[ الفصل الثاني من كتاب ثقافة الجودة الشاملة، تأليف نديم أسعد ]
الرغبة والقناعة
إن من أهم عواملالحصول على جودة عالية (مقبولة) هو وجود الرغبة والقناعة لدى العاملين في خطوط الإنتاج ( صانعي الجودة )، لإنتاج منتجات بهذه الصفة ، فبدون ذلك من الصعب تخيل الحصول على نتائج إيجابية.
وفي العموم ينزع بني البشر إلى تحقيق الجودة، من خلال صناعة سلع جيدة وتقديم خدمات جيدة. ويتجلى هذا خارج العمل، ولكن في العمل كثيراً ما تظهر عوامل أخرى تجعل من هذه النزعة الغريزية قليلة التأثير؛ وذلك مثل رغبة الإدارة بإنتاجية عالية لدرجة تتدنى معها الجودة وكذلك رغبة الإدارة بخفض التكاليف والعمل تحت ضغط تسليم الطلبيات في مواعيد قريبة، وكذلك رغبة الإدارة في تحقيق ربح إضافي على حساب الجودة ( غش ) و رتابة العمل وغياب الدافعية وحالة استياء عام تسيطر على العامل وغير ذلك من العوامل.
وهذه العوامل جميعاً من الممكن أن نسميها أعداء الجودة. وبينما من الممكن تحييد بعضها تماماً، ينبغي المساومة على حل وسط بين البعض الآخر والجودة. ومن الأمثلة على ذلك الموازنة بين الكلفة والجودة وكذلك الموازنة بين الإنتاجية والجودة (!). وهذا الموضوع سنأتي عليه بتفصيل أكبر لاحقاً، حيث سنرى أن الإنتاجية والجودة ممكن أن يسيرا معاً .
دور
الأفراد
وعندما نتحدث عن الرغبة والقناعة، فنحن نتحدث عن رغبة وقناعة الأفراد؛ أي العمال والإداريين والعاملين بوظائف مساعدة مختلفة إلخ.. رغبتهم بتحقيق أهداف الجودة وقناعتهم بأهمية الجودة. فلو تحققت جميع العوامل التي عادةً ما تخلق الأجواء التي تعطي جودة عالية، ولم تتوفر الرغبة لدى الإدارة لتحقيق هذه الغاية ( سعياً وراء ربح أعلى باختيار مواد دون المواصفات وبسعرٍ أقل مثلاً )، وكذلك لم تتوفر هذه الرغبة لدى العمال ( لغياب الدافعية مثلاً ) فلن تتحقق الجودة.
وتصنف الأخطاء التي تظهر في الجودة لدى بعض الباحثين إلى صنفين:
·
أخطاء قابلة للسيطرة عليها من قبل الإدارة.
·
أخطاء قابلة للسيطرة عليها من قبل العمال.
وهذا تصنيفٌ نسبيٌ وقابل للنقاش، وقد تتداخل المسئوليات في التصنيفين إلى حدٍ كبير. وبإعتقادنا يعتمد حجم هذا التداخل على طبيعة الثقافة والعلاقات السائدة في أوساط المؤسسة. فإذا كانت الحواجز مرفوعة بين العاملين ويتمتعوا بقدرٍ معقولٍ من الصلاحية، كما يتمتعوا بثقة الإدارة، وتوجد قنوات عامرة بينهم، فإن التصنيفين يذوبان ببعضهما البعض.
وفي العموم فإن التصنيف الأول يحوز على 80% من الحالات.
كما تصنف الأخطاء أيضاً إلى ثلاثة أنواع:
1.
أخطاء غير متعمدة: وهذه أخطاء تحدث على الرغم من مقترفها، وكثيراً ما تحدث دون علمه. ومن أهم أسبابها:
·
العمل تحت الضغط.
·
العمل لساعات طويلة.
·
تدني الدافعية.
·
ضعف الرقابة.
ويمكن العمل على تقليل خطر هذا النوع من الأخطار من خلال التعامل مع المسببات. فتجنب العمل تحت ضغط تواريخ تسليم غير منطقية، أو تحت ضغط شح في الموارد المختلفة يقلل من إحتمال حدوث أخطاء. وكذلك تجنب العمل لساعات طويلة لأي سببٍ من الأسباب يعطي نتائج أفضل. فكثيراً ما يلجأ بعض الإداريون إلى العمل لساعاتٍ طويلة، اعتقاداً منهم أن ذلك يعطي نتائج مالية أفضل لمؤسساتهم. ولكن التجربة اثبتت أن عطاء العمال يتدنى بشكلٍ كبيرٍ في الساعات الإضافية ( الساعة التاسعة والعاشرة وهكذا..) كما يزداد إحتمال وقوع أخطاء في الجودة.
إن وجود دافعية قوية لدى العاملين بمراتبهم المختلفة، تدفع باتجاه تجنب ارتكاب أخطاء تؤدي إلى مشاكل في الجودة تترك أثراً واضحاً على الأداء العام للمؤسسة الصناعية او الخدمية. وتُخلق هذه الدافعية بنوعيها الرئيسيين المادي والمعنوي من خلال آليات من بينها وضع نظام حوافز نظامي وواضح مبني على أُسس تضمن تحقيق الجودة المطلوبة، ومن خلال تشجيع العمال على إنتاج منتجات بجودة عالية، بوسائل التشجيع المعروفة.
