المهلب بن أبي صفرة
 
 


يعد المهلب بن أبي صفرة من أهم القادة العسكريين في صدر العهد الأموي.  وهو من قبيلة الأزد، وكان أهله يسكنون ما بين عمان والبحرين، أي فيما يعرف الآن بالإمارات العربية المتحدة. وهو من مواليد عام الفتح، أي السنة الثامنة للهجرة.  وكانت قبيلته قد إرتدت بعد وفاة الرسول، عليه الصلاة والسلام، فأرسل أبو بكر إليهم عكرمة بن أبي جهل، فهزمهم وجاء بالمهلب وأبيه مع أسارى قومهم إلى المدينة، وكان المهلب حينئذٍ طفلا.  ثم نزل المهلب البصرة.

ولم يظهر له نشاط بارز في عهد الخلفاء الراشدين، ولكنه لا بد شارك ببعض الفتوحات كجندي، ولكن في عهد معاوية كان له دور بارز في غزو الهند ( السند – في الباكستان اليوم )، وعندما إستولى عبد الله بن الزبير على البصرة عينه والياً على الجزيرة.  وعندما عادت العراق لحوزة بني أمية، كان المهلب قد تولى قتال الخوارج بإنتداب شعبي؛ حيث كان أمرهم قد إستفحل، وإرتكبوا الفظائع في البصرة، فولاه أهل البصرة قتال الخوارج في غياب الدولة، وشكلوا جيشاً وزودوه بما يلزم الجيوش.  وعندما قدم الحجاج العراق دعم جهد الحجاج بقوة، فمده بالرجال والسلاح وكان قريباً منه.  وهنا أظهر المهلب في هذه الحروب قدرات قيادية فذة، بقدر ما برع في التنظيم والقدرة على تحفيز جيشه الذي كان يقاتل جيش الخوارج، الذين لم يكونوا يكترثون للموت، وكانوا يمتلكون مهارات قتالية عالية وتمتاز قواتهم بقلة عددها ومرونتها العالية. ومع هذا تمكن المهلب من إيقاع عدة هزائم بهم والحد من خطرهم،  مما جعله مقرباً لدى الحجاج فعينه قائداً لمنطقة ما وراء النهر، وهي في وسط آسيا، من مدنها سمرقند وبخارى، إلى الشمال الغربي من أفغانستان. فكان يقاتل أقوام من الترك الذين كانوا يتدفقون غرباً من أواسط آسيا.

توفي  المهلب إثناء عودته من بعض الحروب بعد أن عقد صلحاً مع أهل كيش، وكان سبب موته المرض، حيث كان عمره 76 عاماً.

كان المهلب رجل صاحب رأي؛ فعندما ثار إبن الأشعث على الحجاج، أشار المهلب على الحجاج برأي، لو أخذ به لوفر على الدولة الأموية حروباُ إستمرت سنتين، وهزت الدولة من جذورها. كما عرف بالكرم والدهاء، وكان يحسن التصرف في المعارك، ففي إحدى المعارك مع الخوارج، إنهزم جيشه وهرب المقاتلون فرادى بإتجاه البصرة، وشاع بينهم أن المهلب قد قُتل، وتبعهم وحدات من جيش الخوارج، فتوقف المهلب على مرتفع وصاح بجنوده، فتجمع حولة ثلة من أبناء قبيلته، فلما تكامل عددٌ رضي عنه، توجه بهم إلى معسكر الخوارج، حيث كان قائدهم مع مجموعة صغيرة من المقاتلين، فحاربهم وهزمهم وقتل قائدهم، فتمكن من تحويل الهزيمة إلى نصر.   

 كان المهلب يقول: " يعجبني في الرجل خصلتان أن أرى عقله زائداً على لسانه، ولا أرى لسانه زائداً عن عقله ".

كان للمهلب عشرة من الأبناء، وكانوا جميعاً فرسان وقادة بارزين، وصفهم أحد رسل المهلب لدى الحجاج، بناءاً على سؤاله " إنهم كالحلقة، لا تعرف طرفيها "، وهذا يعني، بلغة معاصرة، أنهم كانوا فريقاً فعالاً مكتملاً.  لم يعرف عن المهلب مشاركته في الفتن والثورات، ولكنه أُبتلي بقتال الخوارج.  رحمه الله.    

         

 
 

 

تعليقات

لا يوجد تعليقات

الإسم 
البريد الإليكتروني (ليس للنشر)
التعليق
هل توافق على الانضمام لمجموعتنا البريدية؟
  أرسل


 

Counter