لنتعلم الإدارة من التراث العربي -14
" ليس كل عورة تصاب "
يذكر أن زياد بن أبي سفيان، الذي كان والياً
على البصرة في زمن معاوية، كان يوجه قادة جيوشه أن لا يخوضوا معاركهم في بطون
الأودية ولا في الأيام الماطرة. وهذا،
بطبيعة الحال، يناسب المقاتل العربي المعتاد على القتال في أرض مستوية وفي مناخ
يميل إلى الحرارة والجفاف. ويذكر أن زياد عمل
طوال فترة توليه ولاية البصرة وما كان يتبعها على مأسسة نظام الحكم وتنسب إليه
الكثير من تقاليد الحكم والنظم.
كما يذكر، في ذات السياق، أنه في زمن الخليفة
الأموي الوليد بن عبد الملك خاض أحد الجيوش معركة في الشتاء وإنتصر بها، فعلق بذلك
الوليد أن ذلك مخالفاً لما أوصى به زياد، ولمح أن ذلك يدلل على خطأ زياد، فرد عليه
أحد الحضور أن زياد لم يكن مخطئاً وأضاف أن " ليس كل عورة تصاب ". أي أن نقاط الضعف إذا لم يستغلها الطرف الآخر
لتحقيق أهدافه فهذا لايعني أنها ليست نقاط ضعف وأنها غير موجودة أو أنها قليلة
الأهمية . فالعورات أو نقاط الضعف لا يحكم
عليها بالنتائج. أي لا يُحكم عليها بمقدار
الضرر ألذي تسببت به، فهذا يعتمد على مجموعة من العوامل الموضوعية المرتبطة بأطراف
فاعلة أخرى.
العورات أو نقاط الضعف -
weaknesses
- كما يظهر في التحليل الرباعي
SWOT Analysis
على سبيل
المثال، هي حالة ذاتية. والنتائج لا تعتمد
على الحالات الذاتية فقط وإنما على حالات موضوعية محيطة بعملية التفاعل قيد الدرس
والتي تشكل حالات ذاتية خاصة بأطراف التفاعل الأخرى جزءاً منه.
ما يمكن الإستفادة من هذه المقولة التي تعود
إلى القرن الهجري الأول أن النتائج لا تنفي وجود نقاط الضعف، وأن نقاط الضعف ينبغي
أن تستوعب تماماً ببعديها النوعي والكمي ولا يقلل من شأنها حتى لو لم تتسبب بضرر.
نديم أسـعد