كثيراً ما تقع الشركات في أخطاء توظيف، ينجم عنها دخول شخص إلى الجسم الوظيفي للمؤسسة، سرعان ما يتبين أنه كان خياراً سيئاً. ويظهر ذلك من نقص خبرته او تدني إنتاجيته او مواقفه السلبية التي قد تظهر في ضعف حماسه للعمل وعدم إلتزامه. كما قد يظهر في خال الإدارة العليا في ضعف القدرة على وضع الحلول وغياب المبادرة ومهارات أخرى مطلوب توفرها في الإدارة العليا. وإذا كانت هذه الحالة تمثل مشكلة في الدول الغربية وفي دول آسيوية مثل الهند والهند الصينية ، فإن هذه المشكلة تأخذ أبعاداً إضافية في عالمنا العربي بسبب التعقيدات الإجتماعية والتراكيب السكانية، التي تجعل من التصحيح النمطي للمشكلة أمراً أكثر صعوبة.
لذلك ينبغي أن تتم عملية التوظيف وفق أُسس علمية قائمة على فهم الوظيفة – تحليل الوظيفة - وعلى إتباع أسس منظمة ومنطقية في عملية تقييم المتقدمين لهذه الوظيفة، مع التغييب الكامل للمحسوبيات والواسطات والنظرات الفئوية والمزاجية والعواطف. بحيث يتم تقييم المتقدمين من خلال إختبارات تحريرية ومقابلات مطولة وكذلك بالسؤال عن المتقدم في أماكن عمله التي عمل بها. يجب أن تفهم عملية التوظيف على أنها تطبيق معادلة رياضية يتساوى فيها طرفي المعادلة؛ الأول إحتياجات الوظيفة من مهارات وخصائص وقدرات، والثاني مهارات وخصائص وقدرات المتقدمين للوظيفة.
إن عملية التوظيف تستحق هذا العناء من أجل إتمامها على أفضل وجه. إن مزايا الحصول على فني جيد أو مدير جيد قد تكون من العظم لدرجة أن الشركة يعاد تشكيل هويتها من جديد. أما التوظيف غير الموفق فقد يصل ضرره المالي، حسب بعض الدراسات، من راتب سنة إلى راتب خمس سنوات. أما الضرر المعنوي فيصعب تقدير حجمه. ولكن يمكن أن يشكل منعطفاً سلبياً يتغير معه الكثير من القيم الإيجابية، وتتراخى النظم وتسوء تقاليد مهنية إستغرق بناءها سنوات بسبب إنضمام شخص سيء إلى المؤسسة.
لهذا ينبغي المبادرة إلى بناء نظام تعيين مدروس وعلمي قائم على التعاون بين إدارة الموارد البشرية والقسم صاحب الوظيفة، بحيث تتم العملية بطريقة تضمن الحد الأدنى للنجاح. إن التوظيف له ما بعده من عمليات تنمية بشرية وتوجيه وتوعية تهدف جميعاً إلى إنخراط الموظف الجديد في المؤسسية ولا يؤثر فيها سلباً.
نديم أسـعد