ضعف التواصل
التواصل، سواء كان ضعيفاً أم قوياً يعد مهارة مهمة جداً لكل شخص مهما كان مجال عمله. والتواصل هو القدرة على تلقي وإيصال المعلومة من وإلى الآخرين، سواء كانت هذه المعلومات تقريراً مكتوباً أو رسالة على البريد الإلكتروني أو كلمة منطوقة أو صورة أو رسم بياني أو إشاعة وغير ذلك من المعلومات بغض النظر عن نوع المعلومات وحجمها وخطورتها.
حسن التواصل ضروري لكل إنسان يعيش ضمن تشكيل إجتماعي، سواء كان هذا التشكيل أسرة أو مؤسسة أو حزب أو حلقة دراسية إلخ..
ينجم عن ضعف التواصل خسران مادة على شكل معلومات قد تكون غاية في الأهمية، وقد يكون لذلك إنعكاسات مادية وفقدان فرص والإساءة لعلاقات وأشخاص. لذلك ينبغي على الأشخاص والمؤسات العمل على تعميق قنوات التواصل وتعزيز المهارات المرتبطة به.
ومن وجهة نظر الفرد ينبغي على كل واحد أن يعمل على تشخيص قدراته التواصلية والعمل على الإرتقاء بقدراته ومهاراته بناء على تفهم أوجه الضعف لديه.
ولكن كيف له أن يتفهم حالته ويشخصها ويعرف إحتياجاته في هذا المجال. الجواب، يمكن أن يكون من خلال الإطلاع على النتائج الناجمة عن التواصل السيء والتي تتمثل، في العادة، بعدم كون هذا الشخص مطلعاً بسبب ضعف قدرته على التلقي ومن خلال إحساسه بالعجز في توصيل أفكاره والمعلومات التي لديه إلى الآخرين. كما يمكن التعرف على ضعف مهارة التواصل من العلاقات السيئة التي تربطه مع الآخرين، فالمتواصل الضعيف إنسان غير محبوب.
كما يمكن أن يتفهم حالته من خلال متابعة أداءه وتقييم نتائجه:
أولاً: الإرسال:
1.
النطق، قد يكون عيب خلقي يؤدي إلى نطق غير سليم، هذا العيب قد يكون قابل للعلاج فيعالج أو لا يعالج، فهذه الحالة لا ينبغي أن تعد نقيصة، وعلى صاحبها أن يسعى أن لا تكون سبباً لتراجع قدراته التواصلية.
أما إذا كان النطق غير السليم ناجم عن عادات نطق سيئة فيمكن علاجها بالتدرب على النطق وتحسين مخارج الحروف ( على نسق التدريب الذي يتلقاه المذيعون ).
2.
اللغة: اللغة هي الوسط -
medium
- الذي تتم بواسطته عملية التواصل، سواء هذه اللغة كانت العربية أو الإنكليزية، فينبغي العمل على إغناء اللغة بمفردات جديدة مناسبة وإتقان اللفظ وقواعد اللغة. وهذا يتم بالمشاركة في دورات مختصة، كما يمكن أن يعزز بالقراءة والممارسة. في هذا السياق ينصح بتجنب الإكثار من تكرار مفردات بعينها، فهذا يترك إنطباعاً سلبياً على المتلقين.
3.
نبرة الصوت: نبرة الصوت الغعالة من أهم عوامل نجاح التواصل الناجح، فعند تقديم عرض أو إلقاء كلمة ( خطبة ) أو عند طرح وجهة نظر في إجتماع، لا يجوز التكلم بنبرة واحدة ثابتة، فهذا يبعث على الملل ويقلل من إنتباه المتلقين ويفشل التواصل، كما أن إعتماد نبرات متباينة ومتعددة تتناسب مع الطرح تجعل الرسالة أكثر إقناعاً. وهذا أمر يتأتى بالتدريب والتمرس والتعلم من الآخرين ذوي الخبرة.
4.
