرن الواحد والعشرين التخلص من هذا الطبع، فهو لا ينتمي إلى هذا الزمان.

  

·       الخوف من المجازفة :  يفضل الكثير من المسؤولين سلوك طريق آمن في مسيرته المهنية.  عملاً بكثير من الأمثال الشعبية ذات الطبيعة الانهزامية. وهؤلاء لا يحققون الكثير لأنفسهم ولمؤسساتهم ولمجتمعاتهم. فالخوض في نشاطات أو إستحداث تغييرات أو تبني نظم جديدة غير مضمونة النتائج أمرٌ لا بد منه في كثيرٍ من الأحيان، حتى لو كان الإخفاق محتملاً.  فالنتيجة التي ستحصل عليها المؤسسة في حال عدم الإخفاق، نتيجة تشكل نقلة مهمة، قد تعني تجنب كارثة، أو تفادي الوقوع في أزمة، أو تحسين وضع المؤسسة التنافسي ووضعها في وضع متميز أمام زبائنها.

 

وللتقليل من إحتمالية الإخفاق يجب دراسة ما هو مطروح وإحتساب مقدار المجازفة بشكل دقيق.  فهناك طرق ووسائل عديدة لعمل ذلك، منها ما يسمى " تحليل المجازفة "  Risk Analysis ، حيث يدرس كافة احتمالات النجاح والإخفاق من قبل عددٍ من أصحاب الإختصاص.  وهناك طريقة القبعات الست six thinking hats ؛ وهي أن يقوم ستة أشخاص بلعب ستة أدوار بارتداء قبعات مختلفة الألوان لتبني حالة مزاجية محددة ؛ الأولى بيضاء ومرتديها يلعب دور الموضوعي ويعطي رأيه بالقضية المطروحة من نظرة موضوعية.  والقبعة الثانية لونها أحمر ويلعب مرتديها دور الشخص العاطفي في تقييمه للقضية المطروحة.  والقبعة الثالثة ولونها أسود ويلعب مرتديها دور الشخص المنطقي الإيجابي.  أما القبعة الرابعة فلونها أصفر ويلعب مرتديها دور الموضوعي السلبي.  أما القبعة الخامسة فلونها أخضر ويلعب مرتديها دور المبدع.  أما القبعة السادسة والأخيرة فلونها أزرق ويلعب مرتديها دور المحب للضبط والإلتزام. وعند طرح فكرة معينة تقيم من قبل المشاركين الستة، كلٌ حسب دوره، فيبرز ستة وجهات نظر، الأمر الذي يسهل التوصل إلى الفكرة الأفضل.

وبعد إتمام العمل المطلوب، سواءً كان مشروعاً إنتاجياً، أو نظاماً جديداً، أو توسعة، يتم مراجعة التحليل لمعرفة مدى دقته، ومراجعة آليات إتخاذ القرار التي تم إتباعها، للإستفادة في تحليل مجازفة مشاريع قادمة، لكسب خبرة وتحسين القدرة على التوقع والإستنباط. 

في المؤسسات التي يتخذ فيها القرارات على أساس جماعي، يتضاءل إحتمال الإخفاق.  ولذلك فعلى المدراء الذين يتخوفون من اتخاذ قرارات فيها مجازفة، اللجوء إلى جماعية إتخاذ القرار، ليس هرباً، وإنما لتحويل خاصية الخوف إلى ميزة، بحيث يلعب المتداولون أدواراً مختلفة، قد يلعب المدير دور المتشائم والمتخوف بينهم.

إن المجازفة في عالم اليوم ضرورة لا يمكن تجاوزها، وقد تصبح المخرج الوحيد للمحافظة على وضع المؤسسة في السوق.  وينصح جاك ويلش المدراء بإيجاد ثقافة ترحب بالمخاطرة من خلال الإقرار بالأخطاء والتحدث عن الدروس المستقاة منها، ومن خلال الأسوة الحسنة [6] .

 

·       الخوف من العمل الجماعي : بينما هناك الكثيرين تمرسوا على العمل الجماعي وإعتادوا عليه، تجد الكثيرين من الأشخاص الذين يتبوئون مواقع إدارية متقدمة، لا يفضلون خيار العمل الجماعي، بل يخافونه.

