الفصل الثالث - من كتاب " إدارة بلا تعليمات " تأليف نديم أسعد
عند الحديث عن الإدارة وعن التعليمات، فإننا نتحدث عن ممارسة يقوم بها إنسان، وهذه الممارسة تتطلب القيام بأعمال ينفذها إنسان آخر أو مجموعة من بني الإنسان.
وهذا الكائن يحلو لكثيرين أن يطلقوا عليه وصف "عنصر لين"
soft
element
، وذلك لاحتمالية أن تأخذ شخصيته أي شكل، ولصعوبة تكهن ردود فعله، ولتقلبه وإمكانية إفساده وإصلاحه بيسر نسبي.
وفي قصة خلق الإنسان، كما وردت في القرآن، يتضح من يومه الأول أن لديه القابلية لأن يكون "فاسداً" و "مدمراً لذاته" ولكنه قادر على أمور كثيرة، ومن بينها المبادرة. " وإذ قال ربك للملائكة إني جاعلٌ في الأرض خليفة، قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك، قال إني أعلم ما لا تعلمون. وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين. قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم. قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم، فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون".
حسب النص القرآني الكريم فقد توقع الملائكة أن يكون هذا الكائن المشروع فاسداً (معادياً للبيئة) وقادراً على سفك الدماء؛ دمائه هو بالذات، أي قادر على إفناء جنسه. وأثبت الخالق عز وجل أن هذا المخلوق لديه قابلية عالية للتعلم.
هذا الإنسان بحاجة إلى رعاية وبحاجة إلى تشكيل. لقد أجمع علماء النفس على أن الإنسان تتشكل بنيته التربوية تحت تأثير عوامل ثلاثة:
1.
العامل الوراثي
: وهو عامل هام جداً في تحديد ملامح شخصية الإنسان، والمرشح أن يرث صفات سلوكية وقدرات ذهنية وملامح أخرى عن والديه وأقاربه الآخرين. وهذه الموروثات لا يمكن تغييرها كموروثات، ولكنها تتأثر كثيراً بالبيت والبيئة.
2.
تربية البيت
: تساعد المؤثرات الأسرية الناجمة عن توجيه الوالدين وقبولهم ونهيهم عن ممارسات فطرية يقدم عليها الطفل في شخصيته إلى حدٍ كبير. في هذه الفترة قد يعتاد الطفل على أمورٍ مثل حرية التعبير والجرأة في إبداء رأيه والإفصاح عن أحاسيسه، وقد يُقمع فينشأ إنساناً انطوائياً غير منفتح. وهذا طبعاً بسياقٍ نسبيٍ متدرج من شخصٍ لآخر. وينشأ عن الحالتين سلوكيات مثل الصراحة والصدق والشجاعة والأمانة في الحالة الأولى، والخوف والنفاق والكذب في الحالة الثانية، وأيضاً ضمن سياق نسبي.
3.
مؤثرات البيئة المحيطة
: يخرج الطفل إلى البيئة المحيطة للعب مع أبناء الجيران والأقارب، ومن ثم إلى الروضة والمدرسة، حيث يحتك مع أطفال آخرين من نتاج أنماط تربوية ونظم وراثية أخرى. ويظهر التباين في السلوك. فهناك نظرة مختلفة لبعض السلوكيات من طفلٍ إلى آخر، فمن اعتاد على سلوك معين يجده آخر محرماً وهكذا حتى يأخذ هذا المجتمع بالتجانس من خلال التنازل عن ما نشأ عليه في البيت أو ورثه عن أقاربه، وذلك أيضاً من خلال سياق نسبي يختلف من حالةٍ إلى أخرى. وتستمر المؤثرات كل ما غاص الفرد في أعماق المجتمع، الذي يعمل جاهداً على فرض قيمه وقوانينه وتقاليده، وقد يستطيع شخصٌ ما أن يحافظ على قدرته على قول الصدق في أغلب الأحيان على الرغم من أن كل ما حوله يدعونه إلى الكذب، وبهذا تكون كفة التربية المنزلية والموروثات هي الراجحة. وبالتالي ينجم إنسان يتصف بصفات تعتبر محصلة لهذه المؤثرات تختلف نسبها من شخص إلى آخر. هذه المؤثرات التي تستمر في عملها حتى اليوم الأخير من حياة الإنسان على الأرض.
