ذكرى وعد بلفور
 
 


 

تمر اليوم ذكرى وعد بلفور ، فقبل خمسة وتسعين عاماً أرسل جيمس بلفور رسالة أرسلها إلى اللورد روتشيلد، وهو أحد قادة الحركة الصهيونية، يتعهد بها بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين.  تعهدت بريطانيا بإعطاء وطن له أهل وأصحاب لمجموعات من البشر منتشرة بأصقاع عديدة من العالم ويربطها عقيدة دينية شكلت أساساً لإعتقادهم بحقهم بهذه الأرض.  هذا الإعتقاد أن الله منحهم هذه الأرض، وهذا ما يشكل الحق الديني الذي إستندت عليه الحركة الصهيونية في دعايتها بين اليهود وفي أوساط الجماعات المتصهينة الأخرى.  كما إعتمدت على ما يسمى بالحق التاريخي في دعايتها الخارجية.

بريطانيا، في إصدارها لوعد بلفور، وعملها على تنفيذه طوال ثلاثين عام من الإنتداب، وضعت نفسها في موضع العدو الأول للأمة.  وهذه الذكرى ينبغي أن تذكرنا كل عام بما فعلت بريطانيا بنا.  

من الخطأ الإعتقاد أن بريطانيا إضطرت لإعطاء هذا الوعد تحت ضغط إحتياجها للدعم اليهودي أثناء الحرب العالمية الأولى، بل فعلت ذلك لقناعات سادت لأكثر من قرن في أوساط النخب الحاكمة والمؤثرة فيها.

فالصهيونية البريطانية سبقت الصهيونية اليهودية بما يقرب من تسعين عاماً، فبينما عقد المؤتمر التأسيسي للحركة الصهيونية في مدينة بال السويسرية عام 1897، تم تأسيس جمعية في لندن تهدف إلى العمل على توطين اليهود في فلسطين في حوالي العام 1810.  كما أن هناك الكثير من الكتابات والمراسلات التي تمت طوال القرن التاسع عشر تضمنت إلى إشارات تفيد هذا الغرض.  من بينها رسائل القنصل البريطاني في القدس وكتابات رحالة إنكليز زاروا فلسطين وأبدوا إهتماماً شديداً بالجاليات اليهودية التي كانت تقطن مدن فلسطين المختلفة، بينما أشاروا إلى السكان العرب وكأنهم زوار يفترض أن يغادروا متى ما طلب منهم.

كيف عرف العرب والعالم بوعد بلفور؟.

كان من المفترض أن يكون وعد بلفور وثيقة سرية وأن تبقى كذلك، ولكنها كشفت عندما قامت الثورة البلشفية في روسيا في العام والشهر نفسه.  وعندما سيطر الثوار على العاصمة بترو جراد بما في ذلك وزارة الخارجية كشفوا عم عدد من الوثائق، كان من بينها وعد بلفور وإتفاقية سايكس بيكو.

كان هذا في زمن لم تكن وسائل الإتصال قد تطورت فيه فكان رد الفعل الأول في العام 1919 عندما عمت المظاهرات جميع المدن الفلسطينية.  

لا ينبغي لوعد بلفور أن يُنسى، فهو يشكل حجر زاوية في أكبر مؤامرة على هذه الأمة؛ أدت إلى إنتزاع أحد أقطارها وقسمتها جغرافياً بحيث إنقطع الإتصال بين الشرق والغرب وخلقت كياناً يعمل جاهداً على أن تبقى هذه الأمة متخلفة.

كان من الممكن أن لا يكشف هذا الوعد وأن يطبق المخطط بالكامل دون أن يعيي أحد بوجود مؤامرة.  يا ترى، كم مؤامرة حيكت ونفذت على هذه الأمة دون أن يكون لها عنوان واضح بوضوح عنوان وعد بلفور؟!.

                                                                                 نديم أسـعد

 
 

 


تعليقات

لا يوجد تعليقات

الإسم 
البريد الإليكتروني (ليس للنشر)
التعليق
هل توافق على الانضمام لمجموعتنا البريدية؟
  أرسل

 

Counter