2.
أخطاء ناجمة عن نقص المهارة: وتحدث هذه الأخطاء نتيجةً للعجز عن تحقيق المواصفات بسبب عدم توفر المهارة لدى العاملين. ومن أهم الأسباب:
·
ضعف نظم التدريب المعمول بها في المؤسسة.
·
عدم التحضير جيداً للمنتج عند إدخاله إلى خط الإنتاج.
·
إدخال منتج إلى خط إنتاج اعتاد إنتاج منتج مختلف دون إعداد .
·
عدم توفر أدوات الإنتاج المناسبة، مما يستوجب تعويض ذلك يدوياً.
ويتم التعامل مع هذه الأسباب بإعادة النظر بأساليب التدريب المعمول بها، والتأكد من إكتساب العمال المستوى المقبول من المهارة قبل تكليفهم بأعمال إنتاج فعلي. كما ينبغي تفهم نقاط الضعف حيثما توجد للتركيز عليها من قبل مشرفي ومراقبي الجودة.
والتأكد من عقد الإجتماع التمهيدي للإنتاج الذي يساعد على إعداد العاملين في خط الإنتاج للتعامل مع الموديل الجديد. كما يجب إنتاج طلبية تجريبية
pilot
حسب الأُسس المتبعة بحيث تُزال كافة العوائق التقنية من أخطاء تصميم ومراحل إنتاج غير عملية الخ..
والعمل على رفع مرونة خطوط الإنتاج بحيث تتمكن كافة خطوط الإنتاج من التعامل مع عددٍ أكبر من المنتجات. وفي تهيئة خط الإنتاج في حال إدخال منتج جديد تماماً عليه، من خلال الشرح والتوضيح والتشجيع للعمال و إعطاءهم فرصة كافية للتدرب على المنتج الجديد.
كما أن توفير التكنولوجيا الضرورية، التي تسهل الحصول على الجودة المطلوبة، عاملٌ مهم. وكذلك استخدام الماكينات والعدد والأدوات المناسبة مع ملحقاتها وإكسسواراتها الضرورية يسهل العمل ويجعل إمكانية الوقوع في أخطاء أقل .
3.
أخطاء مقصودة
الأخطاء المقصودة هي التي يعلم العامل بوقوعها أثناء الإنتاج، وبالتالي فهي أخطاء متعمدة. ويمكن تصنيف هذا النوع من الأخطاء حسب الدوافع التي تقف خلف حدوث هذه الأخطاء، أو حسب من يمارس هذا الأخطاء. وبينما يعزي جوران هذا التوجه، الذي نقتبس منه في هذا الفصل، يعزي هذا النوع من الأخطاء إما إلى العمال أو إلى الإدارة، وحقيقةً يجب أن لا نتجاهل طرف ثالث وهو رب العمل.
والأخطاء المتعمدة، والتي سنسميها غُشاً. من باب تسمية الأمور بأسمائها، قد تُرتكب بمبادرة من قبل العمال، وكذلك بمبادرة من قبل الإدارة وأيضاً من قبل رب العمل، بتنسيق وعلم الأطراف الأخرى وبدونه.
والغش ممارسة لاأخلاقية رفضتها الأديان والثقافات والقيم. وقد كان الإسلام واضحاً تماماً من خلال حديث الرسول (ص) : " من غشنا ليس من ". فالحكم على الغشاش هو سحب الهوية منه، سواء كان ذلك إجراءاً معنوياً أم فعلياً.
الغش بمبادرة من رب العمل:
وفي هذه الحالة فإن الغش يُمارس في المؤسسة دون مواربة وبشكلٍ علنيٍ ومنظم، وإن أُحيط بجدار من السرية، التي قد يعتمد على نجاحها إستمرارية المؤسسة، فإستمراريتها تعتمد على إستياء أحد العمال والتحدث عن ما يجري في المصنع، وأضرار ذلك. ولذلك سرعان ما تختفي هذه المؤسسة، بإختفاء صاحبها، وربما، بعد أن يمارس الخداع نفسه تجاه العاملين لديه، الذين ساعدوه في جني مال بطريقة غير شرعية. ولهذا لا يمكن أن تُبنى تنمية في الدول والمجتمعات على أكتاف مؤسسات من هذا النوع.
وقد يتم الغش من خلال:
1-
من خلال استخدام مواد بمواصفات أدنى. وهذه المواد قد تكون مدخلات بتركيز أقل أو استخدام قماش أخف أو نوعية خشب متدنية، وهذا يخفض الكلفة على حساب الجودة التي يتوقعها الزبون، والذي دفع ثمنها. كما قد تكون استخدام مواد غير صالحة ( لانتهاء صلاحيتها مثلاً ) لإنتاج مواد غذائية أو دوائية تضر بصحة المستهلك، والذي قد لا يلاحظ الفرق.
2- كما قد يتم الغش بإضافة مواد غير مسموح بها ( وغير مصرحة )، وذلك لغاية تحسين شكل أو طعم أو رائحة المنتج بطريقةٍ تجعله يتفوق على منافسيه بصورةٍ غير شرعية، وتتسبب في أضرار للمستهلكين. أو بإضافة مواد مالئة غير منصوص عليها بالمواصفات أو العقد المبرم بين المنتج والمشتري.
