فصل الخطاب
 
 


عبارة فصل الخطاب الواردة في الآية 20 من سورة ص تتكلم عن ما منحه الله لسليمان من أدوات الحكم، وسليمان كان نبياً وملكاً حسب المعتقد الإسلامي وملكاً فقط حسب ما يعتقد اليهود.  وعبارة فصل الخطاب لا يكاد المفسرون ( حسب علمي ) يتفقون على تفسير واحد لها؛ فمنهم القائل أنها تعني  " الفصل في القضاء " و " الإيجاز الذي يجعل المعنى الكثير في اللفظ القليل " و " البيان الشافي من كل قصد "، ويبدو لي التفسير الأخير غامضاً.

بإعتقادي أن ما يحتاجه الحاكم لكي يكون صالحاً وفعالاً هو أن لا يكون فاسداً وأن تكون لديه النية والقدرة على الحد من الفساد في أوساط حاشيته وأجهزة الحكم ومن أوساط النخب الفكرية والإقتصادية والإجتماعية، هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية ينبغي أن يمتلك مهارات إستخدام موارد الأمة إستخداماً ناجعاً دون هدر وتشتيت.  وهذا يتطلب " فصل الخطاب " أي القدرة على التمييز بين المعطيات والبيانات والمعلومات كمقدمة لإتخاذ القرار، وهي ملكة يتمناها كل صانع قرار، بما في ذلك الحكام، أي الحصول على المعلومات data وإمتلاك القدرة على التعامل معها  data processing وبناء قرارات عليها.  وهذا ما يدفع بعض الحكام، في الماضي والحاضر،  للجوء إلى الشعوذة لقراءة المستقبل ومعرفة " الطالع "!!.

هذه الملكة، ملكة التمييز بين الغث والسمين، يحتاجها كل صانع قرار.  والتاريخ ينبؤنا عن الكثير من القرارات الغبية التي غيرت مسيرة أمم والبشرية، كان من الممكن تجنب هذه القرارات الخاطئة لو كان صانعي القرار يملكون ملكة التمييز بين ما هو مفيد وما هو ضار على المديين القريب والبعيد.       نتمنى أن يتحلى بهذه الملكة جميع القادة المخلصين البعيدين عن الفساد والذين يملكون الإرادة السياسية، أما الفاسدين فنتمنى لهم الزوال.

                                                                                                                  نديم أسـعد

 
 

 


تعليقات

لا يوجد تعليقات

الإسم 
البريد الإليكتروني (ليس للنشر)
التعليق
هل توافق على الانضمام لمجموعتنا البريدية؟
  أرسل

 

Counter