هذا الإنسان قد يتسم ببعض الفضائل وقد يتصف ببعض الرذائل المدرجة أدناه، حيث قد يجمع بين عددٍ من هذه وعددٍ آخر من تلك بدرجاتٍ متفاوتةٍ ومتغيرةٍ مع الظروف والأوقات والأعمار. لقد اعتدنا أن نجد الحديث عن هذه القيم والمسلكيات في كتب القراءة في المراحل الابتدائية من المدرسة، ولذا أرجو أن لا يجد القارئ الكريم هذا الاستعراض ممجوجاً ومملاً، فهو بتقديري ضمن السياق، كما أعتقد أن لدينا ما نتحدث عنه، فنحن في أزمة لا يستطيع أحد إنكارها، ولكي لا يكون الحديث تقليدياً سنتجنب التطرق للجانب الأخلاقي والديني لهذه الخصائص، وسنقصر الحديث عن أهميتها للجهد التنموي:
·
الصدق
: هذا الإنسان قد يكون صادقاً وقد لا يكون، وهذه حقيقة ليست مطلقة على الإطلاق. فنفس الشخص يمكن أن يكذب أحياناً كما يمكن أن يقول الحقيقة في ظرف كان من الممكن أن يكذب به. والكذب هو قلب أو تزوير أو إخفاء الحقائق، أو اختلاقها أو المبالغة فيها. وقد يكون الكذب منطوقاً أو مكتوباً أو معبراً عنه بأيٍ من وسائل الاتصال المعروفة.
يضطر بعض الناس إلى الكذب تحت وقع ضغطٍ من نوعٍ ما، كالخوف والطمع والحقد والكراهية وحب الظهور ألخ.. وهذا يختلف من شخصٍ إلى آخر ومن ظرفٍ إلى آخر، فيتراوح بنو البشر من الصادق المطلق، الذي يقول الحقيقة حتى لو أدى ذلك إلى عواقب وخيمة، إلى الذي يكذب بدون أي دافع، فهو يستمتع بالكذب ويتقنه ولا يفكر بعواقبه.
إن تغييب الكذب في أوساط مؤسسةٍ ما يعني وصول المعلومات كاملة وغير محرفة وبدون إضافات وفي موعدها وإلى الأشخاص أصحاب العلاقة. إن مؤسسة كهذه تعرف بمشاكلها بصورة أسرع وأدق وتستطيع تشخيصها وحلها بشكلٍ أنجع. وقد تحتاج إلى موظفين أقل. كما أن منتجاتها والخدمات التي تقدمها ستكون أفضل جودة. إن فضيلة الصدق أم معظم الفضائل.
وتتم إشاعة الصدق بالتشجيع عليه وإزالة الأسباب التي تدفع الناس إلى الكذب في العادة.
·
الوفاء
: الوفاء هو العمل وفقاً لتعهد تم إعطاؤه لشخصٍ أو أكثر أو للمجتمع باسره أو لمستهلك غير معروف، بشكلٍ محددٍ أو بشكلٍ ضمني، مكتوب أوشفهي. فالاتفاق بتاريخ توريد محدد هو عهد، والالتزام به وفاء. وكما يعتبر وفاءً أيضاً توريد سلعة لزبون معين أو للسوق وفق مواصفات معينة متعاقد عليها أو واردة على غلاف السلعة أو وفق مواصفات صادرة عن جهةٍ رسمية.
تتم عمليات الإنتاج، كما هو معروف، وفق سلسلة توريد تلعب كل حلقةٍ من حلقاتها دور المورد لمن يليها في السلسلة ودور الزبون لمن يسبقها. والعلاقة برمتها (أو منظومة العلاقات) قائمة على الوفاء والالتزام بالمواعيد والمواصفات والكميات، وبالتالي فإن الأداء العام للمؤسسة يعتمد على مدى التمسك بهذه الفضيلة، بل يعتمد على تفشي هذه الفضيلة بين رجال الاقتصاد في البلاد أداؤها التنموي العام. والوفاء ركن أساسي لتطبيق نظام
JIT
، على سبيل المثال.
·
الأمانة
: وهي الحفاظ على الموارد الموضوعة تحت تصرف الفرد والتي يستطيع أن يؤثر فيها سلباً وإيجاباً؛ الحفاظ عليها من الانتقاص والتشويه وسوء الاستعمال والتعريض لخطر الضياع والتلف والتراجع. وهذه الموارد لا تقتصر على الموارد المالية، وإنما تمتد إلى الموارد البشرية وموجودات المؤسسة وبضائعها المتجر بها أو المنتجة فيها، وسمعتها وفرصها وأسواقها.
ولا يشترط بالشخص المتوقع منه أن يكون مؤتمناً (أو أميناً) أن يكون مديراً عاماً أو وزيراً، أي في الموقع الأول في المؤسسة، وإنما كل شخص في كل موقع، وظيفي أو غير وظيفي، يجب أن يحمل الأمانة، أن يكون "على قدرها". أي أن تتساوى قدراته، واستعداده لوضعها في خدمة الأمانة التي تحملها، وحجم المسئولية. كما لا يشترط بالمسؤول أن ينهب المؤسسة التي يعمل بها حتى يكون خائناً للأمانة. إن الإهمال ضرب من ضروب خيانة الأمانة، وكذلك التكاسل والتقاعس. إن إلحاق الضرر بالمصلحة العامة من خلال التآمر على زميل في سياق تصفية حسابات، كما يحدث أحياناً في بعض الأوساط، هو خيانة للأمانة. بالإمكان تعديد الكثير من النقائص وعزوها إلى غياب الأمانة وضعفها.
