الإدارة والمفاجئة - 2 - المدير الناجح لا يتفاجئ
 
 


الإدارة والمفاجئة - 2

 

المدير الناجح لا يتفاجئ

تتردد هذه المقولة كثيراً " المدير الناجح لا يتفاجئ ".  وهذا لا يعود لقدرات خارقة يمتلكها ولكنه يصبح ممكناً بتحصين نفسه من المفاجئات بحيث يحد من تكرار وقوعها، ضمن دائرة تأثيره، بتطوير قدراته الذاتية من جهة وتنظيم العمل بطريقة تقلل الفجوة بين النتائج والتوقعات.  والتوقعات هي في الغالب أهداف targets ؛ كميات إنتاج في مصنع، أرباح شهرية لشركة، مواعيد تسليم مشروع من قبل شركة إنشاءات إلخ.. والتوقعات كذلك أحداث وتصريحات وتغيرات.

على الصعيد الذاتي، فإن قدرة المدير على التوقع تخفف من وقوع المفاجئة ووقعها عليه.  وفي العموم بإستطاعة المدير أن يعمل على تطوير قدراته على التوقع.  فمهارة التوقع يمكن تنميتها بجهود معظمها ذاتية.  وتنمى مهارة التوقع بالإطلاع ومراكمة الخبرات وإستنباط الدروس والعبر من الأزمات والتجارب وإتقان بعض الأدوات الإحصائية والإطلاع على الأنماط  patterns التي يسير وفقها العمل وتجري على أساسها جوانب الأداء المختلفة، وهي في العادة تسير وفق نهوج قابلة للتكرار، وكذلك تفهم الإطار العام لنظرية الإحتمالات وما يمكن أن يستفيد منها في إدارة حياته الخاصة والمهنية.

وعندما نتكلم عن علوم مثل علم الإحصاء ونظريات مثل نظرية الإحتمالات، لا ندعو، هنا، المدراء لأن يصبحوا محيطين بهذه العلوم إحاطة تامة كي يتمكنوا من توظيفها في عملهم وفي نظرتهم للحياة عموماً وتفهمها، ولكن يكفي أن يفهم المدير المضامين العامة لهذه العلوم، وربما إكتفي بما علق بذهنه من المدرسة او الجامعة منها.

وعلى الصعيد المؤسسي فإن تنظيم العمل بحيث يسير وفق خطط موضوعة لتحقيق أهداف محددة وموضوعية يساعد على تقليل النتائج غير المتوقعة التي ينجم عنها مفاجئات.  فوجود نظام تخطيط للعمل وسير العمل وفق إجراءات معيارية ووجود أدوات ووسائل قياس للأداء ووجود خطة عامة للعمل تتضمن الموارد المستغلة يوما بيوم والنتائج المنبثقة عنها كذلك يوماً بيوم، هذه الترتيبات تحد من الإنحرافات عن النتائج المحددة مسبقاً وتضيق الفجوة بينهما بحيث تجعل من " المفاجئة " أمراً قليل الإحتمال.

في المشاريع الإنتاجية يستطيع القائمون عليها توقع حجم الإنتاج لليوم بعد إنقضاء ساعة أو ساعتين من ذلك اليوم.  بل يستطيع هؤلاء توقع نتائج الإنتاج لفترات طويلة بسبب معرفتهم بالمؤثرات الموسمية والمناخية والمزاج العام وربما الوضع السياسي العام على أداء المؤسسة الإنتاجية طوال العام.  فمثلاً، أيام العمل الشهرية مرشحة للإنخفاض في أشهر الشتاء في الأردن، وكذلك تزداد نسبة الغياب في شهر تشرين أول، بسبب موسم قطاف الزيتون، وفي شهري تموز وآب كذلك بسبب قدوم المغتربين وكثرة إحتفالات الزواج، فمن لا يحسب حساب هذه المعطيات وغيرها فلا يندبن حظه عندما تفاجئه النتائج السيئة.

المدير الناجح يسيطر على النتائج، فهو يتفهم العوامل التي تصنع هذه النتائج ولديه القدرة والمهارات التي تجعله قادراً على ضبط control هذه العوامل وبالتالي صنع النتائج التي يريد.

المدير الناجح يتعلم من الماضي ويبقيه حياً في ذاكرته، ويفهم ما هو كائن من خلال تفهمه لما كان – مثلما كان العرب قديماً يقولون – فتعزز مهارة المدير ( الشخص ) على التوقع، وهي مهارة تخفف من وقع المفاجئة وتوفر على المدير وعلى المؤسسة جهود ووقت ومال يضيع، في العادة على التعامل مع الوضع المتأزم الذي يأتي مع المفاجئة.

                                                                                          نديم أسـعد 

 
 

 


تعليقات

لا يوجد تعليقات

الإسم   
البريد الإليكتروني (ليس للنشر)    
التعليق  
هل توافق على الانضمام لمجموعتنا البريدية؟
  أرسل

 

Counter