|
أخلاقيات العمل
|
|
|
يمكن تعريف أخلاقيات العمل بأنها المنظومة السلوكية السائدة في مؤسسة ما والتي تتضمن أنماط معاملة العاملين فيها فيما بينهم وتعاملهم مع الزبائن والموردين، وطريقة تعاطيهم مع أهداف المؤسسة ومدى إلتزامهم بالجهد الساعي لتحقيقها. وبعيداً عن المؤسسات وأجواء العمل تبقى المظومة السلوكية لأي مجتمع إحدى أهم سمات هذا المجتمع وإحدى أهم مكونات عناصر شخصيته وعامل مهم في تحديد مدى نجاح هذا المجتمع على الصعيد التنموي. وتختلف تركيبة ومضامين المنظومة الخلقية من مجتمع إلى آخر، وهي وثيقة الصلة بالثقافة السائدة في المجتمع ومراحل تطوره إجتماعياً وسياسياً. ويلعب العامل الديني دوراً هاماً، ويعتمد ذلك على كيفية طرح المجهود الوعظي الديني أكثر مما يعتمد على التدين. تتكون أخلاقيات العمل من العناصر التالية: • المسلكيات. • المواقف والتوجهات . • المعتقدات والفلسفات . • عادات العمل . • نوعية الأداء. • الإحجام عن الممارسات السلبية. و في أماكن العمل يوجد بعدين لأخلاقيات العمل؛ بعد شخصي وبعد مهني، يتداخلان لدرجة يصعب الفصل فيما بينهما أحياناً. كما تمارس أخلاقيات العمل ، سلباً وإيجاباً بشكل فردي وبشكل جماعي. وعلى الصعيد العملي يمكن إختزال أخلاقيات العمل بـ... • ما يفعله الفرد حيال وضع معين..وما لا يفعل.. • ما يليق وما لا يليق.. • ما يجوز وما لا يجوز .. • ما هو قانوني وما هو غير قانوني.. • ما هو أخلاقي وما هو غير أخلاقي.. • ما هو حلال وما هو حرام.. وهذا يتطلب وجود ميثاق أخلاقي code of ethics ، قد يكون خاص بالفرد ( مبادئ ) ، وقد يكون خاص بالعائلة ( التربية )، وقد يكون خاص بالمجتمع ( المؤثرات البيئية )، وقد يكون خاص بمكان العمل ( اللائحة الداخلية للمؤسسة وثقافتها )، كما قد يكون ديني.. ( مجموع الأوامر والنواهي ). وغالباً ما يكون مزيج. ينتهج كثيرون من القائمين على المؤسسات الإقتصادية، في كثير من بقاع العالم، منهاجاً إنتهازياً. ويؤمنون بثقافة الشطارة. وبالتالي فإن " أخلاقيات العمل " لا تتعدى أن تكون، بالنسبة إليهم، مكياجاً، أو شهادة تعلق على الحائط. وبأحسن الأحوال يعدونها مسألة نسبية أو يتعاملون معها بطريقة إختيارية وعلى أنها شيء جميل نتقيد به عندما نستطيع. والحقيقة أن أخلاقيات العمل وتفشيها له علاقة بالبقاء والإستمرار. ويمكن الإثبات بيسر شديد أن تغييب وتدني أخلاقيات العمل في بعض المؤسسات أدت إلى إضمحلالها وإختفاءها في نهاية المطاف. فتغييب أخلاقيات العمل وتفشي ثقافات سلبية تنعكس على : · العلاقة بين الإدارة والعاملين · العلاقة بين الإدارة والمالكين · العلاقة بين جمهور العاملين · العلاقة مع الموردين · العلاقة مع الزبائن · العلاقة مع المجتمع.. تترك أثراً سيئاً على كل فئة فتتراجع الثقة، فتكثر الإستقالات ، ويرفع الموردون أسعارهم، ويختفي قسم من الزبائن ويسارع المساهمون إلى بيع أسهمهم. فتتراجع مبيعات الشركة وترتفع كلفها وتنخفض قيمة أسهمها، وهذه مقدمات إحتضار أي