معيقات إستدامة التنمية الصناعية-2- دراسة الجدوى المنحازة
 
 


دراسة الجدوى المنحازة

كثيراً ما تفشل بعض الإستثمارات نتيجة لإجراء دراسة جدوى بطريقة يتم تطويعها مع قرار المضي بالإستثمار بسبب إنحياز مسبق من بعض المبادرين للإستثمار مع هذا القرار.  في هذه الحالة لا تخدم دراسة الجدوى الغرض الأساسي منها، وهو  عملية تحليل لمدى إمكانية تحقيق فكرة من خلال عملية منظمة وموثقة تتبع الفكرة من بدايتها إلى نهايتها المنطقية.  وتقدم دراسة الجدوى جواباً على السؤال القائل:

هل نمضي بتنفيذ الفكرة أم لا ؟..  من خلال عمليات تحليلية وتحققية تتم قبل المباشرة بتنفيذ الفكرة-المشروع وبمنتهى الحيادية وتنفذ من قبل جهة مختصة.  هذه الشروط ضرورية لضمان أن لا تكون دراسة الجدوى " ضحك على الذقون "،  فلا يجوز أن تتم الدراسة بعد البدء بالمشروع، كما لا يجوز أن يقوم بها صاحب مصلحة – منحاز بحسن نية أو سوء نية.

يجب توفير كافة المعلومات قبل الشروع بدراسة الجدوى،  كما يجب  حجب المؤثرات المنحازة، سواء مع أو ضد، عن الجهة التي تدرس الجدوى.

تجرى دراسة الجدوى على ثلاثة مستويات:

1.      مستوى عملياتي، مدى واقعية الفكرة.

2.      مستوى تقني، إمكانية تنفيذ الفكرة.

3.      مستوى إقتصادي، فرص نجاح الفكرة إقتصادياً – هل ستحقق أرباح؟، هل سيكون أداؤها المالي جيد بحيث تستطيع أن تعتمد على ذاتها؟.

كما تتضمن دراسة الجدوى عملية تحقق من كافة المواضيع والمتعلقات المرتبطة بالفكرة ودراسة البدائل وتقليص عددها، بحيث يسهل الإختيار على صاحب القرار، كما تستعرض الدراسة الفرص المتاحة وتعدد الأسباب التي تدعو لعدم المضي بالتنفيذ.

ومن جانب آخر، تقوم دراسة الجدوى بإظهار أوجه النجاح وإستنباط معلومات نوعية لصانع القرار تساعده على زيادة الإقبال على الإستثمار بتنفيذها وتشجعه على ذلك.

من الضروري أن تكون مخرجات الدراسة وتوصياتها مفيدة وتضيف قيمة وتفتح عيون أصحاب العلاقة على جوانب لم يكونوا على إطلاع عليها.  يجب أن لا تفصل الدراسة لإرضائهم، أو لإرضاء بعضهم، الدراسة ينبغي أن تكون موضوعية ومحايدة وشاملة.  وهذا يتطلب القيام ببحث واسع وشامل يتضمن التحدث مع أشخاص يعملون في مجالات مشابهة ودراسة أوضاع شركات منافسة والرجوع إلى تقارير وإحصائيات دراسات صادرة عن وزارات وغرف صناعة وتجارة والقيام ببحث ميداني وطلب عروض أسعار.

من أجل ذلك ينبغي اللجوء إلى من لديه خبرة بإعداد دراسات الجدوى ولديه خبرة في المهنة ومن يتصف بالحياد والنزاهة وليس له رأي مسبق.

في واقعنا تتم معظم دراسات الجدوى، لأنها مطلوبة من قبل البنك أو للتأثير على الشركاء، وهذا ما يدفع طالب الدراسة إلى إستئجار خدمات من يقبل بأقل الأسعار ومن يقبل أن يكتب ما يملى عليه.  هذا النهج لا يخدم إستثمار قابل للحياة ولا يخدم تنمية مستدامة.

                                                                         نديم أسـعد

 

 

 
 

 


تعليقات

لا يوجد تعليقات

الإسم 
البريد الإليكتروني (ليس للنشر)
التعليق
هل توافق على الانضمام لمجموعتنا البريدية؟
  أرسل

 

Counter