السلطان تغلق، سلطان دلهي
 
 


 

حكم الهند عدد من السلالات الحاكمة منذ وقعت دلهي تحت حكم المسلمين في العام 1187م، وفي العام 1290 إنتقلت السلطة في الهند إلى سلالةٍ جديدة وهي السلالة الخلجية .  حيث بدأت بجلال الدين خِلجي، ثم علاء الدين خِلجي إبن أخيه ، الذي ثار عليه وقتله ، وقد ثار على علاء الدين، بدوره، إبن أخيه ولكنه لم ينجح في ثورته وإستمر علاء الدين في الحكم لمدة عشرين سنة أخرى، عُرف عن علاء الدين العدل وحرصه على رعيته بمراقبة الأسعار وتخفيف الضرائب .  وكان آخر حكام هذه الأسرة قطب الدين مبارك شاه، وهو باني قطب منار في جنوب دلهي بالقرب من مطارها الدولي.  وإنتهى حكم هذه الأسرة في العام 1321م ،حيث ثار عليه ناصر الدين خسرو خان ، أحد المقربين لديه ،  وهو من أصل هندي ، تبنى سياسة محاباة الهندوس ، مما جعل رجال الدولة يستاؤون منه . فلم يدم حكمه طويلاً فقد ثار عليه، أحد كبار قادته وهو تغلق وهزمه في موقعة قرب دلهي. 

وتغلق هو باني تغلق أباد المدينة الباقية آثارها إلى اليوم وهي جزء من العاصمة المعاصرة دلهي ، وكانت قصة بناؤها طريفة، فقد وقف تغلق يوماً مع السلطان قطب الدين في موضع خارج العاصمة وأشار إلى أن الموضع وقال أنه يصلح لبناء مدينة.  فرد عليه السلطان : " إذا أصبحت سلطاناً فإبنها ".  فأصبح سلطاناً ونفذ الفكرة وخلدته .  وهو من أصل تركي ، جاء إلى الهند وبدأ حياته بها كراعي للخيل لدى أحد التجار، ثم إنضم إلى الجيش في سلاح المشاة ثم إنتقل إلى سلاح الفرسان ، حيث ظهرت نجابته ، فأصبح من أمراء الجيش.  وأصبح والياً للسند، حيث كان له دور كبير في صد هجمات المغول، ففي سنة 1292 م ، هاجم المغول السند بجيشٍ كبير قوامه مائة ألف جندي ، ولكنهم لم يتمكنوا من الإستيلاء عليها، بفضل واليها تغلق ، وقد شاهد إبن بطوطة كتابة على مقصورة الجامع في مدينة ملتان في السند " إني قاتلت التتار تسعاً وعشرين مرة وهزمتهم ، فسميت الملك الغازي " . وتولى بعد تغلق إبنه محمد ، الذي حكم من سنة 1325م إلى سنة 1351م .  وكان حاكماً على الهند عندما زارها الرحالة إبن بطوطة ، وقد وصفه بالكرم الشديد والميل الشديد لسفك الدماء. وقد حكمت أسرة تغلق لغاية العام 1398م ، إلى أن تولت الحكم أسرة أخرى وهي أسرة لودي.

الملفت للنظر في سيرة حياة السلطان تغلق هو عملية الصعود إلى منصب السلطنة، فقد ولد في سمرقند، وتم   " شحنه " كعبد مع آخرين إلى دلهي، وتدرج إلى أن إكتسب شهرة بنجاحاته في مواجهة المغول.  وهو أمر كان نتاجاً للإعداد الجيد والحشد الناجع للموارد وبهذا تمكن من منع المغول من السيطرة على الهند في وقت قلما إستطاع أحد الوقوف في وجههم.  وقد روى إبن بطوطة حادثة طريفة حدثت مع تغلق عندما كان صعلوكاً في سمرقند.  فقد طلب منه أحد الدراويش أن يشترى له طعاماً، ففعل، فقال له الدرويش: " منحتك عرش الهند "، فرد عليه تغلق بطريقة مسرحية: " وأنا قبلت "، وهكذا كان. 

نديم أسعد 


 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 
 

 

تعليقات

لا يوجد تعليقات

الإسم 
البريد الإليكتروني (ليس للنشر)
التعليق
هل توافق على الانضمام لمجموعتنا البريدية؟
  أرسل


 

Counter