لنتعلم الإدارة من التراث العالمي -7- المفهوم الخاطئ للإدارة
 
 



إعتاد الباحثون والمدونون والكتاب، في جميع الثقافات، على توثيق وتخليد إقتباسات منقولة عن أصحاب الفكر والتجربة تتضمن حكمة وتقدم دروس ذات فائدة عظيمة.  هذه الإقتباسات أضحت موروث كبير يغني الثقافات ويضيف قيمة عظيمة  للبشرية جمعاء.  الإقتباسات الواردة في سياقنا هذا تتعلق بالإدارة ومنسوبة لباحثين وممارسين إداريين، نطق بها أشخاص لديهم المعرفة في سياق كتاب او مقالة او خطاب.  سنقوم، تباعاً بتناول إحدى هذه الإقتباسات بالشرح والتعليق بما يناسب خصوصية أوضاعنا، في منطقتنا العربية، وطبيعة إحتياجاتنا.                                                                                     

- 7 -

المفهوم الخاطئ للإدارة

   

“Most of what we call management consists of making it difficult for people to get their work done.”
? Peter Drucker

" معظم ما نسميه إدارة يتكون من أعمال تعرقل عمل الآخرين ".  هذا ما يقوله بيتر دركر، الباحث الأميريكي المعروف، وهو، بطبيعة الحال يتكلم عن الوضع في بلاده أميريكا، ربما في الستينات أو السبعينات.  وعبارته هذه تنطبق على الكثير من الأنماط أو الممارسات التي يقوم بها مدراؤنا في عالمنا العربي ويعتقدون أنها إدارة.

فالكثير من القوانين التي يفرضها هؤلاء المدراء والتداخلات التي يقومون بها والحلول التي يضعونها لا تتعدى كونها عوائق إضافية يضعونها في طريق مساعديهم وأعضاء فريقهم.

وينجم هذا في العادة عن وجود شخص غير مؤهل في موقع إداري متقدم، ولايميل إلى منح مساعديه وأعضاء فريقه صلاحيات تمكنهم من العمل بحرية وبشكل مستقل.  وهذا ينطبق على الكثير من أرباب العمل وأعضاء الإدارات العليا في مؤسساتنا العربية، فيتحول العمل إلى ما يسمى " إستعراض رجل واحد " -  one man show - وهو أسوأ ما يمكن أن تكون عليه الإدارة.  

إن المفهوم العصري للإدارة هو أن يلعب المدير دور الميسر لمرؤوسيه، بأن يقدم لهم كل يحتاجونه لتحقيق الأهداف المكلفين بتحقيقها، بما في ذلك فسح المجال لهم، وبكل تأكيد الإبتعاد عن طريقهم.  وهذا الترتيب ما يطلق عليه الباحثون " الهرم المقلوب "، حيث يلعب المدير دور الخادم لمرؤوسيه.  

إن المدير الناجح يعمل على الدوام على إعداد مرؤوسيه ليتحملوا المسؤولية ويكلفهم بمهام بشكل منتظم ويتحمل بعض التدني في إحراز النتائج ويعد ذلك فرصة لتعزيز مهاراتهم.  هذا النمط يعزز روح الفريق ويحسن الأداء عموماً وبالأخص آليات صنع القرارات وحل المشاكل، كما أنه يمنح المدير نفسه الوقت الكافي للتخطيط والتفكير بالقضايا الستراتيجية وتقييم الأداء العام وتحديد إحتياجات الفريق لتطوير قدراته والإرتقاء بالمؤسسة عموماً.

إن الأسلوب الدارج في الكثير من مؤسساتنا، والمتمثل في إمساك المدير في أطراف كافة الخيوط، لم يعد مقبولاً ولا يتماشى مع متطلبات العصر ولا يجوز العبور به إلى القرن الحادي والعشرين.

                                                                                      نديم أسـعد 

 
 

 


تعليقات

لا يوجد تعليقات

الإسم 
البريد الإليكتروني (ليس للنشر)
التعليق
هل توافق على الانضمام لمجموعتنا البريدية؟
  أرسل

 

Counter