الإخفاق في غياب الفساد 2
 
 


خلال مرحلة ما بعد الإستقلال شهدت الكثير من الدول العربية تجارب إقتصادية لم تكلل بالنجاح على الرغم من التغييب النسبي للفساد.  وهذا ينطبق على عدد من النظم العربية التي لم يعرف عنها الفساد، فلم يعرف عن جمال عبد الناصر ولا عن عبد الكريم قاسم ولا عن شكري القوتلي ولا أحمد بن بيلا ممارسات فاسدة، فقد تركوا الحكم دون أن يتركوا ثروات.  ومع هذا فإن التجارب التنموية التي قادوها لم تكن مميزة.

لقد قدم حكام هذه الأنظمة " الولاء " على " الخبرة " .  فتسلم أحد الضباط الأحرار إدارة مشاريع ضخمة حولوها إلى ركام.

وبشيء من الطرافة، نروي قصة مشروع الوادي الجديد، وهو مشروع نقل المياه إلى منطقة واسعة في مصر وزراعتها، الذي تبنى إدارته أحد الضباط ولم يظهر المشروع إلى الوجود.  لدرجة أن هذا الضابط ترشح للإنتخابات فيما بعد، فكتب علي لافتة دعائية " إنتخبوا فلان الذي بنى الوادي الجديد "، فما كان من أحد خصومه إلا أن كتب على لافتة أخرى " إنتخبوا فلان الذي لم يبني الوادي الجديد "  فتنصل خصمه من إنجاز لم يحدث، ولو حدث لكانت محافظات مصر أكثر بواحدة.    

المحافظة المفقودة لم تضع بسبب الفساد وإنما بسبب سوء الإدارة. 

وإذا تمكنت حركات التغيير من القضاء على الفساد فلا ينبغي تكرار التجربة وإضاعة حقبة أخرى من تاريخ الأمة بتولي الأمور من قبل كفاءات ضعيفة.

لذلك يجب الإعداد للمرحلة القادمة بإعداد الكوادر الإدارية وبناء فكر إداري عربي قائم على مضامين مستمدة من الثقافة العربية وتتماشى مع درجة النضوج الإجتماعي والإقتصادي لمجتمعاتنا.  

 
 

 


تعليقات

لا يوجد تعليقات

الإسم 
البريد الإليكتروني (ليس للنشر)
التعليق
هل توافق على الانضمام لمجموعتنا البريدية؟
  أرسل

 

Counter