مؤسسة. لذلك ينبغي إيلاء أخلاقيات العمل أهمية خاصة والعمل على تنميتها بخلق دافعية داخلية لدى جميع فئات العاملين وتنميتها بالتوعية والتحفيز والمتابعة وبالقدوة وبإشاعة ثقافة قائمة على العدل والشفافية والقيم الإيجابية. ولكن لماذا تتراجع أخلاقيات العمل في المؤسسات؟.. يحدث ذلك طمعاً في المزيد من الربح أحياناً وعدم القدرة على مواجهة موقف لغياب الشجاعة الأدبية ( عدم القدرة على توريد طلبية ينجم عنه إعطاء موعد لا يمكن تحقيقه ). والخوف من العقاب ( إضطرار الموظف للكذب لتجنب العقاب ). ومن أجل تحقيق غايات شخصية ( من أجل الحصول على ترقية يلجأ البعض إلى النفاق والتآمر على الزملاء ). كما أن الغيرة والحسد يشكلان دافعاً قوياً لإرتكاب بعض الأفعال غير المقبولة أخلاقياً على الصعيد الفردي من قبل البعض. وتظهر أخلاقيات العمل – سلباً أو إيجاباً – على شكل القيام بفعل، مثل المساهمة في حل مشكلة، أو عدم القيام به، مثل إخفاء معلومة او عدم تنفيذ مهمة، او تنفيذه ببطء مقصود أو تنفيذه بطريقة جيدة أو سيئة ( جودة الأداء ). علاقات الإنتاج في المصانع بحاجة إلى منظومة أخلاقية تحكمها من أجل أداء أفضل، يسودها الإحترام والتحلي بروح الفريق ورعاية الكبير للصغير والإلتزام بالدوام وإستخدام مورد الوقت بطريقة ناجعة والولاء للمؤسسة وحماية ممتلكاتها وسمعتها وأسرارها. كما تتطلب الإجتماعات الناجحة مسلكيات خاصة لإنجاحها وعدم إطالتها مثل الإلتزام بجدول الأعمال ومواضيع النقاش والإنصات الجيد للآخرين وإحترام وجهات نظرهم والتعاضد للتوصل إلى أفكار وحلول للمشاكل المطروحة وإحترام الوقت وإنتهاج النقاش التعاضدي collaborative conversation . ويتأثر الجهد الإبداعي بأخلاقيات العمل، إيجاباً وسلباً. يتحقق التأثير الإيجابي بتفشي روح العمل الجماعي والتعاون ونكران الذات وحسن الإستماع وإقبال الزملاء على تشجيع ومساندة بعضهم البعض وعدم الخوف من الإخفاق. ويتأثر سلباً بإنتشار التحاسد والشللية والتنافس الشديد المبني على الأنانية والفئوية والأنانية والخوف من التغيير وسرقة جهد الآخرين وسوء الإستماع. إن بناء مؤسسات تنموية، صناعية او تجارية او خدمية، تشيع في أوساطها اخلاقيات عمل راقية يتقيد بمفرداتها جميع فئات العاملين في جميع الظروف، هدفاً ينبغي السعي لتحقيقه. إن لم يكن لأهداف مبدأية فليكن لأسباب مصلحية. إن هذه التوجه ليس طوباوياً، وهو ليس توجه لبناء المدينة الفاضلة. ولكنها دعوة لتأسيس أماكن عمل مريحة للموظفين وللمالكين وللشركات الأخرى التي قد تكون مورد أو زبون أو منافس أو جار، ومريحة كذلك للمجتمع وللدولة. أليست هذه النتائج كافية لجعل الجميع يسعى لتحقيق هذا الهدف. ولنذكر هنا أن الأخلاق والمبادئ وعناصر الثقافة قضية نسبية، فلا يجوز الإعتقاد بإستحالة بناء مؤسسات تسودها أخلاقيات العمل، كما يجب أن لا نكفر بالتوجه عند أول صدمة، فأرجلنا يجب أن تبقى على الأرض ونتعامل مع الواقع كما هو، في الوقت الذي نسعى إلى تغييره.
|
|
|
|
|
|