مهارة العرض: وهي مهارة ضرورية لأصحاب القرار العاملين في مؤسسات حيث يترتب على بعض الإداريين عرض أفكار وخطط ونظم مقترحة ونتائج أداء وغير ذلك، العرض يتطلب مهارة تهدف لإيصال المضامين وإقناع الحضور بالتوصيات والإستنتاجات المرتبطة بالعرض. من المفيد التمرس على هذه المهارة بالتعلم من ذوي الخبرة والإستفادة من البرامج التدريبية حيثما وجدت، بحيث يتم الإرتقاء بطريقة إعداد المادة وأسلوب عرضها.
5.
الخطابة: وهي وسيلة إتصال إحادي الجانب إستخدمها الإنسان منذ القدم، وقد ظهر في جميع الأمم خطباء عبر التاريخ، كان لكل منهم أسلوبه، وقد ثبت أن الخطابة وسيلة تواصل مؤثرة جداً، لذلك من المفيد للشخص الطموح أن يتمرس على الخطابة ويتدرب عليها.
6.
الوسائل المساعدة: من أجل الإرتقاء بعملية التواصل وتعظيم نتائجها ينبغي العمل على الإستفادة من بعض الوسائل المساعدة مثل لغة الجسد وإستخدامها عند تقديم عرض أو إلقاء كلمة أو طرح فكرة أو حل. لغة الجسد لها تأثير كبير في عملية التواصل ويمكن التمرس عليها بالتدريب والقراءة والممارسة.
ثانياً: التلقي:
1.
الإنصات: تعاني عملية التواصل كثيراً من ضعف الإنصات من قبل بعض أطراف عملية التواصل. وضعف الإنصات أو عدمه قضية سلوكية بقدر ما هي مهارة متراجعة، وينجم عن ذلك فقدان جزء من مادة التواصل ( الكلام ) وعدم إستيعاب الموضوع برمته، وفي هذا خسارة لمعلومات قد تكون مفيدة، كما أن لعدم الإنصات بعد شخصي وأخلاقي ويسيء لعلاقة طرفي عملية التواصل. لذلك ينبغي تدريب الذات على الإنصات الجيد مع التركيز على كامل الحديث دون مقاطعة، ففي هذا ضمان لإنجاح عملية التواصل ويعبر عن إحترام للمتحدث من قبل المستمع.
2.
حاسة السمع: قد تتراجع عملية التواصل بسبب ضعف بحاسة السمع لدى المتلقي، وهنا ينبغي البعد عن المكابرة والعمل على علاج الخلل أو تركيب جهاز خاص يساعد على تحسين السمع.
3.
اللغة: من أجل تلقي فعال ينبغي الحرص على إتقان لغة التواصل أو الإعتماد على مترجم. وهذا يتطلب دراسة اللغة لإتقان قواعدها وزيادة حصيلة مفرداتها، وأيضاً التمرس على المحادثات وإتقان لهجاتها. في جميع الأحوال ينبغي التأكد من الإستقبال الدقيق للرسالة، فلا يتظاهر المتلقي بالفهم دون أن يكون قد فهم ما قيل فعلاً، ويتم هذا بطلب إعادة الكلام دون خجل.
4.
البعد الثقافي: من أجل إنجاح التواصل عبر حواجز ثقافية ينبغي تفهم الفروقات الثقافية للإيماءات ولبعض العبارات المجازية بين ثقافة وأخرى، حتى لا يقع المتلقي ضحية لإستنتاجات خاطئة.
5.
القراءة بين السطور: تتعاظم فعالية التواصل عند إمتلاك مهارة القراءة ما بين السطور والقدرة على إستنتاج الغرض من تحرك ما، لذلك ينبغي تعلم هذه المهارة من خلال التجربة والقراءة والإقتداء بذوي الخبرة.
ثالثاً: التفاعل:
1.
الحوار
:
الحوار هو عملية تواصل بين طرفين مختلفين في الآراء، وبالتالي فإن التوتر غالباً ما يشكل طابعاً أساسياً للعملية، وهذا يتطلب تنمية مهارة خاصة قائمة على قدرة عالية في الإستقبال والإرسال، وهذا يتطلب إعداد وتحضير للموضوع المتحاور عليه وحضور ذهني عالي.
2.