3- كذلك ممكن التلاعب بنسب المواد الداخلة في الإنتاج لصالح المواد الأقل كلفة. وفي الأغلب يلجأ أرباب العمل إلى إنتاج منتجات مخالفة للمواصفات، وبتعبير أدق، أدنى من المنتجات القياسية
sub-standard
،
سعياً
وراء ربحٍ أعلى.
وقد يلجأون إلى هذا الخيار لأنهم بدونه لا يحققون أرباحاً ( أو لا يفوزون بمناقصات أو عقود )، فيلجأون إلى خفض التكاليف بصورةٍ غير مشروعة، بدلاً من بذل جهود مشروعة لخفض التكاليف ( مثل رفع الكفاءة والبحث عن مصادر أفضل للمواد أو الحصول على تكنولوجيا أحدث ).
4- كما يلجأ بعض أرباب العمل إلى توريد منتجات مخالفة للمواصفات تم إنتاجها نتيجةً لإهمال أو أخطاء، بدلاً من إعادة إنتاج منتجات مطابقة تعوض النقص الحاصل نتيجةً للكميات المعيوبة التي تم إنتاجها بالخطأ.
ينجم عن هذه الممارسة المنظمة فقدان المصداقية لدى الزبائن والمستهلكين. وبالتالي تدني المبيعات وخسارة المؤسسة لأسواقها.
والأمر الأسوأ هو تفشي القيم السلبية في أوساط العاملين في المؤسسة. فبالنسبة لكثيرٍ من العاملين يُعتبر رب العمل قدوة، فهو لا يقذف مجتمعه بمنتجاتٍ سيئة فحسب بل يهيئ جيل من المهنيين والإداريين الذين إعتادوا وتمرسوا على هذه الممارسات، بما تتضمنه من مخالفات للأخلاق والدين والقانون وقيم المجتمع، وكذلك إمتلاكهم لمهارات خاصة تمكنهم من ذلك، فحتى الغش يحتاج إلى قدرٍ من الإبداع.
إن مؤسسة تسودها قيم سلبية لا بد وأن تنعكس قيمها على أداء المؤسسة، فتتدنى الكفاءة ويتفشى الكذب والإختلاس في أوساط العاملين.
كما أن المؤسسة القائمة على هذه الممارسات، يتجنب العمل فيها أصحاب المهارات والكفاءات العالية، فيقتصر العمل فيها على ذوي المهارات والكفاءات المحدودة، وهذا يؤثر على أدائها العام حيث من الممكن أن يصبح الغش هو خيارها الوحيد.
الغش بمبادرة من الإدارة
قد تلجأ الإدارة إلى الغش بقرارٍ ذاتي، بمعزلٍ عن رب العمل ودون علمه و موافقته، عادةً لأسباب تختلف قليلاً عن تلك التي تدفع أرباب العمل إلى السير في هذا الطريق، مثل:
1-
تحقيق نتائج أفضل طمعاً بمكافئة مالية أو نسبة أعلى في الأرباح، حيثما تطبق نظم تحفيز مالية من هذا النوع. وهنا قد يتحول المدراء الى أرباب عمل بشكلٍ او بآخر.
2-
التغطية على أخطاء إرتكبتها هذه الإدارة أو تقصير في الأداء من قبلها، سواء الحصول على مواد متدنية الجودة أو تدني كفاءة العاملين، أو تراخي في نظم الجودة الخ.. وهنا قد يخاف الإداري من فقدان وظيفته، أو من عقابٍ من نوعٍ ما. أو قد يخاف أن يفقد سمعته.
3-
الحرص على سمعة المؤسسة الآنية، بحيث يغامر بإرسال سلعٍ مشكوكة الجودة، على أن يسلم طلبية متأخرة عن موعدها. وهذا ينجم عن غياب الشجاعة الأدبية لدى هذه الإدارة.
وينجم عن هذه الممارسات فقدان هؤلاء الإداريين لسمعتهم، وسمعة المؤسسات التي يعملون فيها. وإذا لم يتنبه أرباب العمل ( مجلس الإدارة ) إلى هذه الممارسات، ويضعوا حداً لها فإن المؤسسة ستغرق، ويفقد العاملون فيها وظائفهم.
الغش بمبادرة من العمال:
يلجأ العمال إلى الغش من خلال إنتاج منتجات بمصنعية سيئة، إما لعجزهم عن القيام بالعمل الصحيح، أو للتغطية على إهمالهم، المتمثل بإنتاجيةٍ ضعيفة أو وبجودة مخالفة للمواصفات.
وينجم عن ذلك تعريض سمعة المؤسسة للخطر، مثل خطر فقدان الزبائن.
للقضاء
على
ظاهرة
الغش
إن تفشي هذه الظاهرة قد يقف حجر عثرة في طريق تطوير وتنمية المجتمع، كما يشجع انتشار القيم السلبية في أوساطه، ويُصبح غياب الثقة وافتراض الأسوأ هو السائد. كما يحد من إزدهار ونمو المؤسسات الصناعية والخدمية، الأمر الذي يتسبب في تفشي البطالةوتراجع إقتصاد البلاد.
كما أن صناعة منتجات متدنية الجودة ( أغذية غير صحية وملابس سريعة العطب ومواد تنظيف قليلة الفعالية ) تترك آثاراً سلبية على الصحة العامة للشعب وعلى مدخرات الأُسر وإقتصاداتها. كما أن تقديم خدمات متدنية ( طبابة و إنشاءات وتعليم ) يترك آثاره على أداء المجتمع وسلوكياته وشخصية أفراده وعلى المنظر العام للبلاد.
