الإدارة الماكروية والإدارة الميكروية
يقع بعض المدراء في حيرة في نمط الإدارة التي ينبغي
عليهم ممارستها؛ هل يمارسون الإدارة الماكروية بحيث لا يتدخلون في التفاصيل وتبقى
عيونهم على جميع الجبهات ترعى الصورة بكاملها، أو يمارسون الإدارة الميكروية بحيث
يخوضوا في تفاصيل تحليل المشاكل وإنتقاء حلول لها، مع العلم أن التعامل مع تفاصيل
مشكلة يحجب المدير عن مشاكل أخرى فلا يعلم بها ناهيك عن إمكانية أن يتعامل معها.
قبل الخوض في المفاضلات يجب أن ندرك أن القضية ليست قضية
خيارات بالمطلق، فهناك بعداً هاماً يتعلق بطبيعة الأفراد؛ فهناك مدراء ماكرويون وهناك آخرون ميكرويون. الأول يجد صعوبة في ممارسة الإدارة الميكروية،
بينما يستمتع بها النوع الثاني، والعكس صحيح. وهذا يمكن أن يخفف بالتدريب والتمرس.
كما أن متطلبات الإدارة تختلف من الإدارة الدنيا (
الإدارة الإشرافية ) إلى الإدارة الوسطى إلى الإدارة العليا. فالإدارة العليا تتطلب مدير يمارس الإدارة
الماكروية، بحيث يضع المشهد بكامله تحت مرمى بصره، ولا يغرق في مستنقع مشكلة محلية
تحرمه من متابعة المشهد العام.
كما أن الإدارة الدنيا بحاجة إلى مدراء او مشرفين
يمارسون الإدارة الميكروية، ويملكون الوقت والمعارف الفنية والأدوات لذلك، بحيث
يتعاملوا مع وضع معين بوضع الحل وتنفيذه، وهذا لا يحجب عنهم بقية المشهد، فهذا
المشهد صغير نسبياً، كما أن هناك إدارات أعلى تعوض التغيب المؤقت للمشرف.
أما الإدارة الوسطى فينبغي لها أن تشق طريقاً وسطاً.
الأشخاص الذين يعجزون عن الخوض في التفاصيل لا يصلحون
للعمل الإشرافي، وكذلك لا يصلح للعمل في الإدارة العليا من ينزع على الدوام إلى
الخوض في التفاصيل ويستمتع بالغرق بها.
هناك حالات تتطلب من المدير في الإدارة العليا أن يدير
ميكروياً، لذلك ينبغي أن يكون لديه القدرة أن يمارسها إذا ما فرضت عليه، وهذا يحصل
في حال وجود مساعدين غير مدربين ولا يعتمد عليهم، لذلك من إجل إنجاح الإدارة
الماكروية ينبغي بناء فريق متكامل يعرف كل عضو فيه دوره ويمتلك القدرة على
الإضطلاع به.
الخروج عن المطلوب في هذا السياق يعد مرضاً إداريا ينبغي
معالجته.
نديم
أسـعد