·
التحاب
: لا يختلف اثنان أن علاقات البشر مع بعضهم يجب أن تتسم بالمودة الظاهرة، من خلال تعابير الوجه وانتقاء الألفاظ المناسبة شكلاً ومضموناً. وهذا سيكون أكثر فاعلية إذا كان نابعاً من ود ومحبة للآخرين زملاء ومراجعين وزبائن وموردين ورؤساء ومرؤوسين. والطبيعة المحبة للإنسان تريحه من عبء الضغينة وتبعاتها وردود فعلها، وهي ممكن تنميتها وتدريب النفس عليها، من خلال إزالة العوائق التي يخلقها الإنسان لنفسه وللآخرين فتجعله يفترض عداء الناس له وبالتالي عليه مبادلتهم العداء. يزيد حجم المحبة في داخل المرء مع ازدياد قدرته على التسامح والميل إلى تفسيرات أكثر إيجابية لتصرفات الآخرين بالتماس الأعذار لهم، والبعد عن الظن السيء والتحاسد.
·
القوة والشجاعة
: هذه صفة مطلوبة في الإنسان الذي يتحمل مسؤولية. ولا يقصد بالقوة، قوة الجسد؛ وإنما قوة الإرادة والقدرة على مواجهة الظروف الصعبة دون ارتباك وتردد. والشجاعة تمكن الإنسان المتصف بها من المضي في طريق على الرغم من ارتفاع هامش المجازفة، الأمر الذي يحسن قدراته على الحصول على نتائج أفضل لما يقدم عليه. وأحياناً تتحول الشجاعة إلى استهتار ينعكس سلباً على صاحبه لميله الكثير إلى المجازفة غير المحسوبة. كما أن القوة قد تتحول إلى جبروت يُستخدم سلباً مع الآخرين. وبالتالي تتحول هاتان الفضيلتان إلى قيم سلبية تضر بصاحبهما وببيئته.
·
الثبات والاتساق
:
consistency
تعني هذه الصفة الحفاظ على حالة سلوكية وذهنية معينة بغض النظر عن الظروف المحيطة والعلاقات السائدة والحالة المزاجية والوضع السياسي. أي تبني نفس الآراء والموقف بشكل مستقل عن الطرف الآخر والعلاقة معه وذلك من خلال تحييد المشاعر المختلفة من محبة واختلاف بالآراء. إن من الأمثلة على الثبات أن يقرر مدير إعطاء موظف معين مكافأة مالية نتيجةً لأداء متميز أفاد الشركة، ولا يتغير هذا القرار لأن المدير في هذه الأثناء تسلم تقريراً مالياً يشير إلى أن وضع الشركة المالي ساء قليلاً، كما لا يتأثر عندما يعرف أن هذا هو الشخص الذي انفرد من بين الموظفين قبل أشهر وطالب بتعديل راتب في اجتماع عام، مما أزعج المدير وأغاظه.
·
التأثير
: يوصف شخصٌ ما بأنه مؤثر إذا ما كان لأقواله وأفعاله وقعٌ في نفوس المتلقين يجعلهم يتأملون فيما سمعوه أو رأوه بحيث يُحدث ذلك تغييراً في آرائهم ومواقفهم ونظرتهم للأمور.
وهي صفة مطلوبة في المتبوئين لمواقع وظيفية مهما كانت رتبتها، فهي تزيد من فرص نجاحهم في المهام الموكلة إليهم. وهذه الصفة مطلوبة في الذين يحتلون مواقع إدارية رفيعة ومطلوب منهم التأثير في الآخرين لتمرير أفكار وآراء وثقافة محددة، كما أنها مطلوبة في الذين يعملون في مجال التسويق.
·
الصبر
: وهو القدرة على استيعاب وتحمل تصرفات وأقوال غير متوقعة وتعتبر غير مقبولة في العموم. وهي صفة مطلوبة في الأشخاص الذين يتعاملون مع مستويات ثقافية وعمرية مختلفة وكذلك مع ثقافات مغايرة، أو حتى مع قدرات ذهنية أضعف. وفي العالم الثالث تطلب هذه الصفة أن يتمتع بها القائمون على المؤسسات الاقتصادية، حيث يطلب منهم بناء كوادر من موظفين لملء الشواغر المختلفة في مؤسساتهم والتي لا تتوفر بسهولة في سوق العمل المحلي. ففي هذه الدول يجب بناء الخبرات والمهارات من الصفر وهذا يتطلب الكثير من الصبر.