إن مهمة الحد من هذه الظاهرة تقع على كاهل المجتمع بأسره. إن الوضع الأسوأ ينشأ عندما يعتاد أفراد المجتمع هذه المسلكيات، بل ويعتقد البعض أنها " شطارة ".
وحقيقة الأمر أن الغش بقدر ما هو عمل جبان وغادر، فإنه يحتوي على قدر من " الشطارة ". فهناك قدرٌ كبيرٌ من الإبداع الموظف سلبياً. فكثيرٌ من أرباب صناعة الأغذية، مثلاً، يبحثون عن معلم " يصلح المعطوب " عند إقامة مصانعهم. وإصلاح المعطوب غالباً ما يكون غشاً. مثل إستخدام مدخلات تالفة في صناعة الأغذية، الأمر الذي يتطلب إخفاء الطعم الدال على التلف، وهذا يتطلب مهارة عالية من طرف " المعلم ". ولو أن هذه القدرة على الإبداع وُظفت إيجابياً، لأمكن أن تُبنى صناعة خلاقة ومتميزة.
ومع هذا فليس هناك ما يثير الإعجاب بأصحاب هذه الممارسات، ويجب على المجتمع أن يتحد في مواجهتهم بفضحهم ومقاطعتهم. ومن خلال تربية النشء على عدم تقبل ما هو غير جيد، وعدم مساومة أفراده على حقهم في الحصول على سلع وخدمات جيدة مقابل النقود التي يدفعون. ويأتي هذا من خلال جهد تساهم فيه المؤسسات التربوية والإعلامية والدينية، ومن خلال تبني برامج تخدم هذا الغرض، وكذلك توجه رسالة إلى العاملين في المؤسسات المنتجة للسلع والمقدمة للخدمات، وإلى العاملين المحتملين في هذه المؤسسات، بأن يحافظوا على سمعة منتجاتهم وبالتالي سمعة بلدهم .. كبلدٍ مُصدر.
وفي المؤسسات التي ترغب في إجتثاث ظاهرة التعمد في إنتاج منتجات غير مطابقة للمواصفات، هناك خطوات تساعد على ذلك:
1-
تحسين التواصل في أوساط المؤسسة، بحيث لا يلجأ إلى ذلك أحدٌ بدافع الخوف من الإفصاح عن خطأ.
2-
إنشاء نظام مسائلة من خلاله يمكن معرفة المسئول عن عملٍ ما، مثل إنتاج سلع متدنية بطريق الخطأ.
3-
إحداث تغييرات على الآلات والعمليات بحيث يصبح دور الفرد أقل.
4-
إتخاذ إجراءات صارمة بحق المخالفين.
5-
رفع دافعية العاملين لإنتاج سلع مطابقة للمواصفات
6-
توعية العمال بأهمية الجودة، تكراراً.
7-
إعادة التدريب من خلال ورش عمل، تذكر بالنظم والتعليمات وأساليب العمل.
الدافعية
هناك نظريتان حول إذا ما فقد العمال فعلاً الحس بالفخر بعملهم بعد الثورة الصناعية، وبعد تطور عمليات الإنتاج ونظمه. وهما نظريتا
X
و
Y
. وحسب النظرية الأولى فإن العمال أصبحوا كسالى وغير متعاونين، وبالتالي فإن على الإداريين مواجهة هذا التراجع في دافعية العمال من خلال الإستخدام الأمثل لوسائل تحفيز الأكفاء وتوجيه العقوبات
للمقصرين
.
وحسب النظرية الثانية لم يطرأ أي تغيير على الطبيعة البشرية، ولكن تم التغيير بالطرق التي ينظم بها العمل. وبالتالي فإن الحل يكمن في خلق ظروف عمل جديدة تسمح للمحركات البشرية المعتادة بإن تعبر عن نفسها.
ولكل نظريةٍ مؤيدوها فتجد في نفس المؤسسة من يؤيد هذه أو تلك، بين مديريها. ولا شك أن النظرية الثانية تدعم العلاقات الإنسانية بشكلٍ عام. كما لا شك أن التحفيز بأنواعه وفي مقدمتها التحفيز المادي، يلعبون دوراً مهماً في خلق دافعية قوية لدى العاملين.
لقد أجمع كثيرٌ من الباحثين على أن إحتياجات الإنسان يمكن ترتيبها حسب الأهمية كما يلي:
أولاً: احتياجات فسيولوجية مثل المأكل والمسكن والملبس.
ثانياً: احتياجات الأمان مثل الامان الوظيفي.
ثالثاً: احتياجات إجتماعية وهي الحاجة إلى الإنتماء إلى جماعة.
رابعاً: احتياجات ذاتية وهي التوصل إلى حالة من
احترام الذات واحترام الآخرين.
خامساً: احتياجات تحقيق الذات: مثل الرغبة في الإبداع والتعبير.
[5]
كما أن هناك احتياجات أخرى، مثل:
سادساً: الاحتياجات العقائدية وهي حاجة الفرد للعمل وفق عقائده، سواء كانت دينية او قومية او طبقية الخ..
لخلق دافعية لدى الأفراد والجماعات ينبغي التعامل مع هذه الاحتياجات من خلال ربط أهداف المؤسسة مع واحدٍ او اكثر من هذه الاحتياجات، وذلك من خلال برنامج واضح وسهل يجعل من هذه العلاقة امرٌ مفهوم.
