بسم الله الرحمن الرحيم
الشهيد البطل عبد القادر الحسيني
إستشهد عبد القادر الحسيني في صبيحة الثامن من نيسان عام 1948 بعد أن تمكن من إستعادة قرية القسطل ذات الموقع الهام بالنسبة للقدس، إستشهد على الدرج المؤدي إلى بيت مختار القرية الواقع على مرتفع، ويبدو أن رصاصة من أحد جنود الهاجناه أصابته. وقد تمكن جندي هاجناه أخر من إنتزاع محتويات جيب قميصة قبل أن ينسحب، مما يدلل أن البطل كان في موقع متقدم جداً.
وعندما عاد الجندي الصهيوني سأله قائده عما بيده، قال له " هوية أحد العرب الذين قتلناهم" ولما رآها الضابط قال " هذا ليس أي عربي هذا عبد القادر الحسيني ". وفوراً أذاعت إذاعة الوكالة اليهودية الناطقة بالعربية الخبر، ولم يصدق أحد. ولكن الخبر تأكد من الميدان حيث عثروا على الجثمان الطاهر.
وفي اليوم التالي إنشغل الجميع في الجنازة لدرجة أن الهاجاناة إستعادت القسطل بيسر، فتغير مسار الحرب.
لقد أدرك القائد أهمية القسطل . وذهب إلى دمشق يطالب بالسلاح، من الجيوش العربية التي بدأت بالتجمع، وبينها الجيش العراقي. قال لهم عبد القادر أن كلمة قسطل تعني قلعة ، وإذا سقطت القلعة سقطت القدس، ورد عليه ضابط عراقي أنه لا يفهم سر إهتمامه بالقدس، فلو كانت ميناءاً على المتوسط لفهم ذلك. ورفضوا تسليحه، ولكنه إضطر للعودة السريعة عندما بلغته الأخبار أن الهاجاناة تمكنت من إحتلال القرية الإستراتيجية. وتمكن من إستعادتها كما ذكرنا.
لقد تمكن عبد القادر الحسيني وقوات الجهاد المقدس التي كان يقودها من تحقيق عدد كبير من الإنجازات العسكرية النوعية في فترة وجيزة لم تتجاوز المائة يوم، فقد عاد إلى فلسطين في بداية كانون ثاني 1948وأستشهد في بداية الأسبوع الثاني من شهر نيسان، كان بينها إطباق الحصار على القدس الغربية حيث يقطن ما لا يقل عن مائة ألف مستوطن يهودي، وهذا يعني ثلث عدد اليهود الذين أُحضروا إلى فلسطين في العقود الأخيرة. كما كان من بينها نسف الوكالة اليهودية وغيرها من المرافق الهامة.
كان الشهيد ثائراً من طراز خاص، عربي حتى النخاع، ثار على إدارة الجامعة الأميريكية في القاهرة، حيث مزق شهادته في يوم التخرج فاضحاً الدور الإستعماري للجامعة.
وعندما عاد إلى القدس إنضم إلى الثورة المسلحة التي كانت تتأجج في وجه المحتل البريطاني، وفي العام 1938 إضطر إلى مغادرة فلسطين بعد إجهاض الثورة.
في العراق شارك في ثورة رشيد عالي الكيلاني في العام التالي، هو والمجاهدين الفلسطينيين الذين هربوا إلى العراق. وبينما تمكن الحاج أمين الحسيني من الهرب إلى إيران، منُع عبد القادر من دخولها فتم إعتقاله في سجن قلعة صالح في الجنوب. ولم يخرج من المعتقل إلا بوساطة سعودية، حيث سافر إلى مصر التي كانت تغلي ضد المحتل والحكام الفاسدين، فإنخرط مع إخوانه المصريين، مصر الفتاة وغيرها. فصدر بحقه قرار بالإبعاد، ولكنه لم ينفذ بسبب إحتجاج رجالات مصر، كان هذا في العام 1947. وفي بداية العام التالي عاد إلى فلسطين ليسطر الصفحة الأخيرة من مسيرته الجهادية المشرفة، وأية صفحة.
نديم أسـعد