ويتطلب العمل الجماعي، أو عمل الفريق، التقاسم مع الآخرين المعلومات والبيانات والتحليلات والمقترحات والإشتراك بمناقشة الحلول المتوفرة حول قضية معينة مطروحة للبحث.  وفي ظروف عملٍ معينة لا يرتاح البعض لهذا الإنفتاح.  هذه الظروف التي لا تشجع عمل الفريق، وفي المؤسسات التي لا تتفشى ثقافة تشجع على هذا النهج، يجد كثيرون أنفسهم مترددين في المشاركة بنشاط جماعي لتحقيق هدف معين. 

ولكن هناك البعض، ممن تمرسوا على العمل الفردي، لا يجدون لأنفسهم مكاناً في فرق العمل.  فهم يخافون أن يضيعوا في الزحام، وأن لا تبرز مساهماتهم ولا يظهر دورهم ولا ينسب إليهم حل.  وهذا ما لم يعتادوا عليه، وهذا ما لا يحبذون. 

إن العمل الجماعي أداءٌ يساهم فيه جميع المشاركين (أعضاء الفريق)  بكل قدراتهم العقلية والذهنية، ويقدمون جميع ما يملكون من معلومات وبيانات بكل إخلاص، ولا يترددون في طرح أية فكرة أو خاطرة تساعد على التوصل من الهدف، كما يتعاونون في تطوير أفكار طرحها زملاؤهم. وهم، هنا في العادة، لا يأبهون لمن يعود الفضل في حلٍ ما أو فكرةٍ ما، فهم فريقٌ واحد، وقد تربوا على الافتخار بذلك.  ومع انتشار العمل الجماعي، كأسلوب عمل وكخيار، يبقى هناك من لا يحبذون هذا النمط من العمل، فهم بحاجة لمن يساعدهم على تفهم العمل الجماعي، وكيف أنهم يحتفظون بخصوصيتهم أثناء الإنخراط في العمل الجماعي، الذي يرتقي بالمؤسسة إلى مستوياتٍ عالية، الأمر الذي ينعكس على الجميع بالمنفعة.  إن العمل الجماعي يجب أن لا يشكل مصدراً للخوف لأحد، ربما كان للبعض تجارب سلبية، ولكن عليهم إعطاء هذا الخيار فرصته، كما عليهم التخلص من فرديتهم المفرطة التي تقف في طريق الإندماج في الفريق في العادة.

 

·       الخوف من المحاولة :  كثيرٌ من المدراء يستسلمون أمام المسلمات، ولا يحاولون إتخاذ إجراء، في الغالب خوفاً من المحاولة.  فالمحاولة قد لا تأتي بالنتائج المضمونة.  هؤلاء مدراء الحد الأدنى.  والذين لا يرتقون بمؤسساتهم إلى مستويات أفضل.  والمؤسسات التي يديرون عرضة للإنهيار لعجزها على التماشي مع التطورات، التي يحتاج التوصل إليها إلى محاولة. 

 

·       الخوف من المشاركة :  إن المشاركة تتطلب إزالة الفوارق الوظيفية بين المراتب المختلفة، بما في ذلك المدير نفسه، كما تتطلب الإصغاء والاهتمام بما يطرحه أعضاء الفريق، وفي الغالب ليس كل ما يُطرح  منطقي ومثير للإهتمام، بل كثيراً ما تُطرح أفكار غير ناضجة تنم عن تدني خبرة أصحابها، وهذا ما يجعل بعض المدراء لا يحبذون هذا النمط من التعامل ويجدونه مملاً ومضيعة للوقت. بل يفضلون أن " يحافظ كلٌ على مركزه "، ويظهرون تخوفاً من خيار المشاركة. 

 

·       الخوف من الخوف :  قال أحد أقطاب الحرب العالمية الثانية المعروفين " أن ما يجب أن نخافه هو الخوف نفسه " وإذا كان الخوف محرماً في السياسة، فإنه مباح في العمل.  فإن بعض أنواع الخوف يجب أن لا تخيفنا.  فوجودها قد يشكل حافزاً مهماً للإرتقاء بالأداء العام وتحسينه.