فاهداف المؤسسة المراد تحقيقها يجب أن تكون محدودة العدد؛ مثلاً: الكفاءة والجودة. وعلى الرغم من حتمية وجود أهداف أخرى، مثل: خفض التكاليف، او تكلفة محددة، او زيادة الارباح او تقليل الهدر في المواد الخ.. فيمكن لهذه الأهداف الأخرى أن يُركز عليها على صعيد الإدارة العليا فقط، أي بتحفيز الإداريين على متابعتها لغرض تحقيقها، او أن تنظم حملة مؤقتة لتحقيق هدف او أكثر من هذه الأهداف. كما أن قياس هذه الاهداف المبنية عليها برامج الدافعية يمكن أن يُظهر ابعاد مختلفة؛ فيمكن أن يكون نسبة الراجع او نسبة الاخطاء في العينة او نسبة القطع السليمة من أول مرة وهكذا.. بحيث يتحول التركيز من بعدٍ إلى آخر.
وفي مقابل تحقيق الأهداف، يحصل العامل، كفرد أو كعضو في فريق، على مكافئة، ربما تكون على النحو التالي:
دخل إضافي ( تحفيز مادي ) يرتبط مقداره بمدى تجاوز الهدف المحدد. وهذا يلبي الإحتياجات الفسيولوجية. ويرفع من درجة الرضى لدى العامل.
منح العمال عموماً والمميزون خصوصاً إحساساً بالأمان الوظيفي. وهذا يلبي إحتياجات الأمان لدى الفرد، ويقوي الحس بالانتماء للمؤسسة ويفتح مجالاً للإبداع.
إعطاء الفرد الفرصة في الانتماء الى أُسرة المؤسسة. الأمر الذي يتطلب أولاً بناء هذه الأسرة، بخلق الجو الأسري المبني على التعاضد والمودة والاهتمام. وهذا يلمس احتياجات الفرد الاجتماعية، وهنا، في مجتمعنا، يمكن للمؤسسة أن تلعب دور العشيرة دون أن تكون بديلة لها.
كما يلعب التحفيز المعنوي المتضمن عبارات تشجيع للمستحقين وتكريم المتميزين دوراً كبيراً يلبي الاحتياجات الذاتية للفرد، يكسبه احترام الآخرين وينمي احترامه لنفسه.
ومن المفيد فتح المجال للمبدعين للابتكار، من خلال إشراكهم في لجان تطوير وحلقات الجودة وتقدير إبداعاتهم والاهتمام بها، ووضع الجيد منها موضع التطبيق الخ.. وبالتالي تلبية احتياجات تحقيق الذات لدى هؤلاء الأفراد.
كما أن إعطاء الفرصة لأصحاب العقائد خدمة عقائدهم يخلق حالة كبيرة من الرضى؛ فالوطنيون يساهموا برفعة أوطانهم من خلال تحسين سمعتها في الخارج من خلال إنتاج منتجات ذات جودة عالية، وهكذا.. بحيث تتحقق احتياجات هؤلاء الأفراد العقائدية. ويجب عدم التقليل من أهمية هذه الاحتياجات، فربما قفزت إلى المقدمة في مراحل تاريخية معينة. بل ربما كان توظيفها، على صعيد وطني أو قومي، يشكل المحرك الأساسي في تحقيق برامج تنمية شاملة.
وهكذا نرى أن هناك رزمة من الأهداف ( الكفاءة والجودة في طليعتها ) يحصل العمال على رزمة من المكافئات مقابل تحقيقها. وهذه المكافئات جميعها غير قابلة للقياس، باستثناء المكافئة المالية، من خلال نظام تحفيز مادي، ولكنها جميعاً محسوسة، وسيفتقدها العمال إذا لم يحصلوا عليها. وقد أثبتت التجربة أن كلمات التشجيع لا تقل أهمية، لدى الكثيرين، عن التحفيز المادي، كما أن التطبيق الدقيق لمبدأ مثل " الترقية على أساس التميز " عند ترقية عامل إلى موقع إشرافي مثلاً، تجعل من التميز هدفاً عند جميع أصحاب الطموح من العمال.
التحفيز المادي
بالعودة إلى النظريتين المثيرتين للجدل، فلا نميل إلى توجيه أي نوع من الاتهام للقوى العاملة مثل الكسل أو غيره. ولكنا نؤمن بحق العمال بدخلٍ إضافي مقابل جهودهم المميزة التي يقومون بها، وخاصةً إذا كان لها انعكاس إيجابي على نتائج المؤسسة المالية. بحيث تُقدم حوافز نقدية مقابل تحسن في الأداء، الذي قد يكون تحسن في الإنتاجية والجودة، أو تراجع في هدر المواد أو تدني الكلف الخ..
تصميم نظام الحوافز
عند تصميم نظام حوافز يجب إيلاء ذلك أهمية كبرى، لكي يكون فعالاً، ولكي لا تضطر الإدارة إلى تعديله بعد أن يستوعبه العمال ويبنون آمالاً وربما خططاً عليه، فيتسبب ذلك بإحباطهم وتشككهم في النظام المعدل الجديد المعروض عليهم.
وقبل البدء يتوجب توجيه الأسئلة التالية، ووضع إجابات دقيقة لها:
1-
ما هي الأبعاد التي تريد أن تتحسن؟.
