هناك عدد من العقد النفسية تعاني منها الذهنية الإدارية العربية ترسبت عبر قرون طويلة، نستعرض بعضاً منها في سلسلة من المقالات على أمل التعامل معها بما يضعنا على طريق بناء فكر إداري متجانس نابع من مضامين محلية.
الخوف من النائب
هناك قناعة عميقة منتشرة في أوساط الكثير من المدراء بأن الخطر الأكبر على موقعهم الوظيفي المتقدم يأتي من رقم 2. أو من أحد النواب إن كانوا كثر
من واحد. وتعتمد سرعة حدوث ذلك على مدى جاهزية هذا النائب على تبوء المقعد رقم 1، فيسعى المدير إلى تأخير ذلك من خلال الإمتناع عن تدريبه وإقصاءه عن معترك العمل لكيلا يتعلم. وبعض المدراء ( والرؤساء ) يختارون نواباً ضعافاً حتى يكونوا بأمان. وهذا ينطبق على السياسة بقدر ما ينطبق على الإدارة.
النتيجة؛ إدارة عليا ضعيفة وغير متجانسة ولا تسود في أوساطها الثقة، وهذا ينعكس على الأداء العام؛ طريقة صنع القرارات ونوعية هذه القرارات وعلى النتائج. يحدث هذا حتى في وجود مدير مقتدر. فالمدير المقتدر المحاط بمساعدين غير أكفاء وغير مطلعين ولا يملكون خصائص المدير الواعد لن يستطيع عمل الكثير.
والغريب أن هذا النوع من المدراء الذي يسعى على الدوام لإبقاء مساعديه ضعافاً يشكو من ضعفهم ويتباهون بأنهم مضطرون للقيام بكل صغيرة وكبيرة بأنفسهم. هذا واقعنا المر.
واقع أفرز صورة قاتمة مفادها مدير يعاني لمدة .. لنقل عشر سنين من العمل مع فريق ضعيف لكيلا يظهر من بين أعضاء هذا الفريق من يصلح لأن يحل محله عندما .. يتقاعد .. ينتقل .. يترقى .. يهدد بالإستقالة .. يمل منه رب العمل .. فيقف ذلك حائلاً دون قبول إستقالته أو التفكير بإنهاء خدماته.
هذا نهج يعبر عن قصر نظر وتدني الثقة بالنفس وسمات أخرى يأنف منها الرجال.
إن المدير الذي يسعى إلى تنمية مهارات وقدرات مساعديه يكبر بهم. يكبر بهم لأن مهاراته القيادية تتعزز بمجرد قيامه بذلك، ويكبر لتعاظم نتائج فريقه. من أهم مزايا المدير الناجح هو إستعداده وقدرته على إعداد خليفة مناسب له يتسلم مهامه عند اللزوم.
نديم أسـعد