·
الكفاءة
: الكفاءة في معناها العام هي القدرة على تنفيذ عمل معين وفق مقياس معياري محدد. وكثيراً ما يوصف شخص ما على أنه كفؤ بغياب مقاييس، وهذا توصيف غير علمي، ولا يعني أكثر من تقييم نسبي، قد يكون صائباً أحياناً، وأحياناً أخرى قد لا يعتبر صائباً. وكفاءة الفرد هي محصلة لمهاراته الفنية والإدارية والظروف العامة للعمل.
·
القناعة
: القناعة هي الرضى بما هو متاح والتعايش معه. وهي صفة حميدة إذا ما كانت نقيضاً للطمع، والنظر إلى ما بيد الآخرين مما يؤدي إلى الحسد والتذمر بصورة غير بناءة. ولكن إذا كانت القناعة تعني الاستسلام للواقع وغياب الطموح وممارسة شيءٍ من المجازفة المحسوبة.
·
الإخلاص
: هو صدق العلاقة وصدق الانتماء، بدون خداع ومواربة وبدون أجندات خاصة، ولكن من خلال تبني أهداف المؤسسة (بالنسبة للعاملين في مؤسسات) وثقافتها والتعاون الصادق مع الزملاء لتحقيق أهدافها وإغناء ثقافتها.
·
الاحترام
: وهو تقدير الآخرين وتقدير أعمالهم ونتاجاتهم. وهي قيمة وممارسة بنفس الوقت، وينجم عن ممارسة الإداريين لها منظومة علاقات بناءة تساعد على بناء ثقافة إيجابية. كما أنها تشجع العاملين على الإبداع وتنمي المبادرة لديهم وتعزز انتماءهم.
·
الرحمة
: وهو الميل إلى العطف والبعد عن القسوة. وهذه فضيلة عظيمة، ومطلوبٌ ممارستها في أوساط المؤسسات الاقتصادية والخدمية، سواء كانت حكومية أم خاصة، من أجل تدعيم الجو الأسري والدور القيادي (إن لم يكن الأبوي) للمدير، الأمر الذي يشيع الطمأنينه في أوساط العاملين، فيحل الاحترام والإخلاص محل الخوف.
·
القدرة على التوقع
: هذه مهارة أكثر منها قيمة، ولكنها مما يمكن أن يوصف بها الإنسان. وهي من الصفات الضرورية للقائمين على المؤسسات الاقتصادية، فكما يقال المدير الناجح لا يتفاجأ. ولا يتفاجأ من يستطيع توقع الأحداث والنتائج والتحركات. وهذا لا يأتي من خلال قراءة الغيب، وإنما من خلال حسابات مبنية على معطيات وإحصائيات وتاريخ. وتتحسن هذه المقدرة بتحسين ظروف العمل بتخفيف ضغوطه، وإعطاء الوقت الكافي للمراجعة وتدقيق التقارير.
·
امتلاك الرؤيا
: ينبغي للقادة أن يكونوا رُؤيويين
visionary
بحيث يكون لديهم رسم صورة للمستقبل، للتوسعات والإضافات والاستثمارات وتغيير المنتجات أو حتى الانتقال إلى نشاط آخر، وهذا يأتي من القدرة على قراءة الوضع العام بجوانبه الاقتصادية والسياسية والاجتماعية واتجاهات السوق وأنماط الاستهلاك الخ..
·
التعاون
: التعاون سمة أساسية في المؤسسات التي تعتمد العمل الجماعي كنهج، سواء كان في الإنتاج أو صنع القرار أو الإبداع. والتعاون هو تقديم المساعدة وتلقيها دون ضرورة طلب أو حاجة ماسة إلى ذلك. والتعاون هو حالة ذهنية واعتياده يصبح جزءاً من ثقافة المؤسسة. ويتلاشى التعاون من أوساط العاملين في مؤسسةٍ ما (أو المشاركين في أي تجمع بشري) عندما يبدأ العاملون بإعداد " كشف حساب " لمقارنة ما قدموا بما تلقوا. عند ذلك يختل الميزان، وينخفض إيقاع التعاون المتداول إلى حد أدنى هزيل، وربما يختفي تماماً.
كذلك يضعف التعاون عندما يتردد البعض في قبول المساعدة، ويحدث ذلك من قبل الأفراد المتمتعين بعقلية فردية مفرطة، فلا يريدون أن " يشاركهم " أحد في فضل ما ينجزون. كما يتآكل التعاون في أوساط المؤسسة إذا ما تفشى التبجح بالمنجزات في أوساط عامليها، الأمر الذي يدعو إلى إصدار شهادة ميلاد لكل منجز مثبت بها اسمٌ في خانة اسم الأب، وهي في العادة لا تتسع لأكثر من اسمٍ واحد.