2-
ما هي الأهداف التي تريد بلوغها؟.
3-
ما هي الطريقة التي تود القياس بها؟.
4-
ما هي المسلكيات التي تريدها أن تتغير؟.
5-
ما هي القيم التي تود أن تراها سائدة في مؤسستك؟.
6-
ماذا تريد أن تُعطي عمالك مقابل التحسن؟.
7-
هل تختار حوافز يومية ام أسبوعية ام شهرية؟.
8-
هل تريد أن تشمل الطاقم الإشرافي في نظام الحوافز؟.
إن الإجابات على هذه الأسئلة تحدد شكل وأبعاد النظام المزمع وضعه:
فالسؤال الأول حول الأبعاد التي تود إدارة المؤسسة أن ترى تحسناً بها؛ فالجودة والإنتاجية تأتي في مقدمة القائمة. كما أن هناك أبعاد أُخرى لا تقل أهمية مثل الأرباح والتكلفة وهدر المواد وغير ذلك.
ولإجراء تحسن ينبغي تحديد آلية لقياس هذه الأبعاد، ثم وضع أهداف للعمل على بلوغها وتخطيها وربط نظام الحوافز بها.
كما يمكن لنظام الحوافز المساعدة بتعزيز بعض القيم الإيجابية مثل روح الفريق، وذلك من خلال تبني نظام يعتمد على الأداء الجماعي. كما يمكن لنظام الحوافز أن يساعد في القضاء على بعض المسلكيات السلبية مثل كثرة الغياب، وذلك من إدخال هذا العامل في معادلة الحوافز.
يعتمد مقدار الحوافز على ما يود القائمون على المصنع منحه للعاملين مقابل أدائهم. يوجد أكثر من طريقة، منها أن يُعطوا جزء من قيمة الإنتاج الإضافي الذي ينتجوه فوق معدلٍ معين.
كما يجب اتخاذ قرار حول مدة احتساب الحوافز؛ أسبوعية أم شهرية. الحوافز الأسبوعية تلائم خطوط الإنتاج غير المستقرة بتغير المنتجات، فلو كان شهرياً لما حصلوا على شيء، ولكانت دافعيتهم مفقودة.
يمكن أن يكون الأداريون العاملون في خط إنتاج مشمولين بنظام الحوافز مع العمال، كما يمكن أن يكون لهم نظاماً خاصاً بهم، ولكل خيار مزاياه. فشمولهم بنفس النظام يعزز انتمائهم للفريق، ووجود نظام منفصل يجعلهم يركزون على قضايا أخرى، لا يمكن إشراك العمال بها، مثل خفض التكاليف.
مثال على كيفية إحتساب الحوافز
نقدم فيما يلي مثالاً عملياً على كيفية احتساب الحوافز. غالباً ما يتسبب تحقيق الهدف المطلوب وتخطيه ( سواء كان الهدف هو زيادة الانتاجية أو تحسين الجودة أو تخفيض الكلف الخ..) في تحقيق دخل إضافي للمؤسسة، يشكل ربحاً صافياً لعدم بذل كلف إضافية لتحقيقه. ولذلك فإن نظام الحوافز المعتمد يجب أن يتضمن معادلة رياضية تحتسب مبلغاً من المال يوزع على العاملين في خط الإنتاج ، وهذا يعزز روح الفريق بين العاملين في خط الإنتاج. وتصمم المعادلة على أساس إعطاء جزء من القيمة المضافة الإضافية لخط الإنتاج، أي احتساب قيمة المنتجات الإضافية ( مصنعية فقط )التي تم إنتاجها طوال الفترة ومنح العمال 50% منها، مثلاً.
يوزع المبلغ المقرر على العاملين في خط الإنتاج بنسب الكفاءات الفردية للعمال، وبهذا لا يتم تجاهل الأداء الفردي. فيكون هذا النظام قد تعامل مع الأداء الجماعي دون أن يهمل نشاط الفرد ورغبته في التميز. وقد أثبتت التجارب أن متابعة النتائج الجماعية والفردية معاً أفضل من متابعة النتائج الجماعية لوحدها ومتابعة النتائج الفردية لوحدها.
كما يجب أن تتأثر الحوافز الفردية بعامل التعاون، وهو رقم يدخل في المعادلة يرفع حصة الفرد ويخفضها و يحدده المشرفون ومدراء الإنتاج بناء على مسلكيات العامل مثل تعاونه وتغيبه وتعامله مع زملاءه الخ..
وتتأثر الحوافز كذلك بالجودة، فيزداد المبلغ لتحسن الجودة وينخفض لتراجعها، ويتم ذلك بناءاً على تحديد هدف ليسعى العاملون لتحقيقه وتخطيه. وهذا الهدف ممكن أن يكون نسبة راجع معينة ( أو قد يكون أي من مقاييس الجودة التي تطرقنا لها سابقاً ). فلو كان الهدف 5% نسبة راجع، فيمكن لمبلغ الحوافز الجماعية أن يزيد أو ينقص بنسبة 10% لكل 1% زيادة أو نقصان بنسبة الراجع.
