قصة الورق
 
 


قصة الورق

الورق هذه السلعة التي بنيت على أكتافها حضارات ونمت على سطوحها إبداعات ربما كانت تلفظ أنفاسها الأخيرة فتفقد دورها لوسائل أخرى إلكترونية للتوثيق وللصياغة وللقراءة، فهذا التحول نراه أمام أعيننا في هذا الزمن، حيث أصبح الإعتماد على القراءة الإلكترونية والتخزين الإلكتروني للملفات والكتب والمقالات والصور بتزايد مستمر.  فهل يفقد الورق دوره؟.  فلو حدث هذا خلال العقود القليلة القادمة فسيكون الورق قد خدم البشرية لما يقارب الألفي عام.

فقد تم إختراعه في مصانع إمبراطور الصين الحربية في القرن الميلادي الأول، وبقي إستعماله محصوراً على الصين لسبعة قرون، حيث كان بقية العالم؛ الهنود والفرس والعرب والروم يستخدمون ورق البردى والجلود ومواد أكثر بدائية مثل العظام والحجارة.

في العام 751م أنتصرت الدولة العباسية الوليدة على الإمبراطورية الصينية في معركة نهر طلاس.  وعلى الرغم مما كان للمعركة من نتائج سياسية ودينية غيرت تاريخ العالم ، فقد كان من بين نتائجها تعلم صناعة الورق من الأسرى الصينيين.  فظهرت مصانع الورق في سمرقند ومنها إنتقلت غرباً حتى وصلت بغداد، التي كانت قد بنيت حديثاً، ثم واصلت مسيرتها إلى دمشق فالفسطاط في مصر، حيث لم تكن القاهرة قد بنيت، فالقيروان إلى أن وصلت الأندلس ومنها عبرت إلى أوربا، خلال ما لا يقل عن أربعة أو خمسة قرون.

وفي أثناء ترحالها تطورت تكنولوجيا إنتاجها كما تغيرت مدخلات إنتاجها.  حتى بلغ الورق الذي كان يباع في سوق الوراقين في بغداد (شارع المتنبي حالياً) مثلاً، درجة عالية من الجودة تضاهي الأنواع الجيدة المتوفرة حالياً. 

لقد صعدت الحضارة العربية على أكتاف هذه السلعة، ولولاها لما كان هناك، على سبيل المثال، 400 ألف كتاب في مكتبة الحكم الثاني، أمير الأندلس، ولما كان كتاب الفهرست، وهو ببليوغرافيا لما كتب بالعربية، من إثني عشر مجلد، إحتوى على مئات الألوف من العناوين.            

                                                                       نديم أسـعد

 
 

 


تعليقات

لا يوجد تعليقات

الإسم 
البريد الإليكتروني (ليس للنشر)
التعليق
هل توافق على الانضمام لمجموعتنا البريدية؟
  أرسل

 

Counter