خذوا الحكمة من أفواه المجانين - توزيع أعباء العمل
 
 


خذوا الحكمة من أفواه المجانين

توزيع أعباء العمل

تهون المهام الصعبة إذا تم توزيعها، وإذا إتسم التوزريع بالعدل فإن النتائج ستكون أفضل.  وفي بعض الحالات قد يكون التوزيع هو المخرج الوحيد، بدونه لا يتحقق الهدف المنشود.

قصة من تراثنا العربي حدثت في لبنان في زمن الحكم العثماني، حيث سمح العثمانيون بقيام إمارات محلية تتمتع بالحكم الذاتي، وكان قوام هذه الإمارات يعتمد على طائفتين من بين الطوائف العديدة في لبنان وهما الطائفة الدرزية والطائفة المارونية.

وتروي القصة أن أحد الأمراء بنى قصراً في بعض مناطق لبنان الجبلية، وبعد إتمام البناء أراد أن يجر إليه المياه من نبع يبعد بضعة كيلومترات، فإستشار من أجل ذلك مهندس، وكان هذا المهندس خوري في أحدى القرى في المنطقة.  فكان تقييم المهندس سلبياً، إذ قال للأمير أن ميزانية إمارته كلها لا تكفي للمشروع.  فإكتأب الأمير أشد إكتئاب.

وفي أحد الأيام كان الأمير جالساً على شرفة قصره إذ مر من الطريق المحاذي للقصر شخص معتوه.  وهو ما يسمى باللهجة اللبنانية " أخوت ".

فما كان من الأمير إلا أن طلب من بعض مساعديه أن يدخلوا ذلك الشخص عليه، وكان معروفاً في تلك المنطقة.  فلما دخل عليه قال له الأمير " ألا ترى يا فلان ما نحن فيه، لدينا مشكلة كبيرة " فسأله الأخوت عما هي ، فقال له الأمير أن جر المياه للقصر الجديد متعذر بسبب الكلفة العالية.  فرد عليه المعتوه أن لا يوجد مشكلة، مما أثار إستغراب الأمير، فسأله كيف ذلك.  فرد عليه المعتوه " ألا يوجد عندك جيش ؟. " فرد الأمير " نعم " فقال المعتوه " أطلب من كل جندي أن يحفر قبراً، وقبل الغروب سيكون الماء قد وصل إلى القصر" فإستغرب الأمير من بساطة الطرح، ولكنه أدرك المنطق المتضمن به.

فإذا قام كل جندي بحفر حفرة بعمق متر ونصف وبطول مترين، وجعل حفرته تبدأ حيث إنتهت حفرة زميله، بحيث يتشكل خندق طويل يبدأ بمصدر المياه وينتهي بالقصر، فإن عملية الحفر لن تستغرق أكثر من بضعة ساعات ولن تكلف شيئاً إضافياً، فالجيش يتقاضى رواتبه في جميع الأحوال.

هذه القصة حقيقية، فقد خلدها مثل شعبي معروف في الجبل يظهر تفوق الأخوت على المهندس.  المهندس فكر وفق القيود والمحدوديات التي يعرفها، الأخوت فكر بحرية، فلجأ إلى أداة إدارية، عن غير وعي، وهي توزيع أعباء العمل، وهو نهج مفيد يقلل وقت التنفيذ، كما يقلل تكلفته وينمي روح الفريق.      

                                                                            نديم أسـعد    

 
 

 


تعليقات

لا يوجد تعليقات

الإسم 
البريد الإليكتروني (ليس للنشر)
التعليق
هل توافق على الانضمام لمجموعتنا البريدية؟
  أرسل

 

Counter