لقد عرفت الشعوب في جميع أنحاء العالم مئات الثورات عبر التاريخ. كان الكثير منها ذا طابع جماهيري، وبعضها شارك فيه ملايين.
كما كان للمصريين صفحات نضالية عريقة منذ حملة نابليون، التي لم تر متنفساً على أرض مصر، إلى إجهاض الحملة الإنكليزية وهزيمتهم في رشيد، وحركة عرابي وثورة 1919 وحركة المقاومة في منطقة القنال وثورة 1952.
ولكن لم تكن أي منها بالشكل والمضمون الذي كانت عليه ثورة الشباب. فهي ثورة شباب، ثورة تقدمت على محترفي السياسة من قادة أحزاب وسياسيين ورجال فكر معارضين، وضربت لهم مثلاً في الشجاعة والتنظيم والمبادرة أذهلهم، وجعلهم يقرون بصغر قاماتهم أمام الشباب.
وهم فعلاً شباب في كل شيئ، صغار السن، ديناميكيين، غير ملوثين بتجارب سابقة، ولكنهم يملكون قدراً كبيراً من الوعي والوضوح السياسيين، وقد أثبتوا، من خلال العديد من المقابلات التي أجريت معهم، أنهم محاورون مقتدرون يملكون قدرات علاقات عامة غير عادية.
لم تحظى ثورة 1952 على تأييد كافة طبقات وشرائح المجتمع المصري، فقد عاداها الإقطاعيون ورجال الصناعة والكثير من المثقفين، كما إتخذ الساسة موقفاً سلبياً منها ورفضوا التعاون معها، أما ثورة 2011، فلم أبدى جميع فئات الشعب المصري إعجابه بها، بل تحول إلى صفوفها كثيرون من أزلام النظام وجلاوزته وأدواته، ولم يحدث ذلك عن خوف من سطوة. فلم يلوحوا بتهديد، بل قال أحدهم، كما قال مانديلا " سنغفر ولن ننسى ". هذا هو خلقهم.
والأجمل من ذلك كله الأدب والتواضع ونكران الذات الذي يتمتعون به، حيث لم يتسرب إلى أنفسهم غرور بسبب حجم النتائج وسرعة تحقيقها، فكيف حصل ذلك؟.
إن حجم وشكل التغيير الذي جرى في مصر يقارن بذلك الذي كان يحدث على أيدي الأنبياء. لقد قال الشيخ القرضاوي عن شباب الثورة أنهم يذكروه بالصحابة. فهل نزل على أرض مصر نبي؟؟!!..