لنتعلم الإدارة من التراث العالمي - 1 - الهدف
 
 


بسم الله الرحمن الرحيم

 

لنتعلم الإدارة من التراث العالمي

 

إعتاد الباحثون والمدونون والكتاب، في جميع الثقافات، على توثيق وتخليد إقتباسات منقولة عن أصحاب الفكر والتجربة تتضمن حكمة وتقدم دروس ذات فائدة عظيمة.  هذه الإقتباسات أضحت موروث كبير يغني الثقافات ويضيف قيمة عظيمة  للبشرية جمعاء.  الإقتباسات الواردة في سياقنا هذا تتعلق بالإدارة ومنسوبة لباحثين وممارسين إداريين، نطق بها أشخاص لديهم المعرفة في سياق كتاب او مقالة او خطاب.  سنقوم، تباعاً بتناول إحدى هذه الإقتباسات بالشرح والتعليق بما يناسب خصوصية أوضاعنا، في منطقتنا العربية، وطبيعة إحتياجاتنا.

-1-

 

“Start with the end in mind. ”
?
Stephen R. Covey ,

" إبدأ  عملك واضعاً هدفك النهائي بين عينيك " هذه ترجمة عبارة ستيفن كوفيي مع بعض التصرف.  والمقصود بها عدم تغييب الهدف عن ذهننا حتى نختصر الطريق الواصلة إليه فلا نتوه بطرق جانبية ولا نقوم بأعمال لا تساعد على بلوغ الهدف.

وستيفن كوفيي هو باحث أمريكي توفي مؤخراً وله مؤلفات عديدة أشهرها " عادات الأشخاص المؤثرين السبعة " The 7 Habits of Highly Effective People   ، وطبع منه 150 مليون نسخة في 38 لغة،  وله كتب أخرى ومقالات عديدة في الإدارة .  وهذه العبارة هي العادة الثانية من بين العادات السبع التي يدعو كوفيي لتنميتها من أجل أن يصبح الشخص مؤثراً.

وأن يصبح الشخص المتبوئ لموقع قيادي، أو الطامح له، مؤثراً يعني، ببساطة، أن يصبح ناجحاً.  فنجاح القائد يعتمد على مقدار تأثيره على من يقود.

إبقاء الهدف معروفاً وواضحاً يتطلب، بدايةً، وجود هدف محدد بأطر أساسية؛ كمية وزمنية وكلفية ونوعية.  لذلك ينبغي أن يكون هناك هدف محدد بأطر أساسية.

مثل تعبئة 5000 عبوة ( كمية ) حليب كامل الدسم بسعة 2 لتر ( مواصفات ) خلال 6 ساعات ( زمنية ) وبكلفة لا تزيد عن 0.25 دينار للعبوة ( كلفية ).  هنا يتحول الهدف إلى برنامج عمل للعمل وفق محدداته constraints ، فكل مكون من مكونات الهدف الأربعة المذكورة – الأطر - ( وقد تكون أكثر أو أقل ) يعمل كمحدد؛ لا يتحقق الهدف إلا بتحققه.  وهذا يتطلب وضع خطة لتحقيق الهدف بأطره جميعاً. 

فالإطار الكمي يتطلب حشد عدد من الموارد البشرية والمعدات ومكان عمل مناسب، والإطار  النوعي يتطلب وجود شكل من اشكال نظام الجودة لضبط المواصفات عند شراء المواد الأولية وضبط عملية التصنيع حسب النوعية ( الجودة ) المطلوبة.  كما أن الإطار الزمني – time frame -  يساعد في إحتساب معدلات الإنتاج الضروري الإنتاج وفقها لتحقيق البعد الزمني من الهدف وبالتالي عدد العمال وأدوات الإنتاج الضرورية لهذه الغاية.  أما الإطار الكلفي فيفرض علينا وضع موازنة يحدد فيها سعر شراء المواد الأولية وكلف الإنتاج وباقي الكلف من أجل تحقيق هذا البعد من الأبعاد المكونة للهدف، أي إنتاج منتج بكلفة محددة. 

إن وضع هدف واضح وتفصيله إلى أطر واضحة يبين لنا مسبقاً إمكانية تحقيق الهدف من عدمها.

إن الشرح السابق ينطبق على التطبيقات الصناعية، ولكن هذا المبدأ الهام الذي وضعه كوفيي ينطبق على كافة التطبيقات الصناعية وغير الصناعية والمهنية وغير المهنية.  فمثلاً يمكن تطبيقه على طالب توجيهي يطمح إلى الحصول على مقعد في كلية الهندسة؛ فهذا يتطلب منه الإستفسار عن الدرجات التي تمكنه من دخول كلية هندسة محددة، فلا يعود هدفه النجاح في التوجيهي، إنما النجاح بمعدل 90% مثلاً.  كما يمكن أن يفصل كيف يمكن أن يتوصل إلى هذا المعدل من خلال وضع أهداف ثانوية لكل مادة.  إبقاء هدف الحصول على معدل 90% في التوجيهي أمام عيني الطالب تجعله يزن كل عمل يقدم عليه بمقدار ما يمكن أن يساهم هذا العمل بتحقيق هذا الهدف – أي إذا ما كان يضيف قيمة أم لا  value adding .

وهذا ينطبق على شاب يخطط حياته المهنية – لنقل مهندس يعمل في شركة ويطمح لأن يصبح مقاولاً – فهدفه في الحياة أن يتحول من موظف إلى رب عمل خلال ثلاث سنوات؛ وهذا يتطلب منه أم يكون لديه رأسمال ومعرفة فنية وخبرة إدارية وشبكة علاقات تمكنه من الحصول على عقود عمل.  فهذا يفرض عليه التركيز على الأعمال التي تفيده بهذا الإتجاه طوال السنوات الثلاث التي حددها كإطار زمني لتحقيق الهدف الأساسي.

إن العمل بهذا المبدأ يعمق الوعي ويعزز من إمكانية التوقع ويقلل من المفاجئات غير السارة مما يساعد على تحقيق الهدف كما هو مطلوب.  إن العمل بهذا المبدأ يشكل نهج حياة وعمل.

                                                                                   نديم أسـعد   

 
 

 


تعليقات

لا يوجد تعليقات

الإسم 
البريد الإليكتروني (ليس للنشر)
التعليق
هل توافق على الانضمام لمجموعتنا البريدية؟
  أرسل

 

Counter