·
الثقة
(
trust
): وهي حالة ترسخ قناعة بحتمية حدوث أمر يفترض أن يحدث بناء على ترتيب مسبق. وهذه الخاصية يركز عليها المنظرون الإداريون في الغرب. وكلمة
trust
تختلف بمضمونها اللغوي قليلاً عن كلمة ثقة العربية، شأنهما شأن كثير من المفردات التي لا تتطابق معانيها تماماً. والثقة في الصناعة مطلوبة لضمان التوريد في الموعد المحدد، سواء كان التوريد لسلعة جاهزة أو لمدخلات إنتاج. وكذلك لضمان الحصول على الجودة المطلوبة. وهي خاصية ضرورية لضمان تخطيط سليم ودقيق وقابل للتحقيق.
إن الثقة هي التي تجعل لاعب الأكروبات يرمي بنفسه واثقاً بأن زميلاً له سيرمي له بحبل ليمسك به في الوقت المناسب. إن الثقة ليست قضية أخلاقية فحسب ولكنها قضية اقتدار تتطلب مهارات محددة.
بدون توفر الثقة لا يمكن التفكير بتطبيق نظام " التوريد في الوقت المطلوب "
Just
In
Time
"
ولكن بتوفر الثقة بالموردين، وثقة هؤلاء بعامليهم وأيضاً ثقتهم بمورديهم وهكذا سلسلة طويلة. وكذلك ثقة الجميع بتوفر الطاقة الكهربائية في اليوم التالي والذي يليه وهكذا.. وكذلك الثقة في الوضع الأمني في البلاد ذات العلاقة. وضمان وسائل الاتصال والنقل إلخ.. إن الثقة بتوفر هذه العوامل تجعل من هذا النظام أمراً ممكناً. وتطبيق هذا النظام على نطاق واسع، بحيث يصبح نهجاً شائعا، ويصبح جزءاً من ثقافة أُمة بحالها. عند ذلك تنخفض التكاليف، ولا تعود الحاجة لمخازن كبيرة لجميع محطات سلسلة التوريد، كما ينخفض الهدر بأنواعه، وتصبح النتائج اكثر قابلية للتوقع.
يبنى العمل الجماعي، أساساً، على الثقة.. الثقة بأن عضو أو أكثر من الفريق سيفعل كذا في وقتٍ محدد. وفي الدورات التي تنظم لتعزيز روح الفريق بين الناس، يطلب منهم التوزع على مجموعات من اثنين، ويطلب من أحدهما أن يرمي نفسه إلى الوراء دون التفات، كما يطلب من رفيقه أن يتلقاه. الأمر الذي إذا لم يحصل سيحتم ارتطام الأول بالأرض. وبالتالي فهو لا يرمي نفسه إلا بناءً على ثقة بأن رفيقه سيتلقاه، فإذا فشل هذا الرفيق نتيجة لعجز جسدي أو لانشغاله بشئ آخر أو لعدم اهتمامه فإن كارثة ستحدث.
والثقة ذات طبيعة متبادلة وتبنى بالتدريج ويغذيها التدريب والتوعية.
·
الالتزام
commitment
: وهنا أيضاً لا يتطابق معنى
commitment
ومعنى الالتزام. فالالتزام بالجودة يعني الإيمان بفكرة وضرورة وأهمية الحصول على جودة بالمستوى المطلوب، كما يشير المعنى العام للكلمة الإنكليزية إلى الانتماء. وهذه خاصية مهمة جداً، وتوفرها لدى العاملين، بمختلف مراتبهم الإدارية، يعطي الثقة بالحصول على النتائج المطلوبة بالمواصفات المتفق عليها في الوقت المحدد وبالتكلفة المقررة مسبقاً. والالتزام هو حالة ثقافية، فعندما يصبح الالتزام بالتعليمات والوعود والمواعيد والمسلكيات الإيجابية والقيم الحميدة من قبل الجميع، فيصبح حجم المتابعة المطلوبة من قبل الإدارة أقل، فجميع العاملين يصبحون محفزين ذاتياً
self motivated
ويمارسون رقابة ذاتية على أنفسهم. ومؤسسة يسود في أوساطها الالتزام تمارس نشاطها بيسر وبدون مفاجآت غير سارة. كما أن مكانتها لدى زبائنها تصبح كبيرة.
·
الدقة
: الدقة مطلوبة في التنفيذ وفي إعداد التقارير المكتوبة والشفهية. ويوصف الشخص بأنه دقيق، إذا ما كان يعتمد التعابير المناسبة التي تعبر عن الواقع دون مواربة، وتنقل الصورة بوضوح وشمولية كماً وشكلاً ومضموناً. وهذه صفة إيجابية وبناءة، ويمكن التدرب على تطويرها كمهارة. كما ينبغي نبذ الطروحات غير الدقيقة والنهج الملازم لها، الذي يتبعه البعض، سواء عن قصد أو غير قصد. كما ينبغي استقصاء الثقافات القائمة على التقريب والتخمين والظن.
