هو عامر بن عبد الله بن الجراح، القرشي الفهري المكي،
أحد السابقين، أسلم قبل دخول الرسول (ص) في دار الأرقم، مع جماعة من الصحابة، ذهبوا للقاء الرسول(ص) فأسلموا
جميعاً.
سماه الرسول امين الامة وهو احد
المبشرين بالجنة، روى عن الرسول وشارك بكثير من الغزوات مع الرسول وبدونه، وكان
من احب الناس للرسول(ص)، وكان موصوفاً بحسن الخلق والحلم والتواضع.
كان رجلا نحيفاً اعرق الوجه خفيف
اللحية طوالاً أحنى (فيه إنحناء) أثرم الثنيتين (مكسور الأسنان).
هاجر إلى الحبشة ولم يمكث بها
طويلاً،
شارك في معركة بدر، وقتل فيها
أباه، وفي معركة أحد فقد أسنانه عندما نزع الحلقتين اللتين دخلتا في وجنة رسول
الله (ص).
ساهم في جمع القرأن،
وكان الرسول(ص) قد إنتدب عمرو بن
العاص في الغزوة التي سميت ذات السلاسل، وكانت وجهتها الشام، فطلب عمرو بن العاص
مدداً من الرسول، فأرسل جماعة من الصحابة بقيادة ابي عبيدة، فلما وصلوا أصر عمرو
بن العاص على أن يكون قائداً لكامل الجيش، فتنازل له ابو عبيدة، وهذا كان من
سمات شخصيته، لم يكن يسعى للمناصب.
وكله ابو بكر بإدارة أموال الدولة، ولم يكن بيت المال قد أنشئ، أنشأه عمر في خلافته..
كان شديد الزهد، وقصته مع عمر
معروفة عند زيارته للشام وابو عبيدة واليها..
عندما بلغ عمر تفشي الطاعون
بعمواس، أرسل لأبي عبيدة يطلب منه الحضور إلى المدينة لحاجته إليه، ففهم قصده
ورفض.
توفي ابو عبيدة سنة 18 وعمره 58 سنة
وهو في طريقه من الجابية إلى بيت المقدس حيث كان ذاهباً للصلاة فيها، توفي في
الأغوار الشمالية ودفن في ما أصبح يعرف بغور أبي عبيدة.
وكانت وفاته بسبب إصابته في
الطاعون، طاعون عمواس، الذي فقد فيه المسلمون خمس أسداس جيشهم، فلم يبقى من الـ
36 الف سوى ستة آلاف.
إنقرض نسله ونسل إخوته،
فلم يبقى منهم أحد، ولكنه ترك ذكراً عظيماً، فسماه الرسول بـ ..
أمين الأمة،
ووكله ابو بكر بمالية الدولة، وأرسله قائداً لجيوش فتح الشام، وأميراً على ما
يُفتح منها، حتى أصبح أول والياً على الشام في زمن عمر، وكان من الممكن أن يكون
الخليفة الثالث، لو لم يكن قد توفي،
نال كل هذه الجوائز بالإستقامة، والبعد عن الإجندات الشخصية، ولم ينالها بجاه، أو بتزلف لأصحاب القرار، أو
بالتآمر على زملاءه ومنافسيه، بل كان زاهداً بالسلطة، يعمل وفق معايير ربانية، يُقبل على كل ما يرضي الله.. ويتجنب كل ما يغضب الله..
فعندما وصله كتاب عمر بعزل خالد بن
الوليد وتوليته قيادة الجيش كتم الخبر حتى جاء الوقت المناسب. وإستمر هو
وخالد بالعمل معاً دون حساسيات، وعندما إختلف مع خالد أثناء فتح دمشق، حيث إلتزم
كل منهما بشروط مختلفة مع حكام دمشق، توصلا لحل وسط في ارض الميدان، دون تزمت من
طرفه، بصفته القائد.
كم
نحن
بحاجة إلى مثل هذا النموذج من القادة، وكم نحن بحاجة إلى السير على نهج أبو
عبيدة، رحمه الله
.