الآية الكريمة " فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لإنفضوا من حولك فأعف عنهم وإستغفر لهم وشاورهم في الأمر.. " في سورة آل عمران ( 159 )، كنت قد أشرت إليها في مقال سابق في هذا السياق، على أنها تتضمن دعوة للقادة والمدراء أن يكونوا رحماء مع مرؤوسيهم، ثم تبين لي أن هناك درساً آخر يمكن تعلمه من هذه الآية.
هذا الدرس يتعلق بمناسبة نزول الآية والسياق الذي نزلت به؛ فقد نزلت عقب معركة أحد ضمن 60 آية في سورة آل عمران يتناول جزء منها مواساة المسلمين بمن فقدوا بالمعركة وترفع من معنوياتهم وتشير إلى حادثة عدم إلتزام إحدى الوحدات المقاتلة بالخطة، كما يشير بعضها إلى كيفية تحديد مكان المعركة، حيث كان رأي الرسول، ورأي آخرين، أن يتحصنوا بداخل المدينة ويدافعوا عنها، بينما كان رأي الأكثرية الخروج إلى خارج المدينة ولقاء العدو
هناك، فعمل الرسول برأي الأكثرية. وبعد اللقاء، حيث كانت النتائج سلبية، تبين للجميع أن الخيار الآخر كان أفضل.
والآية الكريمة تشجع الرسول القائد على المضي بنهج المشورة على الرغم من النتائج. فالنتائج السلبية لا تقلل من أهمية الممارسات الإيجابية. فالحصول على نتائج غير مرضية لا تعني بالضرورة أن آلية صنع القرار كانت خاطئة. النتائج السلبية لاتعني أن الأسلوب لم يعد ملائماً وينبغي إعادة النظر به.
في عالمنا، كثير ما يرتد صناع القرار على الآليات والأساليب والنهوج، فيعيدوا النظر ببعضها بطريقة مجحفة. وهذا خطأ.
نديم أسـعد