|
التياسة كمنهاج
|
|
|
التياسة كمنهاج
قبل سنوات كتبت مقالة بعنوان " المدير التيس " ضمن سلسلة من المقالات تتحدث عن بعض النماذج من المدراء في بلادنا العربية.
هذا التعبير لم يرد في ادبيات صدر الاسلام – فيما أظن – ولكنه ورد للمرة الاولى في رواية عن الخليفة العباسي المأمون حيث كان يتبادل الحديث في مسألة فقهية مع احد العلماء وذكر المأمون ان هذه المسألة نوقشت في عهد الخليفة هارون الرشيد – والد المأمون – وكان له رأي فيها، وقال المأمون للعالم " لقد تيست فيما قلته في المسألة " مشيراً إلى ما قاله الرشيد فيها
. فرد العالم عليه " بل تيس ابوك ". المأمون لم يتيس برد فعله، ولكنه إكتفى بتوبيخه وتوجيه النصح له بطريقة التعامل مع الحكام. طبعاً التياسة منسوبة إلى التيس – فحل الماعز، الذي يبدو انه يتصف بصفات جعلته معياراً لهذا النوع من المسلكيات التي يمارسها التيوس من بني البشر. هذه المسلكيات تنافي الكياسة والآداب العامة ولا يكترث اصحابها بمشاعر الآخرين ولا بمضامين طروحاتهم ومخرجاتهم من حيث الشكل والمضمون. التياسة ليست خياراً في الأعم الأغلب ولكنها نتاج تفاعل مؤثرات تربوية وبيئية مع خصائص وراثية، ولكنها في عالمنا العربي اصبحت نتاجاً ممنهجاً يهدف إلى خلق ثقافة مجتمعية تشكل التياسة اهم عناصرها لغاية تكريس هيمنة الفئات الحاكمة، سواء كانت أحزاب او أسر او طغم عسكرية، فنتج لدينا شعوباً نخبها من التيوس. هذه حقيقة مرة. وقد تكون قاسية. ولكن ما لم نتعامل بتحليلاتنا وتنظيراتنا لاوضاعنا الراهنة دون تقبل هذه الحقيقة نكون قد وقعنا في مستنقع التياسة الذي تصعب النجاة منه.
نديم أسعد 2017
|
|
|
|
|
|