هناك عدد من العقد النفسية تعاني منها الذهنية الإدارية العربية ترسبت عبر قرون طويلة، نستعرض بعضاً منها في سلسلة من المقالات على أمل التعامل معها بما يضعنا على طريق بناء فكر إداري متجانس نابع من مضامين محلية.
النتائج، النتائج ولا يهم الجهد المبذول
لا يعبأ الكثير من المدراء إلا بالنتائج. ويقيمون كافة المشاريع والمهام بنتائجها فقط. فبالنسبة إليهم ينقسم العالم إلى قسمين؛ قسم إستطاع أن يحقق النتائج المحددة فهو ناجح، وقسم آخر لم يستطع تحقيق النتائج فهو غير ناجح. هذا النوع من التوجه الإداري يسمى " إدارة موجهة بالنتائج " -
result oriented
. وعلى العكس من هذا التوجه، فهناك " الإدارة الموجهة بالجهود "
effort oriented
، وهي الإدارة التي تأخذ الجهد المبذول بعين الإعتبار، فتتقبل النتائج التي لم تبلغ الأهداف إذا كان الجهد المبذول كافياً.
وهذا يعني أن الإداريين الذين يعبأون بالنتائج فقط لا يتوقعون ولا يطلبون الكثير من التقارير والتغذية العكسية والشروحات من الميدان، بل قد تقتصر المعلومات التي يطلبونها على رقم – صافي الأرباح – الكمية المصدرة. أو كلمة واحدة؛ نعم أم لا. وهذا ضيق أفق.
إن الأهداف الموضوعة والتي يقاس بها الأداء لا يعلم أحد إذا ما كانت مناسبة أم لا. إن الواقع يدلل أن بعض أفراد الإدارة الوسطى تحارب بشراسة، في هذه الأوساط، من أجل إعتماد أهداف سهلة التحقيق، وينأون عن الأهداف التي تنضوي على تحدي
challenging targets
.
وعلى العكس من ذلك ففي ظل الإدارات التي تقدر الجهود المبذولة تجد الكثير من إداريي الإدارة الوسطى يجازفون بتقبل أهداف صعبة وبها الكثير من التحدي، وهذا يدفع بإتجاه رفع سقف الأهداف، مما يحسن الإنتاجية ويخفض الكلف.
النتائج مهمة، فلا ينبغي التقليل من أهميتها، فهي مقياس أداء عام، تتعمق أهميته بمقدار موضوعية تحديده والأساليب التي تم إتباعها في ذلك. لا يجوز أن تتحول الأهداف إلى سيف معلق فوق الرقاب. ينبغي تفهم مقدار الجهد المبذول من أجل تحقيق الهدف، وبناء جميع الحسابات على ذلك. ينبغي الحرص على عدم تدمير مقدرات أشخاص، وتدمير شخصياتهم، ببساطة لعدم تحقق هدف معين.
نديم أسـعد