 

ومن الأمثلة على ذلك :

1.   الخوف من التوتر

2.   الخوف من فقدان المبادرة

3.   الخوف من تراجع المعنويات 

وغيرها..

 

                                        ***

وعودة إلى صاحب الحجاج، فقد نجح في عمله نجاحاً باهراً، ليس لأنه كان دائم العبوس، وليس لأنه كثير الجلوس ولكنه كان قد إشترط على الحجاج أن يقيه أقاربه وأصحاب النفوذ، فلا يتدخلون في عمله، و وافق على ذلك الحجاج. فقد تحرر من المعاملة التفضيلية والواسطات وأنواع أخرى من الفساد الإداري، وكان ذلك سر نجاحه.

 

أيها المدير، كلمة أخيرة من فضلك :   

تخلص من المخاوف، تخلص من الغيلان، وتحول إلى أب محب ومعلم مؤثر.  لتصبح أهم مصادر متعك أن ترى مرؤوسيك يكبرون.  يجب أن لا يقلقك أن ترى العمل يسير في مؤسستك دون أن يتكئ عليك ويدور حول محور يتكون من شخصك ومكتبك وأفكارك.  لا تخف من العمل مع من هم أذكى منك أو أكثر خبرة أو أصحاب شهادات أعلى، بإمكانك التعلم منهم، حتى لو كانوا مرؤوسيك، والإفادة من ذكائهم وتقوية المؤسسة بهم، ويجب عدم النظر إليهم على أنهم مصادر للخطر، وكن على ثقة أنك تملك من عناصر القوة ما يمكنك من البقاء في موقعك.

منذ عشر سنوات أصدر أحد الأشخاص حكماً على المؤسسة التي أعمل بها قائلاً " أن العمل يسير فيها بالبركة، فلا يبدو أن هناك مديراً "  لقد إعتبر أن هذه نقيصة، بينما هي نقطة قوة. فالجميع يعرف ما هو مطلوب منهم ولا حاجة لمدير يقوم دائماً بتذكير مرؤوسيه وضيوفه بأنه المدير.  فإذا لم يعرفوا أنه المدير دون أن يصرخ ويصدر الأوامر بصوتٍ عالٍ فهو مدير من الدرجة الثانية.  المدير الناجح لا يحتاج أن يذكر الآخرين دائماً بأنه المدير.  فالبعض يفعل ذلك بالصراخ أو بتأخير إتخاذ القرارات أو بالرفض المزاجي لبعض الطلبات أو بتصفية الحسابات إلخ..

إن الذين يعانون من هذه المخاوف لا يغيرون العالم.  فهم مدراء قليلو التأثير ولا يضيفون شيئاً، إنهم مدراء الأمر الواقع status quo managers .  مدراء لا يحبون التغيير ولا يقبلون التحديات ويفضلون المشي في الظل ولا يستمرون طويلاً. 

 




[1]  ثقافة الجودة الشاملة.

[2] Why TQM Fails.

[3]  عن محاضرة لمدير في شركة  فيكتوريا سيكريت الأمريكية .

[4] Is it worth dying for , Dr. Robert Eliot and Dennis Breo.

[5]  العقد الفريد ج 5.

[6] Winning , Jack Welch.

 
 

 


تعليقات

1  
الاسمahmed  
التعليقThanks  
   
2  
الاسمنديم أسعد 
التعليقأشكرك أستاذ هشام، أفترض أنك قرأت جميع الفصول. سياسةالإقصاء ممارسة سلبية نعاني منها في حياتنا الإدارية وفي حياتنا الياسية كذلك. إنها المسؤولة عن تدني نوعية المدراء والساسة وصناع القرار في عالمنا العربي.  
   
3  
الاسمHisham 
التعليقكلام رائع وجميل جداً أستاذنا اتفق معك كثيرا اعتقد أني عانيت يوما من الإقصاء بسبب ربما الخوف من البديل والذي اثر سلبا على الأداء أنا مع المقولة لا يوجد غباء مطلق ولكن هناك اهتمام مختلف وعندما يهتم الانسان فانه يبدع  
   

الإسم   
البريد الإليكتروني (ليس للنشر)    
التعليق  
هل توافق على الانضمام لمجموعتنا البريدية؟
  أرسل

 

Counter