·
التوتر
: وهي حالة عصبية تصيب بعض الأفراد في أوقات الأزمات، وهي لا تساعد على الخروج من الأزمة. بل تسبب الإرباك ولا تساعد على ظهور أفكار وحلول، بل تجعل البعض يمتنع عن المبادرة ويتردد بتقديم اقتراحات. ولذلك يلجأ بعض الإداريين عند الشروع في حل أزمة إلى تخفيف التوتر الذي نجم عن الأزمة قبل كل شيء.
·
الفردية
: وهو الميل للعمل بشكل منفرد، الذي ينطوي على حب الذات وأحياناً الخوف من الآخرين والاختلاط بهم. وتفشي الفردية في أوساط مجتمعٍ ما تجعل فرص عمل الفريق ضعيفة. الأمر الذي يحتاج على إعادة تدريب أعضاء الفرق وتنمية ثقافة مبنية على العمل الجماعي والتكامل. وكذلك وضع نظم وتعليمات تسهل العمل الجماعي وتنمي روح العمل الجماعي.
·
الكاريزما
: وهي صفة مطلوبة في القادة، وتعني الحضور والتأثير. وهي عموماً خاصية طبيعية، وهي في الغالب ما يجعل القائد قائداً، إلا أنه يمكن تنميتها وتطويرها لأنها موجودة بشكل نسبي لدى الجميع. وطبعاً لا تقتصر المناصب العليا، بما في ذلك القيادية منها على ذوي الكاريزما، ولكنها تشكل دائماً ميزة إضافية.
·
الاستماع
: ينبغي لكل شخص أن يتقن فن الاستماع للآخرين. فهو من ناحية يحسن من كفاءة التلقي للاستفادة القصوى لما يُطرح في حديث المتكلم، لأغراض النقاش ولأغراض المعلومات. ويضر بالاستماع ضعف التركيز الناجم عن شرود الذهن، أو الاستهتار بالموقف برمته. ومهما كان السبب ينبغي على المرء تدريب نفسه على التركيز لتحسين قدرته على الاستماع. إن الإصغاء الجيد للآخرين يضفي صبغة من الاحترام على الجو العام ويحسن من مستويات التواصل في المؤسسة.
·
التقلب
: هذه صفة سلبية تنفر الآخرين وتجعلهم يحذرون التعامل مع الذين يتصفون بها ويتجنبونهم، هذا إذا كان الخيار لهم. ولكن كثيراً ما يضطر الناس للتعامل مع مدراء وأصحاب أعمال متقلبين، وهذا يؤدي، في العادة إلى تعقيدات قانونية. ويكون التقلب في الآراء وفي المزاج وفي التوجهات، ويكون احياناً إرادياً وعن عمد، وهذا يدخل في باب الاحتيال.
·
الذوق
: لا يقصد بالذوق تلك الحاسة التي يستخدم فيها اللسان، وإنما، في المعنى الدارج، تلك الخاصية التي تميز بين ما هو مقبول اجتماعياً وبين ما هو غير مقبول. ويقال فلان عديم أو قليل الذوق، إذا كان لا يأبه بمشاعر الآخرين، لا يدرك ما هو جارح لمشاعر الآخرين أو خادش لحيائهم ويفتقد اللباقة.
·
الاستهتار
: وهي عدم إيلاء وضع معين الاهتمام الذي يستحق. وهذا في العادة يؤدي إلى عواقب وخيمة. وهذه خاصية تلازم بعض الأفراد في جميع تصرفاتهم، فيميلون إلى تصغير شأن أي إشكالية، بحيث لا يدركون حجم الخطر المحتمل في حال عدم التعامل الفوري والمناسب مع هذا الوضع. وهم لا يبنون قراراتهم على حسابات إنما يميلون إلى عدم التعامل الجدي مع التحديات التي يواجهونها.
وهناك العشرات من الخصائص والصفات والطباع الأخرى التي يمكن أن تكون النفس البشرية عليها، فبالإضافة إلى ما ذكرنا أعلاه ببعض التفصيل هناك صفات أخرى مثل
الكرم والشفقة والعطف والمشاكسة والنظافة واللماحية والكياسة والفطنة والنَكد والنَسيان والنصب وسهولة التعلم وسرعة التأقلم وفعل الخير والمرح والأمر بالمعروف والقدرة على الحديث والبلادة وحب المطالعة والجشع والنهم والإسراف.. وصفات أخرى كثيرة.
