هناك عدد من العقد النفسية تعاني منها الذهنية الإدارية العربية ترسبت عبر قرون طويلة، نستعرض بعضاً منها في سلسلة من المقالات على أمل التعامل معها بما يضعنا على طريق بناء فكر إداري متجانس نابع من مضامين محلية.
عنزة عنزة ولو طارت
يجد الكثير من الذين يتبوأون مواقع إدارية صعوبة في التراجع عن رأي خاطئ.
فيصرون على رأيهم حتى لو كان خطأً بيناً.
فيؤكدون المثل الشعبي الشائع والقائل: " عنزة، عنزة ولو طارت " ، والتي يروى أن شخصين إختلفا حول سواد شاهداه على تل، فقال أحدهما أنه عنزة، بينما أصر الآخر أنه طير. فقام الآخر برمي حجر بإتجاهه، فطار، فأصر الأول أنه عنزة، حتى ولو طارت.
هذا النهج لا يبدو أنه يقتصر على البسطاء من أبناء مجتمعنا ولكنه يتخطى ذلك إلى بعض المتعلمين والذين يتولون مواقع إدارية متقدمة منهم. فتجدهم يجدون صعوبة في التراجع عن آرائهم وطروحاتهم ومقترحاتهم حتى لو ثبت بطلانها.
هذه الحالة المسيطرة على الذهنية الإدارية العربية تنم عن نقص في الثقة بالنفس وفي الشجاعة الأدبية، كما تدل على ذكاء عاطفي متدني.
مدراؤنا مدعوون لترويض أنفسهم والتخلى عن عليائهم وإكتساب شيء من المرونة والتحلي بالشجاعة الأدبية تمكنهم من التراجع، عند اللزوم، عن طروحاتهم. وهذا سيجعلهم يكبرون بنظر أعضاء فريقهم، من زملاء ومرؤوسين، كما سيؤدي إلى تحسين آليات صنع القرارات ويعزز روح الفريق في أوساط المؤسسة.
أن المدير الذي لا يتراجع عن أخطاءه لا يتمتع بإحترام المحيطين به، بل غالباً ما يكون هدفاً لتعليقاتهم ونكاتهم.
نديم أسـعد