هناك عدد من العقد النفسية تعاني منها الذهنية الإدارية العربية ترسبت عبر قرون طويلة، نستعرض بعضاً منها في سلسلة من المقالات على أمل التعامل معها بما يضعنا على طريق بناء فكر إداري متجانس نابع من مضامين محلية.
المدير الواحد الأحد
يعتقد الكثير من إداريينا بالوحدانية، أي بتفردهم بلعب دور تاريخي في مؤسساتهم. ويعتقدون أن رب العمل والعاملين في المؤسسة محظوظون لأن الأقدار منحتهم شخصاً متله ليلعب دوراً محورياً في حياتهم. وإن لم يصرحوا بذلك، فهم على الأقل يتصرفون هكذا، كقادة تاريخيين، تماماً مثل الساسة. وهذا نهج أعوج وسلبي ومحتوم بنهاية سيئة.
فهو يدلل على عدم إحترام إنسانية وذكاء ومقدرات الآخرين من حولهم. وهو نقيض بغيض لروح الفريق، كما أنه يحكم على المؤسسة بنهاية سيئة بمجرد خروجه منها بسبب عدم قيامه بإعداد بدائل. هذا النوع من المدراء لا يمارس ما يسمى بـ " إدارة الخلافة " فهو غير معني بمن يحل محله ولا محل غيره. وهو لا يعبأ بتنمية الموارد البشرية، فلا يولي إهتماماً للتدريب والتوعية وإعداد القادة..
هذا المدير لا يستشير ولا يكلف ويحتفظ بجميع الصلاحيات لنفسه. وهذا في الغالب ينعكس على صحته بقدر ما ينعكس على أداء المؤسسة.. لذلك تجده كثير الشكوى، من أوضاع المؤسسة ومن صحته.
إن المفهوم الحديث للإدارة العليا هو أن المدير يهيء ويعد ويمكن ويكلف مساعديه، بل ويخدمهم بتوفير الموارد والإمكانات والجو العام الذي يمكن كل واحد منهم من إنجاز ما كلف به. وهذا يذكرنا بالمثل العربي " كبير القوم خادمهم ". كبير القوم واحد منهم لا يعتلي أكتافهم ولا يعتقد أنه الوحيد القادر على التفكير بينهم.
نديم أسـعد