هذا الإنسان الذي قد يتصف ببعض الخصائص المدرجة أعلاه وقد لا يتصف ببعضها الآخر، كما يمكن أن يجمع بين قيم متناقضة فيمارس أحدها في ظرف ووقت محددين ويمارس النقيض في ظرف آخر ووقت آخر. وقد يكون ذلك عن وعي وتصميم، كما قد يكون تصرفات لاإرادية.
من أجل صناعة قادرة على المنافسة بجودة عالية، ومن أجل مؤسسات تجارية تمارس عملها بجوٍ يسوده الثقة، ومن أجل قطاع إنشاءات فعال، ومن أجل مؤسسات خدمية تحل مشاكل المواطنين بكفاءة، والأهم من ذلك، من أجل مشروع تنموي نهضوي شمولي يعطي المبدعين فرصة لتفجير إبداعاتهم، من أجل ذلك كله ينبغي البدء بالإنسان، بتغيير نوعيته.
وعند الحديث عن تغيير نوعية الإنسان فإن هذا لا يدخل في باب المحرمات أو الدخول في المجال الذي اعتدنا أن ينشط فيه المصلحون الاجتماعيون، فالأنظمة السياسية تسعى إلى تغيير الإنسان على الدوام من خلال الأجهزة الإعلامية والمناهج الدراسية وغير ذلك من وسائل التأثير المتاحة. فنشر القيم الإيجابية التي تحسن الأجواء في أوساط مؤسساتنا الاقتصادية كفيلٌ أن يؤدي إلى نتائج أفضل في أدائها العام من خلال الاستخدام الأمثل للموارد البشرية. ومن أجل أن يكون التغيير شاملاً ومستداماً يجب أن يتخطى حدود مؤسسة واحدة إلى المجتمع ككل.
من أجل هذا ينبغي إجراء تحول في الشخصية العامة للمجتمع، باستخدام كافة القدرات المتاحة للتغيير، الرسمية والأهلية، بجهد وطني عام يسعى الى نبذ القيم السلبية والتخلي عن السلوكيات الخاطئة والبعد عن المفاهيم المتخلفة والتحلي بالاخلاق الحميدة وإشاعة المودة والصدق في العلاقات التجارية، إضافةً إلى جهود تُبذل ضمن حملات خاصة داخل المؤسسات التي يقتنع القائمون عليها بأهمية هذا المسعى. كما يمكن أن يعمل الأفراد المقتنعون على تغيير أنفسهم.
وهذه ليست دعوة طوباوية، فهي ليست دعوة لتحول جميع الناس عن جميع صفاتهم السيئة وتبني صفات حميدة يمارسونها طوال الوقت وفي كل الظروف. فهذا طلب غير واقعي صعب تحقيقه. فحتى الله، سبحانه، لم يطلب من البشر الكمال. فسمى نفسه "الغفور" و "كتب على نفسه الرحمة" ليغفر للخطائين حين يخطئون. فالإنسان خطَّاء، هكذا خلقه الله. لذلك يجب أن يدرك من يقومون بجهدٍ من هذا النوع منذ البداية، أن النجاح المنشود نسبي في جميع الأحوال، فلا يُحبطون عند ظهور نتائج غير مرضية لدعواهم.
إن انتشار الفضائل الأساسية المدرجة أعلاه في أوساط مؤسساتنا ومجتمعنا ينجم عنه فوائد ومزايا عظيمة. ولا نقصد انتشارها بشكلٍ مطلق وطوباوي، ولكن بصورة واقعية ونسبية. وبطبيعة الحال هناك دوافع دينية وأخلاقية تدعونا إلى تبني هذه الفضائل والقيم والعمل على نشرها والتمسك بها، ولكن هنا سنقصر نقاشنا على الفوائد المصلحية للتحول نحو هذه الفضائل والقيم:
1.
كفاءة أعلى
: إن انتشار الفضائل التي تدعم العمل الجماعي المتكامل الذي يركز جميع الجهود في اتجاه العمل الأساسي للمؤسسة دون إضاعة وقت وجهد في قضايا جانبية، لا تخدم أغراض المؤسسة، قطعاً سيهيء الجو العام للحصول على كفاءة أعلى في أداء المؤسسة.
2.
جودة أفضل
: تعتمد الجودة إلى حدٍ بعيد على الحالة النفسية والمعنوية للعاملين، من بين عوامل أخرى، وفي هذه المؤسسة التي تسودها القيم الإيجابية غالباً ما تكون الحالة النفسية والمعنوية بخير. كما أن الجودة هي قضية أخلاقية، فهي محصلة الأمانة والالتزام التي يتمتع بهما العاملون. وحقيقةً أن هذه الميزة وحدها تستحق عناء التغيير نحو مؤسسة قيمية تسودها الأخلاق والفضائل.
3.
