تعد البطالة المشكلة الأكبر التي يمكن أن يعاني منها أي مجتمع على الصعيدين الإقتصادي والإجتماعي، وتزداد أهميتها عندما تتخطى نسب معينة بحيث تصبح ظاهرة.
وفي الحقيقة أن المشكلة التي نواجهها في الأردن، وأيضاً في بعض الدول العربية، لا علاقة لها بحجم المشكلة فتكمن المشكلة بطبيعتها، ولذلك لا يهم كثيراً، بتقديري، أن ترتفع النسبة أو أن تنخفض. فالمشكلة تكمن بتشخيصها وماهيتها ومسبباتها والأنماط السائدة التي تقف وراءها.
تعاني الدول والمجتمعات من البطالة، في العادة، نتيجة لعدم توفر فرص العمل. أي نتيجة لإختلال معادلة العرض والطلب قي سوق العمل. وهذا شكل مبسط للمشكلة ولكنه شائع في جميع العالم. وهناك شكل أكثر تعقيداً عندما تتوفر فرص عمل مغايرة للمطلوب، مما يضطر بعض الباحثين عن العمل إلى القبول بها بعد إستعداد لإعادة تأهيل وتدريب من جديد. وهذا يصعب على قدامى العاملين. وينجم عنه كلف إضافية يتكبدها أرباب العمل أو الدولة، كما ينجم عن هذا الوضع ما يسمى بـ underemployment ، أي تولي وظائف أدنى من المؤهل.
ولكن المشكلة التي نواجهها تكمن في تدني المبادرة لدى شريحة واسعة من أبناء المجتمع، الذين لا يعملون، في المساعدة على حل مشاكلهم؛ سواء بالإقبال على برامج التدريب المتاحة، بغض النظر عن مدى نجاعتها، أو القبول بما يعرضه القطاع الخاص من فرص عمل.
فالإقبال على برامج التدريب لا يتعدى كونه فرصة " عمل " مؤقتة يتقاضى فيها " المتدرب " أجراً عالياً نسبياً، وقابل قبوله أن يتدرب، ولكن النتيجة أن نسبة التلقي لدى الغالبية العظمى من المتدربين متدنية لدرجة يمكن أن نجزم معها أن المخرجات محرجة.
كما أن الإقبال على ما يعرضه القطاع الخاص من فرص عمل ضعيف، إما بحجة أن الراتب ضعيف أو أن المصانع بعيدة، أو أن الوظيفة المتوفرة لا تليق!!.
أين الخلل؟. هل هو العقلية التي تدار بها مصانعنا ومؤسساتنا؟. أم هي في برامج التدريب؟. أم هي في الشباب الذي لم نحسن تربيته ؟. أم هي في في المجتمع ؟. أم في توجهات الحكومات المتعاقبة وسياساتها؟.
إننا نتعامل مع مشكلة خطيرة، يبتلى بها الكثير من أُسرنا، كما يبتلى بها إقتصادنا الذي يدفع فاتورة ضخمة.فيما يلي محاولة لتشخيص المشكلة. يتبع..
نديم أسـعد