" لكل زمان دولة ورجال "
تتكرر هذه العبارة كثيراً، وتتكرر في سياقات مختلفة. كثيراً ما تساق لتأكيد حقيقة أن الكرسي لا يدوم. كما يستدل منها معنى أن لكل مرحلة خصائصها ونخبها وقيمها وتوجهاتها.
فالمفهوم الأول يؤكد مضمون مقولة أخرى تنص على أن الكرسي " لو دامت لغيرك ما وصلت إليك " ، أي أن الخلود لم يكن حليفاً لمن قبلك، ولو كان كذلك لما تبوأت هذا الموقع، وبالتالي فإن الخلود لن يكون حليفك وستترك المنصب أو يتركك.. وهذا يجب أن يحضك على البعد عن الكبر والإستبداد وبعض الممارسات السلبية الأخرى..
وفي حقيقة الأمر، سواء نظرنا إلى واقعنا السياسي أو واقعنا الإداري، نجد أن ما يدفع " رجال الزمان " إلى الإستبداد هو قناعتهم بالديمومة إن لم نقل بالخلود. وهذا ناجم عن تغييب الديمقراطية في العمل السياسي، وتغييب المؤسسية في العمل الإداري أو في حوكمة الشركات
corporate governance
.
أما المفهوم الثاني فيتطلب منا تفهم التغيير وتقبله. وهذه ليست دعوة إنتهازية عملاً بمثلٍ عربي آخر يقول " أرقص للقرد في دولته "، معاذ الله. إنما هي دعوة لتفهم الوضع الجديد وتوقع إختلاف في الأولويات وحتى في الأهداف. إن حجم التغيير يدلل على مقدار المؤسسية المعمول بها في الشركة أو في الدولة.
مقولة " لكل زمان دولة ورجال " تنضح حكمة وتجربة وينبغي علينا إستيعاب مضامينها والعمل على أسسها.