التزام أدق
: في المؤسسة القائمة ثقافتها على قيم إيجابية وعلى الوعي وتعويض الموظفين تعويضاً جيداً (رواتب ومكافآت وترقيات وتكريم)، يصبح التزام العاملين بالنظم والمبادئ والتعليمات أعلى وأدق، ويصبحون أقدر على الاجتهاد والارتجال في تطبيق هذه النظم.
4.
تدوير وظيفي أقل
: إن مشاعر المودة والاحترام المتبادل بين العاملين، وبينهم وبين الإدارة تقلل من احتمالية ترك الموظف لعمله، وبالتالي تتحقق نسبة تدوير أقل. وهذا يوفر على المؤسسة تكاليف كبيرة في تدريب البدائل وفقدان الخبرات المتراكمة التي تختفي مع ذهاب الموظفين الذين يتركون العمل.
5.
إبداع أكثر
: في أجواء يسودها الاحترام والتقدير وتشجيع المبادرة يصبح مجال الإبداع أوسع. فالذي يأتي بفكرة إبداعية يُقابل بالتشجيع ويتلقى المساندة، الأمر الذي يدفعه بالمضي بفكرته الإبداعية كما يشجع الآخرين بالتقدم بأفكار وحلول مبتكرة، كان من الممكن في أجواء أخرى أن يترددوا في طرحها خوفاً من ردود فعل سلبية. كما يتعاون الفريق بكامله على تطوير فكرة إبداعية طرحها أحدهم.
6.
موظفين أقل
: تحتاج المؤسسات التي تتفشى في أوساطها الفضائل المذكورة آنفاً، ولو بصورةٍ نسبية، إلى عددٍ أقل من الموظفين، وذلك لأن الوقت المهدور لدى كل موظف يصل إلى حده الأدنى. كما أن الوقت يُستخدم بطريقةٍ فعالةٍ ومنتجة. وبالتالي فإن المؤسسة لا تضطر إلى توظيف أعداد إضافية من الموظفين للعمل، لتعويض هدر غير موجود. ويعود ذلك إلى تفشي الأمانة والصدق والكفاءة والتعامل الإيجابي مع الوقت.
7.
كلف أقل
: تنخفض الكلف انخفاضاً ملحوظاً نتيجةً لأسباب عديدة من بينها ما ذكرناه آنفاً عن عدد أقل من الموظفين تحتاجه المؤسسة، كما أن هدر المواد والطاقة أقل ما يمكن، واستخدام الموارد المتوفرة استخداماً أفضل.
8.
سمعة أفضل
: المؤسسة التي تعرف بهذه الفضائل والأخلاقيات تتمتع بسمعة عالية. وتأتي هذه السمعة من حالة الثبات الدائمة وصدق العاملين فيها والأهم من خلال الالتزام بمواعيد التوريد ومستويات الجودة المتعاقد عليها. كما أن أسلوب تعامل العاملين في المؤسسة الذي يمتاز بالأدب والكياسة ولطف الحديث، لا شك، يترك أثراً على المتعاملين معها ويعطيها سمعةً طيبة.
9.
رضى موظفين أفضل
: إن تفشي المسلكيات الحميدة القائمة على قيم إيجابية عميقة تنعكس على أساليب المعاملة فيما بين الإدارة والموظفين، والموظفين فيما بينهم، مما ينمي درجة رضى الموظفين في المؤسسة.
10.
أرباح أعلى
: في نهاية المطاف تنعكس سيادة القيم الإيجابية على الأداء العام وعلى النتائج المالية. وفي حقيقة الأمر يجب أن تترجم هذه التحولات إلى مزيد من الأرباح، لتشجيع المساهمين في الشركة على الاستثمار في التدريب والتطوير والتوعية.
كما أن انتشار هذه القيم والفضائل والمسلكيات في المجتمع بأسره، بحيث تتحول إلى تقاليد تمارس من قبل الغالبية العظمى من المواطنين في معظم الأوقات والظروف، تحول هذا المجتمع إلى تجمع بشري متوازن ومتعاضد ومتعاون، يزدهر وينمو اقتصاده في جوٍ من الطمأنينه والتكافل، مما يلغي البطالة والفقر والإحساس بالتعاسة.
لو افترضتنا نظرياً أن جميع أفراد المجتمع التزموا بهذه القيم جميعاً، لكان لدينا نظرياً، على سبيل المثال، بيوت من غير أبواب، فلا خوف على ما في هذه البيوت. ولكن علينا بالرضى بصيغة واقعية تجعلنا نكتفي بالابواب الخشبية، فلا نضطر إلى تركيب أبواب فولاذية، لتقينا خطر السرقات.
في الفصل التالي نتكلم عن تحول الأفراد، بينما يتناول الفصل الذي يليه تحول الجماعات.