وهذا يجعل العمال يهتمون بتحقيق إنتاجٍ أعلى وبجودةٍ أفضل ويحرصون أن يكونوا فريقاً متكاملاً متفاهماً، يتقبلون سلطة مشرفهم ويسعى كلٌ منهم لتدعيم هذه السلطة. كما يعمل كل عامل على أن تكون كفاءته الفردية أعلى ما يمكن، وان يحصل على أعلى معامل تعاون من خلال تعاونه وسلوكه الطيب، وذلك من اجل الحصول على نصيبٍ جيد من مبلغ الحوافز الكلي. كما يعيي العمال ان الغياب الغير مبرر يسبب لهم، كأفراد وكفريق، خسارة مادية.
يعتقد بعض الباحثون الغربيون أن التحفيز المادي قد فقد تأثيره، بسبب تحسن الأوضاع المادية للعمال.
وهذا الكلام، إن صح في الغرب فقطعاً لا يصح في مجتمعاتنا. فالعامل بحاجة إلى دخلٍ إضافي.
التحفيز المعنوي
التحفيز المعنوي هو تشجيع وحث ورفع معنويات العاملين، لدفعهم إلى القيام بالعمل المطلوب منهم بهمةٍ أعلى، وذلك من خلال التعامل مع الأسباب المحبطة الوهمية منها والفعلية، وكذلك التعامل مع أعراض الكسل والخمول التي قد تكون إعترت بعض العاملين في خط الإنتاج.
وللتحفيز المعنوي آلياته وأساليبه، وفيما يلي نستعرض بعضاً منها:
·
التشجيع الفردي وذلك من خلال جولات المدير اليومية على خطوط الإنتاج، وتحدثه مع العاملين في الخط، مشجعاً لهم مستنهضاً لهممهم. ويمكن أن تجنى فائدة كبرى من انتهاج المشرفين لعادة الإشارة إلى أحد العمال الذين ابدوا شيئاًً من التميز مؤخراً، قائلاً " أن فلان تمكن من بلوغ كذا في إنتاجه او فعل كذا.. " فيقترب منه المدير ويهنئه بصوتٍ مسموع، وكلماتٍ واضحة ليست مكررة ويتضح فيها البعد الشخصي ولا تخلو من مودةٍ بينة. وهناك أشكال عديدة للتشجيع الفردي يمكن ابتكارها.
·
التشجيع الجماعي من خلال عقد اجتماعات، قد تكون في مكان العمل، أو في غرفة مخصصة للاجتماعات، لغايةٍ محددة لحض العاملين على مواجهة وضع سلبي معين. ويتم ذلك بتذكيرهم بقصص النجاح التي صنعوها في السابق، وكذلك بقصص نجاح المؤسسة بشكلٍ عام، مع تهوين المشكلة التي يخشون منها.
كما يمكن أن تعقد هذه الاجتماعات بدون مناسبة وبدون سبب محدد، ولكن بشكلٍ دوريٍ تحسباً لتراجعات أو انتكاسات في الجودة.
·
الاجتماعات العامة في المناسبات، مثل ذكرى تأسيس المؤسسة أو مناسبة دينية أو وطنية، حيث يتحدث المسئولون متضمنين في كلماتهم ما يعزز افتخار العاملين بمؤسستهم ويعمق انتمائهم.
·
تكريم الأفراد، وذلك بتقديم هدية أو رسالة شكر لعاملٍ قام بعمل متميز. وكثيراً ما يتبع بعض الإداريين هذا الأسلوب حيث يحتفظون ببعض الهدايا في مكاتبهم، فيبادرون إلى تقديم إحداها عند علمهم بقيام أحد العمال بعملٍ مميز. وعلى الرغم من وجود تقدمة مادية يعتبر هذا تحفيزاً معنوياً لما فيه تقدير لهذا العامل أمام زملاءه. كما تنتهج بعض المؤسسات اختيار " موظف الشهر "، حيث يُبرز اسمه في مكانٍ بارزٍ يراه الجميع.
·
تكريم الجماعات مثل اختيار افضل خط إنتاج للشهر وتسليم العاملين فيه شهادة او كأس او درع أو جائزة مالية.
·
التكريم المنظم، وذلك من خلال تنظيم احتفالات دورية؛ شهرية أو ربعية أو سنوية، يكرم فيها عددٌ من العاملين وفق أُسس معلنة ومعروفة لدى العاملين. ويكون التكريم باحتفال تدعى إليه عائلات المكرمين وشخصيات من المجتمع المحلي، وتقدم فيه هدايا ذات قيمة وشهادات.
·
التكريم من خلال المشاركة في لجان التطوير، إن وُجدت، أو ورش عمل تنظم لبحث مواضيع محددة، فيتم إشراك شخص أو اكثر من خط إنتاجٍ معين، على أساس أنهم أصحاب تجربة ومتميزين في عملهم.
أدوات الدافعية الأخرى
إن التحفيز المادي والمعنوي من أهم أدوات تحسين الدافعية، ولكن هناك أدوات أخرى مثل:
·
التوعية
إن العامل المسلح بوعي مهني يسهل تحفيزه بأدوات أُخرى. كما أن العامل الواعي لا يُحبط بسهولة. ووسائل التوعية كثيرة، فتختار كل مؤسسة ما يناسب حجمها وطبيعتها.
إن اكثر وسائل التوعية تأثيراً ما كان محاضرة من المدير. وهذا يتطلب وجود مدير قادر على العطاء المعرفي والمهني. وهو ما سميناه " المدير المعلم "
Coach manager
. وتأثيره اكبر من تأثير المحاضر المختص القادم من خلفية اكاديمية أو استشارية، ولا يعمل في المؤسسة.
