وتعاني برامج التنمية الرسمية من نقص في إهتمام القائمين على هذه البرامج بالتخطيط بعيد المدى، ببساطة لأنهم في الغالب لن يكونوا هناك .. عند قطف ثمار التنمية .. إن الفضل، غالباً ما سينسب لمن يجلس على الكرسي، التي يتغير الجالس عليها أسرع من إنقضاء عمرها الإفتراضي.. وهذا يأخذ بنا إلى جانب آخر من الموضوع وهو إمكانية متابعة المسؤول ما بدأ به سلفه. وهنا تكمن المشكلة وهي أن الكثير من المسؤولين يفضلون أن يبدأوا من الصفر. لكي يشكلوا بداية التاريخ.
وهذا الأمر ينطبق أيضاً على القطاع الخاص، ولكن بصورة أكثر فوضوية، سواء كان المدير موظفاً أو مالكاً ، وفي الحالة الثانية يتولى المدير- المالك مكانته بالوراثة.. وهنا تظهر " مأساة الجيل الثاني " من رجال الأعمال. فبينما كان الجيل الأول كادحاً أسس شركة أو أكثر، جاء الجيل الثاني مترفاً في الغالب ، فلم يتعاطى مع إرثه بالجدية ذاتها التي أُسس عليها أيام الجيل الأول. وهذه المشكلة لا تقتصر على العالم الثالث بل تمتد إلى العالم الصناعي ، ولكن أثرها السلبي أقل في الغرب بسبب وجود مجالس إدارة تعمل بفعالية ووجود نمط جماعي في الإدارة التنفيذية يخفف من ضعف ولامبالاة المديرالمالك، إن وُجد شيء كهذا.. أي من خلال المؤسسة التي تصحح المسار بآلياتها المختلفة.
في عالمنا الثالث لا تمارس مجالس الإدارة دورها التصحيحي والتوجيهي بشكل سليم، ولو كانت كذلك لكانت إحدى أهم ضمانات الإستدامة القائمة على عمل مؤسسي وثقافة مؤسسية متجانسة وتخطيط بعيد المدى، مع الحرص على مراكمة المنجزات والبناء عليها بغض النظر عن الأشخاص القائمين على الأمر، سواء كأعضاء مجلس إدارة أو كأعضاء في الجهاز التنفيذي.