يتوجب على القطاع الخاص أن يلعب دوراً محورياً في التعامل مع قضية البطالة، ولا يكتفي بتوجيه النقد والشكوى والتغني بأمثلة وقصص عن تقاعس العامل المحلي لتبرير جلب عمال من خارج البلاد أو من خارج الإقليم. كما يجب أن لا يكتفي بلعب دور مساند في التوجهات الساعية لوضع حلول.
ولكن على القائمين على المؤسسات التنموية والإقتصادية العمل على تفهم أسباب المشكلة والتعامل الجاد والمخلص مع الشق الذي يقع ضمن دوائر التأثير المباشر وغير المباشر التي يمتلكونها.
يجب العمل ، بدايةً ، على الحفاظ على القوى العاملة الموجودة ضمن كوادر المؤسسات والشركات، من أجل إيقاف النزيف وعدم السماح بتضخم المشكلة. ويتم ذلك من خلال دراسة الأسباب التي تدفع بعض العاملين إلى ترك العمل، وهي نفسها التي تجعل البعض الآخر يشعر بعدم الرضى وإن لم يقررترك العمل.
ثم التوجه إلى تحسين وسائل الجذب في المؤسسة لجعلها مكاناً جاذباً للمتقدمين الراغبين في العمل؛ من خلال تحسين الأجواء النفسية والبيئية. وذلك من خلال تحسين المعاملة وإضفاء لمسات إحتفالية للعمل والتعامل مع الرتابة في العمل ومنع توجيه الإهانات والصراخ وتشجيع العاملين على الإنتماء بإشراكهم في وضع حلول للقضايا التي تعنيهم. وكذلك بتوفير الجو المناسب مناخياً وصحياً، من تهوية وإضاءة وتوفير المرافق ووسائط النقل وخفض الضجيج إلخ..
وهذا مناط بأرباب العمل والإدارة والإدارة الوسطى التي يجب أن تتمرس على نمط معين من المسلكيات الذي لا ينفر العاملين بل يصبح وسيلة جذب للكفاءات الجيدة.
وهذا توجه وإن تطلب من بعض الإداريين التنازل عن بعض عليائهم فإن العائد كبير. وهذا ما يؤكده إحتساب سريع لتكاليف التدريب السنوية، والتي ما كانت لتنفق، في العادة، ما لم يكن هناك نزيف يعوض بجلب عاملين جدد وتدريبهم. كما يجب أن نتذكر أن أول من يترك العمل هم الكفاءات، لذلك فإن القدرة على الجذب والتنفير لها بعد نوعي بقدر ما لها بعد كمي.
وحيثما يبدو أن الدخل المتدني يقف عائقاً أمام حل المشكلة، يجب البحث عن حلول أخرى لخفض الكلف غير الأجور، مثل الحصول على مدخلات إنتاج بأسعار أقل، وتوظيف العدد المناسب من العاملين والعمل بكفاءة أعلى ومحاربة الهدر والجودة المتدنية. كما يجب البحث عن وسائل لزيادة دخل العاملين من خلال إيجاد نظم تربط دخل الفرد بدخل المؤسسة، فيرتفع دخل الفرد دون أن يصبح ذلك عبئاً مالياً على المؤسسة. وهنا تتوفر حلول كثيرة يقترن تطبيقها بتنظيم برامج توعية ينجم عنها عامل كفؤ ومنتمي وواعي.إن القطاع الخاص هو صاحب المصلحة الحقيقية من أي توجه يضع حل لهذه المشكلة، لذلك يجب أن يتولى زمام المبادرة في هذا التوجه والعمل بجد لإنجاحه.
نديم أسـعد