كما أن النشرات الدورية وورش العمل والمشاركة في دورات تدعم الوعي، وخاصةً إذا ما نُظمت بطريقةٍ جيدة، وتوجه المعرفة المتلقاه بحيث لا تناقض الثقافة المراد تعزيزها في المؤسسة.
ويستحسن أن تكون البرامج التوعوية موجهة وتهدف إلى غايات تربوية محددة، مثل التعريف بالحقوق والواجبات وبالنظم والتعليمات وأهمية تطبيقها وكذلك بإطاعة المرجعيات الإدارية والعمل الكفؤ الجاد وبضرورة الانتماء ( لأسباب واعية وغير عاطفية ) وأهمية الحفاظ على المؤسسة والمساهمة بارتقائها وتقدمها. وتعميق القناعة بأهمية الجودة ودورها بازدهار المؤسسة. وكذلك التوعية ضد الهدر وبالتعامل الإيجابي مع الوقت وتعلم احترامه. وتنمية روح الفريق، وإدراك أهمية الحضور يومياً إلى العمل بالموعد المحدد ومضار التغيب.
·
المشاركة
تعتبر المشاركة أداة ثقافية تربوية راقية. وتتمثل بإشراك العمال بإجتماعات ولجان بحيث يُعطوا الفرصة للتعبير عن أنفسهم كأفراد وكجماعات، وكذلك يزودون الإدارات العليا والوسطى بتغذية عكسية مهمة. وهذا ينعكس على العمال برفع دافعيتهم.
·
التدريب
ويقصد هنا التدريب المستمر، أو إعادة التدريب عند الضرورة، بحيث تعمق المهارات الفنية والمهنية التي يمتلكها العامل. وهذا يؤثر إيجاباً على قدرات القوة العاملة ودافعيتها.
·
إزالة العوامل المحبطة
مثل مراحل الإنتاج الصعبة التي تتسبب في إرتفاع نسبة الأخطاء في العادة. إن تجنب مراحل من هذا النوع في مرحلة التصميم يبقي الدافعية عالية. وكذلك استبدال الماكينات التي لا تعمل جيداً أو إصلاحها.
·
الجو العام
إن وجود جو صحي خالي من الضوضاء والروائح الكريهة وتوجد به إضاءة جيدة ومكيف ومدفأ ينعكس إيجاباً على نفسيات وأداء العاملين.
شروط
نجاح
برامج
الدافعية
يعتمد نجاح برامج الدافعية على عدد من العوامل التي تجعل من الدافعية أداة فعالة وتفي بالغرض:
يجب أن تكون برامج التحفيز المادي واضحة، بحيث يفهم العمال العلاقة البسيطة بين أدائهم والمردود المادي المقابل. كما يجب أن يعوا أن المقياس هو بالنتائج وليس بحجم الجهد أو ساعات العمل الطويلة. ويأتي هذا من خلال الشرح وتبيان كيف أُحتسبت الحوافز لكل عامل. كما يجب تقبل إعتراض العمال على حوافزهم عندما توزع عليهم، وتوضيح الكيفية التي تم إحتسابها.
·
الثبات
العمل على عدم تغيير النظام بكثرة. فبعد أن يكون العمال قد استوعبوا النظام وفهموه ، ليس من المستحب أن تبدأ المؤسسة من جديد بتسويق نظام جديد لديهم. كما أن العمال قد يعتقدوا أن التغيير يهدف إلى حرمانهم من حقٍ مكتسب. ولذلك يجب التمسك بالنظام وعدم إجراء تعديلات كثيرة عليه.
·
البعد عن الظلم والمزاجية
تجنب التعديلات المزاجية على حوافز الأفراد زيادةً او نقصان. فتخفيض الحوافز بدون مبرر موضوعي يعطي إحساساً بالظلم لدى الشخص المعني، وهذا يفقد النظام الغاية التي وُضع من أجلها.
تحفيز
المدراء
يحفز المدراء عادةً من خلال نظام سنوي. وغالباً ما يكون خاضعاً لقناعات الإدارة العليا للمؤسسة. ولكن في المؤسسات الكبيرة، تسعى الإدارة العليا إلى وضع مقاييس لتقييم أدائهم وبناء مكافئة على ذلك. وتبنى المكافئة السنوية عادةً على عامل مثل أرباح المؤسسة. ولكن السعي وراء التحسين يجعل عوامل مثل: تخفيف الهدر وتقليص عدد شكاوى الزبائن من الجودة، وزيادة نسبة الطلبيات الموردة في الموعد، وزيادة الأرباح. كما قد تمنح المكافئة على برنامج توسعة تم إنجازه بنجاح.
الرغبة والقناعة
والرغبة هي قرار ذاتي لا بد من توفره لدى شخص مكلف بعملٍ من أجل القيام به، فيجب أن تتوفر لديه الرغبة للقيام بذلك، وهذه الرغبة يجب أن تكون مبنية على قناعة. ولأجل إنتاج منتجات بجودةٍ عالية، يجب توفر الرغبة لدى كافة أعضاء الفريق للتوصل إلى ذلك. وهذه الرغبة مبنية على قناعة واعية. وتخلق القناعة بالتوعية والتوجيه والتجربة. بحيث تتحول الجودة إلى عقيدة يؤمن بضرورة تحقيقها، على الدوام، جميع العاملين في المؤسسة.