الإجتماعات: يتم في الإجتماعات قدر كبير من التواصل بين أطراف متعددة، وهذا يحتاج إلى تنظيم وإدارة فعالة للإجتماع، كما يتطلب الحد من تكرار الأفكار والطروحات. ولتعظيم دور الشخص المشارك يطلب منه أن يحضر نفسه للإجتماع بالإطلاع على جدول الأعمال ومعرفة المشاركين وأن يدون ملاحظات لما يقوله الآخرون، كما يدون الأفكار التي ينوي طرحها بعد أن ينظمها ويسلسلها.
3.
المكالمات التلفونية: يتم هنا حوار ثنائي بين شخصين متباعدين وغير متواجهين، حيث لا تلعب لغة الجسد وتعابير الوجه أي دور، وهذا يتطلب الإنصات الجيد والرد على كل مداخلة فور الإنتهاء منها. المكالمات التلفونية لا تحتمل المقاطعة كما لا تحتمل إلتزام الصمت.
4.
البريد الإلكتروني والوسائل الإلكترونية الأخرى: ظهرت في السنوات الأخيرة وسائل إتصال جديدة حلت محل وسائل أخرى سبقتها في الظهور. هذه الوسائل تزداد أهميتها يوماً بعد يوم، كما أنها تطور قواعد جديدة ولغة جديدة. ينبغي على كل شخص اللحاق في ركب التطور هذا والتمرس على هذه الوسائل والأدوات والإستفادة منها.
رابعاً: التواصل أحادي الجانب:
1.
الإرسال الإذاعي: يمتاز الإتصال من خلال الإذاعة والتلفزيون بإنه أحادي الجانب وأن أعداد المتلقين قد تصل إلى الملايين وهم جميعاً غير معروفون للمرسل. وهذا يتطلب بناء قواعد وأساليب خاصة يفترض على أساسها توقعات المتلقي المفترض بحيث يصمم بناءاً على ذلك مضمون المادة وأسلوب إلقاءها.
2.
التقارير: التقارير هي وسيلة نقل وإيصال كم من المعلومات بشكل موثق. لإعداد وكتابة التقارير قواعد ينبغي التدرب عليها. إن حسن كتابة التقارير تعطي إنطباعاً قوياً عن كاتبها. من أجل تحسين هذه المهارة يمكن المشاركة في دورات تدريبية والإستفادة من توجيهات المدراء والزملاء حيثما وجدت وكذلك من خلال الإقتداء بنماذج ناجحة في المحيط المهني ( أو السياسي ).
3.
التأليف والكتابة: مثل البث الإذاعي، هو عملية إتصال بين شخص واحد من جهة وأعداد كبيرة من الناس من جهة أخرى، مع الفارق أن المادة مكتوبة أي موثقة، وهذا يتطلب دقة أكبر، كما أن المتلقي يحدد توقيت تلقيه حسب ما شاء، أي أن المادة المكتوبة يمكن أن تقرأ في اليوم التالي، كما يمكن أن تقرأ بعد مئات السنين، وهذا يجب أن يؤخذ بعين الإعتبار. يمكن تعزيز مهارة الكتابة بالتدرب والتعمق باللغة والقراءة والتثقف.
في العموم على كل إنسان يود أن يكون ناجحاً في محيطه أن يعمل على الإرتقاء بمهاراته التواصلية بشتى الطرق، وفي حال وجد أنه يفتقد تلك الموهبة الطبيعية في التواصل فعليه أن يتجنب إمتهان مهن تتطلب مهارة تواصلية عالية؛ فمثلاً إذا كان عاجزاً عن لفظ بعض الحروف فلا يجوز أن يعمل مذيعاً، وإذا كان يعاني من حاسة سمع ضعيفة فلا يجوز أن يعمل كعامل إستقبال في مستشفى أو في مركز للدفاع المدني، وإذا كانت قدرته على العرض ضعيفة فليدع تقديم العروض لزميل.. وهكذا.
إن التواصل الجيد من أهم عوامل نجاح المؤسسات، كما أنه يكفل التقليل من حالات سوء الفهم والشائعات. إن الإنسان المتواصل مشروع لإنسان ناجح مهنياً وإجتماعياً.
نديم أسـعد